المرأة في عصر النبوة

المرأة في عصر النبوة | مرابط

الكاتب: طه محمد الساكت

296 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

ولم تكنْ حياة النساء في العصر الأول كحياتهنَّ في هذا العصر، مُضْطربةً حائرة، أو متبذلة ساخرة؛ بل كانت إلى الفطرة أقرب، وإلى الطُّهر أدنى.

ولم يكن يمنعهنَّ الحياء الذي يَتَحَلَّيْنَ به - والحياءُ من الإيمان - أن يتفقَّهن في الدين، ويسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمَّا جَهِلْنَ منه؛ ولم تكنْ رعايتهنَّ البالغة بحقوق الزوج والبيت والولد، لِتحولَ بينهنَّ وبين المنافسة في الهدى والخير، إلى المثوبة والبر، ابتغاء رضوان الله ورسوله

قُلنَ يومًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، غلبَنا عليك الرجال، فاستأثروا بك، وذهبوا بحديثك، فاخْتَر لنا يومًا من تلقاء نفسك نأتيك فيه، فتعظنا بمواعظ الله، وتعُلِّمنا ممَّا علَّمك الله، فقال: ((موعدكنَّ بيت فلانة))، فاجتمعن فيه.

أدبٌ في الخطاب، وكَرَمٌ في الجواب، وحِرْصٌ على الوفاء، رغبةً في العلم والتعليم، ورجاوة للفقه في الدين، وهذا بعض ما كان منه ومنهنَّ، صلوات الله عليه، ورضوان الله عنهن.

اجتمعن في الموعد المضروب، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدَّثَهُنَّ وعَلَّمَهُنَّ، وتخيَّر من الحديث ما هُنَّ أحوج إليه، وما هو أمسُّ بهنَّ، وأزكى لهنَّ، وكذلك الداعي إلى سبيل ربِّه بالحكمة والموعظة الحسنة، يحدِّث كلَّ أحد بما هو أصلح وأجدر به.

واقتصر أبو سعيد رضي الله عنه على تلك البِشارة العظيمة التي سنذكرها بعدُ، ولم يبيِّن لنا ماذا أمرهُنَّ به في هذا اليوم؟ إما لعنايته بهذه البشارة وجليل شأنها عند الناس ولا سيما النساء، وإما لأنه لم يبلَّغ ما وجَّه إليهنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أمر.

ومن يتتبَّع عظاته للنساء صلوات الله عليه يطمئن إلى أنه أمرهنَّ فيما أمرهنَّ بالصَّدقة، جَبْرًا لنقصهنَّ، وتطهيرًا لقلوبهنَّ، وتكفيرًا لسيئاتهن.

على أنَّ أبا سعيد نفسه هو الذي روى عنه الشيخان أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج في أضحى أو فطر إلى المُصَلَّى فمرَّ على النساء، فقال: ((يا معشر النساء، تَصَدَّقْنَ، فإنِّي أُريتُكُنَّ أكثَرَ أَهل النار))، فقلن: وَبِمَ يا رسولَ الله؟ قال: ((تُكثرن اللعنَ وتكفُرن العشير[1]؛ ما رأيتَ من ناقصات عقلٍ ودين أذهب للبِّ الرجل الحازم من إحداكنَّ!))، قلن: وما نقصانُ ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: ((أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تصم؟)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان دينها)).

وفي رواية لمسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: ((تصدَّقْنَ فإنَّ أكثركنَّ حَطَبُ جهنم))؛ [فقامت امرأةٌ مِنْ سطة النساء، سفعاءُ الخدَّين، فقالت: لِمَ يا رسول الله]؟ قال: ((لأنكنَّ تُكْثِرنَ الشَّكاة، وتكفرن العشير))[3]، قال: فَجَعَلنَ يَتَصَدَّقْنَ من حُليِّهنَّ، يُلقينَ في ثوب بلال من أقراطِهنَّ[4] وخَوَاتمهنَّ.

