درء تعارض العلم التجريبي والنقل

درء تعارض العلم التجريبي والنقل | مرابط

الكاتب: عبد الله بن صالح العجيري

1478 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

بين ظاهر النصر والمعارف الطبيعية

من المجالات التي تحتاج إلى قدر من التأصيل العقدي والمنهجي، تحرير الصلة والعلاقة بين المعارف الشرعية والمعارف العلمية الطبيعية، وذلك أن ثمة قدر من التقاطع أحيانا بين هذين المجالين بما يستدعي ضبط العلاقة بينهما. والواقع يشهد أننا أمام طرفين في هذه القضية ووسط، طرف يحصل له قدر من المغالاة في الاستمساك بما يتوهم أنه ظواهر النصوص فيطرح معارف علمية قطعية، لما يتوهم أنه ظاهر الشرع، وطرف يطرح بعض القواطع الشرعية لصالح المعارف الطبيعية.

فمثلًا يقول أحدهم: كل من يؤمن بالجاذبية الأرضية فإنه ينكر ربوبية الله تعالى على العالم، أو يدعي سكون الأرض وعدم حركتها، أو أنها مسطحة.. إلخ

وفي المقابل ثمة من يرد ظاهر خبر الوحي في خلق الله لآدم خلقًا مباشرًا، ويقوم بتأوله ليوافق نظرية التطور زاعمًا أن التطور لا يتعارض مع الوحي، وأن آدم تطور من القردة العليا والتي تطورت من القردة الدنيا، بل قد يحاول التدليل على هذه النظرية من خلال الوحي، كالاستدلال بقوله تعالى "مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا" مثلًا.

التطور الموجه أو التطور الإلهي

ومن الأمور اللافتة للنظر في هذا السياق أن كثيرًا ممن يناكف التيار الإلحادي في الوطن العربي يتبنى مثل هذه الأطروحة التلفيقية بين نظريتي الخلق والتطور الدارويني أو ما يسمى بالتطور الموجه أو التطور الإلهي، فيقر أن المخلوقات تطورت عن أصل واحد، وأن القردة تمثل سلفًا للبشرية، ولكنها لم تتطور عشوائيًا وفق التصور الدارويني، وإنما وفق رعاية إلهية وتوجيه إلهي. وممن طرح مثل هذا التصور في سياق مناقشته للملاحدة نديم الجسر صاحب قصة الإيمان، ووالده حسين الجسر، وعبد الصبور شاهين في كتابه أبي آدم، وعمرو شريف في كتابه كيف بدأ الخلق، ومحمد سالم الطائي في عدد من مقالاته، وعدنان إبراهيم وغيرهم، وهي نزعة تؤكد على أهمية تحرير العلاقة بين الوحي وبين العلوم الطبيعية.

المشروع التيمي

إننا باختصار بحاجة إلى مشروع من جنس المشروع الذي طرحه الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل، حين عالج على نحو عميق ومبهر سؤال العقل والنقل، وقدم تصورًا شرعيًا لطبيعة العلاقة بينهما، وأنت إذا تأملت في هذه الأطروحة التيمية فإنك واجد فيها ما يمكن استثماره في تأصيل هذه القضية التي نحن بصددها، وتحرير العلاقة بين العلوم الطبيعية والعلوم النقلية.

خذ مثلا الأصل الذي طرحه ابن تيمية في ضبط علاقة الظني بالقطعي، وأن المقدم القطعي مطلقًا دون اعتبار لجنس الدليل، فالدليل العقلي مثلا متى ما كان قطعيًا فهو مقدم على الدليل النقلي إن كان ظنيًا، ومتى تعارضت الظنيات قدمت أقواها بحسب القرائن، فمثل هذا مفيد جدًا في مثل سياقنا.

قصة ذي القرنين

فحين يتحدث الله عز وجل في قصة ذي القرنين مثلا عن الشمس واصفًا مغيبها بقوله "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ" فليس لأحد أن يقول ظاهر النص يدل على أن الشمس تغرب في نهاية النهار فتغوص في داخل عين حمئة، وإنما الآية تتكلم عن ظاهرة بالنسبة لعين الرائي، والباعث على مثل هذا ما نعلمه يقينًا بالحس والتجربة من أن الشمس أكبر من الأرض بمراحل يستحيل معها أن تغيب في أحد عيونها، وأن غياب الشمس مفهوم نسبي، إذ هي تغيب عن أناس لتشرق على آخرين، ولو كانت الشمس تغرب كذلك لأحرقت الأرض ومن عليها، بل لابتلعت الأرض، وهذا الفهم لهذه الآية ليس بدعًا، بل هو الفهم الذي كان ولا يزال يدركه كل قارئ فاهم لكتاب الله تبارك وتعالى.

