بيان سنن الله في الكون

بيان سنن الله في الكون | مرابط

الكاتب: محمد الحسن الددو الشنقيطي

304 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

"هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ" [آل عمران:138].

هذا البيان الذي جاء من عند الله تعالى ببيان سننه وببيان المعادلة الواضحة بين الحق والباطل، وبيان الفرق الشاسع بين أهل الجنة وأهل النار، بيان أي: إيضاح يحتاج الناس إليه، فهو علم من علم الله تعالى وهو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك، (هذا بيان للناس).

 

إقامة الحجة

وهو بيان لجميع الناس من كان مصدقًا منهم ومن كان مكذبًا، فمن كان مصدقا ًفهو حجة له وتثبيت ومن كان مكذبًا كان حجة عليه، وكان دامغًا له بالمعجزة الظاهرة الباهرة، "هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ" [آل عمران:138].

ومع ذلك فإن الحجية التي له تأخذ بألباب أهل الإيمان إذا أراد الله لهم الهداية، ففي هذا القرآن هداية لهم وهذا البيان سبب لهداية كثير من الناس، فالله سبحانه وتعالى يهدي به من شاء من عباده ويضل عنه من شاء منهم، فلهذا قال: "هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران:138].

 

وعظ المتقين

والهدى إنارة طريق الحق، وهو اسم مصدر الهداية، وهو قسمان: هداية توفيق وهداية إرشاد. فهداية التوفيق: أن يأخذ الله بناصية العبد إلى الخير، وهداية الإرشاد هي أن يقيم عليه الحجة، وأن يريه المحجة ببعثة الرسل وتنزيل الكتب، وهداية الإرشاد مثبتة، أثبت الله القدرة عليها للأنبياء، وهداية التوفيق إلى الله وحده.

 

وهداية التوفيق هي التي نسألها ربنا في كل ركعة من ركعات صلاتنا: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" [الفاتحة:6]. وهداية الإرشاد هي التي بين الله أنه أعطى ثمود فلم يأخذوا بها: "وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى" [فصلت:17].

 

ولذلك بين الله تعالى قدرة النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الإرشاد فقال: "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [الشورى:52]. وبين أنه لا يستطيع هداية التوفيق فقال: "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" [القصص:56]، "وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران:138].

 

هذا البيان أيضًا فيه موعظة للمتقين، والموعظة مفعلة من الوعظ، والوعظ هو تحفيز النفس للطاعة أي: لامتثال الأمر واجتناب النهي، سواء كان ذلك بترقيق القلب أو كان بالترغيب والترهيب، أو كان ببيان الحكم، فالوعظ ثلاثة أقسام إما بترقيق القلب بذكر الموت وذكر الدار الآخرة، وذكر صفات الله سبحانه وتعالى وتمام قدرته.

 

والقسم الثاني من الوعظ: هو الوعظ ببيان الحكم، أي: ببيان الأحكام، "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ" [البقرة:275]، أي: جاءه أمر أو نهي من ربه، فهذا النوع يسمى وعظًا أيضًا.

 

والقسم الثالث: هو الوعظ بالترغيب أو بالترهيب، فكل ذلك أيضًا يشمله الوعظ، فهي ثلاثة أقسام إذًا، فلذلك قال: "وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران:138]. فالموعظة أهلها المنتفعون بها انتفاعًا كاملًا هم أهل الإيمان والتقوى، أما من سواهم فانتفاعهم بها ناقص، ولهذا قال الله تعالى: "إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ" [يس:11]. وقال تعالى: "فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا" [الأعلى:9-13].

 


 

المصدر:

محاضرة تقويم الله لغزوة أحد، الجزء الأول

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#سنن-الله
اقرأ أيضا
تحرير المرأة في عصر الضلالة | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

تحرير المرأة في عصر الضلالة


لقد عنى أحد الباحثين المصريين مؤخرا بإصدار موسوعة ضخمة سماها تحرير المرأة في عصر الرسالة تقوم بكاملها وفق ذلك المنهج الدفاعي منهج الخذلان الذي اختطه الشيخ محمد عبده والتقط الخيط الكاتب الصحفي فهمي هويدي الذي عرض للكتاب عرضا مثيرا في مقال له بجريدة الأهرام المصرية وتوقف فيه طويلا عند الكشف الكبير الذي أبرزه الكاتب وهو حق المرأة في المبيت وحدها خارج بيتها

بقلم: جمال سلطان
334
سأستعمر مصر | مرابط
اقتباسات وقطوف

سأستعمر مصر


سأستعمر مصر كانت هذه هي العبارة التي نزلت كالصاعقة على الجميع عندما تحدث بها نابليون بونابرت وكأنها تكشف نواياه الحقيقية وأطماعه الداخلية في مصر ولكنه يحاول أن يزينها ويحيطها ببعض الحرص على التطوير والتنمية وهذا مقتطف رائع للشيخ محمد جلال كشك من كتاب ودخلت الخيل الأزهر

بقلم: محمد جلال كشك
2288
هل الأجر دائما على قدر المشقة؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

هل الأجر دائما على قدر المشقة؟


ومما ينبغي أن يعرف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس وحملها على المشاق حتى يكون العمل كلما كان أشق كان أفضل كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة في كل شيء لا ولكن الأجر على قدر منفعة العمل ومصلحته وفائدته وعلى قدر طاعة أمر الله ورسوله. فأي العملين كان أحسن وصاحبه أطوع وأتبع كان أفضل فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل.

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
293
أزمة غياب العقلانية بين الباحثين الغربيين | مرابط
فكر مقالات

أزمة غياب العقلانية بين الباحثين الغربيين


من الظواهر الأليمة والمنتشرة بشكل واسع بين الباحثين الغربيين هي أزمة التفكير النصوصي الجامد وغياب العقلانية المفتوحة وهذا ما سبب احتباس وتخلف العلوم الغربية وضعف هيمنتها على العالم ومن المضحك بين الباحثين الغربيين أنهم في سياق البرهنة والاثبات يدورون في حلقة نصوصية متقوقعة ولا يفكرون بعقول مفتوحة غير مرتبطة وخاضعة لنصوص وفي هذا المقال يناقش الكاتب هذه الإشكالية ويوضح معالمها

بقلم: إبراهيم السكران
1408
هل العمل عبادة؟ | مرابط
مقالات

هل العمل عبادة؟


والعمل ليس عبادة إلا إذا نوى الإنسان به نية حسنة ككف نفسه عن سؤال الناس والحاجة إليهم أو النفقة على أهله والتصدق على المحتاجين وصلة الرحم ونفع المسلمين بهذا العمل.. ونحو ذلك من النيات الصالحة التي يثاب عليها. ولا بد من استحضار النية.

بقلم: قاسم اكحيلات
430
الإسراء والمعراج ج2 | مرابط
تفريغات

الإسراء والمعراج ج2


عباد الله لقد كانت رحلة الإسراء والمعراج عزاء وتثبيتا للنبي صلى الله عليه وسلم لما لاقاه ولما سوف يلاقيه في سبيل الدعوة إلى الله فرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الإسراء وقد امتلأ قلبه ثقة ويقينا كيف لا والله يقول: لقد رأى من آيات ربه الكبرى النجم:18 كما أنه كان امتحانا وابتلاء لمن أسلم وآمن فلما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر فما بين مصدق ومكذب ولشدة الخبر ارتد بعض من آمن ولم يرسخ الإيمان في قلوبهم ولم تخالط بشاشته القلوب

بقلم: خالد الراشد
406