شبهة حول تحريم المعازف

شبهة حول تحريم المعازف | مرابط

الكاتب: فهد بن صالح العجلان

2265 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

أصل الشبهة:

هل القول بتحريم المعازف وعدم الاعتداد بخلاف من خالف فيها هو من (الغلو في التحريم) عند بعض العلماء المعاصرين، نظرًا لما في هذه الطريقة من (إنكار اعتبار الخلاف) كما يقرر بعض الناس؟


فهو يقول:
 
لا إشكال في التحريم لأنه قول اجتهادي، إنما الإشكال في عدم اعتبار الخلاف، لما فيه من غلو في التحريم، وتعطيل لاعتبار الخلاف السائغ؟

 

قول أهل العلم

الواقع أن هذا القول ليس قولًا خاصًا ببعض العلماء المعاصرين، فالقول بتحريم المعازف وعدم الاعتداد بخلاف من خالف فيها هو قول عامة أهل العلم، فهم لا يفتون بالتحريم فقط، بل ينصون معه على عدم اعتبار خلاف من خالف فيها، فخلاف المعازف هو عندهم من قبيل الخلاف غير السائغ.

ولهذا حكى كثير من العلماء إجماع العلماء على حرمة المعازف، وهؤلاء الأعلام الذين حكوا الإجماع لم يكن خافيًا عليهم أن بعض العلماء قد يجيز ذلك، وإنما دافع الإجماع عدم الاعتداد بهذا الخلاف، إما لكونه مسبوقًا بإجماع من قبلهم، أو لشذوذه ونكارته.

 

كما أن علماء المذاهب والمحققين من أهل العلم كانوا يجرون أحكام المعصية على المعازف، ولم يكن يتعاملون مع المعازف تعاملهم مع مسائل الخلاف السائغ، فتجد في كتب المذاهب الاربعة جميعًا تقرير إتلاف آلات الملاهي، وسقوط تضمينها، ومنع المجاهرة بها، وتعزير أصحابها، والحكم بالفسق وسقوط الشهادة، وغيرها، وهي نقول شهيرة لا يحتاج طالب العلم المبتدئ لذكرها، بما يعني أن الفقهاء لم يكن يقررون التحريم فقط، بل يرون القول بخلافه لا اعتبار له.
بل تجد في كلام كثير منهم أقوالًا شديدة في حق مستحل المعازف، ولو كانت المسألة في نظرهم من الخلاف السائغ لما ساغ اطلاق مثل هذه العبارات.
كما أن ذكر المعازف يأتي في كتب الفقهاء المتقدمين ضمن المعاصي والمنكرات ولا يذكر ضمن الخلاف السائغ.

 

إذن، فالمعازف في فتيا عامة الفقهاء محرمة، ولا يرون الخلاف فيها سائغًا، فهي ليست طريقة جديدة لبعض المعاصرين، بل هو مسلك عامة الفقهاء، فإذا كانت هذه الطريقة غلوًا وتشددًا، فهذا طعن في الحقيقة في عامة الفقهاء المتقدمين والمتأخرين قبل أن يكون طعنًا في بعض الفقهاء المعاصرين، وهذه من الآثار السيئة التي تثمرها الخصومات المعاصرة، أن يتحمس بعض الناس في نقد بعض المعاصرين في اجتهاداتهم وقد يكون في انتقاداه لهم ما هو حق، لكن رهق الخصومة يدفع لتجاوزات يلزم منها النيل من قدر أهل العلم كافة بوصف قولهم بأنه غلو في التحريم، أو أن يلوم بعض المعاصرين على ما هو حق أو سائغ من كلامهم بسبب وقوعهم في أخطاء أو اجتهادات غير سائغة.

 

والتهاون في إطلاق أوصاف الغلو والتشدد والتطرف هي طريقة صحفية مستهلكة في زماننا، والعاقل البصير لا يعبأ بها، لكنها أصبحت تؤثر على قطاع كبير من الناس –من حيث يشعر أو لا يشعر- نظرًا لكثافة الضخ الإعلامي المصاحب لها.
ومن السهل هنا أن أضع عشرات المواعظ في أهمية العدل والموضوعية والوسطية، وأن أذكِّر الآخرين بكثير من الآداب والأخلاق، لكن التحدي الحقيقي هو في الالتزام العملي التام بها، وأما الكلام فيحسنه كل أحد.

 

الأمر الثاني:

 

إذا كان صاحب هذا الكلام حريصًا على الالتزام باعتبار الخلاف، وإذا كان يلوم بعض المعاصرين على عدم اعتداده بالخلاف وأن هذا غلو وتشدد، فهو في الحقيقة قد وقع فيما نهى عنه، فتحريم المعازف وعدم الاعتبار بخلاف من خالف هو في أقل أحواله قول معتبر، واختيار فقهي شهير وله أدلته، بل هو يستند في عدم الاعتبار للخلاف إلى أقوى مما يستدل به من يجيز المعازف، وحجم الخلاف فيه أقوى بكثير من حجم من خالف، فإذا كان الشخص صادقًا في اعتبار الخلاف فلماذا لا يعتبر بخلافهم؟ ولماذا يصف قولهم بالغلو والتشدد ويلغي اعتباره؟

 

فإذا كان الشخص يستند إلى قاعدة مراعاة الخلاف على حسب أصولها الشرعية واعتبارها الفقهي فلا بد أن يراعي خلاف من لا يعتد بخلاف المعازف، خاصة أنه قول عامة علماء الخلف والسلف، وأما إذا أعملها وفق الطريقة الصحفية فإنه سيقع في مثل هذا التناقض، فيبالغ في الإنكار بدعوى التمسك بمبدأ اعتبار الخلاف، في نفس الوقت الذي لا يلتزم هو نفسه بإعمال هذا المبدأ.

