تجريم التعظيم

تجريم التعظيم | مرابط

الكاتب: إياد قنيبي

710 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

هناك قيم تُسرق منا نحن المسلمين بهدوء دون أن نشعر.. أهمها: تعظيم الله تعالى، والغضب لأجله، والغيرة على دينه.

كنت أذكر في مواعظي للشباب قصة مؤثرة عن الشاعر الهندي أختر الشيراني، الذي كان في جلسات شرب الخمر مع رفقاء السوء يقول له أحدهم: (ماذا تقول في فلان؟)، فيؤلف شعرًا بذيئًا ماجنًا يُضحكهم به.. إلى أن قال له شيوعي عربي مرة: (ماذا تقول في محمد؟)، فارتعد جسم أختر وانتفض وتناول كأس الخمر وضرب بها الشيوعي على رأسه وسبَّه وأمر بإخراجه، وقال كلامًا لا أكاد أتمالك نفسي وأنا أذكره، ملؤه التعظيم والغضب لله ولرسوله.

أخشى أننا سنصل إلى مرحلةٍ إذا ذكرنا هذه القصة أمام شباب المسلمين فسيقولون لنا: (لكن هذا تصرف خاطئ)، (طيب افرض أن الضربة بكأس الخمر قتلت الشيوعي، لا يجوز أن تقتل أحدًا لمجرد أنه استهزأ بالنبي)، (أنا لست مع الشاب الشيوعي لكن أيضًا ليس من حق أختر أن يستخدم العنف في الرد عليه)!!

الغضب لله أصبح في مجتمعات المسلمين مُـجَرَّمًا.. تُـجَرِّمه القوانين، بل ويُجرمه كثير من "النخب" والرموز الدعوية، والهيئات الإسلامية! حتى صارت ثقافة (تجريم التعظيم) شائعة في "المسلمين"!!

وساعد في نشر هذه "الثقافة" وجودُ ممارسات سيئة من بعض الجماعات "الإسلامية"، فَكَرَدَّةِ فِعلٍ عليها هرب الناس من رمضاء الغلو إلى نار التهاون في حق الله وحق رسوله وحق دينه! وهذا التهاون لا يقل خطورة أبدا عن خطورة الغلو.

إذا رأيتَ منكرًا، إذا انتُهكت أمامك محارم الله، إذا استُهزئ بدينه، فإياك أن تغضب أو تغار على دين الله! فإن الغضب والغيرة لم يعودا مقبولين.. إذ قد رُكِّب في كيانك ووضع على عاطفتك كوابح (برِيكَّات) وسلاسل: ستستحضر صُوَر الغلو وتخاف أن تحسب على أهله.. ستستحضر الإعلام الذي يُدين ويُنَدد ويشجب ويستنكر.. ستستحضر صورة "دعاة" يسارعون إلى التبرؤ من أي ردة فعل على المنكرات ويخطِّئونها ويُحمقونها أكثر مما يتبرأون من الذين أتاحوا هذه المنكرات والاستخفاف بدين الله أن يعيث في بلاد المسلمين فسادًا.. ستستحضر صورة تعليقات الناس.

لذا، فإن غيرتك على دين الله لن تشتعل أصلًا حتى تنطفئ، ولن تولد أصلًا حتى تموت! بل قد ترى الفساد أمامك في بيتك، في سلوك أبنائك ومظهر بناتك.. وتمنعك هذه الكوابح النفسية كلها من أن تنكرها أو تغيرها!! يُراد أن يبقى سوق المنكر عامرًا، وأن تتعود على رؤية بضاعة الكفر والمجون والاستهزاء محمية بقوة القانون، وأن تموت القلوب تحت شعار: مكافحة التطرف! بدلًا من أن يكون شعارنا (لا بد للغضب لحرمات الله من ضوابط)، ينبغي أن يكون: (لا بد لانتهاك حرمات الله أن يزول)، وإن كان الغضب والغيرة ينتج عنهما أخطاء، فانعدامهما أم الكوارث، وموت القلوب، وفساد الدنيا والآخرة.

