الموقف من العلوم العقلية

الموقف من العلوم العقلية | مرابط

الكاتب: د. سلطان العميري

279 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

في بداية الحديث عن الموقف من العلوم العقلية لا بد من التنبيه على أن مصطلح العلوم العقلية يُطلق في العرف على علوم مخصوصة، لها مسالك معروفة في دراسة الأمور العامة المتعلقة بالوجود والماهيات ونحوها، والمتعلقة بالعقائد والمعرفة.

فيدخل في العلوم العقلية في المعنى العرفي علم الفلسفة وعلم الكلام وعلم المنطق، ونحوها من العلوم.

وما تتضمنه هذه العلوم متنوع في حكمه ونوعه، وأصول ما يذكر فيها يرجع إلى أمور:

الأمر الأول: مواد مناقضة لأصول الشريعة، وتُعدُّ كفرًا مُخرجًا من الملة.
الأمر الثاني: مواد مخالفة للشريعة؛ إمَّا في الأدلة أو في المسائل، وتُعدُّ بدعةً وانحرافًا عن نهجها المستقيم.
الأمر الثالث: مواد لا تعلق لها مباشر بالشريعة، ولكنها خاطئة في نفسها؛ إما بدلالة العقل أو الحس أو غيره.
الأمر الرابع: مواد صحيحة في نفسها، ولكن فيها تطويل وتعب وقلة في الإفادة.
الأمر الخامس: أمور صحيحة صالحة للانتفاع والاعتبار.

والمواد الثلاث الأول كثيرة في علم الفلسفة والكلام، والمادة الرابعة والخامسة ظاهرة في علم المنطق.

وبناء على هذا فإن الموقف الشرعي من تلك العلوم العقلية -وخاصة علم الفلسفة والكلام- هو الذم والقبيح والتحريم؛ لأنها علوم متضمنة لمناقضة الشريعة أو مخالفة في كثير من موادها؛ إمَّا في الأدلة أو في المسائل.

ولأجل هذا؛ فإنه لا يجوز شرعًا أن يُحكم عليها بمدح مطلق، ولا بدعوة مطلقة لدراستها، ولا تُنشر الكتب المؤلفة فيها ولا تُروّج موادها بمسالك مطلقة، وإنما يوصى بها في حالات مخصوصة تغلب فيها جانب المصلحة على جانب المفسدة، كجانب النقد أو لطلاب العلم المتخصصين لمعرفة ما فيها من انحراف أو معرفة أثرها على مقتضيات النصوص الشرعية.

وهذا التقرير ليس فيه دعوة إلى الإعراض عن المجالات التي تدرسها تلك العلوم العقلية المبنية على أصول مخصوصة، فإن كثيرا من المجالات التي تتناولها تلك العلوم يمكن إقامتها على الأصول الشرعية والعقلية الصحيحة، ويظهر ذلك جليا فيما قرره ابن تيمية في الأمور العامة وفي قضايا المعرفة والاستدلال وفي قضايا الإلهيات والعقدية.

وقد كتبت قبل سنوات مقالا في الدعوة إلى الاهتمام بهذا الأمر، وهو بعنوان (المخزون الفلسفي في الإسلام وضرورة التنقيب (اضغط هنا).

وحاصل ما سبق أننا نفرق بين أمرين:

الأمر الأول: الموقف من العلوم العقلية المعهودة، فهذه يتعلق بها الذم من جهات عديدة.
الأمر الثاني: الموقف من دراسة المجالات التي تتناولها تلك العلوم العقلية، فكثير من تلك المجالات مفيدة، ويمكن إقامته على أصول شرعية وعقلية صحيحة.

وبهذا التفريق يظهر بجلاء أن البحث إنما هو فيما يسمى العلوم العقلية، وليس فيما تتناوله تلك العلوم من مجالات.

