النسوية من الفكر إلى العرف

النسوية من الفكر إلى العرف | مرابط

الكاتب: د. حامد الإدريسي

151 مشاهدة

تم النشر منذ 6 أشهر

النسوية لم تعد فكرا، لقد تحولت إلى عرف في كثير من المجتمعات، وهذه أخطر مراحل تطور الأفكار، أي أنها لم تعد تؤثر في المثقفين، لقد تحولت إلى نمط عيش أغلب المجتمعات المسلمة…

ومن الأفكار النسوية التي نجحت في هذا التغلغل والانتقال من الفكر إلى العرف:
مفهوم المرأة الناجحة: ويقصد بها المرأة التي لم تعد بحاجة إلى الرجل، وقد تم تسويق هذا المفهوم عبر الأفلام المصرية في الخمسينات، حتى أصبح في وجدان المجتمع أن المرأة الناجحة هي العاملة، أما ربة البيت، فهذه مسكينة مقهورة، وانتقل ذلك إلى الوعي العام، حتى أصبحت ربة البيت تعرّف نفسها وهي تشعر بشيء من الخجل، وكأنها تقول : أنا ربة بيت مع الأسف.

عمل المرأة

عمل المرأة: وهو العمود الفقري للفكرة النسوية، التي تنطلق من أن المرأة شقيقة الرجل ليس في الأحكام فقط كما في الحديث، بل شقيقته في الأدوار والمهام والمسؤوليات والواجبات والمكانة، وعليه فإن عدم خروجها للعمل بطالة واحتقار وتضييع للوقت والجهد وحرمان للمجتمع من نصف طاقاته، وهو مفهوم لم تعرفه المجتمعات المسلمة قبل القرن العشرين، لقد أصبحت رفيدة الأسلمية أكثر شهرة من فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأصبحت الشفاء التي كذب عليها ونسب إليها أنها محتسبة السوق، أصبحت أشهر من رقية وأم كلثوم بنتا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهر من أم الحسين ورملة وأم هانئ وأم كلثوم وفاطمة ورقية وميمونة وزينب الصغرى وخديجة وأمامة وكلهن بنات علي رضي الله عنه.

الشهادات

الحرص على الشهادات: وهي من أخفى الأفكار النسوية التي سيطرت على العقل اللاواعي، حتى أصبح الأب يستهين بكل ما يواجه ابنته من الفتن في سبيل الشهادة، ويرفض تزويجها قبل أن تحصل على شهادتها، ثم يغلف ذلك باسم العلم، ولا علاقة للشهادة بالعلم، فالتعلم غير التمدرس.

زواج القاصر

زواج القاصر: وهو مفهوم خطير، تم تمريره حتى أصبحت ردة فعل المجتمع من زواج فتاة في الثالثة عشر من عمرها هو الاستهجان والاستنكار، حتى إن الكلمة الأولى التي ستسمعها : مسكينة حرموها من طفولتها، ولعلك أنت أيضا قارئي الكريم تشعر بذلك، وتجد في قلبك انقباضا حين تسمع أن فتاة تزوجت في هذا العمر، وكأني بك تتحرج من زواج عائشة رضي الله عنها وهي ابنة سبع سنين، فإذا وجدت في قلبك شيئا من ذلك فاعلم أنه من تأثير النسوية.

شيطنة الرجل

شيطنة الرجل: سواء كان أبا أو زوجا، فالأصل في الرجل حسب هذا العرف أنه يريد أن يقيد المرأة ويتحكم فيها، وعليها أن تناضل كي تتحرر من هذه القيود وتنتصر على هذا الآسر الخبيث، ولذلك لم يعد حتى الأب قادرا على إلزام ابنته بالحجاب، لأنه لا يريد أن يتحكم فيها، أي أنه يخشى من انطباق تلك الصورة عليه.

