تصوير المبشرين للإسلام والمسلمين

تصوير المبشرين للإسلام والمسلمين | مرابط

الكاتب: محمد البهي

405 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وطريق التبشير لتوهين المسلمين لم يكن الدعوة إلى المسيحية والعمل على ارتداد المسلمين إلى النصرانية مباشرة، وإنما كان طريقه لتشويه الإسلام، ومحاولة إضعاف قيمه، ثم تصوير المسلمين في وضعهم الحالي بصورة مُزْرِيَةٍ بعيدة عن المستوى الحضاري في عصرنا الحاضر.

 

فالمنسينيور كولي في كتابه "البحث عن الدين الحق" يُصَوِّرُ الإسلام على هذا النحو: «الإِسْلاَمُ: فِي القَرْنِ السَّابِعِ لِلْمِيْلاَدِ، بَرَزَ فِي الشَّرْقِ عَدُوٌّ جَدِيدٌ ذَلِكَ هُوَ الإِسْلاَمُ الذِي أُسِّسَ عَلَى القُوَّةِ، وَقَامَ عَلَى أَشَدِّ أَنْوَاعِ التَّعَصُّبِ، لَقَدْ وَضَعَ مُحَمَّدٌ السَّيْفَ فِي أَيْدِي الذِينَ اتَّبَعُوهُ، وَتَسَاهَلَ فِي أَقْدَسِ قَوَانِينِ الأَخْلاَقِ، ثُمَّ سَمَحَ لأَتْبَاعِهِ بِالفُجُورِ وَالسَّلْبِ.

 

وَوَعَدَ الذِينَ يَهْلَكُونَ (يَسْتَشْهِدُونَ فِي سَبِيِلِ اللهِ) فِي القِتَالِ بِالاسْتِمْتَاعِ الدَّائِمِ بِالمَلَذَّاتِ (الجَنَّةِ). وَبَعْدَ قَلِيلٍ أَصْبَحَتْ آسِيَا الصُّغْرَى وَإِفْرِيقْيَا وَإِسْبَانْيَا فَرِيسَةً لَهُ، حَتَّىَ إِيطَالِيَا هَدَّدَهَا الخَطَرُ، وَتَنَاوَلَ الاجْتِيَاحُ نِصْفَ فِرَنْسَا.. لَقَدْ أُصِيبَتْ الْمَدِنِيَّةُ. وَلَكِنَّ هَيَاجَ هَؤُلاَءِ الأَشْيَاعِ (المُسْلِمِينَ) تَنَاوَلَ فِي الأَكْثَرِ كِلاَبِ النَّصَارَى...

 

وَلَكِنْ انْظُرْ! هَا هِيَ النَّصْرَانِيَّةُ تَضَعُ بِسَيْفِ شَارْلْ مَارْتَلْ سَدًّا فِي وَجْهِ سِيْرِ الإِسْلاَمِ المُنْتَصِرِ عِنْدَ بْوَاتْيِهْ (*) (752 م). ثُمَّ تَعْمَلُ الحُرُوبُ الصَّلِيبِيَّةُ فِي مَدَىْ قَرْنَيْنِ تَقْرِيبًا (1099 - 1254 م) فِي سَبِيِلِ الدِّينِ، فَتُدَجِّجَ أُورُوبَا بِالسِّلاَحِ، وَتُنْجِي النَّصْرَانِيَّةَ، وَهَكَذَا تَقَهْقَرَتْ قُوَّةُ الهِلاَلَ أَمَامَ رَايَةِ الصَّلِيبِ، وَانْتَصَرَ الإِنْجِيلُ عَلَى القُرْآنِ، وَعَلَى مَا فِيهِ مِنْ قَوَانِيِنِ الأَخْلاَقِ السَّاذِجَةِ» (1).