ولا يعيبُ المرأةَ أن يكون النقص في أصل تكوينها وخلقها؛ لأنها لا يدَ لها فيه، وإنما هو لحكمةٍ عالية أرادها العليمُ الحكيمُ، ليكتب على الرجل وَلايتها ورعايتها، وبَذْل الجهد في إكرامِها والإحسان إليها؛ ومن أجل ذلك لم يُحمِّلها ما لا طاقة لها به، بل نهاها أن تتعاطى ما لا تُحسنه من كلِّ ما لا يتَّفق مع جِبلَّتها وتكوينها، وقلَّما وَليَتْ أمرًا ليس من شأنها إلا باءت هي وأنصارها بخسران مقيم، وخزيٍ أليم، على أنها إذا تأمَّلت في هذا النقص وجدته من نِعَمِ الله عليها ورحمته بها؛ إذ رفعَ عنها إصْرًا لا تقوم به، وَوِزْرًا لا تحملُه، وقد يُعوِّضُها الله بصالح الأعمال ما تسبق به كثيرًا من الرجال.


المصدر: 
شبكة الألوكة

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المرأة-المسلمة
اقرأ أيضا
هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟ | مرابط
النسوية

هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟


وأما النسوية الليبرالية فليس لها أيضا انتقاد مكانة المرأة ولا أحكامها في الإسلام لأن الليبرالية تقرر نسبية الحقيقة أي الحق عندي ليس بالضرورة هو كذلك عندك وهذه سفسطة يقررها عامة الليبراليين يقول راسل: إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره

بقلم: حمود بن ثامر
428
فلسفة الزواج | مرابط
المرأة

فلسفة الزواج


إن العلاقة الوثيقة والحب العميق بين الرجل والمرأة ليسا ناشئين عما تتطلبه الحياة الدنيا من الحاجات فحسب فالمرأة ليست صاحبة زوجها في حياة دنيوية وحدها بل هي رفيقته أيضا في حياة أبدية خالدة. فما دامت هي صاحبته في حياة باقية فلا ينبغي لها أن تلفت نظر غير رفيقها الأبدي وصديقها الخالد إلى مفاتنها ولا تزعجه ولا تحمله على الغضب والغيرة.

بقلم: بديع الزمان النورسي
330
قل ولا تقل: قاعدة الاستبدال | مرابط
لسانيات

قل ولا تقل: قاعدة الاستبدال


على الرغم من شيوع هذه القاعدة ومعرفة معظم المشتغلين والناطقين بالعربية بها فإن الخطأ فيها شائع جدا على مستوى الممارسة. والقاعدة هنا تقول إن باء الجر تدخل على المتروك لا على المأخوذ عند استخدام فعل التبديل بدل أو أي فعل من نفس مادته استبدل تبدل أبدل.. أو أي من مشتقات هذه الأفعال.

بقلم: محمود عبد الرازق جمعة
1045
وأنذرهم يوم الحسرة | مرابط
فكر

وأنذرهم يوم الحسرة


وكم من صاحب جاه وسلطان يهاب الناس سطوته ود لو كان عبدا وضيعا مغمورا بين الناس لما يرى من مثالب تكبره واستعلائه على الخلق ويرى الحساب العسير للكبراء كل على قدر مكانته ومسؤوليته!! ولن يسلم من نوع حسرة أحد حتى المحسن يود لو أنه استفرغ وسعه وزاد في إحسانه ولسان حاله يا ليتني قدمت لحياتي!!

بقلم: د. جمال الباشا
425
خير ليالي الدنيا | مرابط
مقالات

خير ليالي الدنيا


في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله وفي رواية لمسلم عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.

بقلم: كريم حلمي
464
التصور الإسلامي للنسوية: الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات النسوية

التصور الإسلامي للنسوية: الجزء الثاني


تستعرض المؤلفة في هذا المقال بعض القواعد والأسس والكليات والأصول الدينية التي فيها رد ضمني على منطلقات التيار النسوي ومرتكزاته وأعمدته الفلسفية والفكرية سنرى هنا كيف تعامل الإسلام مع المرأة وما هي صورة المرأة في الإسلام هل فعلا هناك ظلم واقع عليها أم لا وهل هناك دونية أو نظرة استعلاء من قبل الرجل للمرأة في الإسلام أم لا وغير ذلك من التساؤلات والمرتكزات النسوية

بقلم: د وضحى بنت مسفر القحطاني
2264