المذاهب والفرق المعاصرة: العلمانية ج3

المذاهب والفرق المعاصرة: العلمانية ج3 | مرابط

الكاتب: عبد الرحيم السلمي

405 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

وسائل أعداء الإسلام في محاربة المسلمين

إن تآمر أعداء الإسلام على المسلمين قديم، وقد بين الله عز وجل الصراع بين المسلمين وبين اليهود والنصارى وأعداء الإسلام، وهذا الأمر لا يقبل التشكيك، ومن حمق كثير من الناس أنه يظن أن الصراع الموجود بين العالم الإسلامي اليوم وبين الغرب هو صراع قومي، أو صراع عرقي، أو صراع لغوي من جهة أن هؤلاء أصحاب لغة وهؤلاء أصحاب لغة، من يرد الصراع لهذه الأمور سيفترسه الأعداء وهو لا يشعر، لكن الصراع الحقيقي هو صراع الأديان، يقول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51].

إذًا: الخلاف بيننا وبين الكفار خلاف ديني وليس خلافًا عرقيًا، أو خلافًا بسبب مشكلات سياسية أو مشكلات اقتصادية.. ونحو ذلك، وهذه الفكرة التي توجد عند بعض الكتاب وبعض الصحفيين وبعض المفكرين من المنتسبين إلى الإسلام، هذه الفكرة الموجودة أخذوها من المستشرقين كما سيأتي بيانها، وقد كانت طريقة الصليبيين في حرب المسلمين في بداية الأمر تعتمد على إبادة المسلمين والاستيلاء على بلدانهم، وهذه هي خطتهم التي كانوا يسعون إليها، انظروا إلى أحد المغفلين من هؤلاء.

وهو المستشرق كيمون يقول: أعتقد أن من الواجب إبادة خمس المسلمين، والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة، وتدمير الكعبة، ووضع قبر محمد وجثته في متحف لوفر!

هذه فكرة كانت موجودة عند الغربيين في بداية الأمر، لكنهم اصطدموا بصخرة الإسلام الكبيرة، ومنوا بالهزائم الضخمة التي حصلت لهم في الحرب الصليبية الأولى والثانية، ثم تغيرت الخطة بعد ذلك، تغيرت الخطة من الناحية العلمية، فلم يعد ميدان الحرب الجديدة هي الأرض، وإنما صار ميدان الحرب الجديدة الأدمغة والعقول، ولم تعد الوسيلة التي تنفذ هذه الخطة هي السيف والقتال وإنما الفكر والعقيدة، ولم تعد أيضًا جيوشها الأساطيل والتنظيمات التي تكون في الجيوش، وإنما هي المؤسسات والمناهج والأحزاب والأفكار التي يبثونها وينشرونها بالدرجة الأولى، وأول من لفت العالم الغربي إلى هذه الخطة الجديدة التي هي غزو المسلمين عن طريق إفساد العقيدة هو ملك فرنسا لويس التاسع، ولويس التاسع ملك فرنسا كان قائد الحملة الصليبية الثانية، هزم في المعركة وأسر في المنصورة ثم فدى نفسه ورجع إلى بلده، وقد كان في سجنه يفكر ويدبر في كيفية الانتصار على هذا العالم الذي جربوا معه أكثر من وسيلة، فتوصل لويس إلى أن الخطة تكمن في إفساد عقيدته، وصارت معالم هذه السياسة الجديدة للعالم الغربي تكمن في أربعة أمور:

الأمر الأول: جعل الحملات الصليبية العسكرية حملات سلمية لإفساد العقائد، وتؤدي ذات الغرض الذي تريده تلك الحملات وهي الإفساد، وحينئذ لن يكون عندهم مقاومة، فينفذ ما يريدون من آراء.

الأمر الثاني: تشجيع وتجنيد النصارى المبشرين، وهم دعاة التنصير لمحاربة تعاليم الإسلام نفسه، عن طريق الكتب والصحف ونحو ذلك.

