هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟

هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟ | مرابط

الكاتب: حمود بن ثامر

322 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم يبعثون؛ أما بعد:

فبرزت في السنوات الأخيرة كتابات في وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار النسوية والانتصار للمرأة من المظلومية الأبدية (!) –بحسب زعمهن- وهي خضوعها لتسلط الرجل وعدم مساواتها به.

لن يكون المقال في بيان (حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام) فتستطيع أن تنسخ الجملة السابقة التي بين قوسين وتضعها في محركات البحث فتقذف لك النتائج بكتابات رصينة تكفي طالب الحق.

ولن يكون المقال في بيان أن النسويات على اختلاف أنواعهن يعتبرن الرجل هو النموذج الأكمل الذي يجب تقليده وفعل كل ما يعد فعلًا خاصًا به، حتى تصل المرأة إلى الكمال!

إنما سيكون المقال إجابة على السؤال التالي:
هل يحق للنسويات على اختلاف مرجعياتهن الفكرية أو الفلسفية أن ينتقدن مكانة المرأة في الإسلام؟

والذي دفعني لطرح هذا السؤال أني أرى سجالات مختلفة بين النسويات والنسويين (1) من جهة وبين المدافعين عن الإسلام من جهة ... لكني لم أر بحسب اطلاعي من توقف لحظات وقال: هل يحق لكن ولأذنابكن من النسويين توجيه النقد أصلًا لمكانة المرأة في الإسلام أو على الأحكام التي اختصت بالمرأة في القرآن والسنة؟

النسويات لسن سواء في المشرب والمنزع ويمكن الكلام عن أقسامهن الرئيسية:
فمنهن الملحدة –وهن الأغلب- ومنهن الليبرالية (وهذا القسم فرع عن الملحدات) ومنهن النصرانية واليهودية...وهذا التقسيم لا يشمل المتأثرات بالطرح النسوي -التأثر اليسير- لأن وجود بعض التأثر عند بعض المنتسبات للإسلام لا يجعلهن قسمًا مستقلًا.

فهل يحق لأي واحدة من هذه الأقسام توجيه أصابع السب للإسلام وأحكامه؟ 
المشتغلون بهذه الفلسفات والأفكار والملل توصلوا للجواب مباشرة بحسب ما أظن.

فالملاحدة يقررون أن "الجنس البشري ليس إلا حثالة كيميائية على سطح متوسط الحجم"(2) وكذلك يقررون أنه لا وجود إلا للمادة فلا وجود لمعاني الظلم والعدل والأخلاق؛ قال ريتشارد داوكينز:" الكون في حقيقته بلا تصميم، بلا غاية، بلا شر ولا خير، لا شيء سوى قسوة عمياء لا مبالية(3) ... والداعي لمثل هذه الإشارات لهذه الاعتقادات الإيمانية للملاحدة أن النسوية ذات المرجعية الإلحادية ليس لها نقد مكانة المرأة في الإسلام أو الأحكام التي ميزتها كأنثى ووصفها بالظلم لأنه لا وجود لشيء مادي أصلًا اسمه ظلم يمكن قياسه وإثباته موضوعية في العلم التجريبي ومختبراته !

ناهيك عن نظرة أساطين الإلحاد وآلهة الملحدين للمرأة وجنسها؛ فهذا داروين طاغوت الملاحدة الأكبر يقول "المرأة أدنى في المرتبة من الرجل وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل"(4)

وأما النسوية الليبرالية، فليس لها أيضا انتقاد مكانة المرأة ولا أحكامها في الإسلام، لأن الليبرالية تقرر نسبية الحقيقة، أي الحق عندي ليس بالضرورة هو كذلك عندك، وهذه سفسطة يقررها عامة الليبراليين؛ يقول راسل: "إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق، بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره"، وهذا أحد أئمتهم وهو تركي الحمد يصرح قائلا: "لن تكون متقدمًا أو صاحب أمل في التقدم؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية" (5)

حينئذ جزم الكائن النسوي ذو المرجعية الليبرالية بأن المرأة في الإسلام مظلومة أو مهضومة الحقوق، وعمل المعارك والحملات المتعاقبة والاستعانة بالغرب لتأجيجهم على المسلمين هو مخالف ومناهض لنسبية الحقيقة وهو سعي من الليبرالية النسوية لفرض رؤيتها على أنها حقيقة مطلقة! وأين الحرية المزعومة -تنزلا أسأل-؟

وأما النسوية النصرانية واليهودية فهي آخر من يتكلم أو يهاجم الإسلام؛ فنصوص كتابهم المقدس فيها ما لا يوجد في الإسلام؛ ففي اليهودية مثلًا إذا مات الزوج يفرض على أخوته الزواج من زوجته ويكون ترتيب الحق بالأكبر ويعرض على البقية في حال رفضه...فهي كالمتاع الموروث!، وما يتعلق بحيضها ونفاسها وكيف تعامل بأنها نجسة تنجس كل ما لمست كفاية.

