الكذب يفسد تصور المعلومات

الكذب يفسد تصور المعلومات | مرابط

الكاتب: ابن القيم

612 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

إياك وَالْكذب فَإِنَّهُ يفْسد عَلَيْك تصور المعلومات على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَيفْسدعَلَيْك تصورها وَتَعْلِيمهَا للنَّاس فَإِن الْكَاذِب يصور الْمَعْدُوم مَوْجُودا وَالْمَوْجُود مَعْدُوما وَالْحق بَاطِلا وَالْبَاطِل حَقًا وَالْخَيْر شرا وَالشَّر خيرا فَيفْسد عَلَيْهِ تصَوره وَعلمه عُقُوبَة لَهُ ثمَّ يصور ذَلِك فِي نفس الْمُخَاطب المغتر بِهِ الراكن إِلَيْهِ فَيفْسد عَلَيْهِ تصَوره وَعلمه وَنَفس الْكَاذِب معرضة عَن الْحَقِيقَة الْمَوْجُودَة نزاعة إِلَى الْعَدَم مُؤثرَة للباطل وَإِذا فَسدتْ عَلَيْهِ قُوَّة تصَوره وَعلمه الَّتِي هِيَ مبدأ كل فعل إرادي فَسدتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَفْعَال وسرى حكم الْكَذِب إِلَيْهَا فَصَارَ صدورها عَنهُ كصدور الْكَذِب عَن اللِّسَان فَلَا ينْتَفع بِلِسَانِهِ وَلَا بِأَعْمَالِهِ وَلِهَذَا كَانَ الْكَذِب أساس الْفُجُور كَمَا قَالَ النَّبِي إِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور وَإِن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار وَأول مَا يسري الْكَذِب من النَّفس إِلَى اللِّسَان فيفسده ثمَّ يسري إِلَى الْجَوَارِح فَيفْسد عَلَيْهَا أَعمالهَا كَمَا أفسد على اللِّسَان أَقْوَاله فَيعم الْكَذِب أَقْوَاله وأعماله وأحواله فيستحكم عَلَيْهِ الْفساد ويترامى داؤه إِلَى الهلكة إِن لم تُدْرِكهُ الله بدواء الصدْق يقْلع تِلْكَ من أَصْلهَا وَلِهَذَا كَانَ أصل أَعمال الْقُلُوب كلهَا الصدْق وأضدادها من الرِّيَاء وَالْعجب وَالْكبر وَالْفَخْر وَالْخُيَلَاء والبطر والأشر وَالْعجز والكسل والجبن والمهانة وَغَيرهَا أَصْلهَا الْكَذِب فَكل عمل صَالح ظَاهر أَو بَاطِن فمنشؤه الصدْق وكل عمل فَاسد ظَاهر أَو بَاطِن فمنشؤه الْكَذِب وَالله تَعَالَى يُعَاقب الْكذَّاب بِأَن ويقعده ويثبطه عَن مَصَالِحه ومنافعه ويثيب الصَّادِق بِأَن يوفقه للْقِيَام بمصالح دُنْيَاهُ وآخرته فَمَا استجلبت مصَالح الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِمثل الصدْق وَلَا مفاسدها ومضارهما بِمثل الْكَذِب قَالَ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين وَقَالَ تَعَالَى "هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقين صدقهم" وَقَالَ "فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُم" وَقَالَ "وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"

 


 

المصدر:

ابن القيم، الفوائد، ص135

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الكذب
اقرأ أيضا
أدلة النبوة: أساس اليقين | مرابط
تعزيز اليقين

أدلة النبوة: أساس اليقين


أدلة النبوة هي أساس اليقين ولهذا كثرت وتنوعت لأن من سنة الله تعالى كثرة أدلة المطالب الكلية رحمة بالعباد وتيسيرا لهم لسلوك طريق الرشاد

بقلم: د. عيسى السعدي
277
الحكمة من وجود الشر | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

الحكمة من وجود الشر


إن عدم إحسان التعامل مع سؤال لماذا يوجد الشر وتحدث المصائب مع أن الله رحيم أدى إلى شك شريحة من الشباب والفتيات في وجود الله سبحانه وتعالى وبعضهم تجاوز الشك والحيرة إلى صريح الإنكار والجحود وما أكثر ما تغيب الحقائق بسبب النظرة الجزئية ونقص التصور وتعجل الأحكام قبل التأمل مع أنهم حين ألحدوا وتركوا الإسلام هل وجدوا تفسيرا صحيحا لموضوع الشر

بقلم: أحمد يوسف السيد
2273
إنه الله | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات الإلحاد

إنه الله


حوار ماتع يدور بين متشكك ومتيقن الأول هو أبو الحكم والثاني هو الكاتب حسام الدين حامد وفي هذا المقال المقتطف من كتابه المفيد لا أعلم هويتي يدور الحديث حول عناية الله سبحانه وتعالى بالإنسان ويعرض لنا الكاتب الكثير من الأدلة التي تشير إلى وجود الله وإلى كماله وحكمته وأنه لم يترك الإنسان هملا وهذه الأدلة ليست بعيدة عن الإنسان بل هي من داخل جسده

بقلم: د حسام الدين حامد
1989
كيف تتعامل مع هذه الخائنة؟ | مرابط
فكر

كيف تتعامل مع هذه الخائنة؟


هي في الحقيقة نعمة وليست خائنة.. لكنها لغير المتيقظ خائنة.. إنها الصحة.. قد تتركك فجأة.. وقد تتركك بالتدريج.. ودون أن تشعر! ربما تفاجأ بأنك لم تعد تستطيع القفز عاليا.. ولا الركض سريعا! ما كنت تحمله بيسر أصبح صعبا.. وربما صرت طريح الفراش! وأكبر خسارة .. هي ضعك عن أداء كثير من الطاعات كالصيام.. القيام.. مساعدة الناس لله عز وجل..

بقلم: د. أيمن خليل البلوي
288
ما هو البديل ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

ما هو البديل ج1


سؤال ما هو البديل هو أحد أشهر الأسئلة التي ترد عند الاحتساب على منكر معين فيأتي حينها المطالبة بإيجاد بديل مناسب يحل محل المنكر الذي ينهى عنه وهو سؤال مشروع وإيجابي في الجملة ولكن في أغلب الأحيان ينطوي على إشكاليات كثيرة وأباطيل لا بد من الوقوف عليها وهذا ما يقدمه المقال الذي بين يديكم

بقلم: فهد بن صالح العجلان وعبد الله العجيري
1054
وقفات مع قصة موسى عليه السلام | مرابط
تفريغات

وقفات مع قصة موسى عليه السلام


ولتعلم أن الذي يتوجه إلى الله عز وجل بقلبه فإنه لا يخيبه إنك لو قصدت رجلا شريفا نبيلا وقلت له: احمني فإنه لا يسلمك إلى عدوك لأن هذا هو المناسب لكرمه وحلمه ونبله وشرفه لما خرج سفيان الثوري رحمه الله هاربا من الخليفة لقيه أحد عمال الخليفة وكان رجلا جوادا كريما اسمه معن بن زائدة فلما لقيه معن وكان لا يعرفه قال له: من أنت قال: أنا عبد الله بن عبد الرحمن فقال: نشدتك الله لما انتسبت إلي لأنه بإمكان أي واحد في الدنيا أن يقول: أنا عبد الله بن عبد الرحمن فناشده الله أن ينسب نفسه

بقلم: أبو إسحق الحويني
993