الأمر الثالث: التعاون مع نصارى العرب، ونصارى العرب هؤلاء خطيرون جدًا في تأدية هذا الدور؛ لأنهم قريبون من المسلمين من حيث اللغة، ويمكن للإنسان أن يلبس لبوس الإسلام فينشر ما يريد، وكان لهم دور كبير جدًا في إفساد المسلمين، وسيأتي شيء من الإشارة إلى ذلك.

الأمر الرابع في خطة لويس التاسع : العمل على إيجاد قاعدة للغرب في قلب العالم الإسلامي، تنطلق منها الحملات الصليبية، ورشح أن تكون المنطقة التي ينطلق منها هي منطقة لبنان وفلسطين، وقال: إن هذه المنطقة هي المنطقة المناسبة، وبالفعل هذا الذي حصل فيما بعد عندما سلمت بريطانيا فلسطين لإسرائيل، والواقع التاريخي يدل على أن الغرب نفذ هذه الخطة عن طريق أربعة أجنحة:

الأول: الاستعمار والاحتلال المباشر لبلدان المسلمين.
الثاني: الاستشراق.
الثالث: التبشير، وهو التنصير.
الرابع: نصارى العرب كما سيأتي الإشارة إليه بإذن الله تعالى، أو استغلال الطوائف الموجودة عمومًا سواء من النصارى أو من الباطنية أو من اليهود أو من غيرهم كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

 

الاستعمار المباشر

أما الاستعمار المباشر فكما تعلمون لم يحصل إلا بعد سقوط الدولة العثمانية في عام (1924)، فقد سقطت الدولة العثمانية رسميًا عن طريق حزب الاتحاد والترقي، الذي تكون من يهود الدونمة، هؤلاء اليهود الذين استقطبهم العثمانيون عندما حارب فرديناند وإيزابلا في الأندلس وقضيا على كثير من المسلمين، وأيضًا حاربا اليهود، فجاء اليهود إلى العالم الإسلامي فكونوا هذا الحزب، وتبعهم على هذا الحزب عدد ممن ينتسب إلى الإسلام، المهم أنها سقطت الخلافة، وحولت الخلافة التركية إلى دولة علمانية لا صلة للدين بها، وهذا الحدث صار بعد الانهزام الذي صار للدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، فقد تعاونت الدولة العثمانية مع ألمانيا، فلما هزمت ألمانيا من جهة الحلفاء، كان من تركة الحلفاء ألمانيا وأيضًا الدولة العثمانية، وحصلت اتفاقية سميت فيما بعد باتفاقية (سايكس بيكو) اتفقوا على تقسيم العالم الإسلامي إلى مستعمرات للدول الغربية، وجاءت جحافل الدول الغربية، وحكمت هذه الدول الإسلامية حكمًا مباشرًا، ولأول مرة في تاريخ المسلمين يأتي الكفار ويباشرون الحكم في بلدان المسلمين، وهم كانوا يعلمون أنهم لن يستمروا في الحكم المباشر لبلدان المسلمين؛ لأن هناك عدم ارتياح من الناس لهم، ولهذا أرادوا تحقيق أهداف:

الهدف الأول: القضاء على الحركات الجهادية، مثل: وحركة مهدي السودان في السودان، حركة المهدي في السودان كانت حركة ضالة منحرفة لا تمثل الإسلام، لكن الاستعمار قضى عليها لا لأنها ضالة، بل لأنها تنتسب إلى الإسلام ولو انتسابًا باطلًا؛ ولأنها تريد الحكم بالإسلام ولا تريد الاستعمار فقضى عليها، وأيضًا حركة عمر المختار في ليبيا، وحركة عبد القادر الجزائري في الجزائر، وحركة عبد الكريم الخطابي في المغرب العربي، وحركة إسماعيل الشهيد في الهند، وأيضًا قضي على الأستاذ حسن البنا في مصر، وهؤلاء عندما وصفنا أنهم أصحاب حركات جهادية لا يعني تزكيتهم أو مدحهم، لا، لنا ملاحظات على هؤلاء، لكن الاستعمار قضى عليهم من أجل أنهم يعلنون الإسلام فقط، ويرون أنه هو الذي يجب أن يطبق في حياة المسلمين، بغض النظر عن مبادئه، وهم قضوا على الدولة التركية، مع أن الدولة التركية كما سبق أن أشرنا قد تبنت التصوف، وتبنت عقيدة الماتريدية، وقضاؤهم عليها لأنها تبنت الإسلام، وليس لأن التصوف موجود عندهم كما هو المعلوم.