وأما في النصرانية فالأمثلة كثيرة وأقلها ليس للمرأة أن تتكلم في الكنيسة وهذا قبيح منها وإن أرادت أن تتعلم شيئًا فترجع للبيت وتسأل زوجها (6) مع أن هذه الأحكام التي لليهودية أو النصرانية لو ثبتت لن تشكل للمؤمن بها حرجا ولكن المراد من ذكرها أن من تنطلق من صحة تلك المرجعيات لا يحق لها انتقاد وضع المرأة في الإسلام!


الإشارات المرجعية:

  1. وهم رجال تبنوا طرح النسويات
  2. Stephen Hawking
  3. River out of Eden, p.131-132
  4. Darwin, the descent of man ,p. 326
  5. من هنا يبدأ التغيير ص347
  6. 1كورنثوس 14 : 34
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية #المرأة-المسلمة
اقرأ أيضا
إذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة | مرابط
مقالات

إذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة


يوافق يوم عرفة هذا العام يوم الجمعة وتلك مزية عظيمة تزيد هذا اليوم فضلا على فضله وشرفا على شرفه وتجعل المسلم أشد استعدادا وتهيؤا له وحشدا لحاجاته ورغباته كي يلهج بها لربه سبحانه وتعالى في هذا اليوم المبارك

بقلم: أحمد قوشتي
309
الدعاة.. بين الزينة والوقار | مرابط
اقتباسات وقطوف

الدعاة.. بين الزينة والوقار


ومهما كان الواعظ شابا متزينا للنساء في ثيابه وهيئته كثير الأشعار والإشارات والحركات وقد حضر مجلسه النساء فهذا منكر يجب المنع منه فإن الفساد فيه أكثر من الصلاح ويتبين ذلك منه بقرائن أحواله بل لا ينبغي أن يسلم الوعظ إلا لمن ظاهره الورع وهيئته السكينة والوقار وزيه زي الصالحين

بقلم: أبو حامد الغزالي
458
إشكالية توفيق المرأة بين البيت والعمل | مرابط
مقالات المرأة

إشكالية توفيق المرأة بين البيت والعمل


يمكن للمرأة أن توفق بين عملها خارج المنزل ودورها كزوجة وأم.. ليس بالضرورة أن يحدث تعارض أو أن يجور دورها تجاه العمل عن دورها تجاه البيت الزوج المتفاهم والمحب لزوجته سيساعدها في ذلك وبهذا يضحي أحدهما ليقوم الآخر بما يحب... أنانية أي طرف ستضر بالعلاقة.

بقلم: أحمد جلال
332
المعصية تورث الذل | مرابط
اقتباسات وقطوف

المعصية تورث الذل


يظن كثير من المسلمين أن المعاصي لا تترك أثرا على نفس المسلم وهذا الظن يدفع يهون المعصية في قلوب الناس بشكل عام والحقيقة على خلاف ذلك تماما فالمعاصي لها آثار قاتلة إذا لم ينتبه إليها المسلم ومن هذه الآثار أنها تورث الذل وبين يديكم مقتطف من كتاب الداء والدواء حول الأمر

بقلم: ابن القيم
600
عقيدة شاملة الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات

عقيدة شاملة الجزء الأول


تمتاز العقيدة الإسلامية بالشمول لكافة مناحي الحياة وكافة جوانب الإنسان وقد يقال أن إثبات هذه الشمولية يحتاج إلى بحث وتدقيق وتمحيص ولكننا نقول أن مجرد النظر إلى جنبات هذه العقيدة والشريعة يكفي للعيان وفي هذا المقال بجزئيه يكشف لنا الكاتب عباس محمود العقاد عن شمولية هذه العقيدة الساطعة

بقلم: عباس محمود العقاد
1931
روح العصبية الغربية | مرابط
اقتباسات وقطوف

روح العصبية الغربية


لم أستطع أن أكتشف فترة في التاريخ الأوروبي أو التاريخ الأمريكي منذ العصور الوسطى ناقش أحد فيها الإسلام أو أي فكر فيه خارج إطار صاغته العاطفة المشبوبة والتعصب والمصالح السياسية وقد لا يبدو ذلك اكتشافا يدعو إلى الدهشة ولكنه يضم في ثناياه جميع ألوان المباحث العلمية والأكاديمية التي كانت منذ مطلع القرن الثامن عشر تطلق على نفسها اسما كليا هو مبحث الاستشراق أو كانت تحاول بانتظام دراسة الشرق

بقلم: إدوارد سعيد
1875