الحكمة من خلق الإنسان؟

الحكمة من خلق الإنسان؟ | مرابط

الكاتب: د. عائض القرني

761 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًًا كثيرًًا.
اللهم لك الحمد خيرًًا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عزَّ جاهك، وجلَّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت.

في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، أنت رب الطيبين، لا إله إلا أنت، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى.

اللهم صلِّ وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل.

اللهم صلِّ وسلم على صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، اللهم صلِّ وسلم على من هديت به البشرية، وأنرت به أفكار الإنسانية، وزعزعت به الوثنية، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًًا كثيرًًا.

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًًا كَثِيرًًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًًا" [النساء:1]

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران:102] "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًًا سَدِيدًًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًًا عَظِيمًًا" [الأحزاب:70-71].

لماذا خلقنا؟
وإلى أين نسير؟
ومن يحاسبنا؟
وما هو مصيرنا؟

هذه أسئلة لا بد أن يجيب عليها من يريد الله والدار الآخرة:

لماذا خلقت أيها الإنسان؟
لماذا وجدت؟
لماذا جعل الله لك عينين ولسانًًا وشفتين؟
لماذا بصَّرك وأراك؟
لماذا علمك وأنطقك؟
لماذا أكلك وشربك؟
لماذا سترك وقومك؟
لماذا أسمعك وبصّرك؟

هذه الأسئلة لا بد أن يجيب عليها المسلم إن كان يريد الله والدار الآخرة، يقول الله للإنسان المتمرد: "يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ" [الإنفطار:6] ما لك تمردت علينا -أيها الإنسان- وقد خلقناك ولم تك شيئًًا؟

ما لك -أيها الإنسان- نسيتنا وقد علمناك، وجهلتنا وقد أدبناك، وتمردت علينا وقد أرويناك وأسقيناك وأشبعناك؟!

والله يقول: "هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًًا مَذْكُورًًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًًا بَصِيرًًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًًا وَإِمَّا كَفُورًًا" [الإنسان:1-3].

يا أيها الإنسان: خلقت من نطفة، وأتيت إلى الدنيا من بطن أمك وأنت تبكي وكأن بطن أمك أوسع لك من الأرض، فلماذا خرجت تبكي من بطن أمك؟!

ولدتك أمـك يابن آدم باكيًًا   والناس حولك يضحكون سرورًًا
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا   في يوم موتك ضاحكًًا مسرورًًا
لا إله إلا الله ما أغفل الإنسان! لا إله إلا الله ما أجفى الإنسان! لا إله إلا الله ما أظلم الإنسان! يوم يأتي من بطن أمه لا ملابس له ولا منصب ولا وظيفة ولا بيت ولا سيارة ولا جاه، ليسقط قطعة لحم على الأرض وهو يبكي، فإذا ما بصَّره الله وعلمه وأنبته وتملك، وأصبح له وظيفة، وأصبح ذا منصب وسيارة وجاه؛ نسي الله، وتمرد على حدود الله، وانتهك محارم الله وحدوده، فأين العقول؟!

وأين الأسماع؟!
وأين الأبصار؟!

الله يقول من فوق سبع سماوات: (الكبرياء إزاري، والعظمة ردائي، من نازعني فيهما عذبته) الله أكبر كبير، وأعظم عظيم، وأغنى الأغنياء، وأما أنت أيها الإنسان ففقير بن فقير، مسكين بن مسكين، إن لم يسترك الله افتضحت.

فيا عباد الله! يا من أتى إلى بيوت الله! يا من عود نفسه الصوم، وسجد في التراب لله!