 


 

المصدر:

صفحة الدكتور إياد قنيبي على فيسبوك

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#إياد-قنيبي
اقرأ أيضا
السياسة الرشيدة في الإسلام | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

السياسة الرشيدة في الإسلام


أتى على العالم حين من الدهر وهو يتخبط في جهل وشقاء ويتنفس من نار البغي الطاغية على أنحائه الصعداء حتى نهض صاحب الرسالة الأعظم - صلوات الله عليه- بعزم لا يحوم عليه كلال وهمة لا تقع إلا على أشرف غرض فأخذ يضع مكان الباطل حقا ويبذر في منابت الآراء السخيفة حكمة بالغة وما لبثت الأمم أن تقلدت آدابا أصفى من كواكب الجوزاء وتمتعت بسياسة يتجلى بها العدل في أحسن رواء وأرفع سناء

بقلم: محمد الخضر حسين
1152
التواصل الشبكي: إدمان أم مهرب | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

التواصل الشبكي: إدمان أم مهرب


ومن التصورات الشائعة: الظن أن العالم الجوهري في الإدمان الشبكي هو بفعل الجاذبية الاستثنائية للمحتوى على الإنترنت بحيث يخلب المرء عن المهام الأخرى وهذا التصور غير دقيق البتة فقد أكدت دراسات هذا الحقل أن الإدمان الشبكي كثيرا ما يكون آلية هروب نفسي

بقلم: إبراهيم السكران
495
ليلة في بيت النبي الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

ليلة في بيت النبي الجزء الثاني


فلابد للرجل -وإن كان سيدا مطاعا أو ملكا متوجا- أن يداري رعيته والمداراة من خلق المسلم الحاذق وكم من مشاكل تحصل في البيوت بسبب أن الرجل لا يداري مع أنه يمكن أن تمر هذه المشاكل بسلام لو أن الرجل تغافل قليلا وقد أوصانا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا التغافل فقال: إن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإذا ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته ظل على عوجه فاقبلوهن على عوج

بقلم: أبو إسحق الحويني
824
من أسباب ضياع الوقت | مرابط
تفريغات اقتباسات وقطوف

من أسباب ضياع الوقت


الوقت المستغل هو الوقت الذي نقضيه في الوفاء بالتزاماتنا الوظيفية والإنتاجية وكذلك الوقت الذي نقضيه فيما يعد مهما للبقاء على قيد الحياة مثل: النوم والأكل والرياضة والعناية بالصحة أما وقت الفراغ فهو الوقت الذي يمضي دون أن نقوم بأي عمل مفيد أو مهم إنه وقت يمضي دون أن نعرف ماذا نصنع به هناك نوع من أوقات الفراغ يضيع أثناء تأديتنا لأعمالنا وذلك حين لا نؤدي أعمالنا بطريقة صحيحة وجادة كما هو شأن كثير من الموظفين

بقلم: د عبد الكريم بكار
730
من أخلاق الكبار: عبد الله بن مسعود | مرابط
تفريغات

من أخلاق الكبار: عبد الله بن مسعود


وسل نفسك لو أنك رجعت إلى بيتك ووجدت أن البيت قد كسر وأن المتاع قد سرق أو وضعت يدك في جيبك فوجدت أن ما تحتفظ به من نقود وأوراق ووثائق قد نشلت وسرقت أو خرجت إلى سيارتك فإذا هي قد كسرت وأخذ ما بها ونثر زجاجها على قارعة الطريق ماذا تصنع؟

بقلم: خالد السبت
444
هل أدخل مسلمة أهل الكتاب أقوالا من الإنجيل على أنها أحاديث | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

هل أدخل مسلمة أهل الكتاب أقوالا من الإنجيل على أنها أحاديث


ليس من الإنصاف في شيء أن نقول: إن ما وجد في الدين الإسلامي ووجد في اليهودية أو النصرانية أن يكون مأخوذا منها فقد توافق القرآن الكريم الذي لا شك في تواتره وصونه عن أي تحريف والتوراة والإنجيل في بعض التشريعات والأخلاقيات والقصص فهل معنى هذا أنه مأخوذ منها أعتقد أن الجواب بالنفي ومما ينبغي أن يعلم أن الشرائع السماوية مردها إلى الله سبحانه وأن العقائد والفضائل الثابتة والضروريات التي لا تختلف باختلاف الأزمان ولا باختلاف الرسالات أمور مقررة في كل دين

بقلم: محمد أبو شهبة
1557