الهدف الثاني: إلغاء المحاكم الشرعية، والإتيان بالقوانين الوضعية بدلًا عنها، ويذكرون تاريخيًا أن أول بلد ألغيت فيه الشريعة الهند، وألغيت منه الشريعة تمامًا في أواخر القرن التاسع عشر الماضي، ثم بعد ذلك ألغيت الشريعة في الجزائر، ألغيت عقيب الاحتلال الفرنسي في سنة ألف وثمانمائة وثلاثين، وألغيت أيضًا في مصر عن طريق إسماعيل الخديوي وكان عميلًا لفرنسا وأتى بالقانون الفرنسي في سنة (1883)م وألغيت جميع أحكام الشريعة إلا الأحوال الشخصية، لماذا لم يغيروا الأحوال الشخصية؟ لأن الأحوال الشخصية لها مساس بحياة الناس، مثل: قضايا النكاح، قضايا الطلاق، قضايا المواريث، هذه لا يمكن أن يغيروها بسهولة، لا يستطيعون أن يغيروا الطلاق أو النكاح مثلًا فسيقولون: يجوز للرجل أن ينكح أخته مثلًا! ما يقبلها الناس، لكنهم غيروا كل شيء آخر مثل الدماء، ومثل الأعراض.. ونحو ذلك، وأبقوا الأحوال الشخصية فقط، وقننوها في كثير من البلدان.

الهدف الثالث الذي حققه الاستعمار: هو القضاء على التعليم الإسلامي، وإيجاد معاهد بديلة عنه تدرس الفكر الأوروبي، والفكر العلماني الجديد الذي صار في أوروبا، وقصة هذا الموضوع أيضًا طويلة، لقد وضعوا خططًا لذلك مثل: خطة دلوب مثلًا في مصر وغيرها، وأتوا بجامعات مثل: الجامعة الأمريكية في لبنان وغيرها، وأرادوا تربية أكبر عدد من أجيال المسلمين على هذه المبادئ، وعلى هذه الأفكار الباطلة.

ومن أهداف الاستعمار أيضًا: استخدام الطوائف غير الإسلامية وإحياؤها، مثل: النصارى فقد صارت لهم مناصب كبيرة جدًا أثناء الاستعمار الفرنسي لبلاد الشام، وأيضًا الباطنية، والأقباط في مصر وهكذا، وأما دول أفريقيا فإن الاستعمار لم يخرج منها حتى جعل النصارى هم الحكام لها، في بعض البلدان نسبة المسلمين فيها (99%) ومع هذا يخرج الاستعمار ويعين عليهم حاكمًا نصرانيًا!

ومن أهداف الاستعمار أيضًا: تربية بعض أبناء المسلمين الذين يوافقونهم في المنهج والعقيدة على الفكر الغربي، وكانت هذه التربية هي تحقيق للشعار الذي رفعه زويمر، وهو قوله: الشجرة يجب أن يقطعها أحد أغصانها. وتم هذا عن طريق الابتعاث إلى العالم الغربي، فقد جاء عدد من المبتعثين الذين يعظمون أوروبا ويحملون الروح الانهزامية، ويعظمون الفكر الأوروبي، بل إن بعضهم يرى أن أوروبا ما استطاعت أن تصل إلى ما وصل إليه من التقدم والحضارة إلا عندما رفضت الدين وجعلته خلفها، واتجهت نحو الإلحاد.

