الحكمة من خلق الإنسان؟

الحكمة من خلق الإنسان؟ | مرابط

الكاتب: د. عائض القرني

470 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًًا كثيرًًا.
اللهم لك الحمد خيرًًا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عزَّ جاهك، وجلَّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت.

في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، أنت رب الطيبين، لا إله إلا أنت، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى.

اللهم صلِّ وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل.

اللهم صلِّ وسلم على صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، اللهم صلِّ وسلم على من هديت به البشرية، وأنرت به أفكار الإنسانية، وزعزعت به الوثنية، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًًا كثيرًًا.

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًًا كَثِيرًًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًًا" [النساء:1]

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران:102] "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًًا سَدِيدًًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًًا عَظِيمًًا" [الأحزاب:70-71].

لماذا خلقنا؟
وإلى أين نسير؟
ومن يحاسبنا؟
وما هو مصيرنا؟

هذه أسئلة لا بد أن يجيب عليها من يريد الله والدار الآخرة:

لماذا خلقت أيها الإنسان؟
لماذا وجدت؟
لماذا جعل الله لك عينين ولسانًًا وشفتين؟
لماذا بصَّرك وأراك؟
لماذا علمك وأنطقك؟
لماذا أكلك وشربك؟
لماذا سترك وقومك؟
لماذا أسمعك وبصّرك؟

هذه الأسئلة لا بد أن يجيب عليها المسلم إن كان يريد الله والدار الآخرة، يقول الله للإنسان المتمرد: "يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ" [الإنفطار:6] ما لك تمردت علينا -أيها الإنسان- وقد خلقناك ولم تك شيئًًا؟

ما لك -أيها الإنسان- نسيتنا وقد علمناك، وجهلتنا وقد أدبناك، وتمردت علينا وقد أرويناك وأسقيناك وأشبعناك؟!

والله يقول: "هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًًا مَذْكُورًًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًًا بَصِيرًًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًًا وَإِمَّا كَفُورًًا" [الإنسان:1-3].

يا أيها الإنسان: خلقت من نطفة، وأتيت إلى الدنيا من بطن أمك وأنت تبكي وكأن بطن أمك أوسع لك من الأرض، فلماذا خرجت تبكي من بطن أمك؟!

ولدتك أمـك يابن آدم باكيًًا   والناس حولك يضحكون سرورًًا
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا   في يوم موتك ضاحكًًا مسرورًًا
لا إله إلا الله ما أغفل الإنسان! لا إله إلا الله ما أجفى الإنسان! لا إله إلا الله ما أظلم الإنسان! يوم يأتي من بطن أمه لا ملابس له ولا منصب ولا وظيفة ولا بيت ولا سيارة ولا جاه، ليسقط قطعة لحم على الأرض وهو يبكي، فإذا ما بصَّره الله وعلمه وأنبته وتملك، وأصبح له وظيفة، وأصبح ذا منصب وسيارة وجاه؛ نسي الله، وتمرد على حدود الله، وانتهك محارم الله وحدوده، فأين العقول؟!

وأين الأسماع؟!
وأين الأبصار؟!

الله يقول من فوق سبع سماوات: (الكبرياء إزاري، والعظمة ردائي، من نازعني فيهما عذبته) الله أكبر كبير، وأعظم عظيم، وأغنى الأغنياء، وأما أنت أيها الإنسان ففقير بن فقير، مسكين بن مسكين، إن لم يسترك الله افتضحت.

فيا عباد الله! يا من أتى إلى بيوت الله! يا من عود نفسه الصوم، وسجد في التراب لله!

ومما زادني شرفًًا وفخرًًا   وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي   وأن صيرت أحمد لي نبيًًا


المصدر:
محاضرة لماذا خلقنا

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#خلق-الإنسان
اقرأ أيضا
الانتصار للحق أم للنفس؟ | مرابط
مقالات

الانتصار للحق أم للنفس؟


وهاهنا أمر خفي ينبغي التفطن له وهو أن كثيرا من أئمة الدين قد يقول قولا مرجوحا ويكون مجتهدا فيه مأجورا على اجتهاده فيه موضوعا عنه خطؤه فيه ولا يكون المنتصر لمقالته تلك بمنزلته في هذه الدرجة لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله بحيث أنه لو قاله غيره من أئمة الدين لما قبله ولا انتصر له ولا والى من وافقه ولا عادى من خالفه وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه وليس كذلك

بقلم: عبد الله القرني
353
شبهة حول الكسوف والخسوف | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

شبهة حول الكسوف والخسوف


يقول بعض المشككين: الواضح أنه ليس الهدف من البرق أن يخوف الله البشر أو الهدف من الكسوف ما ظنه البعض بجهالة أنه لموت إبراهيم ابن النبى أو خشية قيام الساعة بل الأمر مجرد ظواهر طبيعية عادية وهذا هو فضل العلم الحديث على البشرية جمعاء ولكنهم لم يكونوا يدركون ذلك بعد وكان تفسيرهم لتلك الظواهر نابعا من استنتاجات محدودة وبين يديكم مقال مختصر وموجز في الرد على هذه الفرية

بقلم: محمد الغزالي
692
الطاقة الذهنية | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

الطاقة الذهنية


الإنسان يملك كمية معينة من وقود التفكير وينبغي للمرء أن يكون حاذقا في صرف طاقته الذهنية في المواد المجدية يقول ابن القيم في فصل عقده في كتابه الفوائد في بيان هذا المفهوم أصل الخير والشر من قبل التفكير فإن الفكر مبدأه الإرادة

بقلم: إبراهيم السكران
377
من أدلة وجود الله: دليل الآفاق | مرابط
تعزيز اليقين

من أدلة وجود الله: دليل الآفاق


قال تعالى: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد فصلت:53. فقوله: سنريهم آياتنا في الآفاق أي: علامات وحدانيتنا وقدرتنا وقوله في الآفاق يعني أقطار السماوات والأرض: من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات وغير ذلك مما فيها من عجائب خلق الله.. وهذا المقال يناقش دليل الآفاق المثبت لوجود الله عز وجل.

بقلم: علي محمد الصلابي
342
مغالطة الإحراج الزائف | مرابط
تعزيز اليقين

مغالطة الإحراج الزائف


سألت مرة عددا من الطلاب الرائعين الذين أسعد بتدريسهم في الجامعة سؤالا وأردت أن يحددوا الجواب الصحيح: لأننا لا نرى بأعيننا نعيم القبر ولا عذابه فعندنا شخص يقول: أنا لا أؤمن بهذا لأنه يخالف العقل ونجد في مقابله شخصا آخر يقول: أنا أؤمن به ولو خالف العقل فأنت مع أي الرأيين في هذا؟.. فكانت الإجابة: نؤمن به ولو خالف العقل!

بقلم: د. فهد بن صالح العجلان
372
الاستحداث.. بين العلوم المدنية والشرعية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاستحداث.. بين العلوم المدنية والشرعية


وهاهنا الفارق الجوهري الذي غاب في زحمة الفكر العربي المعاصر ذلك أن الاستحداث في العلوم المدنية: مؤشر إبداع مطلوب والاستحداث في العلوم الشرعية: مؤشر تراجع وانحطاط لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم بكل وضوح يؤكد للصحابة هذين المنهجين المتعاكسين: ففي العلوم المدنية يقول لهم: أنتم أعلم بأمر دنياكم وفي العلوم الشرعية يقول لهم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.

بقلم: إبراهيم السكران
387