الحكمة من خلق الإنسان؟

الحكمة من خلق الإنسان؟ | مرابط

الكاتب: د. عائض القرني

47 مشاهدة

تم النشر منذ شهر

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًًا كثيرًًا.
اللهم لك الحمد خيرًًا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عزَّ جاهك، وجلَّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت.

في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، أنت رب الطيبين، لا إله إلا أنت، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى.

اللهم صلِّ وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل.

اللهم صلِّ وسلم على صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، اللهم صلِّ وسلم على من هديت به البشرية، وأنرت به أفكار الإنسانية، وزعزعت به الوثنية، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًًا كثيرًًا.

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًًا كَثِيرًًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًًا" [النساء:1]

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران:102] "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًًا سَدِيدًًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًًا عَظِيمًًا" [الأحزاب:70-71].

لماذا خلقنا؟
وإلى أين نسير؟
ومن يحاسبنا؟
وما هو مصيرنا؟

هذه أسئلة لا بد أن يجيب عليها من يريد الله والدار الآخرة:

لماذا خلقت أيها الإنسان؟
لماذا وجدت؟
لماذا جعل الله لك عينين ولسانًًا وشفتين؟
لماذا بصَّرك وأراك؟
لماذا علمك وأنطقك؟
لماذا أكلك وشربك؟
لماذا سترك وقومك؟
لماذا أسمعك وبصّرك؟

هذه الأسئلة لا بد أن يجيب عليها المسلم إن كان يريد الله والدار الآخرة، يقول الله للإنسان المتمرد: "يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ" [الإنفطار:6] ما لك تمردت علينا -أيها الإنسان- وقد خلقناك ولم تك شيئًًا؟

ما لك -أيها الإنسان- نسيتنا وقد علمناك، وجهلتنا وقد أدبناك، وتمردت علينا وقد أرويناك وأسقيناك وأشبعناك؟!

والله يقول: "هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًًا مَذْكُورًًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًًا بَصِيرًًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًًا وَإِمَّا كَفُورًًا" [الإنسان:1-3].

يا أيها الإنسان: خلقت من نطفة، وأتيت إلى الدنيا من بطن أمك وأنت تبكي وكأن بطن أمك أوسع لك من الأرض، فلماذا خرجت تبكي من بطن أمك؟!

ولدتك أمـك يابن آدم باكيًًا   والناس حولك يضحكون سرورًًا
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا   في يوم موتك ضاحكًًا مسرورًًا
لا إله إلا الله ما أغفل الإنسان! لا إله إلا الله ما أجفى الإنسان! لا إله إلا الله ما أظلم الإنسان! يوم يأتي من بطن أمه لا ملابس له ولا منصب ولا وظيفة ولا بيت ولا سيارة ولا جاه، ليسقط قطعة لحم على الأرض وهو يبكي، فإذا ما بصَّره الله وعلمه وأنبته وتملك، وأصبح له وظيفة، وأصبح ذا منصب وسيارة وجاه؛ نسي الله، وتمرد على حدود الله، وانتهك محارم الله وحدوده، فأين العقول؟!

وأين الأسماع؟!
وأين الأبصار؟!

الله يقول من فوق سبع سماوات: (الكبرياء إزاري، والعظمة ردائي، من نازعني فيهما عذبته) الله أكبر كبير، وأعظم عظيم، وأغنى الأغنياء، وأما أنت أيها الإنسان ففقير بن فقير، مسكين بن مسكين، إن لم يسترك الله افتضحت.

فيا عباد الله! يا من أتى إلى بيوت الله! يا من عود نفسه الصوم، وسجد في التراب لله!

ومما زادني شرفًًا وفخرًًا   وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي   وأن صيرت أحمد لي نبيًًا


المصدر:
محاضرة لماذا خلقنا

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#خلق-الإنسان
اقرأ أيضا
معنى جوامع الكلم | مرابط
اقتباسات وقطوف

معنى جوامع الكلم


وهو الكلام الذي ألقى الله عليه المحبة وغشاه بالقبول وجمع له بين المهابة والحلاوة وبين حسن الإفهام وقلة عدد الكلام مع استغنائه عن إعادته وقلة حاجة السامع إلى معاودته لم تسقط له كلمة ولا زلت به قدم ولا بارت له حجة ولم يقم له خصم ولا أفحمه خطيب

بقلم: الجاحظ
204
الدنيا تغيرت الجزء الثاني | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

الدنيا تغيرت الجزء الثاني


الدنيا تغيرت توظف هذه المقولة للاعتراض على بعض المقررات الشرعية بذريعة أن النصوص الشرعية ثابتة والواقع متغير ولذا لا يمكن أن نجمد على الثابت وقد يسعى بعضهم إلى مقاربة تظهره بمظهر المعظم للشريعة فهو يتحدث عن حجم استجابة الشريعة لمتغيرات الواقع وتقلباته فهي ليست مجرد نصوص جامدة صلبة لا تقبل الزحزحة أو التطوير بل هي تتطور مع تتطور الواقع للتفاعل معه والذي يؤول في الحقيقة إلى جعل الواقع حكما على الوحي وفي المقال فحص لهذه الشبهة ورد عليها

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
896
قواعد جليلة لأهل السنة والجماعة في بيان حقيقة التوحيد ج1 | مرابط
تعزيز اليقين

قواعد جليلة لأهل السنة والجماعة في بيان حقيقة التوحيد ج1


مجموعة من القواعد التأصيلية يذكرها ابن القيم في كتاب الصلاة ويقف بها على عقيدة أهل السنة والجماعة وحقيقة التوحيد والشرك والإيمان والكفر وهذه القواعد التي ذكرها تمثل كليات العقيدة وبها تنضبط المسائل أصولها وفروعها وبها يعلم القارئ أحوال الناس ومراتبهم

بقلم: ابن القيم
926
الفصل فيما يتناجى الناس به | مرابط
اقتباسات وقطوف

الفصل فيما يتناجى الناس به


مقتطفات من كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم للإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب رحمه الله وهو من أشهر وأبرز المؤلفات الجامعة لأصول وكليات الدين

بقلم: ابن رجب الحنبلي
2255
لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات الليبرالية

لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الثاني


يستطيع الليبرالي أن يعيش ازدواجية عنيفة بين شخصيته التي يظهر بها أمام أضواء الإعلام وفي سطور مؤلفاته أو مقالاته وشخصيته الحقيقية التي تظهر عندما تنطفئ هذه الأضواء وعندما يعم الظلام ويجف مداد القلم هنا تظهر هذه الازدواجية لترى الانحلال الأخلاقي والنظرة الشهوانية الجنسية للمرأة التي تقبع داخله بينما ينادي ليل نهار بحرية المرأة والتعامل معها على أنها إنسان له حقوق وكرامة قبل كل شيء وفي هذا المقال سترى الكثير من الشهادات بألسنة الليبراليين أنفسهم لتدرك وهم الليبرالية

بقلم: إبراهيم السكران
1838
ليست الدنيا دار جزاء | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

ليست الدنيا دار جزاء


ستتعب إن قاومت هذه الحقيقة ومهما غالبتها ستبقى هي الحقيقة ليست الدنيا دار جزاء فلو كانت دار جزاء لما قتل أنبياء كزكريا ويحيى عليهما السلام ولما عذب عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى الموت كياسر وسمية دون أن يروا قائمة تقوم للإسلام ولما حصل لأهل الأخدود ما حصل

بقلم: د إياد قنيبي
1949