من قصص الانتكاسات التي قد نسمعها في المرحلة القادمة -مع الأسف-: قصص الشباب الذين انشغلوا في بداية طريقهم العلمي بتتبع زلات العلماء والدعاة والطعن فيهم، إذ إن نهاية هذا الطريق واضحة، وعاقبته على القلب والروح معلومة بيّنة.
وإني والله لأشفق على الشاب الذي يرى الطريق الصحيح المستقيم الموصل إلى الله أمامه، ثم يصرّ على ركوب الطريق الوعر الموحش، بل ويهزأ بمن يدعوه إلى هذا الطريق، والله المستعان.
والمخرج من ذلك: أن يلتفت الإنسان إلى موضع نظر الله سبحانه (القلب والعمل) فيعتني بصلاح قلبه أولا بالإخبات والخشوع والإنابة والإخلاص والتوكل، ثم يعتني بالعبادة من قيام ليل والتزام أوراد التلاوة والذكر، ثم يعتني بالعلم الذي يفقه به دين الإسلام وحدوده، ويسير فيه بمنهجية وتدرج، ويعرف موضعه من مراتب العلم فلا يضع نفسه غير موضعها، ثم يسعى بعد ذلك إلى نصرة دين الله وخدمة أمة نبيه ﷺ بعد أن يفقه واقعه ويعي حقيقة مشكلات عصره وأولاها بالمعالجة، كما هو هدي الأنبياء والمرسلين، وليجعل على طول الطريق كتاب الله نبراسا وهاديا؛ فيلتزم تدبره وتفهمه وتغذية القلب منه، وليجعل سيرة النبي الكريم المصطفى ﷺ أنموذجاً عمليا حاضرا في كل شؤونه؛ ففي سيرته البركة والشمولية والخير العظيم، ثم ليتبع هدي أصحابه وتابعيهم في فهم الوحي والقيام بالدين والانتصار له والجهاد في سبيله وحفظ علومه وتبليغها، ويلتزم مع ذلك الصبر واليقين ويصاحبهما مهما كانت الشدائد وطال الزمان.
هذا هو الطريق، وهذا ترتيبه، وفيه الطمأنينة والبركة والسكينة والنور والإيمان.
وأما الطريق الآخر الذي يبتدئ فيه الطالب بالتبديع وتتبع زلات العلماء والعاملين الذين لهم قدم صدق في الدين -وإن أخطؤوا في بعض المسائل- فإن دلالة المبتدئ على هذا الطريق خيانة عظيمة لا يتصور الطالب الغرّ مقدار شرّها حتى يقطع في الطريق شوطاً، ثم سيشعر بالوحشة تأكل داخله، وتحيط بقلبه، فإن لم ينخلع من هذا السبيل ويرجع تائباً مسارعاً.. وإلا فلا تسل عن الهلكة والانتكاسة وسوء العاقبة.
نسأل الله العافية والهداية والسداد وألا يكلنا إلى أنفسنا.