نسف شبهات عدنان إبراهيم حول الصحابي بسر بن أبي أرطأة ج2

نسف شبهات عدنان إبراهيم حول الصحابي بسر بن أبي أرطأة ج2 | مرابط

الكاتب: أبو عمر الباحث

1682 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

ثانيا: محققا تاريخ الطبري يُضَعِّفُونَ الرواية:

هذه الرواية ذَكَرَهَا محققا تاريخ الطبري وقالا: {إسْنَادُهُ ضَعْيْفٌ}.(1)

 

ثالثا: طالما أن الرواية ضعيفة؛ فلماذا ذكرها الطبري؟

أقول: الرافضة ومَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وسار على دربهم ممن يَدَّعُونَ أنهم من أهل السنة والجماعة كعدنان إبراهيم بسبب جهلهم بكتب أهل السُّنَّة والجماعة يسألون دائما هذا السؤال بعد أن ننسف لهم افتراءاتهم عن الصحابة؛ طالما أن الرواية ضعيفة، فلماذا يرويها الإمام الطبري في تاريخه؟؟ وهذا نفس السؤال الذي يسأله أتْبِاعُ عدنان إبراهيم بعد نسف الروايات محل استدلالهم!
 
وللرد على هذا السؤال أقول:
 
علماؤنا مثل الإمامِ الطبريِّ وغيره حينما صنفوا كتبهم  هذه لم يشترطوا الصحة في كل ما ينقلونه، بل كان هدفهم الوحيد هو جمع وتدوين كل ما قيل في الحقبة التاريخية الخطيرة، وسنضرب على ذلك مثالًا من كلام الإمام الطبري نفسه في مقدمة تاريخه.
 
قال الإمام الطبريُّ:
{فَمَـا يَكُنْ فِي كِتَابِي هَذَا مِنْ خَبَرٍ ذَكَرْنَاهُ عَنْ بَعْضِ الْـمَـاضِينَ، مِمَّا يَسْتَنْكِرُهُ قَارِئُهُ، أَوْ يَسْتَشْنِعُهُ سَامِعُهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ لَهُ وَجْهاً فِي الصِّحَّةِ وَلَا مَعْنَى فِي الْـحَقِيقَةِ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِنَا، وَإِنَّمَـا أُتِىَ مِنْ قَبَلِ بَعْضِ نَاقِلِيهِ إِلَيْنَا، وَإِنَّا إِنَّمـَا أَدَّيْنَا ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مَا أُدِّيَ إِلَيْنَا}.(2)
 
فهذا الإمام الطبري جزاه الله خيرا يُصَرِّحُ أنه مجرد ناقل أمين لهذه التركة الضخمة من الأقوال والأفعال المروية إليه بالأسانيد، فجمع غفر الله له كل ما يقال بسنده، وتركه لنا، فهل يجوز لنا أن نأخذ كل ما في الكتاب دون بحث أو تمحيص أو تحقيق أو تدقيق، وننسب للصحابة رضي الله عنه هذه الأهوال والروايات المكذوبة التي تَنْسِبُ إليهم كُلَّ خَبِيثٍ وَمُنْكَرٍ؟

 

رابعا: كُتُبٌ أُخْرَى تذكر الرواية:
 
قال الإمامُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عبد البّرِّ:
{وَذَكَرَ ابنُ الأنباري عن أبيه، عن أحمد بن عُبَيْد، عن هِشَام بن مُحَمَّد عن أبي مخنف، قَالَ: لما تَوَجَّهَ بُسْرُ بنُ أَرْطَأةَ إلى اليمن أخبر عبيد الله بن العباس بذلك، وهو عَامِلُ لِعَلِىٍّ رضى الله عنه عليها، فَهَرَبَ ودخل بُسْرٌ اليمنَ، فأتى بابني عبيد الله بن العباس، وهما صغيران فذبحهمـا، فنال أمهما عائشة بنت عَبْد المدان من ذلك أمر عظيم... ثم وسوست، فكانت تقف في الموسم تنشد هذا الشعر، وتهيم على وجهها}.(3)
 
قلتُ: هذا السند ضعيف جدًّا، مسلسل بالضعفاء والكذابين.
 
عِلَلُ الرواية:
 
العلة الأولى: أحمد بن عبيد بن ناصح النَّحْوِيُّ.
 
