الفرق بين النسخ والتخصيص

الفرق بين النسخ والتخصيص | مرابط

الكاتب: ناصر عبد الغفور

2423 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

لقد أدى التشابه بين النَّسخ والتَّخصيص ببعض العلماء إلى إنكار وجود النَّسخ في الشريعة الإسلامية، واعتبروا كلَّ ما قيل بنسخه أنه من باب التَّخصيص، وعلى عكس هؤلاء اعتبر آخرون التَّخصيص نسخًا، فأدخلوا في باب النَّسخ صورًا كثيرة من صور التَّخصيص؛ لذا وجب بيان الفروق بين النَّسخ والتَّخصيص؛ يقول الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى في البحر المحيط:

 

"واعلم أن التَّخصيص شديدُ الشبه بالنَّسخ؛ لاشتراكهما في اختصاص الحكم بنقض ما يتناوله اللفظ، وقد فرقوا بينهما من وجوه"[1].

 

 

من أبرز الفروق بين النسخ والتخصيص

 

ومن الفروق التي ذكرها العلماء بين النَّسخ والتَّخصيص ما يلي:
 

الأول: أن التَّخصيص ترك بعض الأعيان، والنَّسخ ترك بعض الأزمان.

الثاني: أن التَّخصيص يتناول الأزمان، والأعيان، والأحوال، بخلاف النَّسخ، فإنه لا يتناول إلا الأزمان.

قال الغزالي: وهذا ليس بصحيح؛ فإن الأعيان والأزمان ليسا من أفعال المكلفين، والنَّسخ يرِد على الفعل في بعض الأزمان، والتَّخصيص يرِد على الفعل في بعض الأحوال؛ انتهى.
وهذا الذي ذكره هو فرق مستقل، فينبغي أن يكون هو الوجه الثالث.

الرابع: أن التَّخصيص لا يكون إلا لبعض الأفراد، بخلاف النَّسخ، فإنه يكون لكل الأفراد؛ ذكره البيضاوي.

الخامس: أن النَّسخ تخصيص الحكم بزمان معين، بطريق خاص، بخلاف التَّخصيص.

السادس: أن التَّخصيص تقليل، والنَّسخ تبديل.

السابع: أن النَّسخ يتطرق إلى كل حكم، سواء كان ثابتًا في حق شخص واحد، أو أشخاص كثيرة، والتَّخصيص لا يتطرق إلا إلى الأول..

الثامن: أن التَّخصيص يُبقي دلالة اللفظ على ما بقِي تحته، حقيقةً كان أو مجازًا، على الخلاف السابق، والنَّسخ يبطل دلالة حقيقة المنسوخ في مستقبل الزمان بالكلية.

الوجه التاسع: أنه يجوز تأخير النَّسخ عن وقت العمل بالمنسوخ، ولا يجوز تأخير التَّخصيص عن وقت العمل بالمخصوص.

العاشر: أنه يجوز نسخ شريعة بشريعة أخرى، ولا يجوز التَّخصيص.

الحادي عشر: أن النَّسخ رفع الحكم بعد ثبوته، بخلاف التَّخصيص، فإنه بيان المراد باللفظ العام.

الثاني عشر: أن التَّخصيص بيان ما أريد بالعموم، والنَّسخ بيان ما لم يرد بالمنسوخ.

الثالث عشر: أن التَّخصيص يجوز أن يكون مقترنًا بالعام، أو متقدمًا عليه، أو متأخرًا عنه، ولا يجوز أن يكون الناسخ متقدمًا على المنسوخ، ولا مقترنًا به، بل يجب أن يتأخر عنه.

الرابع عشر: أن النَّسخ لا يكون إلا بقول وخطاب، والتَّخصيص قد يكون بأدلة العقل، والقرائن، وسائر أدلة السمع.

الخامس عشر: أن التَّخصيص يجوز أن يكون بالإجماع، والنَّسخ لا يجوز أن يكون بالإجماع[2].

السادس عشر: أن التَّخصيص يجوز أن يكون في الأخبار والأحكام، والنَّسخ يختص بأحكام الشرع.

السابع عشر: أن التَّخصيص على الفور، والنَّسخ على التراخي.

الثامن عشر: أن تخصيص المقطوع بالمظنون واقع، ونسخه به غير واقع.

التاسع عشر: أن التَّخصيص لا يدخل في غير العام، بخلاف النَّسخ، فإنه يرفع حكم العام والخاص.

الموفِّي عشرين: أن التَّخصيص يؤذِن بأن المراد بالعموم عند الخطاب ما عداه، والنَّسخ يحقق أن كل ما يتناوله اللفظ مراد في الحال، وإن كان غير مراد فيما بعده.
 
