خطورة اللسان

خطورة اللسان | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

485 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

رب كلمة يقولها العبد يرفعه الله سبحانه وتعالى بها في الجنة درجات عالية، ورب كلمة يقولها العبد يهبط بها في دركات جهنم.

 

وفي الحديث: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالًا -لا يظن أنه سيكون لها أثر عظيم- يرفعه الله بها في الجنة درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا تهوي به في النار سبعين خريفًا)، أي كلمة يقولها العبد لا يهتم لها ولا يلقي لها بالًا ولا تأخذ من نفسه وفكره شيئًا، ولكنها تغضب الله سبحانه وتعالى غضبًا شديدًا.

 

يحدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحد السابقين وهو رجل صالح يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يرى أخًا له في الله يفعل الموبقات من المعاصي والذنوب، فينهاه ويبين له ويرشده مرات ومرات، وفي يوم وجده على معصية فيشتد عليه فيقول له: دعني وربي، أنت لست برقيب علي، فيقول: (والله! لا يغفر الله لك)، انظر إلى هذه الكلمة التي صدرت بنية طيبة فقال الله جل وعلا: (من ذا الذي يتألى علي؟ -من الذي يحلف أنني لا أغفر؟- قد غفرت له وأحبطت عملك)، كلمة لم يلق لها ذلك الرجال بالًا، ولا يظن أنها ستبلغ هذا المبلغ، فيغفر الله سبحانه وتعالى بها لذلك المذنب العاصي ويحبط أجر هذا الرجل العابد؛ لأنه تكلم بكلمة في ميزان الله تعتبر كبيرة.

 

كان يخطب الرسول صلى الله عليه وسلم فيأتي إليه رجل فيقول له: (يا رسول الله! هلكت العيال وضاع كذا، ادع الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، فيغضب الرسول صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا ويسبح قائلًا: سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله! ويقول: ويحك، أتدري ما الله؟ إنه لا يستشفع لأحد على الله)، لا يستشفع بالله على أحد، فلا تجعل الله شفيعًا للرسول.

 

بعض العامة في بلاد الشام يقولون عبارة أشنع من هذه، فعندما يريد إنسان أن يؤكد أمرًا على إنسان آخر يقول: أدعوك وعليك الله! فهي كلمة عظيمة يقولها الناس ولا يلقون لها بالًا، والله سبحانه وتعالى لا يقدم ليشفع عند أحد، الناس يشفعون عند ربهم فيقبل شفاعتهم أو يردها كما يشفع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة والشهداء والصالحون.

وأما أن يستشفع بالله على فلان فهذا خطأ عظيم غضب الرسول صلى الله عليه وسلم من ذكره.

 

بعض الأعمال يفعلها العباد وهي خطيرة؛ لأن ميزان التقوى وتعظيم الله سبحانه وتعالى قد اختل في النفوس، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي نعرفه: (دخلت امرأة النار في هرة) وفي المقابل امرأة زانية غفر لها بصبة ماء أسقتها لكلب، فبعض الناس يبخسون الحيوان وهو ذو روح، تحبسه امرأة لا تطعمه ولا تسقيه ولا تسمح له بالانطلاق في فجاج الأرض ليأكل من أرض الله الواسعة فتدخل النار بهذا الفعل.

 

وامرأة تمر على كلب يأكل الثرى من العطش بجانب بئر فتأخذ بنعلها ماء فتسقيه فيغفر الله لها ويدخلها الجنة.

فالناس لا يلقون بالًا لهذه الأعمال، وميزان الله سبحانه وتعالى غير ميزان البشر.