يقول الحافظ ابن كثير:

(أي: رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله، ويراها كأنها تغرب فيه، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه)(1)

وهو معنى يذكره عامة المفسرين لهذه الآية..

خلق آدم عليه السلام

وكمثال آخر على ما قد يقع من الخلل ولكن في الاتجاه الآخر، قصة خلق آدم عليه الصلاة والسلام، فمن يطالع هذه القصة بتفاصيلها في القرآن الكريم، ثم يطالع أيضًا ما ذكره النبي، صلى الله عليه وسلم، مما يتعلق بخلق آدم وحواء، فسيعلم يقينًا قطعية الوحي في تقرير أولية آدم عليه السلام، وأنه خُلق خلقًا مباشرًا، خلقه الله جل وعلا بيديه وأسجد له ملائكته تفضلًا وإكرامًا.

بل إن القرآن يستثمر مثل هذه الحقيقة ليقرر حقائق عقدية أخرى، إذ لما استشكل بعضهم خلق عيسى بلا أب، قال الله فيه "إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" فلا يصح والحالة هذه معارضة مثل هذه الدلالة القطعية للوحي بمعطيات العلوم الطبيعية الظنية، مهما بلغت سطوتها في الواقع، إذ هو الوجه الآخر للإخلال بضبط العلاقة بين النقل والعلوم الطبيعية التجريبية.

تعارض الدين مع نظرية التطور

ومع ذلك فمن المهم أيضًا تحرير حدود منطقة التعارض بدقة، فمنطقة المعارضة الشرعية لنظرية التطور محصورة في هذه المنطقة (خلق آدم عليه الصلاة والسلام) على سبيل القطع، أما ما يتعلق مثلا ببقية المملكة الحيوانية أو النباتية، فليس ثمة معارضة حقيقية، بل هي من قبيل المسكوت عنه في الوحي، أو من قبيل التقريرات الظنية.

وكذلك مسألة وجود مخلوقات شبيهة بالإنسان قبل الإنسان في الهيئة الظاهرة، فليس في مثل هذا تقرير ظاهر في الشريعة لا من جهة النفي أو الإثبات، فالأصل أن تكون مثل هذه الملفات موكولة إلى دارس الظواهر الطبيعية، وليس المقصود تقرير موقف إيجابي من نظرية التطور في هذه المجالات، فلا تزال هناك إشكالات حقيقية حيالها، وإنما المقصود التنبيه إلى منطقة عمل النقل ومنطقة عمل العلم الطبيعي في هذه المسألة، وتحرير محل البحث والتعارض.
 

العلاقة بين النقل والعلوم الطبيعية

وعلى كل فالمراد هنا التنبيه إلى أن إعمال قاعدة تقديم القطعي على الظني مفيد جدًا في تحديد أحد جوانب العلاقة بين النقل والعلوم الطبيعية التجريبية، وبيان أن الأصل هنا كالأصل في ذاك التقرير التيمي، من أنه لا تعارض بين النقل الصحيح والعلوم الطبيعية الصحيحة، وأنه عند تحقق المعارضة فالخلل إما في صحة النقل، أو في صحة العلم الطبيعي، وبكل حال فالأمر يستدعي كتابة تأصيلية محكمة تضبط توهمات المعارضة بينهما، وتحدد أيضًا مجال كل منهما، ودرجته من القطع والظن.

مسألة الإعجاز العلمي في الوحي

ومما يؤكد ضرورة تأصيل قضية العلم وعلاقته بالنقل كثرة الكلام عن مسألة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ووجود إشكاليات حقيقية موضوعية في كثير من الممارسات الداخلية في هذا الإطار، وحتى ندرك عمق الإشكال وسوء الأثر لمثل تلك الممارسات السلبية، نشرت مجلة دسكفر في سنة 2008 مقالا مهمًا بعنوان "العلم الطبيعي والإسلام في تعارض" والمقال يتكئ في الجملة على كثير من الممارسات المشكلة عند الإعجازيين والتي ولدت هذا الوهم من أن الإسلام والعلم في تعارض.

ويمكن الاطلاع لمعرفة كثير من التأصيلات العلمية المهمة في مثل هذا الملف على ورقة الدكتور سعود العريفي والمعنونة بـ "منهج الاستدلال بالمكتشفات العلمية على النبوة والربوبية.. دراسة نقدية" وكتاب الدكتور مساعد الطيار المهم في تحرير مسألة إعجاز القرآن "الإعجاز العلمي إلى أين؟ مقالات تقويمية للإعجاز العلمي" فإن في كلا الكتابين إشارات مهمة جدًا فيما يتعلق بهذه المسألة.