 

المستشرقون ودورهم في الطعن في دين الإسلام

الجناح الذي عملت عليه هذه الخطة الجديدة للعالم الغربي هم المستشرقون، والمستشرقون هم جماعات من الغربيين تعلموا اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وقرءوا كثيرًا في تاريخ هذه الأمة وفي حضارتها، وألفوا كتبًا، وكان من أهداف هؤلاء: تشويه صورة الإسلام كما سيأتي معنا، وهؤلاء المستشرقون كانت لهم أهداف يريدون التوصل إليها، وتوصلوا إلى كثير منها، ومن أعمالهم أنهم قدحوا في حقيقة الإسلام نفسه، فمثلًا: يعتبرون أن الإسلام هو عبارة عن حركة قومية وطنية جمع بها محمد صلى الله عليه وسلم العرب، ثم لما مات محمد رجع ما كان عليه الناس قبل ذلك من الوثنية، ويصرحون هذا في كتبهم.

ومن أهدافهم أيضًا: الطعن في حقيقة القرآن، فهم يعتبرون أن القرآن هو عبارة عن إلهامات كانت تأتي إلى محمد، وأمر بعض أصحابه أن يكتبوها وقد خلطها بعضهم بكلام من عنده، وتكون من هذه الصحف المكتوبة -وهي غير موثوقة- القرآن الذي يقرؤه المسلمون اليوم، ويصرحون بهذا.

ومن أهدافهم: القدح في حقيقة النبوة، فهم يعتبرون أن النبوة عبارة عن اكتساب ذاتي، وليست من جهة الله عز وجل، يقولون: إن محمدًا لقوة شخصيته ولقوة انفعالاته النفسية صار له تأثير في الناس، وهذه أصلًا فكرة فلسفية موجودة عند الفلاسفة اليونان، فهم يرون أن النبوة تكتسب، وأنه بإمكان الإنسان أن يكتسب النبوة.

وأيضًا من أهدافهم: أنهم قالوا: إن الإسلام قد انتهى دوره، وأنه استنفذ أغراضه، وأنه حركة وطنية كان لها ظروف في مرحلة معينة، وقد تمت هذه الظروف، فلا داعي للكلام عن الإسلام على أنه دين شامل للحياة، وعلى أنه هو الذي يحكم شئون الناس.

وأيضًا من أهدافهم: قولهم: إن الإسلام هو عبارة عن طقوس روحانية ونفسية تعمل في المسجد، وأما ما عداه فليس له دور في الحكم والسياسة، وهذه هي الفكرة العلمانية التي سبق أن أشرنا إليها.

وأيضًا من أهدافهم: أنهم قالوا: إن الفقه الإسلامي مأخوذ من القانون الروماني، يعني: فقه الإمام مالك وفقه الإمام أبي حنيفة وفقه الأئمة من بعدهم في الحقيقة مأخوذ من القانون الروماني، الذي كان عند الرومانيين قبل أن يتجهوا نحو النصرانية، وهذا الهدف منه هو تسهيل قبول القوانين الوضعية، ولهذا وجد من المسلمين من قال: إن القوانين الوضعية التي جاءت من بريطانيا أو جاءت من فرنسا مثلًا هي نفسها الفقه الإسلامي، فتراه يأتي إلى قانون من القوانين الوضعية ويبحث عن قول من الأقوال يشابهه في الفقه الإسلامي فيقول: هذا هو هذا، ثم يأخذ القانون الثاني، ويبحث في الفقه عن رأي من الآراء يوافقه ويقول: هذا هو هذا، وجعلوا القوانين الغربية هي نفسها الفقه الإسلامي! وقالوا: ها نحن نحكم بما أنزل الله، ولسنا كما يزعم بعض الناس أننا نحكم بغير ما أنزل الله، وهم في الحقيقة يحكمون بغير ما أنزل الله كما هو معلوم.

ومن أهداف المستشرقين: دعواهم بأن الشريعة والدين يمانع التقدم ويمانع الحضارة، وأنه يدعو إلى التخلف، وحينئذ لن يكون للمسلمين تقدم حتى يتخلوا عن هذا الدين.

ومن أهدافهم: محاولة إضعاف اللغة العربية، وإحياء اللهجات العامية والمحلية، وتجهيل أبناء المسلمين بدور اللغة، ومحاولة التشكيك في الكلمات العربية، واعتقاد أن الشعر الجاهلي مثلًا خرافة، وأنه كذب ودجل، وأنه يجب أن نحاكم القرآن والسنة مثلًا إلى المعايير الفنية المعروفة، ونحو ذلك من الكلمات التي رددوها، وأيضًا رددها من جاء بعدهم ممن اقتدى بهم.

