
والإسلامُ قد رفع حال المرأة الاجتماعيِّ وشأنَها رفعًا عظيمًا بدلًا من خفضها خلافًا للمزاعم المكررة على غير هدى، والقرآن قد منح المرأة حقوقًا إرثية أحسن مما في أكثر قوانيننا الأوربية كما أثبتُّ ذلك حينما بحثتُ في حقوق الإرث عند العرب، أَجَلْ، أباح القرآن الطلاق كما أباحته قوانين أوربة التي قالت به، ولكنه اشترط أن يكون «للمطلقات متاعٌ بالمعروف.»..،
وقد ذكرنا أن الأوربيين أخذوا عن العرب مبادئ الفروسية وما اقتضته من احترام المرأة، والإسلام، إذن، لا النصرانية، هو الذي رفع المرأة من الدَّرك الأسفل الذي كانت فيه، وذلك خلافًا للاعتقاد الشائع، وإذا نظرتَ إلى سنيورات نصارى الدور الأول من القرون الوسطى رأيتَهم لم يحملوا شيئًا من الحُرمة للنساء، وإذا تصفحت كُتُب تاريخ ذلك الزمن وجدتَ ما يُزيل كلَّ شك في هذا الأمر، وعلمت أن رجال عصر الإقطاع كانوا غِلاظًا نحو النساء قبل أن يتعلم النصارى من العرب أمر معاملتهنَّ بالحسنى، ومن ذلك ما جاء في تاريخ غاران لُولُوهِيرَان عن معاملة النساء في عصر شارلمان وعن معاملة شارلمان نفسه لهنَّ كما يأتي: «انقضَّ القيصر شارلمان على أخته في أثناء جدال، وأخذ بشعرها وضربها ضربًا مبرِّحًا، وكسر بقفَّازه الحديدي ثلاثًا من أسنانها»، فلو حدث مثل هذا الجدل مع سائق عربةٍ في الوقت الحاضر لبدا هذا السائق أرَقَّ منه لا ريب
المصدر:
غوستاف لوبون، حضارة العرب
مقتطفات من فصل تأثير الإسلام في حال النساء في الشرق ص414