شبهة أن نمروذ لم يكن حيا في زمن إبراهيم عليه السلام

شبهة أن نمروذ لم يكن حيا في زمن إبراهيم عليه السلام | مرابط

الكاتب: محمد عمارة

1118 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

أصل الشبهة:

حسب القرآن وأقوال المفسرين، ألقى نمروذ بإبراهيم فى النار [21: 68 ـ 69] ، وليس من المعقول أن يكون نمروذ حيًا فى زمن إبراهيم ـ عليه السلام [الكتاب المقدس: سفر التكوين: 8: 10 ـ 11، 10: 22 ـ 25، 11: 13 ـ 26].

الجواب:

فى قصص القرآن الكريم عن إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ مشاهد عديدة.. منها معجزة نجاته من التحريق بالنار، بعد أن حطم أصنام قومه التى يعبدون: (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين. قلنا: يا نار كونى بردًا وسلامًا على إبراهيم. وأرادوا به كيدًا فجعلناهم الأخسرين) [الأنبياء: 68 ـ 70].

ويحكى القرآن " محاجة " إبراهيم للملك ـ فى سورة البقرة ـ: (ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم: ربى الذى يحيى ويميت، قال: أنا أحيى وأميت، قال إبراهيم: فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذى كفر، والله لا يهدى القوم الظالمين) [البقرة: 258].

والقرآن الكريم لم يسم الملك الذى حاج إبراهيم فى ربه.. لأن قصد القرآن من القصص هو مضمون المحاجة، والعبرة منها، واسم الملك لا يقدم ولا يؤخر فى المضمون والعبرة.. أما تسمية هذا الملك ـ الذى حاجه إبراهيم ـ بـ (النمروذ) والاختلاف فى نطق اسمه، ومدة ملكه.. فجميعها قصص تاريخى، أورده المفسرون.. فهو غير ملزم للقرآن الكريم [القرطبى ج 3 ص 283 ـ 285، والكشاف ج 1 ص 387 ـ 389].

ومن ثم لا يصح أن يورد ذلك كشبهة تثار ضد القرآن.. فليس لدينا فى التاريخ الموثق والمحقق ما يثبت أو ينفى أن اسم الملك الذى حاج إبراهيم الخليل فى ربه هو (النمروذ).. وإنما هو قصص تاريخى يحتاج إلى تحقيق.

ولقد راجعت العهد القديم، فى المواضع التى جاء ذكرها فى السؤال [سفر التكوين: 8: 10، 11، 10: 22 ـ 25، 11: 13 ـ 26] وهى تحكى عن قبائل نوح، ومواليد ابنه سام، فلم أجد فيها ذكرًا للملك (النمروذ).

وفى (دائرة المعارف الإسلامية) التى كتبها المستشرقون، وقد حرر مادة (إبراهيم) فيها (ج. ايزبرغ) ، يأتى ذكر الملك نمروذ فى قصة إبراهيم دون اعتراض، وفى أثنائها إشارات إلى مصادر عبرية أشارت إلى النمروذ، منها (دلالة الحائرين) لموسى بن ميمون: الفصل 29.. ومنها (سفر هياشار) : فصل نوح..

وتأتى الإشارة إلى (نمروذ) الملك فى سفر التكوين ـ بالعهد القديم ـ الأصحاح 10: 8 ـ 11 باعتباره " الذى ابتدأ يكون جبارًا فى الأرض ".. وبه كان يضرب المثل فى التجبر.. " وان ابتداء مملكته بابل وآرك وأكد وكلنة من أرض شنغار. من تلك الأرض خرج أشور وبنى نينوى.. " الخ.. الخ.

وأخيرًا.. فليس هناك ما يمنع تكرار الاسم ـ (نمروذ) ـ لأكثر من ملك فى أكثر من عصر وتاريخ.. ويبقى أن الشبهة ـ إذا كانت هناك شبهة ـ خاصة بالقصص التاريخى.. ولا علاقة لها بالقرآن الكريم.

 


 

المصدر:

 

محمد عمارة، شبهات حول القرآن الكريم، ص9

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-القرآن
اقرأ أيضا
فعل الرب التبصير والتغيير وفعل الشيطان التحسير والتعيير! | مرابط
مقالات

فعل الرب التبصير والتغيير وفعل الشيطان التحسير والتعيير!