 

ويقول و. س. نلسون W.S.Nelson: « وَأَخْضَعَ سَيْفُ الإِسْلاَمِ شُعُوبَ إِفْرِيقْيَا وَآسْيَا شَعْبًا بَعْدَ شَعْبٍ» (2). هذا في وصف الإسلام ووصف مبادئه، أما محمد رسوله فيقول عنه أديسون Addison: « مُحَمَّدٌ لَمْ يَسْتَطِعْ فَهْمَ النَّصْرَانِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي خَيَالِهِ مِنْهَا إِلاَّ صُورَةً مُشَوََّهَةً بَنَى عَلَيْهَا دِينَهُ الَذِي جَاءَ بِهِ العَرَبُ» (3).

 

وفي وصف المسلمين يقول هنري جيسب Henry Jessup المُبَشِّرُ الأَمِرِيكِيُّ: «المُسْلِمُونَ لاَ يَفْهَمُونَ الأَدْيَانَ وَلاَ يُقَدِّرُونَهَا قَدْرَهَا... إِنَّهُمْ لُصُوصٌ، وَقَتَلَةَ، وَمُتَأَخِّرُونَ، وَإِنَّ التَّبْشِيرَ سَيَعْمَلُ عَلَىَ تَمْدِينِهِمْ» (4)، كما يقول في وصفهم جوليمين H. Guillimain في كتابه " تاريخ فرنسا ": «إِنَّ مُحَمَّدًا، مُؤَسِّسُ دِينَ المُسْلِمِينَ، قَدْ أَمَرَ أَتْبَاعَهُ أَنْ يُخْضِعُوا العَالَمَ وَأَنْ يُبَدِّلُوا جَمِيعَ الأَدْيَانِ بِدِينِهِ هُوَ، مَا أَعْظَمَ الفَرْقَ بَيْنَ هَؤُلاَءِ الوَثَنِيِّينَ (المُسْلِمِينَ) وَبَيْنَ النَّصَارَى! إِنَّ هَؤُلاَءِ العَرَبِ قَدْ فَرَضُوا دِينَهُمْ بِالقُوَّةِ وَقَالُوا لِلْنَّاسِ: أَسْلِمُوا أَوْ مُوتُوا بَيْنَمَا أَتْبَاعُ المَسِيحِ رَبِحُوا النُّفُوسَ بِبِرِّهِمْ وَإِحْسَانِهِمْ.

 

مَاذَا كَانَتْ حَالُ العَالَمِ لَوْ أَنَّ العَرَبَ انْتَصَرُوا عَلَيْنَا؟ إِذَنْ لَكُنَّا مُسْلِمِينَ كَالجَزَائِرِيِّينَ وَالمَرَّاكِشِيِّينَ» (5).

وهكذا المسلمون متأخرون، ولصوص وقتلة.
وهكذا رسولهم سَارِقٌ وَمُحَرِّفٌ فيما سرق.

 

وهكذا: الإسلام دين السيف وليس دين الإيمان. هو دين مادي وليس دينًا رُوحِيًّا لأنه يسمح لأتباعه بالفجور والسلب والقتل. هَذَا مَا يُصَوِّرُ بِهِ التبشير الإسلام والمؤمنين به والتابعين لرسوله. على أنه لم يفت المُبَشِّرِينَ كذلك - بجانب تشويه الإسلام والمسلمين بغية توهينهم وإضعاف وحدتهم - أن يثيروا للغاية نفسها النزعات الشعوبية، مثل الفرعونية في مصر، والفينيقية على ساحل فلسطين ولبنان، والآشورية في العراق، والبربرية في شمال إفريقيا وهكذا.

