الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور

الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور | مرابط

الكاتب: فهد بن صالح العجلان

1857 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

ما سبب تأثر بعض الناس بمثل (محمد شحرور) مع ما يقدم من مناقضة صريحة لأصول الإسلام، وقراءة عبثية لنصوص الشريعة وأحكامها؟

لو طلب مني أن أحدد أهم سبب في ذلك فسأقول: هو الاستعداد النفسي للانحراف.

هو القابلية للانحراف لدى بعض الناس؛ فعندهم استعداد نفسي، ومقتض ذاتي، فلو لم يتأثر بشحرور فسيتأثر بشخص آخر؛ فالقضية ليست متعلقة بقوة علمية عند شحرور، ولا بنجاحه في التأثير على متابعيه، بل إن هذه النفوس متهيئة أصلا للانحراف، مستعدة لقبول أي فكرة منحرفة.

 

من أين جاء هذا الاستعداد النفسي؟

 

يمكن أن نرجع مغذيات هذا الاستعداد النفسي إلى هذه الموارد الأربعة الأساسية:
 

استثقال التكاليف الشرعية

الأول: استثقال التكاليف الشرعية، فهي نفوس تستثقل الأوامر والنواهي الشرعية، وتجد إشكالا كبيرا مع كثير من الأحكام، فحين تجد خطابا يعيد تقديم الدين بطريقة تزيل عنها مثل هذه الأحكام، فإنها تسارع في قبوله والدفاع عنه!
 

النفور من حملة الخطاب الشرعي

الثاني: النفور من حملة الخطاب الشرعي؛ إذ يحمل بعض الناس نفورا شديدا من المشايخ والدعاة وطلبة العلم والمتدينين -بغض النظر عن أسباب هذا النفور- يدفعهم لقبول أي خطاب آخر يختلف عنه، ويجد فيه الإقناع والعقلانية لمجرد أنه يختلف عن الخطاب السائد الذي ينفر منه؛ فالمشهد عنده يقوم على البحث عن (عقلانية وانفتاح وحرية) لدى أي خطاب آخر يختلف عن خطاب (المتشددين المنغلقين، المعطلين لعقولهم)!
 
بل تحول الأمر عند بعض هؤلاء المستعدين نفسيا إلى حالة من المناكفة والعناد، فيمكن أن يقتنع بأي فكرة، ويفرح بأي خبر، ويناصر أي قضية؛ ما دامت مزعجة لذاك التيار الذي ينفر منه!
 

محاولة التكيف مع الواقع

الثالث: محاولة التكيف مع الواقع المخالف للأحكام الشرعية؛ فحين يعيش الشخص في مجتمع أو بيئة فيها مخالفات شرعية معينة فإن أي خطاب يقنعه بأن هذه الحالة المخالفة ليست كذلك، فهو يتقبلها؛ لأنها توفق بين الواقع والقناعات الدينية!
 

الخضوع للثقافة الغربية

الرابع: الخضوع للثقافة الغربية والمزاج العلماني المؤسس لها؛ فالأحكام الشرعية التي تخالف هذه الثقافة تبدو غير مريحة، ومثيرة لكثير من الحرج والجدل، فإذا وجد خطاب يزيل هذه الحساسية، ويعيد بناء الإسلام بطريقة متوافقة مع هذه الثقافة فإنه يكون مقبولا ومقنعا!
 
هذه موارد أربعة أساسية (استثقال للأحكام، ونفور من حملة الخطاب الشرعي، والواقع المخالف، والخضوع للثقافة الغربية) تغذي بعض النفوس فتجعلها مستعدة للانحراف، فهي  متهيئة نفسيا لقبول الانحراف عن أصول الشريعة وقطعياتها، ليس بسبب قوة هذا الخطاب المنحرف، ولا لمنطقه وبراهينه، وإنما هو من استعداده النفسي لقبولها؛ بسبب تأثره بهذه الموارد.
 
ولعل هذا ما يفسر لك سرعة التأثر بشخصية مثل محمد شحرور؛ ليس بالمتحدث الجذاب، ولا يقدم حججا مقنعة، ولا يملك ثقافة واسعة، وفوق ذلك يقدم نتائج فجة،  وأحكاما في غاية الشناعة والصراحة في مصادمة الشريعة!

 

لم حدث هذا؟

 

لأنك مع نفوس متهيئة أصلا للانحراف، مستعدة له، فأي خطاب سيبدو مقنعا مهما كان، بل إن بعضهم يدافع عنه، وهو أصلا لا يعرف عنه ولم يقرأ له!