قال الإمام ابنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ:
{أحمد بن عُبَيد بن ناصح أبو جعفر النحوي...لين الحديث}.(4)
 
العلة الثانية: هشام بن محمد بن السائب الكلبي.
 
قال الإمامُ الإمام شمس الدين الذهبي:
{هشام بن محمد بن السائب الكلبي أبو المنذر الأخباري النسابة العلامة، قال أحمدُ بن حنبل: إنمـا كان صَاحِبَ سَمَرٍ وَنَسَبٍ، ما ظَنَنْتُ أنَّ أَحَداً يُحَدِّثُ عنه، وقال الدارقطنيُّ وغيرُه: متروك، وقال ابنُ عساكر: رافضي ليس بثقة. قال الذهبيُّ: وهشامٌ لا يُوثَقُ به}.(5)
 
الْعِلَّة الثالثة:أبو مِـخْنَـف لوط بن يحيى.
 
قال الإمامُ شمس الدين الذهبي:
{لوط بن يحيى، أبو مخنف، أخباري تَالِفٌ، لا يُوثَقُ بِهِ، تركه أبو حاتم وغيره. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال مَرَّةً: ليس بشيء. وقال ابنُ عديٍّ: شيعي محترق، صاحب أخبارهم. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ}.(6)
 
الْعِلَّة الرابعة: الانقطاع.
 
لا يَشُكُّ عَاقِلٌ أنَّ أبا مخنف هذا لم يُعَاصِرْ هذه الواقعة، فهو مُتَوَّفَّى157 باتفاق أهل العلم، كما ذَكَرَ الإمامُ الذهبيُّ أعلاه. أما عن تاريخ ولادته فبحثتُ عنه كثيرًا فلمْ أظفرْ به في الكتب ؛ غير أني وجدت مَنْ يُقَرِّبُ الأمر.
 
يقول الأستاذ الدكتور يحيى بنُ إبراهيم اليحيى:
{ولادته حول سنة تسعين، ويكون عمره عند وفاته قرابة السبعين}.(7)
 
وهذه الواقعة لو حدثت فتكون سنة حدوثها 40 هجرية كما قال الإمامُ الطَّبَري.
 
فهذه أربع علل في سند هذه الرواية تكفي العِلَّةُ الواحدةُ منها لِرَدِّ الرواية، فما بالك باجتماع هذه العلل الأربعة في سند الرواية؟!

 

خامسا: رواية بيعه المسلمات سبايا في الأسواق:
 
روى الإمامُ ابنُ أبي شَيْبَةَ قال:
{حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قال: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قال: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلَامَةَ أَبُو سَلَامَةَ، عَنْ أَبِي الرَّبَاب، وَصَاحِبٍ لَهُ أَنَّهُمَـا: سَمِعَا أَبَا ذَرٍّ يَدْعُو، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: رَأَيْنَاكَ صَلَّيْتَ فِي هَذَا الْبَلَدِ صَلَاةً لَمْ نَرَ أَطْوَلَ مَقَامًا وَرُكُوعًا وَسُجُودًا، فَلَمَّا أَنْ فَرَغْتَ رَفَعْتَ يَدَيْكَ فَدَعَوْتَ، فَتَعَوَّذْتَ مِنْ يَوْمِ الْبَلَاءِ وَيَوْمِ الْعَوْرَةِ!، قَالَ: " فَمَا أَنْكَرْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ "، قَالَ: " أَمَّا يَوْمُ الْبَلَاءِ ؛ فَتَلْتَقِي فِئَتَانِ مِنَ الْـمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَوْمُ الْعَوْرَةِ؛ إِنَّ النِّسَاءَ مِنَ الْـمُسْلِمَـاتِ يُسْبَيْنَ فَيُكْشَفُ عَنْ سُوقِهِنَّ، فَأَيَّتُهُنَّ أَعْظَمُ سَاقًا اشْتُرِيَتْ عَلَى عِظَمِ سَاقِهَا، فَدَعَوْتُ أَنْ لَا يُدْرِكَنِي هَذَا الزَّمَانُ، وَلَعَلَّكُمَـا تُدْرِكَانِهِ "، قَالَ: فَقُتِلَ عُثْمَـانُ، وَأُرْسِلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي أَرْطَاةَ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَبَى نِسَاءً مِنَ الْـمُسْلِمَـاتِ فَأُقَمْنَ فِي السُّوقِ}.(8)
 
قلتُ: هذا السند ضعيف جدًّا، مسلسل بالعلل.
 
