ظلم المنقبات في البيئة المختلطة

ظلم المنقبات في البيئة المختلطة | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

763 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحمدلله وبعد،،

جلست مع بعض قريباتي وطلبت منهن المقارنة بين الدراسة والعمل في بيئة مختلطة وفي بيئة غير مختلطة، كنت أستمع لهن وأغذي النقاش فقط بالأسئلة المفتوحة، وكنت أدوّن بعض ما أسمع، أعترف لكم أنني ومع كل قراءاتي حول هذا الموضوع فإنني وقفت أمام براهينهن وحججهن والتفاصيل الواقعية التي يذكرنها موقف الجاهل، كنت كأنني صحفي يقرأ في المستصفى للغزالي! كانت جلسة مبهرة سأعرض هاهنا بعض ما تعلمته منهن.

كنت أستمع لهن وأزداد حنقًا على دعاة الاختلاط كيف لايراعون مشاعر المرأة؟ كيف لايراعون احتياجاتها وأحاسيسها؟ كيف تنتهك حقوق المنقبات في البيئة المختلطة هكذا بكل بساطة؟!

تقول قريباتي: أنهن حين يدخلن الجامعة أو العمل غير المختلط ينزعن عباءاتهن ونقابهن ويتحركن في الممرات والقاعات وصالات الطعام بكل مرونة وانسيابية، ويتناولن طعامهن بكل راحة، ويشربن القهوة (أو الكوفي كما في روايتهن) وهن مرتاحات بلا نقاب، بينما في البيئة المختلطة فيفرض على المرأة أن تضع غطاءها على وجهها ثمان ساعات متواصلة، وهذا أمر مرهق للتنفس (أو حسب عبارتهن: نحس بكتمة)، ويحرمهن من راحة الحديث والطعام، بل حتى في هيئة الجلوس والاتكاء ستفرض علينا قيود في البيئة المختلطة لانتكلفها في البيئة غير المختلطة.

كنت أستمع لهن وأقول في نفسي: كيف لايتأمل دعاة الاختلاط هذا التعذيب الذي يفرضونه على المنقبات في البيئة المختلطة، هم يتجولون بكل راحة ويريدون هذه المسكينة أن تتلفع بنقابها ثمان ساعات متواصلة!

تقول إحداهن: الرجل لو يجرب أن يضع قماشًا على وجهه ساعة واحدة لعلم ماذا يعني وضع المنقبات في البيئة المختلطة ثمان ساعات متواصلة!
التعليم والعمل المختلط هو بكل اختصار: حرمان الفتاة من نزع نقابها والتحرك براحة في مجال التعليم والعمل.

وتقول قريباتي أيضًا: أن البنات –خصوصًا- يحببن أن يتضاحكن ويمزحن وهذا ممكن في التعليم والعمل غير المختلط، لكن في البيئة المختلطة (حسب الضوابط الشرعية التي يقولونها) فإنه لايجوز للفتيات أن يتضاحكن ويقهقهن بين الرجال، وهذا يعني أن الفتاة في البيئة المختلطة يجب عليها أن تكون متحفظة ومشدودة طوال ثمان ساعات، وهذا أمر مرهق جدًا، هذا يعني أن التعليم والعمل المختلط يقتضي حرمان الفتاة الملتزمة بالضوابط الشرعية من حق المرح والفكاهة والمزاح لتلطيف أجواء الدراسة والعمل!

وتقول قريباتي أيضًا: أنه في البيئات غير المختلطة كثيرًا ما تمر أحداث نحتفل بها مثل التخرج وسفر إحدى الصديقات أو تماثل إحدى الزميلات للشفاء ونحو ذلك، وفي هذه الحفلات نتخذ كل وسائل البهجة (وعلى حد عبارتهن: نجيب مسجل ويصير فيها تمثيل وضحك)، بينما يستحيل كليًا أن نحتفل بمثل هذه البهجة في البيئات غير المختلطة.

بالله عليكم أليس هذا انتهاك لحقوق الفتيات المنقبات والملتزمات بدينهن؟! بدل أن تكون الفتاة في البيئة غير المختلطة مبتهجة مرحة بين قريناتها، ستكون تحت الرقابة ثمان ساعات مفروض عليها أن تتكلم حسب مقاييس معينة، وتتكلم حسب الحاجة فقط، وضمن حدود وضوابط ستكون مرهقة!

وتقول قريباتي أيضًا: أن الفتيات في الجامعة يتحدثن للدكتورة علنًا ببعض خصوصياتهن، فالطالبة المتزوجة إذا كانت في فترة حمل أخبرت الدكتورة في القاعة وهي سعيدة بذلك، وكذلك إذا وضعت جنينها وعادت للدراسة تحادثن عن الموضوع علنًا في القاعة، وكذلك إذا كانت الطالبة تمر بحالة عذر شرعي كفترة الطمث لم تجد حرجًا أن تخبر الدكتورة، فتمتنع من مس المصحف مثلًا في درس القرآن، كل هذا يتم براحة وانسيابية ومرونة بين بنات جنس واحد، لكن هذه الارتياح سيتوتر تمامًا في الجامعة المختلطة وستفقد القاعة الدراسية كل حميميتها، وستتمزق الطالبة خجلًا أن تقول أمام الطلاب أنها تمر بفترة الطمث أو أنها حامل! وخصوصًا الفتيات الخجولات.