والكلام في هذا الموضوع وخاصة فيما يتعلق بأنواع المواد المتعلقة بتلك العلوم وتقويم ما ينسب إليها نفع يستدعي تفصيلا مطولا، وإنما القصد الآن البيان المختصر.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العلوم-العقلية
اقرأ أيضا
استرداد مقولة الإمبريالية كمقولة تحليلية | مرابط
تفريغات

استرداد مقولة الإمبريالية كمقولة تحليلية


الحل الصهيوني للمسألة اليهودية مثلا هو الحل الاستعماري عندك يهود زيادة إما تحرقهم أو ترسلهم فلسطين وهكذا تحل قضية الأقليات في المجتمعات المدنية عندك بضائع أرسلها للمستعمرات وهكذا أوروبا حلت مشاكلها عن طريق تصديرها للشرق وأسست مجتمعات مدنية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
545
قانون السببية وإيقاظ العقيدة الإلهية في النفس | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

قانون السببية وإيقاظ العقيدة الإلهية في النفس


يقرر قانون السببية أن شيئا من الممكنات لا يحدث بنفسه من غير شيء لأنه لا يحمل في طبيعته السبب الكافي لوجوده ولا يستقل بإحداث شيء لأنه لا يستطيع أن يمنح غيره شيئا لا يملكه هو كما أن الصفر لا يمكن أن يتولد عنه عدد إيجابي فلا بد له في وجوده وفي تأثيره من سبب خارجي وهذا السبب الخارجي إن لم يكن موجودا بنفسه احتاج إلى غيره فلا مفر من الانتهاء إلى سبب ضروري الوجود يكون هو سبب الأسباب

بقلم: د محمد عبد الله دراز
2242
متى يكون الرد على المخالف | مرابط
فكر

متى يكون الرد على المخالف


كثير ممن يطيل الجدل والمناظرة لا يفرق بين بيان إثبات الحجة وبين الإقرار بها فيجعل لازم إثبات الحجة أن يقر المحجوج بها وهذا ليس من العلم والنظر ولا من مقاصد التشريع في شيء وذلك أن محل الإقرار في القلب واللسان ناقل لما في القلب والصدق في هذا شاق جدا حتى ربما ظهر الحق لجميع السامعين ويبقى المحاجج في سكرة نفي ثبوت الحجج والتهوين منها والتعلق بالإقرار تعلق بباطن لا يمكن الوصول إلى حقيقته

بقلم: عبد العزيز الطريفي
994
الأمركة والكوكلة والعلمنة | مرابط
فكر

الأمركة والكوكلة والعلمنة


الأمركة فى تصوري هى محاولة صبغ أي مجتمع أو فرد بالصبغة الأمريكية وإشاعة نمط الحياة الأمريكية ويوجد مصطلح طريف قريب منه للغاية هو مصطلح الكوكلة أو الكوكاكوليزيشن cocacolization والكوكاكولا هى رمز نمط الحياة الأمريكية وانتشارها وتدويلها وقال أحدهم أن الأمر ليس كوكلة وحسب وإنما هى كوكاكولونيالية بدلا من كولونيالية أي أن الكوكلة هى الاستعمار فى عصر الاستهلاكية العالمية وهى استعمار لا يلجأ للقسر وإنما للإغواء كما كتب أحد علماء الاجتماع كتابا بعنوان the macdonaldization of the world أي مكدلة العا

بقلم: عبد الوهاب المسيري
2009
شبح الحروب الصليبية الجزء الثاني | مرابط
تاريخ مقالات

شبح الحروب الصليبية الجزء الثاني


إذا أردنا أن نقف على الأسباب الحقيقية للعداء البغيض الذي تحمله أوروبا ويحمله الغرب تجاه الإسلام علينا أن نرجع عدة خطوات إلى الخلف إلى الماضي الذي شكل معالم المدنية الأوروبية وتشربه الرجل الأبيض وتوارثه مع مرور الوقت سنقف هنا أمام الحروب الصليبية لندرك أثرها على الهوية الأوروبية فيما يخص الإسلام كما يقول الكاتب: إن الشر الذي بعثه الصليبيون لم يقتصر على صليل السلاح ولكنه كان قبل كل شيء وفي مقدمة كل شيء شرا ثقافيا لقد نشأ تسميم العقل الأوروبي عما شوهه قادة الأوروبيين من تعاليم الإسلام ومثله ال...

بقلم: محمد أسد
2184
إبراهيم عليه السلام يحاجج النمرود | مرابط
اقتباسات وقطوف

إبراهيم عليه السلام يحاجج النمرود


لم يكن إبراهيم بذلك الرجل يناقش الضعفاء والعامة ويترك الأقوياء والكبراء وإنما كان يثبت الحق عند الجميع لم يكن ليخاف في الله لومة لائم ولذلك لما وصلت القضية إلى النمرود قام إبراهيم لله بالحجة بين يديه فأمره ونهاه وقام لله بالحجة على هذا الطاغية

بقلم: محمد المنجد
706