علل الرواية:
 
العلة الأولى: زَيْدٌ بنُ الـحُبَاب التميمي.
 
قال الإمام أبو حاتم بنُ حبان:
{كَانَ مِمَّن يخطئ يعْتَبر حَدِيثه إِذا رَوَى عَنْ الْمَشَاهِير وَأما رِوَايَته عَن المجاهيل فَفِيهَا الْمَنَاكِير}.(9)
 
فالرجل في نفسه ثقة إذا رَوَى عن الثِّقَاتِ، فَأَمَّا إذا حَدَّثَ عن مجاهيل أو ضعفاء فيكون في روايته عنهم مناكير، فعمن روى زيد بن الحباب هذه الرواية؟؟ رواها زيد عن موسى بن عبيدة الرَّبَذِيِّ.
 
العلة الثانية: موسى بن عبيدة الرَّبَذِيُّ.
 
قال الإمام شمس الدين الذهبي:
{قال أحمدُ: لا يُكْتَبُ حديثُه، وقال النسائيُّ وغيره: ضعيف، وقال ابن عديٍّ: الضَّعْفُ على رواياته بَيِّنٌ، وقال ابنُ معين: ليس بشيء. وقال مَرَّةً: لا يُحْتَجُّ بحديثِه، وقال يحيى بنُ سعيد: كُنَّا نَتَّقِي حديثَه، وقال ابنُ سَعْد: ثِقَة، وليس بِحُجَّةٍ. وقال يعقوبُ بنُ شيبة: صدوق، ضعيف الحديث جِدًّا. قلت مات سنة ثلاث وخمسين ومائة}.(10)
 
العلة الثالثة: زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلَامَةَ أَبُو سَلَامَةَ.
 
وهو مجهول الحال، لا يُعْرَفُ حالُه من الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ والإِتْقَانِ!! ورواية المجهول عندنا في الإسلام العظيم غير مقبولة:
 
الإمامُ أبو عمرو بن الصلاح:
{الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَـاهِيرِ}.(11)
 
العلة الرابعة: أبو الرَّبَاب وصاحبه الراويان عن أبي ذر رضي الله عنه مجهولان.
 
فأبو الرباب هذا لم يذكره أحد العلماء بتوثيق إطلاقًا، وَذِكْرُ الإمامِ البخاريِّ له ليس فيه توثيق له؛ وعليه فهو مجهول الحال.
 
قال الإمامُ البخاريُّ:
{أبو الرباب مولى معقل بن يسار، قال أبو نعيم: نا الحكم أبو معاذ عن أبي الرباب سمع معقل بن يسار}.(12)
 
ملحوظة: كثيرًا ما يَحتج علينا بعضُ الرافضة وأتباع عدنان إبراهيم كذلك بعد أن ننسف ادعاءاتهم حول الصحابة بأن هناك كتبا أخرى غير تاريخ الطبري ذكرت نفس الرواية! والرد الذي قلته سابقا يحوي الرَّدَّ على هذه الفكرة، ولكني أزيد فأقول: نحن كمسلمين من أهل السنة والجماعة لا نقبل خَبَرًا حتى تنطبق عليه شروط قبول الرواية التي ذكرناها آنفًا، وأما أصحابُ الكُتُبِ التي ذَكَرَت الرواية فليس بينهم وبين أصحاب هذه الواقعة إسناد إليهم. فإذا كنا رفضنا الرواية التي نعرف مَن الذي رواها لأنَّ فيها كذابين أو ضعفاء أو انقطاعا، فهل نقبل الرواية التي لا سَنَدَ لها أَصْلًا؟؟ قليلٌ من العقل يا سادة!!
 
خامسا: ما هكذا تورد الإبل:
 
من المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم هم نَقَلَةُ الدِّين وَحَمَلَتُهُ إلينا، وأنهم بذلوا في سبيل هذه الغاية الشريفة النبيلة الغالي والنفيس، فلا يجوز الخوض في سيرتهم بهذه الطريقة الفجة التي يستخدمها عدنان إبراهيم والتي لا تنبني على أسلوب علمي صحيح سليم، فالنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، إما أن يكون بالسند الصحيح الثابت المتصل إليهم وإما نكف ألسنتنا عنهم.
 