هذا الاستعداد النفسي هو من جنس الهوى الذي يصد عن الحق، ومن أسباب الزيغ عن الحق {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5]، ولو صدقوا في اتباع الحق لاستعلوا عن هذه النفسية المتهاونة في أحكام الشرع، المسترخصة في قبول ما يناقضه.

 

{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} [آل عمران: 8]

 


 

المصدر:

موقع الدرر السنية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#محمد-شحرور #الاستعداد-النفسي
اقرأ أيضا
العلاج بالطاقة وقانون الجذب | مرابط
مقالات

العلاج بالطاقة وقانون الجذب


المعالجون بالطاقة الكونية وقانون الجذب والتأمل واليوجا وقوانين الاستحقاق هؤلاء لصوص آخرة يسرقون آخرتك ويدعونك لعبادة العجل الذهبي.. فهم يغرونك ببريق الدنيا ولذة الدنيا وتضخيم هوى نفسك ويسلبون في المقابل آخرتك يجعلون منك إلها صغيرا تغير الأقدار وتصنع الاستحقاق.

بقلم: د. هيثم طلعت
663
لا تمض في الحياة سبهللا | مرابط
تفريغات ثقافة

لا تمض في الحياة سبهللا


مما ذكر في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: إني أكره الرجل يمشي سبهللا لا في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة .. إذا سألتك ما هو هدفك أو أهدافك خلال الأسبوع أو الشهر الحالي ولم يحضر في ذهنك شيء محدد بسرعة فأنت على خطر من أنك تمضي في الحياة سبهللا فارغا.. بشكل قد يضيع عليك الدنيا والآخرة.

بقلم: علي محمد علي
734
حدود العلم | مرابط
فكر ثقافة

حدود العلم


العلم لا يغطي إلا جانب ضيق جدا من حقل المعرفة وهو ليس موضوعيا وإنما ذاتي يخضع للرؤية البشرية وتحلله القدرة البشرية والعلم لن يقترب من أسئلة الوجود الكبرى مثل: لماذا نحن هنا وإلى أين نحن ذاهبون؟ ولذا لما سألت دير شبيغل هايدغر عما إذا كان في مقدرة الانسان الوصول للأفضل والأكمل عبر مساعيه وأبحاثه قال : الله فقط يمكن أن ينقذنا.

بقلم: د. هيثم طلعت
220
بيان سنن الله في الكون | مرابط
تاريخ تفريغات

بيان سنن الله في الكون


هذا البيان الذي جاء من عند الله تعالى ببيان سننه وببيان المعادلة الواضحة بين الحق والباطل وبيان الفرق الشاسع بين أهل الجنة وأهل النار بيان أي: إيضاح يحتاج الناس إليه فهو علم من علم الله تعالى وهو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك هذا بيان للناس.

بقلم: محمد الحسن الددو الشنقيطي
292
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج2 | مرابط
تفريغات

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج2


لو قال قائل: إن زفر وابن القاسم والمزني والأثرم كانوا فقهاء وكل واحد منهم ينتمي إلى مذهب من المذاهب الأربعة وإن أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد لم يكونوا فقهاء أو قال: إن الأخفش وابن الأنباري والمبرد كانوا نحاة والخليل وسيبويه والفراء لم يكونوا نحاة فهذا مستحيل ولا يوافقه أحد من أهل هذا الفن وأيضا لو قال أحد: إن صاحب الملكي والمسيحي ونحوهما من كتب الطب كانوا أطباء ولكن بقراط وجالينوس ونحوهما لم يكونوا أطباء فقوله مردود عند الأطباء وأصحاب كل فن يعرفون المتقدم في هذا الفن ولا يمكن أن يقروا بص...

بقلم: سفر الحوالي
726
المسألة فيها خلاف الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات

المسألة فيها خلاف الجزء الأول


كان الناس قبل عقود -بل سنوات- قليلة إذا تباحثوا في مسألة ما قال أحدهم: ما الدليل واليوم وبعد أن سمع فتوى فلان وفلان قال لك: المسألة فيها خلاف فرد التنازع إلى الخلاف لا إلى الدليل من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وبدلا من أن يجعل القرآن والسنة حاكمين عند الاختلاف جعل الاختلاف حاكما عليهما ومرد ذلك إلى الجهل والهوى والتساهل والتهاون في اتباع الشرع والأخذ بالدليل

بقلم: علوي بن عبد القادر السقاف
1627