كثرة الأبناء والاشمئزاز

الاشمئزاز من كثرة الأبناء: حيث ترسخ في اللاوعي أن الأسرة الراقية هي التي فيها ولد وبنت، وتم ذلك عبر سنوات من الترسيخ لتلك الصورة التي ستراها معلقة في كل إعلان: رجل وامرأة متبرجة معهما ولدان تبدو عليهما السعادة.
تخوين تعدد الزوجات: بل لا تستغرب أن تجد المرأة اليوم ترى ذلك انتقاصا من كيانها وإهانة لها، بل إن المجتمع يعتبر التعدد نقضا لعهد الحب وانتكاسة في العلاقة الزوجية وخرما للوفاء، وكأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن وفيا حين خرج إلى غزوة ورجع ومعه صفية بنت حيي حاشاه فهو سيد الأوفياء.

الزواج شراكة

الزواج شراكة: وهي فكرة امتزجت بالوجدان الجمعي للمجتمع، حتى أصبح الشاب يبحث عن شريكة لا زوجة، ولم يعد يشعر بواجبه كقوام على زوجته ومقوم لاعوجاجها، بل أصبح يراها ندا لا يفعل شيئا إلا بمشاورتها وإقناعها، بل سلم كثير منهم القوامة للزوجة خصوصا حين أصبح معتمدا على مالها الذي تكسبه من خروجها اليومي من البيت.

بين الخروج والقرار

الخروج أصل والقرار حرمان: لقد أصبحت المرأة ترى القرار في البيت سجنا بين أربعة جدران، وأصبح عيش المرأة مشابها لعيش الرجل، فكلاهما يغادر بيت الزوجية صباحا ويعود إليه مساء، ولا أحد يرى في ذلك إشكالا أصلا، فقوله تعالى {وقرن في بيوتكن} قد أصبح خاصا بأمهات المؤمنين كما يقول شيوخ النسوية.

خدمة الزوج

الترفع عن خدمة الزوج: وقد أصبحت هذه الفكرة محورية في العلاقات الزوجية، خصوصا حين استخرج لهم شيوخ النسوية من بطون الخلاف الفقهي ما هو في إطار الحقوق والتقاضي ليضعوه في إطار المعاشرة بالمعروف، وأفهموهم أنه ليس على المرأة خدمة زوجها، وأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يخدم نفسه بنفسه، مع أنه لم يثبت لنا يوما أنه صلى الله عليه وآله وسلم طبخ لنفسه طعاما، أو غسل ثوبا، أو نظف بيتا.

التبرج والاختلاط

قبول التبرج والتزامل والاختلاط: حيث أصبحت المرأة تخرج من بيتها يوميا من الصباح إلى المساء، بسروالها اللاصق وقميصها المزركش، وخرقة متناسقة مع ألوان السروال تضعها فوق رأسها، وقليلا من المكياج تخفي به الهالات، ثم تحضر درسا علميا وسط الرجال، وتقوم فوق المنصة لتلقي بصوتها الشجي قصيدة، ولا يشعر أحد بأن ثمة خطأ ما، وحتى أصبح الرجل يلتقي الرجل فيقول له كيف حالك يا فلان، أنا زميل زوجتك فلانة، فيقول له أهلا وسهلا بك.

القوانين الشرعية والوضعية

استبعاد القوانين الشرعية واستبدالها بالوضعية: وقد تغلغل ذلك حتى في كثير من المفتين والمشايخ، فأصبحوا يبررون القوانين وإن خالفت المذاهب الأربعة، فمثلا في المغرب لا يقع الطلاق الشفهي مع إجماع العلماء على وقوعه.

إن هذه الأفكار قد تحولت إلى الوعي المجتمعي ولم تعد مجرد أطروحات فكرية في بطون الكتب أو في أروقة الجامعات، بل ستسمعها من جدتك وأمك وخالتك، وستجدها في القرية والمدينة والسهل والجبل، وهو ما يعني انحرافا شموليا في بوصلة المجتمع، لذلك فإن كثرة الطلاق ما هي إلا مؤشر من بين كثير من المؤشرات التي تدلك على أن المجتمع يتجه بسرعة نحو انهيار اجتماعي قد لا يسهل تجنبه إلا لمن لطف الله به.