 


 

المصدر:

محمد البهي، كتاب المبشرون والمستشرقون في موقفهم من الإسلام، ص7

 

الإشارات المرجعية:

(1) ص 220، طبع 1928 م، وقد نال هذا الكتاب رضا البابا ليون الثالث عشر في سَنَةِ 1887، وعاش في المدارس المسيحية في الشرق والغرب إلى اليوم.
(2) " التبشير والاستعمار ": ص 36.
(3) المصدر السابق: ص 37.
(4) المصدر السابق في نفس الصفحة.
(5) ص 8 - 81 من كتابه.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التبشير
اقرأ أيضا
عن يوم عرفة | مرابط
تعزيز اليقين

عن يوم عرفة


في هذا اليوم أطل الدعاء والمناجاة اليوم اشك همك وبثك إلى الله أزح الهموم عن كاهليك وفوض أمرك إليه وكن على يقين من الإجابة إما أن يعطيك ما سألت أو يعطيك ما هو خير لك منه والله يعلم وأنتم لا تعلمون وتوسل إلى بابه بكلمة التوحيد كلمة لا يكذبها العمل فعلق قلبك به وحده ولا تطلب غير وجهه ولا تقصد سوى بابه ولا تعدل برضاه شيئا ..

بقلم: كريم حلمي
369
الحذر من إطلاق البصر | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحذر من إطلاق البصر


وليحذر العاقل إطلاق البصر فإن العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه وربما وقع من ذلك العشق فيهلك البدن والدين فمن ابتلي بشيء منه فليتفكر في عيوب النساء. قال ابن مسعود: إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مثانتها وما عيب نساء الدنيا بأعجب من قوله عز وجل ولهم فيها أزواج مطهرة وإياك والاستكثار من النساء فإنه يشتت الشمل ويكثر الهم. ومن التغفيل أن يتزوج الشيخ صبية وأصلح ما يفعله الرجل أن يمنع المرأة من المخالطة للنساء فإنهن يفسدنها عليه وأن لا يدخل بيته مراهق ولا يأذن لها في الخروج.

بقلم: ابن مفلح
248
مسائل في الحجاب | مرابط
تفريغات المرأة

مسائل في الحجاب


في هذا التفريغ جملة من المسائل مما اتفق عليه العلماء فيما يخص الحجاب مثل الأمر مجملا بالتعفف والاستتار ولون اللباس الذي تلبسه المرأة وأقوال العلماء في كشف شعر المرأة وحكم النقاب وغير ذلك من المسائل الهامة المرتبطة بحجاب المرأة المسلمة.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
340
أمهات المؤمنين رضي الله عنهن: فضائلهن وخصائصهن | مرابط
تفريغات

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن: فضائلهن وخصائصهن


كما أن في الرجال رجالا أفاضل سبقوا إلى الإسلام وأفنوا أعمارهم في العلم والدعوة والجهاد فكذلك في نساء الأمة فضليات كن شامات في هذه الأمة المباركة وكن عونا لرجالهن على مهامهم في خدمة دين الله تعالى وفي مقدمتهن أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن إذ عشن في بيت النبوة وخدمن النبي صلى الله عليه وسلم ونقلن عنه أقواله وأفعاله وأحواله في خاصة بيته وأهله

بقلم: د إبراهيم بن محمد الحقيل
1934
الدعاء والشكر | مرابط
تعزيز اليقين

الدعاء والشكر


من متع الحياة الدنيا: أن تكون عبدا مكروبا بكرب دنيوي أو محتاجا لشيء من لعاعة الدنيا فتلح بالدعاء والطلب من الله. ربنا العظيم الكبير الجليل المالك ذي الجلال والجبروت والملكوت.. فتدعوه مع التذلل له ويرزقك الخضوع والانصياع التام والفقر التام ولو بعد حين من الدعاء.

بقلم: خالد بهاء الدين
348
تسويف التوبة | مرابط
اقتباسات وقطوف

تسويف التوبة


وما مثال المسوف إلا مثاله من احتاج إلى قلع شجرة فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة فقال أؤخرها سنة ثم أعود إليها وهو يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخها وهو كلما طال عمره ازداد ضعفه فلا حماقة في الدنيا أعظم من حماقته إذ عجز مع قوته عن مقاومة ضعيف فأخذ ينتظر الغلبة عليه إذا ضعف هو في نفسه وقوي الضعيف

بقلم: أبو حامد الغزالي
221