وأيضًا من أهدافهم: التقليل من تاريخ الأمة المسلمة، والتهوين من شأنها، وفي المقابل رفع تاريخ الغرب والثناء عليه وتمجيده. وأيضًا من أهدافهم: إثارة موضوع تحرير المرأة، وأن المرأة مزدراة محتقرة، بل إنهم يقولون: إن محمدًا يأمر الناس بشيء ولا يطبقه هو، وأصبح هذا الكلام يردده بعض المنتسبين إلى الإسلام كما سيأتي بيانه إن شاء الله في لقاء آخر.

وأيضًا من أهدافهم: بعث الحركات الضالة مثل: القاديانية، ومثل: الشيعة الإثني عشرية والباطنية، ومثل: الدروز والإسماعيلية والنصيرية، وإظهارهم وتعظيمهم، حتى إن بعضهم ألف كتابًا عن الحلاج لوحده، وبعضهم ألف كتابًا عن ابن عربي وعظمه وأبرز فلسفته، ونشر فكره، وقاموا بتحقيق كتب الفرق الضالة والمنحرفة، قاموا بتحقيق ديوان ابن الفارض وقاموا أيضًا بتحقيق كتب ابن عربي ونشرها، وإعادة طباعتها مرة أخرى.

وأيضًا من أهدافهم: نبش الحضارات القديمة، ففي مصر مثلًا نبش الحضارة الفرعونية، على أنها امتداد للتاريخ المصري، أرادوا أن يشعروا المسلم أن هؤلاء هم عبارة عن أجداد لك، وحينئذ ينبغي أن تعرف تاريخهم، وأن تدرك أحوالهم، مع أن الفراعنة كما هو معلوم وثنيون أعداء للرسل كما هو معروف، لكن هم أرادوا أن ينبشوا هذه الحضارات؛ حتى يتعلق الناس بها، ولأجل هذا دعموا فكرة القوميات والوطنيات، ولهذا حولوا المنهج العلمي في البحث والتجرد إلى منهج لا ديني، وأصبح من أبناء المسلمين من يقلدهم في ذلك، فتجد أن بعضهم يقول: قال القرآن، لا يقول: قال الله تعالى، ومن المنتسبين إلى الإسلام من يقول: قال محمد ولا يقول: قال الله تعالى

 

الحملات التنصيرية

الجناح الثالث: التبشير أو التنصير، وهؤلاء اجتهدوا بفتح المعاهد والكليات والمستشفيات، وأيضًا قاموا بفتح الجمعيات التي فيها دعم للفقراء؛ من أجل جذب قلوبهم ومن أجل دعوتهم إلى النصرانية والتأثير عليهم، وأصبح الآن في هذا الزمان نشر التنصير عن طريق المستشفيات، وعن طريق الشركات، وعن طريق بعض الأماكن كالفنادق مثلًا، يوجد فيها بعض العمالة التي تكون من النصارى أو من غيرهم من الوثنيين، وهؤلاء المنصرون أصبح لهم في هذا الزمن أقمار صناعية تبث على مدار أربعة وعشرين ساعة تغطي الكرة الأرضية بأكملها، بأكثر لغات العالم، وأصبحوا يدعون المسلمين العرب إلى النصرانية، ويدعون غير العرب، ويدعون بلغات متعددة إلى هذه العقائد، وكثير من الدول الغربية تتبنى هؤلاء المنصرين، بل إنهم في بعض الأحيان قد يأتي أحد من المنصرين ويطلب التفرغ للعمل في التنصير، فيفرغ من عمله ويبقى راتبه يجري، وهو مفرغ لهذا العمل الخبيث.