فعلى كل أب وأخ وزوج أن يستشعر الخطر ويبدأ برنامجا عمليا لينقذ أسرته وبناته من هذا التسونامي العالمي، ولا يكون ذلك إلا بعكس هذه الأفكار ومحوها من العقول، وهو ما نحاول أن نقوم به رغم ضعف الهمة وقلة الناصر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية
اقرأ أيضا
الاستغاثة بالأموات | مرابط
مقالات

الاستغاثة بالأموات


سؤال الميت والغائب نبيا كان أو غيره من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين لم يأمر الله به ولا رسوله ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين المسلمين

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
163
العلاج بالطاقة وقانون الجذب | مرابط
مقالات

العلاج بالطاقة وقانون الجذب


المعالجون بالطاقة الكونية وقانون الجذب والتأمل واليوجا وقوانين الاستحقاق هؤلاء لصوص آخرة يسرقون آخرتك ويدعونك لعبادة العجل الذهبي.. فهم يغرونك ببريق الدنيا ولذة الدنيا وتضخيم هوى نفسك ويسلبون في المقابل آخرتك يجعلون منك إلها صغيرا تغير الأقدار وتصنع الاستحقاق.

بقلم: د. هيثم طلعت
160
جهاد النفس ومنعها من شهواتها | مرابط
مقالات

جهاد النفس ومنعها من شهواتها


حدثني محمد بن عبيد الله ثنا عثمان بن مطر عن ثابت عن مطرف بن عبد الله أنه كان يقول: يا إخوتاه اجتهدوا في العمل فإن يكن الأمر كما ترجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات الجنة وإن يكن الأمر شديدا كما تخاف وتحذر لم نقل: ربنا أرجعنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل نقول: قد عملنا فلم ينفعنا ذلك

بقلم: ابن أبي الدنيا
382
الأصول الكلية التي يقوم عليها الإيمان بوجود الله وكماله ج2 | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

الأصول الكلية التي يقوم عليها الإيمان بوجود الله وكماله ج2


ليس المراد بالأصول في هذا السياق الأدلة العقلية التي يستند إليها المؤمنون في إثبات وجود الله وكماله وإنما المراد بها المعاني الكلية التي يتأسس من مجموعها الإيمان الصحيح السالم من النقص والعيب في التصديق بأن الله موجود وأنه الخالق للكون المدبر له والمتصرف في شؤونه والمتصف بصفات الكمال والجلال

بقلم: د سلطان العميري
1942
انهيار الشباب وظهور الخلل والاضطراب في أوساطهم | مرابط
فكر تفريغات

انهيار الشباب وظهور الخلل والاضطراب في أوساطهم


نقف وقفة ونسأل: لماذا هذا التباين الرهيب بين ما عليه شباب أمة الإسلام الآن وبين ما ينبغي أن يكون عليه من المؤكد أن الخطأ لم ينبع من الشباب وحدهم لكن الخطأ خطأ مركب فهذه منظومة كاملة حدث فيها نوع كبير من الاضطراب والخلل في هذه المحاضرة أحصي لكم أربعة أسباب لانهيار مستوى الشباب

بقلم: راغب السرجاني
509
الفتور بعد الهمة | مرابط
مقالات

الفتور بعد الهمة


لقد جعل الله تعالى للباقيات الصالحات مواسم زمانية ومكانية ترتفع فيها الهمة والنشاط على العبادة والعمل الصالح وعندما تنتهي تلك المواسم يعود المرء بطبيعة الحال إلى ما كان عليه من قبل وربما يشعر الصادقون عندئذ بحالة من عدم الرضا بل ربما يتهمون أنفسهم بالنفاق وهنا لا بد من تقديم الطرح العلمي المتوازن الذي يستند إلى أدلة الشرع الذي يراعي طبائع النفس البشرية

بقلم: د. جمال الباشا
171