حضارة الصورة

حضارة الصورة | مرابط

الكاتب: سامي الحربي

1381 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحضارة الحديثة هي حضارة الصورة، التي تدور حول مركزية البصر والاستعراض والثقافة الاستهلاكية التي تعطي القيمة الكبرى للجسد في مسار حياتها مقابل إهمال الروح، وكل عناصر حضارة الصورة معادية للسر والغموض؛ إذ ترتبط غايتها بمسألة التداول والشفافية المالية حول الإنسان والأشياء، عبر قهر منهجي يعتمد على معادلة الحرمان والاستعراض، فالحياة التي تعاني الحرمان في حضارة الصورة هي المحرومة من الاستعراض

ومشكلة الاستعراض بحسب ملاحظات جي ديبور هي أنه إساءة استخدام عالم الرؤية، من خلال التعميم الواسع للصور في الحضارة الحديثة التي جعلت من البصر الأداة الأهم للإحساس الحديث بحسب دافيد لوبرتون. تعميم الصور وإساءة عالم الرؤية في خطاب الاستعراض وأسبقية المرجع البصري، جعلت العالم الحديث يعاني من كراهية السر -بحسب رينيه غينون وبيونغ هان- وضخمت الميل إلى التعميم في العالم الحديث من خلال الادعاء بضرورة وضع كل المعلومات في متناول الجميع من خلال الصورة.

وكراهية السر في حضارة الصورة ترتبط بسر الجسد الذي يجب عرضه وتجريده من أسراره وتحويله من مساحة للمعتقدات بقيمته في الستر، إلى مساحة للإعلانات؛ فقيمته في العرض وتشكيل نوع خاص من الصفة البشرية، تدور وتشكل الصناعة الإباحية في الثقافة الاستهلاكية فيما يخص استهلاكيات الجسد.

والصناعة الإباحية هي التعبير الحتمي لحضارة الصورة سواء كان ذلك على مستوى عالم الرؤية؛ من خلال صياغة العين الإباحية التي تلغي المسافة من الجسد المتمثلة في الستر، أو على مستوى الصياغة؛ فالخطاب في الصناعة الإباحية هو خطاب استعراضي حول الجسد يعزل كل ما يعرضه عن سياقه وماضيه ومقاصده وعواقبه بحسب ملاحظات جي ديبور حول الخطاب الاستعراضي، أو على مستوى الإنسان الإباحي الذي يبحث عن الخبرات الجسدية الجديدة في استهلاكيات الجسد ويقيم صلاحيات هذه الخبرات عبر المرجعية الذاتية الخاصة التي تزيح المرجعية التأثيمية بحسب جيل ليبوفتسكي.

 


 

المصدر:

مجلة أوج، العدد التاسع

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#حضارة-الصورة #الاستهلاكية
اقرأ أيضا
الإسلام الصحيح لا يخالف العقل أم العقل الصحيح لا يخالف الإسلام | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر

الإسلام الصحيح لا يخالف العقل أم العقل الصحيح لا يخالف الإسلام


إن إشكالية العقل والنقل قديمة جدا وتكلم فيها العلماء وقتلوها بحثا وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية ولكن في وقتنا المعاصر بدأ البعض بالتلاعب في هذه المنطقة فيقول لك: إن الإسلام الصحيح لا يخالف العقل والعبارة تشعر للوهلة الأولى أنها صحيحة ولا مشكلة فيها ولكن الحقيقة أنها تحوي سما داخلها ستعرفه في هذا المقال

بقلم: د فهد بن صالح العجلان
2464
ابتسامة عفوية | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

ابتسامة عفوية


اليوم ابتسامة عفوية وغدا لقاء عابر في حدود الأدب طبعا وبعده مجاملة رقيقة عابرة في مناسبة أو ما شابه.. ثم يأتي التعلق القلبي وتأتي المرأة تشتكي أنها لا تملك لقلبها شيئا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بقلم: محمود خطاب
488
العمارة في الحضارة الإسلامية ج3 | مرابط
تاريخ

العمارة في الحضارة الإسلامية ج3


أمر الإسلام بتعمير الأرض بالبناء عليها وحث عليه لحماية الإنسان من حر الشمس وبرد الشتاء وأمطاره وجعل اتخاذ المساكن نعمة من الله لمخلوقاته ولذلك وضع الإسلام لبناء المساكن والمدن والقرى الكثير من الآداب وشهدت بلادنا الإسلامية ازدهار العمران والبناء الذي تميز بطابع إسلامي خالص وفي هذه المقالات سيقف بنا الكاتب على ملامح العمران في كل العصور الإسلامية

بقلم: موقع قصة الإسلام
1276
للمبتدعة اليد الطولى في ابتلاء العلماء والدعاة | مرابط
تفريغات

للمبتدعة اليد الطولى في ابتلاء العلماء والدعاة


إن البدعة في منتهى الخطورة على الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لفظها باللفظ الكلي الواضح الذي ما دخله تخصيص قط كل بدعة ضلالة وهذه الجملة من أفضل الجمل فلفظة كل تفيد الشمول والعموم والتي ليس لها مخصص وليس فيها زجر فهي جملة كلية مثبتة لنأخذ بها للدلالة: كل بدعة ضلالة

بقلم: أبو إسحق الحويني
985
نشأة علم النحو وأهميته | مرابط
إنفوجرافيك لسانيات

نشأة علم النحو وأهميته


يأتي علم النحو على رأس علوم اللغة العربية فهو مفتاح كل شيء تقريبا ولن تستطيع أن تفهم المراد من العبارات والجمل إلا إذا كنت مدركا لأساسيات النحو العربي على الأقل فتغيير التشكيل وأواخر الكلمات قد يغير المعنى تماما أو يحرف المراد منه وبين يديكم تبسيط لنشأة النحو وأهميته من كلام العلماء

بقلم: أكاديمية زاد
724
الحكمة من جعل الصلاة على النبي تفريجا للكربات | مرابط
تعزيز اليقين

الحكمة من جعل الصلاة على النبي تفريجا للكربات


لقد خلق الله النبي صلى الله عليه وسلم وصنعه على عينه واصطفاه اصطفاء جديرا بأن يكون له ما لم يكن لغيره لا من جهة خصه بإعلاء اسم الله تعالى وإظهار دينه والعمل بشريعته فقط.. بل أيضا من جهة المحبة واللطف والعناية التي لا توازيها محبة ولطف وعناية..

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
443