 

بل إن عدم اعتبار الخلاف السائغ –لو سلمنا ان المعازف من هذا النوع- هو أهون من الحكم على مذهب عامة أهل العلم في التحريم وعدم اعتبار خلاف من خالف بأنه من قبيل الغلو في التحريم.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المعازف
اقرأ أيضا
شبهات حول الحجاب: الحجاب شريعة رجعية 2 | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات المرأة

شبهات حول الحجاب: الحجاب شريعة رجعية 2


كثيرا ما طرق آذان المسلمات قول صارخ منتفش ودعوى فجة مغرورة أن مطالبة المرأة العربية بارتداء الحجاب في القرن الواحد والعشرين حيث تطور العالم وبلغ في ابتكاراته العلمية الذروة وتطور المجتمع وأصبح أكثر انفتاحا ونضجا لهو دعوة صريحة إلى الانتكاس والعودة إلى القرون الوسطى عصور الظلام

بقلم: سامي عامري
847
الصين الشيوعية والتركستان المسلمة ج1 | مرابط
توثيقات

الصين الشيوعية والتركستان المسلمة ج1


دولة التركستان الشرقية من الدول الإسلامية المحتلة التي ابتلعتها الصين الشيوعية في سنة 1949م في ظل غفلة المسلمين عن قضاياهم الماسة ونتيجة لفرقة المسلمين وتشتتهم وهي أرض إسلامية خالصة ولقد فصلنا في تاريخها في مقال سابق بعنوان قصة الإسلام في الصين كما ذكرنا الثروات الهائلة التي تمتلكها هذه الدولة الإسلامية الكبرى والإمكانيات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية والدينية التي تتمتع بها وهذا في مقال آخر بعنوان كنوز التركستان الشرقية وفي مقالنا هذا نرى ماذا فعلت الصين الشيوعية في العقود الثلاثة الأ...

بقلم: راغب السرجاني
699
خرافة قانون الجذب | مرابط
فكر اقتباسات وقطوف

خرافة قانون الجذب


إن الشريعة جاءت ببيان أن مجرد ما يتردد في النفس من الخواطر والأفكار فليس محلا للمؤاخذة أو المحاسبة ما لم ينتج عنه عمل وهؤلاء يريدون أن يجلعوا الخواطر السيئة بمجردها سببا لنزول المصائب والبلايا مطلقا مناقضين بذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوسوت به صدورها ما لم تعمل أو تكلم فأصحاب قانون الجذب الفاسد يقلبون الموازين بحصر سبب المصيبة في تفكير من وقعت عليه مغفلين بذلك الأسباب الحقيقية التي أثبتتها نصوص الشرع وقواعد العقل الصحيح

بقلم: عبد الله العجيري
380
بواعث تقوية الدين | مرابط
تعزيز اليقين

بواعث تقوية الدين


أن يعلم العبد بأن فيه جاذبين متضادين ومحنته بين الجاذبين جاذب يجذبه إلى الرفيق الأعلى من أهل عليين وجاذب يجذبه إلى أسفل سافلين فكلما انقاد مع الجاذب الأعلى صعد درجة حتى ينتهى إلى حيث يليق به من المحل الأعلى وكلما انقاد إلى الجاذب الاسفل نزل درجة حتى ينتهى إلى موضعه من سجين ومتى أراد أن يعلم هل هو مع الرفيق الأعلى أو الأسفل فلينظر أين روحه في هذا العالم فإنها اذا فارقت البدن تكون في الرفيق الأعلى

بقلم: ابن القيم
423
تغير الفطرة من موانع فهم الشريعة | مرابط
اقتباسات وقطوف

تغير الفطرة من موانع فهم الشريعة


وإذا تغيرت الفطرة التي طبع عليها الإنسان فلن يفهم الأوامر الشرعية التي أمره الله بها حتى تعدل الفطرة عن انتكاستها لتستوعب كالإناء المقلوب لا بد من تعديله حتى يستوعب ما يوضع فيه لهذا شدد الله في أمر الفطرة وحذر من تغييرها لأنها تؤثر على استيعاب أوامره ونواهيه

بقلم: عبد العزيز الطريفي
606
صحابيات طبيبات؟ | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

صحابيات طبيبات؟


ليس غرضنا إحراج الدعاة ولا بيان جهل بعضهم بالنصوص ولكن هم من وضعوا أنفسهم في هذه الدائرة النتنة فتجده يذكر روايات لا تصح كعمل أمنا خدبجة أو يفضح نفسه التي تدرك نصف العلم كأخبار تطبيب الصحابيات للرجال.هذا الأمر ليس بالهين لأن المرأة التي تدرس الطب إنما تدرسه مع رجال فينشر لها جسد رجل عار تماما فتلمس ذكره لتفكك أجزاءه وتكتشف أسراره بحضور زميلها الرجل! ولربما يشرح لها أكثر فهو أدرى منها بذلك!. فأي ذوق هذا؟!.

بقلم: قاسم اكحيلات
742