ومما زادني شرفًًا وفخرًًا   وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي   وأن صيرت أحمد لي نبيًًا


المصدر:
محاضرة لماذا خلقنا

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#خلق-الإنسان
اقرأ أيضا
شبهات حول الحجاب: الحجاب تزمت بغيض | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

شبهات حول الحجاب: الحجاب تزمت بغيض


يقول بعض المعترضين: الحجاب تزمت وتعصب وتكلف في اللباس وتضييق على النفس وإمعان في السير في مضايق الحرج والإعنات هكذا لسان من يعادون الحجاب وينصبون له لواء البغض فهل لكلامهم رصيد من صواب وهل يستحق شيئا من الاعتداد بين يديكم الإجابة على هذه الفرية

بقلم: سامي عامري
944
العقيدة الصحيحة وما يضادها من العقائد الفاسدة ج2 | مرابط
تفريغات

العقيدة الصحيحة وما يضادها من العقائد الفاسدة ج2


قبيل البعثة النبوية المحمدية لم يبق في فجاج الأرض من نور الوحي إلا شموع قاتمة وباهتة لا يكاد الناس يعرفون في ضوئها معالم الطريق ولا تصلح لهدايتهم إلى الحق الخالص من الشوائب وكان العالم كله كذلك ولا سيما الجزيرة العربية التي انتشرت فيها عبادة الأصنام والأوثان وكانت العرب تعبدها لتقربهم إلى الله زلفى فجاء رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنور المبين والصراط المستقيم والحق الأبلج وفتح الله به العيون العمياء والآذان الصماء وأنار به القلوب وأظهر الله به الحق

بقلم: عمر الأشقر
830
لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات الليبرالية

لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الثاني


يستطيع الليبرالي أن يعيش ازدواجية عنيفة بين شخصيته التي يظهر بها أمام أضواء الإعلام وفي سطور مؤلفاته أو مقالاته وشخصيته الحقيقية التي تظهر عندما تنطفئ هذه الأضواء وعندما يعم الظلام ويجف مداد القلم هنا تظهر هذه الازدواجية لترى الانحلال الأخلاقي والنظرة الشهوانية الجنسية للمرأة التي تقبع داخله بينما ينادي ليل نهار بحرية المرأة والتعامل معها على أنها إنسان له حقوق وكرامة قبل كل شيء وفي هذا المقال سترى الكثير من الشهادات بألسنة الليبراليين أنفسهم لتدرك وهم الليبرالية

بقلم: إبراهيم السكران
2183
العجمة وظهور البدع | مرابط
تفريغات

العجمة وظهور البدع


ينبغي للإنسان إذا أراد أن يفهم مسائل الدين أصولا وفروعا أن يرجع إلى أقوال أهل العربية من أهل العلم والفضل وصدر ذلك هم الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في المدينة ومكة وكذلك أيضا الأجلة من فقهاء التابعين في المدينة ومكة فينبغي له أن يعرف أقوالهم وأن يتبصر بها ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم إنما فضل أصحابه لهذا الباب وكذلك أيضا إنما جاء تفضيل المدينة وأهلها وفضل سكناها باعتبار أن البدع فيها أقل من غيرها.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
451
منزلة السنة من الكتاب الكريم الجزء الثاني | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

منزلة السنة من الكتاب الكريم الجزء الثاني


إن القرآن روح الإسلام ومادته وفي آياته المحكمة شرع دستوره وبسطت دعوته وقد تكفل الله بحفظه فصينت به حقيقة الدين وكتب لها الخلود أبد الآبدين والرجل الذي اصطفاه الله لإبلاغ آياته وحمل رسالاته كان قرآنا حيا يسعى بين الناس كان مثالا لما صوره القرآن من إيمان وإخبات وسعي وجهاد وحق وقوة وفقه وبيان فلا جرم أن قوله وفعله وتقريره وأخلاقه وأحكامه ونواحي حياته كلها تعد ركنا في الدين وشريعة للمؤمنين إن الله اختاره ليتحدث باسمه ويبلغ عنه فمن أولى منه بفهم مراد الله فيما قال ومن أولى منه بتحديد المسلك الذي...

بقلم: محمد الغزالي
1535
آثار مفهوم النسوية على الأديان ج2 | مرابط
النسوية

آثار مفهوم النسوية على الأديان ج2


آثار مفهوم النسوية في مجالات الدين الإسلامي لقد ظهر تأثر النسوية العربية والإسلامية بالنسوية الغربية جليا واضحا في دعوتها إلى التعامل مع القرآن الكريم بنفس الآليات التي تعاملت فيها النسوية الغربية مع الكتاب المقدس

بقلم: أمل بنت ناصر الخريف
525