بين المتقدمين والمتأخرين

بين المتقدمين والمتأخرين | مرابط

الكاتب: ابن رجب

372 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

وقد ابتُلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض مَن توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله! ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين! وهذا يلزم منه ما قبله؛ لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولًا ممن كان قبلهم، فإذا كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله: كان أعلم ممن كان أقل منهم قولًا بطريق الأولى، كالثوري، والأوزاعي، والليث، وابن المبارك، وطبقتهم، وممن قبلهم من التابعين والصحابة أيضًا، فإن هؤلاء كلهم أقل كلامًا ممن جاء بعدهم، وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح، وإساءة ظن بهم، ونسبة لهم إلى الجهل وقصور العلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

ولقد صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة إنهم أبر الأمَّة قلوبًا، وأعمقها علومًا، وأقلها تكلفًا، وروي نحوه عن ابن عمر أيضًا، وفي هذا إشارة إلى أن مَن بعدهم أقل علومًا وأكثر تكلفًا.

 

وقال ابن مسعود أيضًا: " إنكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه فمن كثر علمه وقلَّ قوله فهو الممدوح ومن كان بالعكس فهو مذموم "، وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن بالإيمان والفقه وأهل اليمن أقل الناس كلامًا وتوسعًا في العلوم، لكن علمهم علم نافع في قلوبهم ويعبرون بألسنتهم عن القدر المحتاج إليه من ذلك، وهذا هو الفقه والعلم النافع؛ فأفضل العلوم في تفسير القرآن ومعاني الحديث والكلام في الحلال والحرام: ما كان مأثورًا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى أن ينتهي إلى أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم الذين سميناهم فيما سبق

 


 

المصدر:

الإمام ابن رجب الحنبلي، فضل علم السلف على الخلف، ص40

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اختلاف-العلماء #المتأخرين
اقرأ أيضا
الأصول الكلية التي يقوم عليها الإيمان بوجود الله وكماله ج3 | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

الأصول الكلية التي يقوم عليها الإيمان بوجود الله وكماله ج3


ليس المراد بالأصول في هذا السياق الأدلة العقلية التي يستند إليها المؤمنون في إثبات وجود الله وكماله وإنما المراد بها المعاني الكلية التي يتأسس من مجموعها الإيمان الصحيح السالم من النقص والعيب في التصديق بأن الله موجود وأنه الخالق للكون المدبر له والمتصرف في شؤونه والمتصف بصفات الكمال والجلال

بقلم: د سلطان العميري
2074
أدلة الكتاب والسنة على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم | مرابط
اقتباسات وقطوف

أدلة الكتاب والسنة على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم


وفي القرآن من دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن دعوة المشركين وعباد الأوثان وجميع الإنس والجن ما لا يحصى إلا بكلفة وهذا كله معلوم بالاضطرار من دين الإسلام فكيف يقال: إنه لم يذكر أنه بعث إلا إلى العرب خاصة وهذه دعوته ورسله وجهاده لليهود والنصارى والمجوس بعد المشركين وهذه سيرته صلى الله عليه وسلم فيهم

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
614
ليلة في بيت النبي الجزء الخامس | مرابط
تفريغات

ليلة في بيت النبي الجزء الخامس


والذي يركب الخيل ويدمن ركوبها تنتقل صفات الخيل إليه ومن تلك الصفات: الكبر وقد ورد هذا في كلام الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال: الكبر والبطر في أهل الخيل والسكينة والوقار في أهل الغنم فالغنم تنزل رأسها وتمشي في طريقها فكل واحد يأخذ من صفات ما يعايشه من الحيوان فهذا المنظر التعيس البريء الحزين -منظر الغنم- إذا ظل طوال عمره فيه فلابد أنه سيأخذ بعض هذه الصفات في الانكسار والثاني الراكب على خيل والخيل يقفز ويتراقص به وما إلى ذلك فينتقل إليه هذا الشعور

بقلم: أبو إسحق الحويني
805
جوهر العولمة | مرابط
اقتباسات وقطوف

جوهر العولمة


جوهر العولمة هو عملية تنميط العالم بحيث يصبح العالم بأسره وحدات متشابهة هي في جوهرها وحدات اقتصادية تم ترشيدها أي إخضاعها لقوانين مادية عامة مثل قوانين العرض والطلب والإنسان الذي يتحرك في هذه الوحدات هو إنسان اقتصادي جسماني لا يتسم بأي خصوصية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
693
المادية تنهدم | مرابط
فكر مقالات

المادية تنهدم


إن الفلسفة المادية لن تنهدم من ناحية التفكير وحده ولا من ناحية الدماغ المفكر دون النظر إلى مادة بدنه ومادة الكائنات الطبيعية من حوله بل تنهدم الفلسفة المادية لا محالة من كل نظرة واقعية ننظرها إلى حقيقة تركيبها مستقلة عن الفكر بل عن الدماغ وهو محمول على المادة من بعض نواحيه

بقلم: عباس محمود العقاد
2301
الخوف من الله حقيقته وفضله ج1 | مرابط
تفريغات

الخوف من الله حقيقته وفضله ج1


من العبث ومن الكلام الباطل المعسول أن ينقل عن بعض المتصوفة سواء كانوا نساء أو رجالا أن أحدهم كان يقول في مناجاته لربه تبارك وتعالى: ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك إلى آخر الخرافة المزعومة لا يتصور من إنسان عرف الله حق معرفته ألا يخشى من ربه تبارك وتعالى بل -كما ذكرنا- كلما كان مقربا إلى الله كلما كان أخوف من الله وأخشى لله عز وجل وما المقصود من مثل هذه الخرافة الصوفية إلا أن يحمل الناس أن يعيشوا هكذا ليس هناك خوف منهم لله يحملهم على تقواه ولا -أيضا- عندهم رغبة فيما عند الله يطمعهم ف...

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
749