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية:
{إنَّ الْعِلْمَ مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَالنَّافِعُ مِنْهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، فَالشَّأْنُ فِي أَنْ نَقُولَ عِلْمًـا وَهُوَ النَّقْلُ الْمُصَدَّقُ وَالْبَحْثُ الْمُحَقَّقُ فَإِنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ - وَإِنَّ زَخْرَفَ مِثْلَهُ بَعْضُ النَّاسِ - خَزَفٌ مُزَوَّقٌ وَإِلَّا فَبَاطِلٌ مُطْلَقٌ}.(13)
 
فإذا كُنَّا لا نقبل في الفقه إلا الحديث الذي صَحَّ سَنَدُهُ واجتمعت فيه شروط قبول الرواية! أفنقبل الروايات التي تطعن في صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم دون تحقيق أو تمحيص لما في هذه الكتب؟؟
 
سادساً: خطورة الطعن في الصحابة:
 
بناءًا على ما سبق من أن الصحابة رضي الله عنهم هم نقلة إلينا وحملته إلينا، فهل الطعن فيهم من الحفاظ على الشريعة الغراء؟؟
 
بسر بن أبي أرطأة رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين:
 
روى الإمام أبو داود قال:
 
{حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهبٍ، أخبرني حيوةُ، عن عياش بن عباس القِتبانىِّ، عن شِيَيم بنِ بَيتانَ ويزيدَ بنِ صُبحٍ الأصبحىِّ عن جُنادَة بن أبي أُمية، قال: كُنَّا مع بُسْرِ بنِ أبي أرطاةَ في البحرِ، فَأُتِيَ بسارقٍ يقال له: مِصْدَرٌ، قد سرقَ بُخْتِيَّةً، فقال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُقطَعُ الأيدي في السَّفر" ولولا ذلك لقطعتُه} .(14)
 
فهذا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تعلمنا منه حكما شرعيا وهو أنه لا يجوز قطع يد السارق أثناء الغزو، فهل إذا تم إسقاط بسر بن أبي أرطأة رضي الله عنه من الصحابة سنعمل بهذا الحديث؟؟
 
وهكذا الأمر؛ كُلَّمـَا شَكَّكَ أحدُ المجرمين في صَحَابِيٍّ أسقطناه فلن يبق لنا قرآن ولا سُنَّة!! وهكذا يضيع الدين، ويفقد بَرِيْقَهُ وَبَهَاءَهُ في قلوب المسلمين بسقوط الصحابة من أعينهم!
 
قال الإمام أحمد بن حنبل:
{وَمَن انْتَقَصَ وَاحِدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلم - أَوْ أَبْغَضَهُ لِـحَدَثٍ كَانَ مِنْهُ أَوْ ذَكَرَ مَسَاوِيَهُ كَانَ مُبْتَدِعًا حَتَّى يَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيْعًا، ويكون قلبه لهم سليماً}.(15)   
 
سابعاً: عقيدة المسلمين في الصحابة:
 
قال الإمام النووي:
{وَاعْلَمْ أَنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حَرَامٌ مِنْ فَوَاحِشِ الْمُحَرَّمَاتِ سَوَاءٌ مَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ مُتَأَوِّلُونَ كَمَـا أَوْضَحْنَاهُ فِي أَوَّلِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةَ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ. قَالَ الْقَاضِي: وَسَبُّ أَحَدِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي الْكَبَائِرِ وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُعَزَّرُ وَلَا يُقْتَلُ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: يُقْتَلُ}.(16)
 
وقال الإمام النووي:
{فَإِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كُلُّهُمْ هُمْ صَفْوَةُ النَّاسِ وِسَادَاتُ الْأُمَّةِ وَأَفْضَلُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ قُدْوَةٌ لَا نُخَالَةَ فِيهِمْ وَإِنَّمَـا جَاءَ التَّخْلِيطُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ كَانَتِ النُّخَالَةُ}.(17)   
 