 هذا جملة ما ذكروه من الفروق، وغيرُ خافٍ عليك أن بعضها غير مسلَّم، وبعضها يمكن دخوله في البعض الآخر منها"[3].

 


 

الإشارات المرجعية:

  1. البحر المحيط في أصول الفقه: 2/394.

  2. وهذا لا يسلم؛ لأن الإجماع أحد طرق معرفة النسخ، وقد سبق التمثيل لذلك بقتل شارب الخمر في الرابعة، فهو منسوخ بالإجماع.

  3. إرشاد الفحول: 1/353 - 354.

 

المصدر:

  1. https://www.alukah.net/sharia/0/76081/
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسخ #التخصيص
اقرأ أيضا
أسباب مخالفة العلماء لبعض الأحاديث | مرابط
إنفوجرافيك

أسباب مخالفة العلماء لبعض الأحاديث


من ضمن التساؤلات المثيرة التي يتناقلها الناس: ما سبب مخالفة بعض العلماء لأحاديث صحيحة كيف يخالف العالم هذا الحديث أو ذاك وهو من هو في ساحة العلم والعلماء بين يديكم إنفوجرافيك يوضح لنا أسباب ترك الحديث أو أسباب مخالفة العلماء للأحاديث منقول من كتاب رفع الملام لشيخ الإسلام ابن تيمية

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1594
كتاب الحكم العطائية | مرابط
مناقشات

كتاب الحكم العطائية


أما كتابه الحكم العطائية فهو فيه حكم نافعة ولكن لم يخل من عبارات باطلة توحي بالاتحاد والحلول وغيرها مما يخالف العقيدة قال الذهبي:وله عبارات في التصوف مشكلة توهم ويتكلف له في الإعتذار عنها.

بقلم: قاسم اكحيلات
265
هل الخلاف شر كله؟ | مرابط
مقالات

هل الخلاف شر كله؟


إشكالية تربى عليها جيل كامل وهي أن الخلاف شر كله وفي نفس الوقت تعلم أن من الخلاف ما هو معتبر وسائغ! فلذلك تراه منظرا لأدب الخلاف لكن عند التطبيق تراه يشتد على كل من خالفه ويود لو أنه حمل الناس على قوله ودفن كل قول مخالف.

بقلم: أحمد عبد السلام
276
من مكايد الشيطان: الفتنة بالقبور وأهلها ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

من مكايد الشيطان: الفتنة بالقبور وأهلها ج1


مقال تأصيلي محكم حول مسألة القبور والأضرحة وما وقع فيه عوام المسلمين من المفاسد العظيمة في تعظيم هذه القبور والتمسح بها والدعاء عندها والصلاة إليها بل وحتى الحج إليها واعتقاد أن أصحابها يملكون نفعا وضرا وسعادة وشقاء وعزة وذلا وغير ذلك من الأمور التي لا يملكها إلا الله وحده.. وهذا التأصيل مقتطف من كتاب إغاثة اللهفان لابن القيم وفيه رد على كل الشبهات المحيطة بهذا الموضوع وتبيين للعقيدة الصحيحة في هذا الباب.

بقلم: ابن القيم
451
خدمة المرأة لزوجها في المذهب المالكي | مرابط
المرأة

خدمة المرأة لزوجها في المذهب المالكي


فالداعيات المتأثرات بالنسوية ممن يدعين تمسكهن بالمذهب المالكي في الحقيقة يهدمن البيوت ولو تركن البيوت على ما عهدناه عليها من وفاء وتضحية دون مبالاة بهذه الأمور ما وقعت المسلمة المسكينة في هذا الحرج الكبير حتى صارت العلاقة بين المسلم والمسلمة علاقة صراع. فإن كن مالكيات فهذا هو المذهب المالكي الذي ألزمن به أنفسهن نبينه للمسلمة حتى تعلم الحرج الذي أوقعنها فيه

بقلم: قاسم اكحيلات
2639
الإمبريالية النفسية | مرابط
فكر مقالات

الإمبريالية النفسية


الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية هي الرؤية المهيمنة على المجتمعات الغربية وعلى الإنسان الغربي في علاقته مع بقية أعضاء المجتمع أو مع أعضاء أسرته أو حتى مع نفسه فهو حينما يبني بيتا يخضعه تماما لعملية الترشيد المادية حيث يبنيه بهدف الإتجار فيه وتحقيق الربح ثم يتركه بعد بضع سنين وكأن المنزل والسلعة لا فرق بينهما وهو حين يدخل في علاقة مع أنثى لا يبحث عادة عن الطمأنينة وإنما يحاول تعظيم اللذة وتتحول العلاقة العاطفية إلى علاقة غزو وهو إنسان بسيط ذو بعد واحد دائم التنقل والترحال لتحقيق الربح و...

بقلم: عبد الوهاب المسيري
1248