ونبلوكم بالشر والخير فتنة

ونبلوكم بالشر والخير فتنة | مرابط

الكاتب: سيد قطب

2066 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

(وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)

والابتلاء بالشر مفهوم أمره.. ليتكشف مدى احتمال المبتلى، ومدى صبره على الضر، ومدى ثقته في ربه، ورجائه في رحمته.. فأما الابتلاء بالخير فهو في حاجة إلى بيان.. إن الابتلاء بالخير أشد وطأة، وإن خيل للناس أنه دون الابتلاء بالشر.. إن كثيرين يصمدون للابتلاء بالشر ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير.
 
كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة، ويكبحون جماح القوة الهائجة في كيانهم الجامحة في أوصالهم.
كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل، ولكن القليلين هم الذين يصبرون على الثراء والوجدان، وما يغريان به من متاع، وما يثيرانه من شهوات وأطماع!
كثيرون يصبرون على التعذيب والإيذاء فلا يخيفهم، ويصبرون على التهديد والوعيد فلا يرهبهم، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الإغراء بالرغائب والمناصب والمتاع والثراء!
كثيرون يصبرون على الكفاح والجراح؛ ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الدعة والمراح، ثم لا يصابون بالحرص الذي يذل أعناق الرجال، وبالاسترخاء الذي يقعد الهمم ويذلل الأرواح!

إن الابتلاء بالشدة يثير الكبرياء، ويستحث المقاومة ويجند الأعصاب، فتكون القوى كلها معبأة لاستقبال الشدة والصمود لها، أما الرخاء فيرخي الأعصاب وينيمها ويفقدها القدرة على اليقظة والمقاومة!
لذك يجتاز الكثيرون مرحلة الشدة بنجاح، حتى إذا جائهم الرخاء سقطوا في الابتلاء! وذلك شأن البشر.. إلا من عصم الله فكانوا ممن قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).. وهم قليل!
فاليقظة للنفس في الابتلاء بالخير أولى من اليقظة لها في الابتلاء بالشر. والصلة بالله في الحالين هي وحدها الضمان

 


 

المصدر:

  1. سيد قطب، في ظلال القرآن
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#في-ظلال-القرآن
اقرأ أيضا
التحدي الأعظم ج1 | مرابط
تعزيز اليقين

التحدي الأعظم ج1


جوانب الإعجاز في القرآن الكريم لا تكاد تنقضي وكلما تأملته وتدبرته ظهرت لك تفاصيل إعجازية لم تعلم عنها من قبل سواء في لغته أو بنائه أو محتواه العلمي أو تنبؤاته إلخ وهذا الأمر ليس محصورا على العرب والمسلمين وإنما متاح لكل من يتدبر بل إن من أشهر الآيات المعبرة عن هذا الجانب قوله تعالى في سورة فصلت: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ۗ أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد 53 ومن السياق يتضح أن الآية تتحدث عن الكفار والحاصل فعلا هو أن الإعجاز العلمي في العصور المتأخرة يقوم غا...

بقلم: موقع هداية الملحدين
1432
النساء وهوس العمل | مرابط
المرأة

النساء وهوس العمل


قضية صلاح المرأة ترتبط بداية بعقيدتها ودينها وخلقها فمن كانت تنشد القرار في البيت الأصل مساعدتها لا إعلان الحرب عليها ونبذها ومهاجمتها كأنها الفاسدة. ويعلم الله أن هناك أخوات مسلمات يعانين الأمرين من أب وزوج لا يصلي ومع ذلك لا نسمع صوتا يوجه لهؤلاء! وكم من امرأة صلحت على يد رجل!

بقلم: د. ليلى حمدان
1140
بين الشعائر والطقوس! | مرابط
فكر

بين الشعائر والطقوس!


من أكثر الدول رعاية للطقوس والمراسم الدقيقة بريطانيا..ومن شاهد مراسم وفاة ملكتهم مؤخرا لاحظ بذلك بقوة.. هنا..لن تسمع اعتراضات المنهزمين نفسيا أمام الغرب والعلمانيين..لن تسمع عبارات: لماذا الاهتمام بالقشور وهذه الحركات الرمزية؟! بل على العكس..سترى منهم إعجابا وتسبيحا بعراقتهم واهتمامهم بثقافتهم وتقاليدهم!

بقلم: الدكتور أيمن خليل البلوي
338
هل يخشى المسلمون الموت | مرابط
اقتباسات وقطوف

هل يخشى المسلمون الموت


مقتطفات من كتاب وطن الراشدين للكاتب عمرو عبد العزيز وهو من أهم مؤلفات الكاتب ويقدم فيه كما ذكر تصورا مبدأيا عن كليات عدة قضايا معاصرة يتوجب على كل مسلم تكوين تصور عنها مع التزام بإعادة ضبط النغمة السياسية والمجتمعية والمفاهيمية إلى الحالة الأولى لدولة الخلفاء الراشدين العظمى

بقلم: عمرو عبد العزيز
2209
تصنيف الرجولة | مرابط
مقالات

تصنيف الرجولة


الرجولة عندهم أن تكون قوامتك شراكة وليست قيادة لأن القيادة معناها سائق وركاب رئيس ومرؤوس قائد وأتباع وهذا كله بالنسبة لهذا النوع من النساء ليس من الرجولة الحقيقية بل هي ذكورية متسلطة تريد أن تستولي على الدركسيون بمفردها وعدم اعتبار الشراكة بحال!

بقلم: محمد سعد الأزهري
296
فرية تسمية الصحابة لمعاوية بالطاغية: الرد على عدنان إبراهيم | مرابط
أباطيل وشبهات

فرية تسمية الصحابة لمعاوية بالطاغية: الرد على عدنان إبراهيم


ادعى عدنان إبراهيم في محاضرة بعنوان طليعة التبيان وهي الأولى من سلسلة معاوية في الميزان أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يلقبون سيدنا معاوية بن أبي سفيان بالطاغية واستدل بما رواه الإمام الطبري في تاريخه وفي المقال الذي بين يدينا رد على هذه الشبهة وبيان الأخطاء التي وقع فيها عدنان

بقلم: أبو عمر الباحث
1356