الإنسان في تصوير الإسلام

الإنسان في تصوير الإسلام | مرابط

الكاتب: محمد قطب

2491 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الإنسان في تصوير الإسلام هو ذلك الكائن المزدوج الطبيعة، المكون من قبضة من طين الأرض ونفخة من روح الله، ممتزجتين مترابطتين غير منفصلتين. ومن ثم لا يكون قبضة طين خالصة فيهبط كالجماد أو الحيوان، ولا نفخة روح خالصة فيؤله أو يتأله! إنما هو مزاج من الطين ونفخة الروح، يكونان هذا الكيان المتفرد في كل الخلق، المتميز عن كل الخلق.. كيان ((الإنسان)).

وهذا الكيان المتفرد قادر على الارتفاع قدرته على الهبوط.
((ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها)).
((وهديناه النجدين)).
((إنا هديناه السبيل، إما شاكرًا وإما كفورًا)).

وفي هذه الخاصية يكمن الابتلاء والجزاء.. فبمقتضى قدرته على الهبوط والرفعة، والإرادة الممنوحة له ليختار بها – في كل لحظة وفي كل حالة – بين الهبوط والرفعة، بمقتضى ذلك يترك في الأرض ليعمل، ثم يجازى على عمله يوم الجزاء.

…والإنسان في نظر الإسلام – كما هو في حقيقة فطرته – كائن مترابط؛ فلا انفصال بين عنصر الطين وعنصر الروح فيه.. ليس جسدًا خالصًا ولا روحًا خالصة، ولا انفصال بين شعوره وسلوكه، ولا عمله وأخلاقه، ولا مثله وواقعه، ولا عقيدته وشريعته، ولا دنياه وآخرته..
كلها مزاج واحد، وحسبة واحدة !

جسمه وروحه وحدة: جسمية روحية في آن.
وشعوره وسلوكه وحدة: شعورية سلوكية معًا في ذات الوقت.
وعمله وأخلاقه وحدة: عملية خلقية بلا انفصال.
وعقيدته وشريعته شىء واحد هو ((الدين)).

ودنياه وآخرته جزآن متكاملان من حياة واحدة متصلة ليس في داخلها انقطاع.
وهو كائن متوازن – أو ينبغى أن يتوازن.
لا الجسد يغلب فيه على الروح..
لا الواقع على الخيال..
لا نزعته الفردية على نزعته الجماعية..
لا نزعته السلبية على نزعته الإيجابية..
لا ثقلته نحو الأرض ولا رفرفته للسماء..
ومن هذا الكيان المتوازن يتوازن الفرد والمجتمع، والتصور والسلوك

 


 

المصدر:

  1. محمد قطب، جاهلية القرن العشرين
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأستاذ-محمد-قطب
اقرأ أيضا
علمانية الحكم الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات العالمانية

علمانية الحكم الجزء الأول


امتدت العلمانية إلى كل مجالات الحياة تقريبا بداية من الحكم مرورا بالاقتصاد وصولا إلى الأخلاق والشعور بل وحتى عالم الفن والأدب والكتابة اجتاحته العلمانية كذلك وفي هذا المقال يفصل لنا الكاتب سفر الحوالي علمانية الحكم وبداياتها في القرون الوسطى في ظل تمتع الكنيسة بسلطاتها الكبيرة رغم ذلك كان الحكم علمانيا حتى لو كان ظاهريا تحت مظلة الكنيسة

بقلم: د سفر عبد الرحمن الحوالي
2197
كيف تقرأ كتابا ج1 | مرابط
تفريغات

كيف تقرأ كتابا ج1


التعليم بالقلم الذي هو من أعظم نعمه على عباده إذ به تخلد العلوم وتثبت الحقوق وتعلم الوصايا وتحفظ الشهادات ويضبط حساب المعاملات الواقعة بين الناس وبه تقيد أخبار الماضين للباقين اللاحقين ولولا الكتابة لانقطعت أخبار بعض الأزمنة عن بعض واندرست السنن يعني: ذهبت واضمحلت وتخبطت الأحكام ولم يعرف الخلف مذاهب السلف وكان معظم الخلل الداخل على الناس في دينهم ودنياهم ما يعتريهم من النسيان الذي يمحو صور العلم من قلوبهم لما صار الناس ينسون من نعمة الله عليهم أن جعل لهم الكتاب وعاء حافظا للعلم من الضياع كا...

بقلم: محمد صالح المنجد
516
سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الرابع ج4 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الرابع ج4


إن الإسلام دين يحرر العقل ويهتم جدا بالحجة والبرهان والدليل فهو يأمر المسلمين بالتدبر والتفكر في كل شيء حتى إنه يناقش أمورا في غاية الحرج يناقش أمور العقيدة والعقيدة: أن تؤمن بالله عز وجل عن طريق الحجة والبرهان والدليل

بقلم: د راغب السرجاني
687
التقعر في الكتابة | مرابط
فكر

التقعر في الكتابة


الكتابة هي إحدى وسائل التعبير عما يعتلج في النفس من أفكار وهي كالكلام من هذه الناحية وكل منهما قد يتسم بالبلاغة واستعمال البديع وقد يتسم بالركاكة والحشو والتقعر وقد جاء في السنة المطهرة نهي صريح عن بعض صفات التكلم كالتشدق والتنطع والتفيهق وهي كلمات تدور حول معنى التكلف والتصنع وإخراج الكلام عن حده الطبيعي

بقلم: د جمال الباشا
483
شدة عناية الصحابة بتدبر القرآن | مرابط
اقتباسات وقطوف

شدة عناية الصحابة بتدبر القرآن


كان القرآن هو شغل الصحابة وشاغلهم الأول ولا يدانيه شيء آخر أو اهتمام آخر في الحياة وهذا مقتطف جميل لشيخ الإسلام ابن تيمية يتحدث عن هذه القيمة الكبيرة والفارق الكبير بين الصحابة ومن جاء بعدهم في الاهتمام والعناية بكلام الله تعالى

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2115
البناء الأسري: بين الإسلام والعلمانية | مرابط
فكر

البناء الأسري: بين الإسلام والعلمانية


من أهم التحولات التي أتى بها الإسلام في بنية الأسرة أنه جعلها قائمة على أساس تراحمي.. لأن الشريعة نظرت للأسرة بوصفها أهم نظام اجتماعي يضمن فاعلية الأمة وعزتها ولازم هذا الأمر جعلت المعاني المعنوية تقوى ومودة وعشرة ورحمة.. أساس تماسك الزواج بدلا من أولى من النسب والمال ونحوهما.

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
468