العبد إذا انتبه إلى تماديه في دركات التقصير أو استمع إلى موعظة أزعجت قلبه عن رقدة الغفلة فإن فعل الشيطان معه هو التحسير والتعيير حتى يكبله عن مسالك التدارك بآصار الكآبة والحزن واليأس ولا يزال به حتى يوقعه في أعظم مما كان عليه وهو التنكر لنعم الله الدينية ولطفه بعبده وكرمه ورحمته فيجحد الموجود حسرة على المفقود فيجمع بين الشرين!

بقلم: كريم حلمي
305
شبهة: لماذا فرض الله الحجاب على المرأة دون الرجل؟ | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

شبهة: لماذا فرض الله الحجاب على المرأة دون الرجل؟


تشريع الحجاب للمرأة في الحقيقة حفظ لحقوقها وحقوق غيرها من أخواتها وضبط لقاعدة التعامل بالعدل معها وتشريف للمرأة بأن جعل التعامل معها يكون بقوانين العدل لا بقوانين الجمال والقبح وقوانين الإغراء فتتحول إلى سلعة يختلف الرجال في تقويمها

بقلم: د سلطان العميري
665
نكتة لطيفة في القضاء والقدر | مرابط
اقتباسات وقطوف

نكتة لطيفة في القضاء والقدر


فإن قيل فما الفرق بين كون القدر خيرا وشرا وكونه حلوا ومرا؟ قيل الحلاوة والمرارة تعود إلى مباشرة الأسباب في العاجل والخير والشر يرجع إلى حسن العاقبة وسوئها فهو حلو ومر في مبدأه وأوله وخير وشر في منتهاه وعاقبته وقد أجرى الله سبحانه سنته وعادته أن حلاوة الأسباب في العاجل تعقب المرارة في الآجل ومرارتها تعقب الحلاوة فحلو الدنيا مر الآخرة ومر الدنيا حلو الآخرة

بقلم: ابن القيم
346
وسلسلت الشياطين: لماذا لم ينقطع الشر؟ | مرابط
أباطيل وشبهات فكر

وسلسلت الشياطين: لماذا لم ينقطع الشر؟


إن شياطين الإنس الذين أفرغوا رمضان من مضمونه ومعناه الديني قد نجحوا -بالفعل- في تحويله إلى مجرد فلكلور شعبي.. فأصبح رمضان يعني العزومات والحلويات والمسلسلات وبرامج المقالب والترويع رمضان يعني الفوازير واللقاءات التليفزيونية التي لا يستفيد منها المشاهد أي شيء سوى معرفة بعض التفاصيل الخاصة عن حياة الممثلين والفنانين رمضان يعني الفوانيس والأنوار والزينة والسهرات الرمضانية والخيام الترفيهية والحفلات المختلطة وغير ذلك من المظاهر الاحتفالية.. كل هذا في مجمله يشكل فلكلورا شعبيا

بقلم: محمود خطاب
504
لا تستعجل النتائج | مرابط
اقتباسات وقطوف

لا تستعجل النتائج


إن القرآن يوجه القلوب والعقول ألا تستعجل النتائج فهي لا بد آتية حسب السنة الماضية التي لا تتبدل وأعمار الأفراد ليست هي المقياس والجولة العارضة ليست هي الجولة الأخيرة قد ينتصر الباطل فترة من الوقت ويزدهر ويتمكن ويعلو في الأرض ولكن هذا ليس نهاية القول ولا نهاية المطاف إنه جزء من سنة الله المتشعبة الجوانب

بقلم: محمد قطب
751
خرافة تحديد النسل | مرابط
فكر مقالات

خرافة تحديد النسل


الفقر الواقع أو المتوقع لا يعود إذن إلى علل طبيعية بل إلى سوء تصرف واضطراب إدارة أو كما يقول الاقتصادى الأمريكى المشهور بول باران : إننا يجب أن ندق ناقوس الخطر لا لأن القوانين الأبدية فى الطبيعة قد جعلت من المستحيل إطعام سكان الأرض بل لأن النظام الاقتصادى الاستعمارى يحكم على جموع كثيفة من الناس لم يسمع بضخامتها من قبل أن تعيش فى كنف الفاقة والتدهور والموت قبل الأوان

بقلم: محمد الغزالي
688