نصارى العرب ودورهم في نشر المذاهب الكفرية الغربية في العالم الإسلامي
نصارى العرب كان لهم دور سيئ جدًا في نشر هذه المذاهب وهذه الأفكار، عن طريق تكوين الجمعيات والأحزاب المرتبطة بالغرب المدعومة منهم، مثل: جمعية بيروت التي كان يشرف عليها فارس نمر، وجمعية الوطن العربي التي كان يشرف عليها نجيب عازوري، وجمعية العربية الفتاة، وأيضًا الحزب القومي السوري الذي كان يشرف عليه أنطوان سعادة، وأيضًا حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أسسه ميشيل عفلق، وهو نصراني معروف.

أيضًا اتجه نصارى العرب للصحافة، وصارت لهم صحف ينشرون فيها أفكارهم، وينشرون فيها هذه المذاهب، مثل: صحيفة الجنان مثلًا، والمقتطف، والهلال.. ونحو ذلك، ومن أبرزهم وأشهرهم الشاعر ناصيف اليازجي ويعقوب صروف، وجرجي زيدان، وأحمد فارس الشدياق، وإن كان بعض الناس يقول: إن أحمد فارس الشدياق أسلم والله أعلم، وبطرس البستاني ولويس شيخو وشبلي شميل، وشبلي شميل هذا رجل يؤمن بالداروينية، يعني: يؤمن بفكرة دارون أن الإنسان أصله يرقة كانت موجودة ثم تطورت حتى صار قردًا، ثم تطور حتى صار إنسانًا، ويبثها من خلال كتاباته ومن خلال مقالاته التي ينشرها، ومثل سلامة موسى وغيرهم من النصارى الذين كان لهم دور كبير في نقل هذه المذاهب وفي تقريرها في العالم الإسلامي، ويمكن مراجعة كتاب (الإسلام والحضارة الغربية) للدكتور محمد محمد حسين.

وكتاب (حصوننا مهددة من داخلها) له أيضًا، وكتاب (أزمة العصر) له أيضًا، وكتاب (الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر) لنفس الدكتور، وغيرهم ممن كتب عن هذه المرحلة وبين أثرهم، مثل كتاب (المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام) لـمحمود الصواف رحمه الله، وأيضًا كتابات الأستاذ أنور الجندي له كتاب اسمه (جيل العمالقة في ميزان الإسلام) ويقصد بالعمالقة هؤلاء الذين اشتهروا في فترة من الفترات وصارت لهم كتابات ولهم صحف ولهم رواج ولهم تأثير في حياة المسلمين، وهم الذين نقلوا هذه المذاهب إلى بلدان المسلمين، وتكلم عليهم بشكل مفصل.

 

بعض الأسئلة

 

حقيقة الحروب الصليبية

السؤال: ما هي الحروب الصليبية؟ ولماذا سميت بذلك؟ وما هو أثرها على العالم الإسلامي؟
الجواب: هذا بحث طويل، الحروب الصليبية كانت بسبب أن الكنيسة كانت تؤلب الأباطرة النصارى من أجل جمع القوات لمحاربة المسلمين، فصارت الحرب الصليبية الأولى والثانية، والخطة الجديدة للحرب الصليبية الجديدة هي ما سبق أن أشرنا إليه.

 

واجب المسلم تجاه الغزو الغربي

السؤال: ما هو الواجب على المسلم أن يفعل تجاه هذا الزخم الهائل من الغزو أو الجَرف الهائل من الغزو؟
الجواب: الواجب على المسلم التزام الإسلام في ذاته، وتربية الإنسان لنفسه على الإسلام وعلى التقوى وعلى الإيمان، ثم دعوة من يستطيع إلى دين الله سبحانه وتعالى، بحسب قدراته وبحسب إمكاناته، وبحسب الظروف المتاحة لديه، فالذي يستطيع مثلًا: أن يعلم المسلمين حقائق الإسلام بأحسن أسلوب وأطيب منطق، عن طريق الخطابة والمحاضرات فليفعل، والذي يستطيع أن يؤلف فليؤلف، والذي يستطيع أن يلقي دروسًا فليفعل، والذي يستطيع أن يجلس مع بعض المسلمين لبيان الحق لهم فليفعل.