 

وبعض الناس وهم يضحكون في مجالسهم يريدون النكات لكي يضحكون وقد تمس رسول الله أو الصلاة، وقد تمس الإمام الذي يقرأ القرآن وتضحك الناس من أمر من أمور الدين، هذا خطر كبير يقع فيه كثير من المسلمين الذين يرجون خيرًا ويرجون الله سبحانه وتعالى، ولا يلقون للكلمة بالًا، فعندما استهزأ بعض الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالصحابة رضوان الله عليهم سمى الله ذلك كفرًا بقوله: "لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ" [التوبة:66] ويحبط العمل، فينبغي للمسلم أن يتنبه إلى مثل هذه الأمور.

 


 

المصدر:

محاضرة توجيهات تربوية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#حفظ-اللسان
اقرأ أيضا
المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج1 | مرابط
تفريغات الديمقراطية

المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج1


السبب في فرح الغرب بالديمقراطية واعتباره أنها من أعظم مفاخر الإنسانية هو: أنه استطاع بها تجاوز المجتمع والنظام الإقطاعي ليعطي الشعوب حق التعليم والانتقال من مكان إلى مكان وحق العمل وحق الانتقاد وحق التفكير وحق الانتخاب وحق المشاركة السياسية وغيرها من الحقوق

بقلم: عبد الرحيم السلمي
729
التوبة من ترك الحسنات | مرابط
اقتباسات وقطوف

التوبة من ترك الحسنات


التوبة من ترك الحسنات أهم من التوبة من فعل السيئات والتوبة رجوع عما تاب منه إلى ما تاب إليه فالتوبة المشروعة هي الرجوع إلى الله وإلى فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه وليست التوبة من فعل السيئات فقط كما يظن كثير من الجهال لا يتصورون التوبة إلا عما يفعله العبد من القبائح كالفواحش والمظالم بل التوبة من ترك الحسنات المأمور بها أهم من التوبة من فعل السيئات المنهي عنها

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
514
شبهة حول تحريم المعازف | مرابط
فكر مقالات

شبهة حول تحريم المعازف


هل القول بتحريم المعازف وعدم الاعتداد بخلاف من خالف فيها هو من الغلو في التحريم عند بعض العلماء المعاصرين نظرا لما في هذه الطريقة من إنكار اعتبار الخلاف كما يقرر بعض الناس في هذا المقال يرد الدكتور فهد بن صالح العجلان على هذا السؤال ويناقش مسألة المعازف بشكل مختصر

بقلم: فهد بن صالح العجلان
2347
انقسام الناس في باب القدر | مرابط
تعزيز اليقين اقتباسات وقطوف

انقسام الناس في باب القدر


تتجلى الوسطية بصورتها الصحيحة في موقف أهل السنة والجماعة بين كل الفرق المنحرفة والضالة وفي كل أبواب العقيدة والشريعة وهنا يدور الحديث حول باب القدر الذي انقسم فيه الناس إلى ثلاثة أقسام بين الغلو والتفريط والوسطية وهو موقف أهل السنة والجماعة وهذا مقتطف من شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين

بقلم: محمد بن صالح العثيمين
2199
إرادة العبد | مرابط
تعزيز اليقين

إرادة العبد


حسنا هل لإرادة العبد وقدرته تأثير؟ فالجواب أن التأثير لفظ مجمل إن أريد التأثير المستقل عن الله فباطل وإن أريد التأثير السببي فهذا حق والتأثير السببي يكون بقدرة تامة وإرادة جازمة للعبد مع مشيئة الله بتوفيق العبد التي مدارها على الإعانة وحبس المانع المعارض عنه.

بقلم: إبراهيم السكران
507
مقارنة الإسلام بالجاهلية | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

مقارنة الإسلام بالجاهلية


إن من أهم ما يبرز محاسن الإسلام ويرسخها في النفس: النظر إلى أحوال الجاهلية -سواء ما كان منها متقدما على الإسلام أو متأخرا عن بدايته- ورؤية الجانب الإصلاحي العظيم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في مقابل ما كان منتشرا ومتجذرا في نفوس العرب من الناحية الاعتقادية والسلوكية ومن ناحية العادات والأعراف والتقاليد

بقلم: أحمد يوسف السيد
830