الاستعانة بالمعارف الطبيعية المزيفة

ومما يؤكد أيضًا على أهمية العناية بقضية الصلة بين العلوم الطبيعية والعلوم النقلية أنه يتم أحيانا توظيف بعض المعارف الطبيعية المزيفة والمتوهمة لتعضيد الموقف الديني، فبدل أن تكون معضدًا تكون على الضد، وتفتح ثغرة لتسلط المخالف، وتشكك الموافق، فمثلًا في كتاب "الإسلام يتحدى" لوحيد الدين خان حاول الاستدلال ببعض ما كُتب في مسألة تحضير الأرواح، كمحاولة لتقرير وجود الماورائيات وعالم الميتافيزيقيا بالأدوات العلمية واستثمار ذلك لنصرة الموقف الديني، وليس بخاف حجم الإشكال في هذا النمط الاستدلالي، ومسألة بحجم وضخامة وثبوت وجود الله تبارك وتعالى لهي في غنى عن مثل هذه الاستدلالات شديدة الظنية بل شديدة البطلان، وذات الإشكال مع ذات المثال موجود أيضًا في كتاب "الإسلام في عصر العلم" لمحمد فريد وجدي.

ومما لمسته عند بعض المهتمين بظاهرة الإلحاد والرد عليها أحيانا، نوعا من التعلق بمسألة قوى الإنسان الخفية، وعلم ما وراء النفس، والباراسيكولوجي، وجعل مثل هذه المجالات موارد في تقرير بعض المواقف الدينية وهذا موقف إشكالي، خصوصًا وأن كثيرًا من هذه الأمور المدعاة ليس ثابتًا بمعطيات علمية صحيحة، بل هي من قبيل العلم المزيف، وإن حاول أولئك في فورة حماستهم للقضية الدينية أن يصوروها على خلاف هذه الصورة.

الفارق بين المعطى العلمي وما يُبنى عليه

ومما يحسن الإشارة إليه أيضًا في سياق بيان صلة العلوم الطبيعية بالمعارف الدينية، أن ثمة فرقًا كبيرًا بين المعطى العلمي وما ينبى عليه من معطيات فلسفية وعقيدة، وكثيرًا ما يتم الخلط بين المقامين، فتصور بعض التحليلات الفلسفية والتي يتكئ فيها صاحبها على معطى علمي، على أنه جزء من المعطى العلمي ذاته، والحق أنه مقام آخر، يستدعي أدوات بحثية أخرى لفحصه وتحليله ومداولة النقاش حوله ونقده، فكثير من الفرضيات الإلحادية والتي تصور على أنها معطيات علمية ليست كذلك عند المحاققة، بل هي نتائج وآثار للعمل العقلي في بعض المعطيات العلمية، ومثله الخطاب الديني فنظرية الانفجار الكبير معطى علمي لكن له آثاره وتداعياته الفلسفية والدينية، فالتفريق بين المقامين مسألة مهمة.

التعاون بين علماء الشرع وعلماء الطبيعة

وملاحظة هذا الأمر يؤكد على أهمية التعاون بين علماء الشرع وعلماء الطبيعة، وهي مسألة مهمة نبه إلي أهميتها وبين فوائدها العلامة عب الرحمن المعلمي اليماني، رحمه الله، وذلك في محاضرة ألقاها سنة 1356هـ، بعنوان "صفة الارتباط بين العلماء في القديم" قال فيها "وعلماء الدين أحوج الناس إلى تواصل والتعاون خصوصًا في العصر الذي تفشى فيه وباء الإلحاد، وقلّت الرغبة في العلوم الدينية بل كادت تعم النفرة عنها، واستغنى كل أحد برأيه.

فعلماء الدين مفتقرون إلى التعاون لإيجاد طرق تقرب المسافة بينهم وبين المتعلمين العلوم الحديثة، وتجلى فيها المسائل الدينية في معارض تتفق وطريق التفكير العصري، فيستطاع بذلك إيقاف الوباء عن زيادة الانتشار ومعالجة المرضى، بل والدعاية المثمرة -إن شاء الله-.