إذًا: نجتهد جميعًا وكل يؤدي دورًا، هذا يؤدي دورًا، وهذا يؤدي دورًا، وهذه الأدوار إذا اجتمعت سيكون لها تأثير كبير جدًا في حياة المسلمين، والمسلمون لم يقتلهم إلا السلبية أو التهور، عندنا هاتان المشكلتان: السلبية وهو الضعف والخوف، وعدم نصح المخطئ، وعدم توضيح الحق للإنسان، وعدم وجود الشجاعة الأدبية في توضيح الحق للإنسان، وإذا وجد صاحب المنكر يتهيب كثير من الناس أن ينصحه، مع أن النصيحة لا يردها أحد، وأنت لست خاسرًا، وهو ليس خاسرًا، بل أنت رابح وهو مثلك، وحينئذ أي إنسان يراه الداعية يقترف منكرًا من المنكرات يجب عليه أن ينصحه وأن يذكره بالله، أن ينصح الشباب الذين يستمعون إلى الأغاني أو ينظروا إلى الأفلام الجنسية، كذلك ينصح الذين يجلسون في أوقات الصلوات عند المسجد ولا يحضرون الصلاة جماعة، أن تنصح أخاك وأمك في البيت، وكل من تستطيع، فهذه ستؤثر تأثيرًا كبيرًا بإذن الله تعالى، والمدرس ينصح طلابه، والصحفي يكتب مقالًا كريمًا طيبًا يدعو فيه إلى الله عز وجل، والذي يستطيع أن يؤلف فليؤلف، وهكذا هذه الجهود تتكاتف وتتعاون، وبإذن الله ترفع الغربة عن المسلمين، ولا يمكن أن ترفع الغربة عن المسلمين إلا بجهودنا نحن، ولا يمكن أن ترفع الغربة عن المسلمين إلا بهذه الطريقة.

المشكلة الثانية: هي مشكلة التهور، والحماس غير المنضبط، فإن الحماس غير المنضبط ليس بصحيح؛ لأنه يضر الدعوة أكثر مما ينفعها، ويمكن العدو منها، لكن الدعوة المنضبطة العاقلة ستنفذ في الناس وستؤثر فيهم، وسيقبلها الناس بإذن الله تعالى إذا وجد من أتباعها نشاط وبذل وعقيدة صحيحة بإذن الله تعالى.

يقول الشاعر:

لكل ساقطة في الحي لاقطة وكل كاسدة يومًا لها سوق

هذا الكاسد والساقط والذي لا خير فيه يجد له سوقًا، ويجد له لاقطًا، فكيف بالكلام الرباني الحق الصحيح الذي يلامس شغاف القلوب، سيكون له تأثير أكبر بإذن الله تعالى في حياة الناس.

 

وجه إطلاق كلمة مبشرين على المنصرين

السؤال: بعض الإخوان ينتقد كلمة مبشرين؟
الجواب: صحيح أنهم منصرون، لكن هذه الكلمة راجت وفهم منها أن المقصود بالمبشرين الذين يبشرون بدينهم الباطل، والأولى أن نستخدم كلمة منصرين.

 

المقصود بالسلفية والسلفيين

السؤال: من هم السلفيون؟ ومن مؤسسهم؟
الجواب: مؤسس السلفية الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس لهم مؤسس آخر، والسلفيون المقصود بهم أتباع السلف الصالح رضوان الله عليهم، فهم كل مسلم ومسلمة متبع لطريقة السلف الصالح رضوان الله عليهم، وهم الصحابة والتابعون ومن جاء بعدهم، وحينئذ ليس لهم مؤسس، وهم ليسوا اجتماعًا عضويًا كجماعة عضوية، وإنما هم اجتماع وصفي، فيمكن للإنسان أن يكون سلفيًا هنا أو هناك، ويمكن أن يكون معه مجموعة، ويمكن أن يكون ليس معه أحد، ويمكن أن يعرفه الناس، ويمكن ألا يعرفه أحد، فليست السلفية حزبًا مجتمعًا في مكان واحد كما هو المعروف عن الأحزاب، وإنما السلفية وصف لمتبع الحق الذي كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم ومن سار على منهجهم.