 وقال الإمام النووي:
 {اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَقِّ وَمَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَاتِهِمْ وَرِوَايَاتِهِمْ وَكَمَـالِ عَدَالَتِهِمْ رَضِيَ الله عنهم أجمعين}.(18)
 
قال الإمامُ ابنُ حَجَر العسقلانيُّ:
{وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ مَنْعِ الطَّعْنِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقَّ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ إِلَّا عَنِ اجْتِهَادٍ وَقَدْ عَفَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُخْطِئِ فِي الِاجْتِهَادِ بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَرُ أَجْرًا وَاحِدًا وَأَنَّ الْمُصِيبَ يُؤْجَرُ أَجْرَيْنِ}.(19)
 
قال الإمامُ بدرُ الدِّيْنِ العينيُّ:
{وَالْحقُّ الَّذِي عَلَيْهِ أهل السّنة الْإِمْسَاك عَمَّـا شجر بَين الصَّحَابَة، وَحسن الظَّن بهم، والتأويل لَهُم، وَأَنَّهُمْ مجتهدون متأولون لم يقصدوا مَعْصِيَّةً وَلَا مَحْضَ الدُّنْيَا، فَمنهمْ المخطئُ فِي اجْتِهَاده والمصيب، وَقد رفع الله الْحَرج عَن الْمُجْتَهد المخطئ فِي الْفُرُوع، وَضَعَّفَ أجرَ الْمُصِيب}.(20)

 

فرضي الله عن أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأرضاهم. هذا ما أعلم، والله جَلَّ في عُلَاه أعلى وأعلم. فما كان فيه من حق فمن الله وحده لا شريك له، وما كان فيه من خطأ أو سهو فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بَرَاء.

 


 

الإشارات المرجعية:

  1.  ضعيف تاريخ الطبري للشيخين محمد صبحي حسن حلاق, محمد طاهر البرزنجي ج8 ص874 ، ط دار ابن كثير - بيروت.
  2. تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج1 ص8 ، ط دار المعارف - القاهرة, ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.
  3. الاستيعاب في معرفة الأصحاب للإمام  أبي عمر بن عبد البر ج1 ص159, ط دار الجيل - بيروت، ت: علي محمد البجاوي.
  4. تقريب التهذيب للإمام اب حجر العسقلاني ص22 ت78، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.
  5. ميزان الاعتدال في نقد الرجالللإمام شمس الدين الذهبي ج7 ص89, ط مؤسسة الرسالة - بيروت، ت: مجموعة من المحققين.
  6. ميزان الاعتدال في نقد الرجالللإمام شمس الدين الذهبي ج5 ص508, ط مؤسسة الرسالة - بيروت، ت: مجموعة من المحققين.
  7. مرويات أبي مختف في تاريخ الطبري ص29 للدكتور يحيى بن إبراهيم بن علي اليحيى، ط دار العاصمة - الرياض.
  8. المصنف للإمام  أبي بكر بن أبي شيبة ج21 ص273, ط دار قرطبة - بيروت، ت: محمد عَوَّامة.
  9. الثقات للإمام أبي حاتم بن حبان الطبري ج8 ص250 ، ط دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد - الدكن - الهند.
  10. ميزان الاعتدال في نقد الرجالللإمام شمس الدين الذهبي ج6 ص551, ط مؤسسة الرسالة - بيروت، ت: مجموعة من المحققين.
  11. علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111، ط دار الفكر المعاصر - لبنان،  دار الفكر -  سوريا، ت: نور الدين عنتر.
  12. التاريخ الكبير للإمام محمد بن إسماعيل البخاري ج9 ص30، ط دائرة المعارف العثمانية- الدكن، ت: محمد عبد المعيد خان.
  13. مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ج6 ص388 ، ط خادم الحرمين الشريفين - السعودية.
  14. سُنَنُ الإمام أبي داود السجستاني ج6 ص458 ، ط دار الرسالة العالمية - بيروت، ت: شعَيب الأرنؤوط - محَمَّد كامِل قره بللي.
  15. شرح اعتقاد أهل السنة للإمام أبي القاسم هبة الله اللَّالَكَائِيِّ ص161 دار طيبة - الرياض.
  16. شرح صحيح مسلم للإمام محيي الدين بن شرف النَّوَوِيّ ج16 ص93، ط دار إحياء التراث العربي - بيروت.
  17. شرح صحيح مسلم للإمام محيي الدين بن شرف النَّوَوِيّ ج12 ص216، ط دار إحياء التراث العربي - بيروت.
  18. شرح صحيح مسلم للإمام محيي الدين بن شرف النَّوَوِيّ ج15 ص149، ط دار إحياء التراث العربي - بيروت.
  19. فتح الباري بشرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني ج13 ص34, ط دار المعرفة- بيروت، ت: محب الدين الخطيب.
  20. عمدة القاري شرح صحيح البخاري للإمام بدر الدين العيني ج1، ص212, ط مؤسسة الوفاء - بيروت.

