بما فضل الله

بما فضل الله | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

321 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

ثمة مُسَلَّمة "إيمانية قرآنية" في جدلية "الرجل والمرأة".. لا يستطيع أحد أن يمضي في دين الله أو يتعرف على دين الله إلا بعد التسليم بها.. وهي قول الله تعالى: "بما فَضَّل الله"!

مُسَلَّمة ثقيلة على النفس، لكنها فرع عن إقرار الإنسان بضعفه وقصوره، وسائر صفات نقصه البشري أمام كمال صفات الله عز وجل؛ علمه وحكمته وقدرته.. 

ولذلك قال تعالى في آخر موضوع الآيات: "إن الله كان عليمًا خبيرًا"؛ عليمًا بمن يُفضل ولمَ؟! خبيرًا بمواطن التفضيل وأسبابه.

ومنه تلمس الفرق بين الصحابة وغيرهم، فاسمع مثلًا قول عُبادة بن الصامت رضي الله عنه: "بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره".. وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه لا يجلس مجلسًا للذكر إلا قال: "الله حكمٌ قسطٌ، هلكَ المرتابون"!

فهذا هو جوهر فكرة "العبودية"؛ الإمعان في تعظيم الخالق بالإمعان في الخضوع له وهو سر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "حُفَّتْ الجنة بالمكاره" أي الشديد على النفس الذي لا تميل إليه بسهولة.. هذا هو جوهر شهادة "لا إله إلا الله"، لا نفسي ولا عقلي ولا علمي ولا هواي ولا مالي وما أملك ولا متطلبات الحياة وظروفها وضغوطها وتحولاتها ومادياتها، لا إله إلا الله..

لعباس العقاد حُجَّة تبدو بسيطة لكنها عميقة في الحقيقة، تصلح في في نفس سياق موضوع التفضيل هذا، ذكرها في كتابه "الفلسفة القرآنية" حين ناقش قضية المساواة، فكان مما قاله:
"فالنواح على الموتى عاده تفرغت لها المرأة منذ عرف التاريخ الحداد على الأموات، ولكن الآداب والأشعار النسويه لم تخرج لنا يومًا قصيده من قصائد الرثاء تضارع ما نظمه الشعراء الرجال، سواء منهم الأميون والمتعلمون، وقد كان أكثر الشعراء في العهود القديمه من الأميين"!

فانظر كيف قارن العقاد قُدرة النساء على النواح؛ بقُدرة الرجال على الرثاء؛ في شعور إنساني مشترك هو الحزن؟! كيف كانت قوة العاطفة سببًا في ميل النساء للنواح، وقوة العقل سببًا لميل الرجال للرثاء؟! وقصد بـ "الأميين"، أن الأمر لا علاقة له بالتعليم، إنما بالقدرات (العاطفة / العقل).
وربما اعتُرض على كلامه بالخنساء مثلًا، وهذا اعتراض في محله، لكنها حالة شاذة تكاد تكون لم تتكرر في القدرة، والشاذ كالنادر لا حكم له.

فمهما حاولت المرأة التخلص من العاطفة في حكمها على الأمور لن تستطيع، لأنه مركوزة في فطرتها وتكوينها.. فنقص العاطفة عند الرجال كنقص العقل عند النساء؛ تفضيل أودعه الله في الخلق لحكمة، يفعل ما يشاء وهو العليم الخبير.

وهي قدرات رتبت حقوق واستتبعت مسئوليات.. فمثلًا قوة العاطفة جعلت المرأة مقدمة على الرجل في الحضانة، وقوة العقل جعلت الرجل مقدم على المرأة في الشهادة.. ونقص العقل جعل للمرأة الحق في النفقة، ونقص العاطفة جعل للرجل الحق في القوامة.. وهكذا، وكل بقَدَر الله وكامل حكمته وكامل علمه.

طاعة الله فرع عن الإيمان به تعالى والتسليم بحكمته.. ومودة البشر فرع عن القناعة بالرزق والرحمة بالنقص

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المساواة
اقرأ أيضا
لماذا نصوم الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

لماذا نصوم الجزء الثاني


لقد عرفنا الكثير من موجبات صيامنا ومقتضياتها وأول موجب للصيام: أن صيام رمضان قاعدة من قواعد الإسلام الخمس فمن قال: لا أصوم جاحدا منكرا لما شرع الله فقد أسقط بناء الإسلام ولم يبق له حظ فيه كمانع الزكاة الجاحد لفرضيتها وكتارك الصلاة الجاحد لفرضيتها فالكل يكفر والعياذ بالله إذا نصوم لتلك الفضائل التي اشتمل عليها الصيام والميزات العظيمة التي ينالها المؤمنون في الدنيا والآخرة

بقلم: أبو بكر الجزائري
759
البحث عن مصدر القرآن الكريم ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات تعزيز اليقين

البحث عن مصدر القرآن الكريم ج1


نعم إنها لعجيبة حقا: رجل أمي بين أظهر قوم أميين يحضر مشاهدهم -في غير الباطل والفجور- ويعيش معيشتهم مشغولا برزق نفسه وزوجه وأولاده راعيا بالأجر أو تاجرا بالأجر لا صلة له بالعلم والعلماء يقضي في هذا المستوى أكثر من أربعين سنة من عمره ثم يطلع علينا فيما بين عشية وضحاها فيكلمنا بما لا عهد له به في سالف حياته وربما لم يتحدث إلى أحد بحرف واحد منه قبل ذلك ويبدي لنا من أخبار تلك القرون الأولى مما أخفاه أهل العلم في دفاترهم وقماطرهم.

بقلم: محمد عبد الله دراز
376
طريقة القراءة | مرابط
تفريغات ثقافة

طريقة القراءة


أنت إذا تعلمت كيف تقرأ كلام العلماء صرت على الطريق الذي يمكن أن تكون منهم يوما ما ولذلك مسألة القراءة وكيف نقرأ وكيف نحاور ما نقرأ وكيف نفهم ما نقرأ وكيف نتعامل مع ما نقرأ: مسألة في غاية الأهمية ولو لم تعلم جامعاتنا طلابنا إلا طريقة القراءة لكان ذلك كافيا

بقلم: د محمد أبو موسى
467
باب الشهوة: تعس عبد الدرهم | مرابط
اقتباسات وقطوف

باب الشهوة: تعس عبد الدرهم


والشهوة تفتح باب الشر والسهو والخوف فيبقى القلب مغمورا فيما يهواه ويخشاه غافلا عن الله رائدا غير الله ساهيا عن ذكره قد اشتغل بغير الله قد انفرط أمره قد ران حب الدنيا على قلبه كما روي في صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش إن أعطي رضي وإن منع سخط

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
496
لقاء العظيمين | مرابط
مقالات

لقاء العظيمين


تخيل معي أنه قد اجتمع اليوم أهم رمزين من رموز الفكر العربي أو أهم رجلين من رجال السياسة في في عالمنا العربي أو دع المقترح يكون أكثر مرونة ولنتخيل اجتماعا انعقد اليوم يضم أهم شخصيتين في العالم الإسلامي برأيك وفي تقديرك: ما هو الموضوع الذي تتوقع أن يفتح على طاولة الاجتماع

بقلم: إبراهيم السكران
913
الهم والحزن يكفران الذنوب | مرابط
اقتباسات وقطوف

الهم والحزن يكفران الذنوب


الهم والحزن الذي يصاب بهما المؤمن يكفران عنه الكثير من الذنوب والخطايا كما أن الشوكة التي يشاكها تكفر عن خطاياه أيضا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه

بقلم: ابن أبي الدنيا
725