خشوع الجوارح

خشوع الجوارح | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

540 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وقبل بداية كل درس كان الشيخ يصلي النافلة البعدية ركعتين في مؤخرة المسجد.. فكنت أدع كل ما بيدي ويشخص بصري أتأمل صلاته.. وقد شهدت شيئًا ما عهدته من قبل.. في سكون يديه وهما يرتفعان للتكبير.. وسكونه في انتقالات الصلاة.. وإطالته الركوع الذي يقصره الناس..

 

كنت أنظر له وليس بين لحيته المطأطئة ويده المقبوضة على صدره إلا صوت تراتيل قرآن يهمس به.. ومن أعجب مشاهد المصلين الخاشعين ما يغزو النفوس من الشعور بالهالة الإيمانية التي تطوقهم.. حتى يعتري الخجل من بجانبهم من الحديث ورفع الصوت.. كأنما ينشر الخشوع في المكان رسالة استنصات..

 

تضخمت المقارنات في داخلي .. وعاد السؤال مجددًا .. هل ما أرى من حولي في مجتمعي القريب هو الوضع الطبيعي؟ هل كثرة الحركة في الصلاة والانتقالات بلا سكينة التي اعتدت رؤيتها في كثير من المصلين من حولي حتى انطبعت بها لا شعوريًا هي الصورة المألوفة؟ هل نحن في الطريق الخاطئ ونحن لم نستشعر أصلًا أن ثمة قصور؟

 

بعض المصلين يسحب شماغه إلى اليمين ليعتدل المرزام، ثم يشعر أنه غير متوازن فيسحبه لليسار مرةً أخرى .. ومصلٍّ آخر يزيح كمّه عن ساعته اليدوية في معصمه ويعيد ضبط عقاربها على ساعة الحائط التي أمامه ويراوح النظر بين الساعتين حتى تتطابق العقارب.. وآخر إذا سجد تلعب أصابعه على الموكيت يرسم دوائر ويمحوها .. ومصلٍ بجانبك يتحول إلى حديقة غنّاء تصفر عصافير فمه يصون بلسانه بقايا الطعام ويستمتع بالأصوات التي يسحبها بين فجوات أسنانه..

 

أما الانتقالات بين أركان الصلاة فكثير من الناس يهجم بحركات شعثاء .. لا يداري النزول والقيام بسكينة وإخبات..

 

هذه المظاهر مجرد أمثلة من جملة مظاهر كثيرة صرت أدقق فيها قبل أن لم أكن كذلك .. بل لقد كنت أراها مظاهر طبيعية وليست موضع تدقيق واستشكال أصلًا .. بل وبكل شفافية مع القارئ لقد اكتسبت –للأسف- كثيرًا من هذه التصرفات وانطبعت في سلوكي، ثم جاهدت نفسي لاحقًا على قطع كثيرٍ منها، ومازلت أكابد كشط نتوءات العادات.. وعجزت عن قطعها البتّة..

 


 

المصدر:

مقال صفاء الأنبجانية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الصلاة #أحوال-المصلين
اقرأ أيضا
المرأة في عصر النبوة | مرابط
المرأة

المرأة في عصر النبوة


ولم تكن حياة النساء في العصر الأول كحياتهن في هذا العصر مضطربة حائرة أو متبذلة ساخرة بل كانت إلى الفطرة أقرب وإلى الطهر أدنى. ولم يكن يمنعهن الحياء الذي يتحلين به -والحياء من الإيمان- أن يتفقهن في الدين ويسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عما جهلن منه ولم تكن رعايتهن البالغة بحقوق الزوج والبيت والولد لتحول بينهن وبين المنافسة في الهدى والخير إلى المثوبة والبر ابتغاء رضوان الله ورسوله

بقلم: طه محمد الساكت
297
مدمنو البيانات | مرابط
ثقافة

مدمنو البيانات


شبكة الإنترنت خلقت نوعا جديدا من السلوك القهري يشتمل على الإفراط في تصفح الشبكة والبحث في قواعد المعلومات وهؤلاء الأفراد يبددون كمية غير مناسبة من الوقت في البحث وجمع وتنظيم المعلومات وهو ما يسمى بالإفراط في تحميل المعلومات

بقلم: إبراهيم السكران
525
لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها


فالذي صلح به أول هذه الأمة حتى أصبح سلفا صالحا هو هذا القرآن الذي وصفه منزله بأنه إمام وأنه موعظة وأنه نور وأنه بينات وأنه برهان وأنه بيان وأنه هدى وأنه فرقان وأنه رحمة وأنه شفاء لما في الصدور وأنه يهدي للتي هي أقوم وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأنه قول فصل وما هو بالهز ل ووصفه من أنزل على قلبه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه لا يخلق جديده ولا يبلى على الترداد ولا تنقضي عجائبه وبأن فيه نبأ من قبلنا وحكم ما بعدنا ثم هو بعد حجة لنا أو علينا

بقلم: محمد البشير الإبراهيمي
1603
الشعر الجاهلي واللهجات ج1 | مرابط
مناقشات

الشعر الجاهلي واللهجات ج1


تعتبر مقالات محمد الخضر حسين من أهم ما قدم في الرد على كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي وهذه المقالات تفند جميع مزاعمه وترد عليها وتبين الأخطاء والمغالطات التي انطوت عليها نظريته التي قدمها فيما يخص الشعر الجاهلي وكيف أن هذه الأخطاء تفضي إلى ما بعدها من فساد وتخريب وبين يديكم مقال يناقش موضوع الشعر الجاهلي واللهجات وما قاله طه حسين بخصوص ذلك ثم الرد عليه

بقلم: محمد الخضر حسين
844
الفصل بين الناس في النزاع | مرابط
اقتباسات وقطوف

الفصل بين الناس في النزاع


مقتطف لشيخ الإسلام ابن تيمية يعرض فيه أهمية الوقوف على الكتاب والسنة وإلزام المخالف به ويضرب مثلا على ذلك في مناظرة الجهمية والمسلك الذي سلكه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في محنة خلق القرآن والخلاصة أن نقول كما قال شيخ الإسلام ائتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبكم إلي ذلك وإلا فلسنا نجيبكم إلي ما لم يدل عليه الكتاب والسنة

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1731
العمارة في الحضارة الإسلامية ج1 | مرابط
تاريخ

العمارة في الحضارة الإسلامية ج1


أمر الإسلام بتعمير الأرض بالبناء عليها وحث عليه لحماية الإنسان من حر الشمس وبرد الشتاء وأمطاره وجعل اتخاذ المساكن نعمة من الله لمخلوقاته ولذلك وضع الإسلام لبناء المساكن والمدن والقرى الكثير من الآداب وشهدت بلادنا الإسلامية ازدهار العمران والبناء الذي تميز بطابع إسلامي خالص وفي هذه المقالات سيقف بنا الكاتب على ملامح العمران في كل العصور الإسلامية

بقلم: موقع قصة الإسلام
1715