فأما الدواء المعروف الآن، وهو التكفير والتضليل، فإنه لا يزيد الداء إلا إعضالا، ومثله مثل رجل ظهر ببعض أصابعه برص فقطعه! فظهر البرص بأخرى فقطعها!! فقيل له: حنانيك قبل أن تقطع جميع أعضائك! وهذا موضوع واسع، وأكتفي بالإلماع إليه"(2)

طالب العلم الوسيط

أختم هذه الفقرة بالتأكيد على أهمية وجود طالب العلم الوسيط الذي يحسن قدرًا من المعرفة الشرعية والمعرفة الطبيعية، فمثل هذا أقدر على تصور البابين ونقل هذا التصور لطرفي المعادلة، المختصين بالمجال الشرعي والمختصين بالمجال العلمي، ووجود مثل هذا النمط من طلبة العلم سيحل كثيرًا من أوجه الخلل المشاهد في بعض المعالجات التي يقدمها بعض الشرعيين حيال مثل هذه الملفات والتي تسبب فيها عدم استيعاب بعض المعطيات العلمية، أو العجز عن استيعابها، كما أنها ستحل جزء من مشكلات المختصين في مجال العلوم الطبيعية، حين يتحدثون عن قضايا تتماس مع التصورات الشرعية على نحو ينم عن جهلهم


المصدر:

  1. عبد الله بن صالح العجيري، ميليشيا الإلحاد، ص141

الإشارات المرجعية:

  1. تفسير ابن كثير 191/5
  2. صفة الارتباط بين العلماء في القديم، ص16
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الاجتهاد وتمدين الإسلام | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاجتهاد وتمدين الإسلام


أما الآخر الذي أحب أن ألفت النظر إلى خطورته فهو تطوير الإسلام لكي يوافق الواقع في حياتنا المعاصرة. وقد بدأ هذا الاتجاه كما رأينا في أول الأمر بإحساس الحاجة إلى مواجهة الأقضية الجديدة باستنباط أحكام شرعية توافقها ورأينا صدى ذلك فيما كتبه الطهطاوي وخير الدين التونسي

بقلم: محمد محمد حسين
367
من جماليات الإسلام | مرابط
اقتباسات وقطوف

من جماليات الإسلام


من جماليات الإسلام إنه لا يكبت طاقة عندك أبدا كلما كبت شهوة أو منع محرم جعل تصريفها في مستحب تؤجر عليه! تأمل مثلا حين كبت شهوة اللسان وأمرك بحفظه كيف أتاح لك صرف الرغبة المحمومة في إطلاق لسانك باستحضار معية الله؟!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
345
بارود لم ينفجر وطباعة لم تطبع | مرابط
تاريخ فكر مقالات

بارود لم ينفجر وطباعة لم تطبع


تواتر القول بأن اختراع المطبعة واختراع البارود قد كانا فاتحة عهد أو نقطة تحول في تاريخ الحضارة الحديثة وبين المطبعة والبارود مناسبة أو مشابهة قريبة وهي مشابهة التعميم فقد أصبح الكتاب ميسورا لكل من يطلبه بعد نشر الطباعة وقد كان قبل ذلك موقوفا على رجال الدين أو على الذين يتفرغون لنسخ الكتب ودرسها وكلاهما يلجئ الطالب إلى تفرغ وانتظار وقد أصبح حمل السلاح ميسورا لمئات الألوف وألوف الألوف بعد صنع الرامية البارودية وقد كان السلاح الفعال حكرا قبل ذلك لفرسان القلاع

بقلم: عباس محمود العقاد
1160
شبهة: أنا مسلم غير متدين! | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة: أنا مسلم غير متدين!


إن نفي المسلم صفة التدين عن نفسه يساوي نفي الإسلام عن نفسه وفي الغالب هو لا يقصد ذلك لأننا إذا سألناه عن دينه سيجيب بأنه مسلم ونفيه التدين عن نفسه يعني أنه بلا دين وهذا تناقض. في الحقيقة هذه من العبارات المستوردة من الثقافات العلمانية الغربية التي تتبنى الفصل بين الدين وحياة الإنسان الشخصية

بقلم: د. جمال الباشا
338
العقل والغيبيات | مرابط
فكر

العقل والغيبيات


أرسل إلي أحد الأصدقاء هذا السؤال: جملة العقل لا يدخل في الغيبيات هل هي هكذا صحيحة على إطلاقها؟ وما التفصيل؟ إليكم الرد

بقلم: د. سلطان العميري
248
تعلق القلب بالمخلوقات | مرابط
اقتباسات وقطوف

تعلق القلب بالمخلوقات


وكل من علق قلبه بالمخلوقات أن ينصروه أو يرزقوه أو أن يهدوه خضع قلبه لهم وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك وإن كان في الظاهر أميرا لهم مدبرا لهم متصرفا بهم فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة ولو كانت مباحة له يبقى قلبه أسيرا لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد وهو في الظاهر سيدها لأنه زوجها

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
478