نكتفي بهذا، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العلمانية
اقرأ أيضا
الاستغناء عن السنة بالقرآن الكريم | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

الاستغناء عن السنة بالقرآن الكريم


يزعم منكرو السنة أنه لا حاجة للمسلم -كي يقيم دينه على الوجه الذي يريده الله سبحانه- إلى أي مصدر ديني سوى نص القرآن الكريم لأنه تبيان لكل شيء وفي هذا المقال رد تفصيلي من الكاتب أحمد يوسف السيد على هذه الشبهة أو الزعم ويوضح لنا كيف أن المسلم لا غنى له عن السنة النبوية بأي حال من الأحوال

بقلم: أحمد يوسف السيد
1783
الإنصاف عزيز | مرابط
مقالات

الإنصاف عزيز


وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه من الألفاظ ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه من الألفاظ ومن رزقه الله بصيرة فهو يكشف به حقيقة ما تحت تلك الألفاظ من الحق والباطل ولا تغتر باللفظ كما قيل في هذا المعنى

بقلم: ابن القيم
51
حيثما كان العدل فثم شرع الله | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

حيثما كان العدل فثم شرع الله


وليس للمسلم أن يطرح حكم الشريعة طلبا للعدل استقلالا عنها فإن هذا فاسد من جهة الدين والذي يلزم المسلم بالاحتكام للشرع وليكن على ثقة أنه متى التزم حكم الشريعة فسيؤول به الأمر إلى تحقيق العدل وأنه متى خالفها فسيقع في مناقضة العدل إذ اطراح الحكم والحالة هذه اطراح للعدل أيضا

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
1955
أحاديث مشكلة في الحجاب ج2 | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين المرأة

أحاديث مشكلة في الحجاب ج2


لا يخلو باب من أبواب أصول الدين ولا فروعه من آيات أو أحاديث مشتبهة تخالف في ظاهرها المحكمات البينات فإن جاز ذلك في الأصول فإنه في أبواب الفروع من باب أولى وفي أبواب حجاب المرأة ولباسها يورد بعض الكتاب أحاديث تخالف المحكم البين منها الصحيح ومنها الضعيف ومنها ما لو وضع في موضعه ولم يلغ به العام لاستقام للناظر الحكم ولكن استعمل كثير من الأحاديث الظنية في نقض القطعية والأحاديث المشتبهة في نقض المحكمة

بقلم: عبد العزيز الطريفي
398
عوامل الصعود اللوطي الجزء الثاني | مرابط
مقالات الجندرية

عوامل الصعود اللوطي الجزء الثاني


تستند الموجة اللوطية الجديدة على عدد من العوامل في صعودها السريع وانتشارها الملحوظ في بعض المجتمعات ومن أبرز هذه العوامل: التقدم الطبي الذي أتاح للشواذ واللوطيين إجراء تعديلات جسدية وتجميلية وظاهرية موافقة للميول الجندرية الجديدة وكذلك الإتخام الجنسي وإتاحته بكل الصور في كل مكان عبر الشبكة مثلا أحدث نوعا من الملل والتخمة لدى مشاهدي ومدمني البورنو وهو كا دفعهم إلى أشكال جديدة من الجنس مثل اللوطية وفي هذا المقال يناقش الكاتب عمرو عبد العزيز هذه العوامل وغيرها بشكل موجز

بقلم: عمرو عبد العزيز
1839
جذور الخطاب المدني المعاصر | مرابط
اقتباسات وقطوف

جذور الخطاب المدني المعاصر


يبدو أن الخطاب المدني المنتشر في بلادنا الإسلامية قد حظي باهتمام بالغ لدى الباحثين في محاولة لمعرفة الجذور التي أدت إليه يقول البعض أنه نتاج مباشر للمدرسة العقلانية بينما يظن آخرون أنه الامتداد الطبيعي لمدرسة المعتزلة أو أنه نتج بسبب الانبهار الشديد بالغرب وبين يديكم مقتطف هام من كتاب مآلات الخطاب المدني يقف فيه إبراهيم السكران على هذا التساؤل الهام والآراء المنتشرة حوله

بقلم: إبراهيم السكران
458