 

المصدر:

https://www.antishubohat.com/articles/adnan-ibrahem/52-bosr

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
قضايا يدور حولها الجدل: الحرية | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

قضايا يدور حولها الجدل: الحرية


إن رسالة الرسل كان فيها من معاني الحرية ما هو أكثر من ذلك وهي تخليص الإنسان من معاني العبودية الخفية التي لا يشعر بها كالخضوع للمال وعبادته أو للشهوة وعبادتها وفي هذا المقال يقف بنا المؤلف على مفهوم الحرية لفحص ما أثارته من الجدل وتوضيح معناها السليم

بقلم: أحمد يوسف السيد
1789
من جرائم العبيديين في الشمال الأفريقي | مرابط
تاريخ

من جرائم العبيديين في الشمال الأفريقي


عمل حكام الدولة الفاطمية في المغرب الإسلامي على إزالة آثار بعض من تقدمهم من الخلفاء السنيين فقد أصدر عبيد الله أمرا بإزالة أسماء الحكام الذين بنو الحصون والمساجد وجعل اسمه بديلا منهم واستول هذا الشيعي الرافضي الباطني على أموال الأحباس وسلاح الحصون وطرد العباد والمرابطين بقصر زياد الأغلبي وجعله مخزنا للسلاح

بقلم: علي الصلابي
465
الهيومانية كبديل عن الدين | مرابط
أبحاث

الهيومانية كبديل عن الدين


هل يمكن أن تحل الهيومانية humanism الإنسانية بديلا عن الدين؟ هل يمكن أن يحيا الجنس البشري بلا دين؟ هل يمكن التأسيس للقيمة والمعرفة والغاية والأخلاق في غياب الإله؟ لقد عاش الجنس البشري آلاف السنين تحت تأثير الدين واستطاع الدين أن يوفر جميع أوجه الحياة الأخلاقية والقانونية والعقائدية وحتى اللغة ومن ثم فمن حقنا أن نتساءل عما إذا كان من الممكن إنتاج جيل ملحد إلحادا كاملا؟

بقلم: د. هيثم طلعت
246
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة | مرابط
تعزيز اليقين

فضل العشر الأوائل من ذي الحجة


من مواسم الطاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة التي فضلها الله تعالى على سائر أيام العام فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء أخرجه البخاري: 2457

بقلم: محمد صالح المنجد
3378
تحرير نسبة الأقوال إلى أصحابها | مرابط
مقالات

تحرير نسبة الأقوال إلى أصحابها


ندرك هنا أهمية الحذر من الخطأ في نسبة الأقوال البدعية إلى الأئمة نتيجة الاعتماد على ما يرويه من تأثر ببعض البدع المحدثة حتى يصير يفسر كلام إمام من أئمة أهل السنة والأثر -كما حصل هنا مع الإمام أحمد- على قواعد أهل الكلام المناقضة لمنهجه وما علم عنه بالضرورة فلا هو حكى أقوال الإمام بألفاظها كما وردت عنه ولا هو فسرها على وفق ما علم عنه

بقلم: عبد الله القرني
368
عبادات ميسورة | مرابط
مقالات

عبادات ميسورة


ومن العبادات الميسورة التي لا يعجز أحد عنها: عبادة جميلة هي زكاة العلم وهو أنك إذا سألك أحدهم عن معلومة قلها كاملة مثلما ساقها لك رب العالمين عن طريق أحدهم... ابعثها لكل الناس أفدهم بها وكذلك عبادة الرضا الرضا بما قسمه الله لك أيا كان لأنه هو الأنسب لك في كل الأحوال

بقلم: محمد لبيب
373