فبالله عليكم أين حقوق الفتيات في أخذ راحتهن في بيئة خاصة بهن؟ لماذا يتم إحراج الفتاة عمومًا والمنقبة خصوصًا؟ أين حقوق المرأة التي كفلها الشرع لها؟

وتقول قريباتي أيضًا: أن المرأة جبلها الله على حب الزينة (ويشهد لهذا قوله تعالى في سورة الزخرف "أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ" ) ففي البيئة غير المختلطة في الجامعة والعمل تستطيع الفتاة أن تضع عطرًا إذا دخلت المبنى، وتلبس الملابس الجميلة وشيئًا يسيرًا من المكياج، بينما في البيئة المختلطة (حسب الضوابط التي يطلبونها) فسنكون محرومين من هذا، ويجب أن نجتنب الزينة.

فهذا يعني أن الفتاة في البيئة المختلطة محرومة من حقها الفطري في التجمل! فلا أدري لماذا يصر دعاة الاختلاط على حرمانها من حقها الفطري؟!

باختصار شديد الفتاة في البيئة المختلطة ستتكلف ضوابط وقيود تحد من حريتها وارتياحها، بينما في البيئة غير المختلطة ستمارس حياتها الطبيعية وتمرح وتأكل وتتحدث بمساحات وحرية أوسع.

هل تعلم ما هي أكثر عبارة سمعتها تترد في حديثهن؟ هي كلمتي: الحرية والارتياح!
لم أتصور بتاتًا أن العمل والتعليم المختلط هو بكل وضوح "اعتداء على حرية المرأة"..

رسالة أخيرة إلى أولئك الكتّاب وضيوف الفضائيات المتحمسين لنشر الاختلاط: اتقوا الله في حقوق المنقبات ولاتظلمونهن، ووفروا لهن بيئة خاصة يمارسن فيها حريتهن وارتياحهن، وتذكروا أن تحويل فرص التعليم والعمل رغم محدوديتها إلى بيئات مختلطة يعني وضع الفتاة المنقبة أمام خيارات صعبة أشبه بوضع الشخص تحت برج مراقبة منه بالحالة الطبيعية.

 


 

المصدر:

موقع صيد الفوائد

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#إبراهيم-السكران #الاختلاط
اقرأ أيضا
الحداثة الغربية والإمبريالية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحداثة الغربية والإمبريالية


إن هذا الإله الصناعي الحديث إغتال عرقا بأكمله العرق الأحمر أي السكان الأصليين في الأمريكتين وأخذ زبدة عرق آخر العرق الأسود عن طريق النخاسة واستعباد ملايين مما يضع عدد ضحايا هذه العملية نحو مائة مليون إنسان باعتبار أن عبدا واحدا يحتفظ به النخاسون الغربيون كان يقتل مقابله تسعة عبيد

بقلم: عبد الوهاب المسيري
495
سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الأول ج2 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الأول ج2


الأساس الأول الذي بنيت عليه أمة الإسلام والذي بنيت عليه الأمم الأخرى في زماننا وفي الأزمان السابقة هو أساس العلم وبغيره لا تقوم أمة ونتميز نحن المسلمين بأن عندنا العلم الحياتي نعظمه ونجله وكذلك العلم الشرعي الذي أوحى به ربنا سبحانه وتعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ونزل في كتاب الله عز وجل وفي سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم فهذا تفتقده الأمم الأخرى فتجد معايير الأخلاق والعقيدة والآداب عندهم مختلة بينما عندنا صحيحة فنحن نتساوى معهم في العلوم الحياتية إن أردنا لكننا نسبقهم وبمراحل لا مقارنة ب...

بقلم: د راغب السرجاني
680
الحياء في الإنسان | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحياء في الإنسان


وأما الحياء من الله تعالى فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استحيوا من الله عز وجل حق الحياء فقيل: يا رسول الله فكيف نستحي من الله عز وجل حق الحياء قال: من حفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وترك زينة الدنيا وذكر الموت والبلى فقد استحى من الله عز وجل حق الحياء

بقلم: الماوردي
581
ما فائدة طلب العلم وحفظ المتون؟ | مرابط
مقالات

ما فائدة طلب العلم وحفظ المتون؟


أنا أحب العلم ويشدني الحديث عن الكتب والمؤلفين وأبذل جهدي ولكن كلما رأيت الأحداث التي تصيب الأمة والصور والمقاطع يراودني سؤال وإحباط.. ما فائدة حفظ المتون والثقافة في مثل هذا الوقت؟ أليس فريضة الوقت شيء آخر؟

بقلم: إبراهيم السكران
535
الفصل بين الناس في النزاع | مرابط
اقتباسات وقطوف

الفصل بين الناس في النزاع


مقتطف لشيخ الإسلام ابن تيمية يعرض فيه أهمية الوقوف على الكتاب والسنة وإلزام المخالف به ويضرب مثلا على ذلك في مناظرة الجهمية والمسلك الذي سلكه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في محنة خلق القرآن والخلاصة أن نقول كما قال شيخ الإسلام ائتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبكم إلي ذلك وإلا فلسنا نجيبكم إلي ما لم يدل عليه الكتاب والسنة

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1659
المؤامرة على المرأة المسلمة ج1 | مرابط
تفريغات المرأة

المؤامرة على المرأة المسلمة ج1


مرت بالأمة الإسلامية عصور تراجعت فيها عن كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم وعن العقيدة الصحيحة عقيدة السلف الصالح ودخلتها الضلالات والبدع من كل جهة حتى جاءت الحملة الصليبية الكبرى التي تسمى حملة نابليون وعندما قدم نابليون قدم معه عاهرات الفرنجة مرة أخرى ولكن الأمة اختلفت نظرتها هذه المرة عنها في المرة السابقة فأخذوا يكتبون ويقولون -وإن كتب ذلك بعد نابليون - إن المرأة الفرنسية متحضرة متطورة ناهضة وأن على المرأة المسلمة أن تقلدها وأن تحتذي حذوها

بقلم: سفر الحوالي
624