عداء اليهود للمسلمين الجزء الأول

عداء اليهود للمسلمين الجزء الأول | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

1148 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

حقيقة عداء اليهود للإسلام

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

تمكن المسلمون من فتح الأندلس، ثم خرجوا منها وليس ذلك بسبب قوة أعدائهم، وإنما بتفرق كلمتهم وتجزئهم وانقسامهم، فأزال الله سبحانه وتعالى دولتهم، وخرجوا من تلك الديار بعد أن عمروها مئات السنين، وبعد أن كان يرتفع فيها صوت الأذان، ويحكم فيها بشرع الله سبحانه وتعالى، فلما تفرقوا وتجزءوا وأصبحوا دولًا؛ أزال الله سبحانه وتعالى دولتهم، وتخلى نصر الله سبحانه وتعالى عنهم، وهذه حال كل من فعل هذا الفعل وسار في هذا الطريق.

واليوم في وسط بلاد المسلمين تقوم دولة لليهود اغتصبت جزءًا من ديار المسلمين في أول الأمر، ثم زادت عليه فأخذت فلسطين كلها، وأخذت أجزاء أخرى من بلاد المسلمين، وهي تطمع غدًا في احتلال الأردن وسوريا ومصر والعراق، وتصل إلى منابع النفط، وإلى المدينة المنورة، وإلى خيبر حيث كان يقيم آباؤهم وأجدادهم في الماضي.

فهذه مطامعهم ولا يخفونها، وهذه خارطتهم يوزعونها على أبنائهم في مدارسهم، ورفعوها شعارًا لهم فوق مجلس الأمة الذي يسمى بالكنيست، وينادون بها في محافلهم ويكتبونها في كتبهم، ثم بعد ذلك نجد الذين يحكمون بلاد المسلمين يمدون أيديهم إلى اليهود يريدون أن يفاوضوهم، ويريدون أن يجتمعوا بهم، ويرضوا بأن يتقاسموا معهم فلسطين!

والمنظمة التي قاتلت أكثر من خمسة عشر عامًا يقول زعماؤها اليوم: إننا نرضى بشبر من فلسطين نقيم عليه دولة الفلسطينيين! يريدون قطعة أرض يقيمون عليها دولة فلسطين، وليس هناك حاكم من حكام الدول العربية إلا وقد صرح بأنه إذا قبل اليهود بالتقسيم ورضوا بأن تقام دولة للفلسطينيين في جزء من فلسطين فإنهم سيسالمون اليهود وسيعقدون معهم صلحًا.

فهذه قضية خطيرة نأمل ألا تسري إلى نفوس المسلمين، فالعداء بيننا وبين اليهود ليس على شبر أرض، فمنذ أن قامت دولة الإسلام نصب اليهود أنفسهم معادين لهذه الدولة، ومكروا ودبروا وخططوا حتى يقضوا على دولة الإسلام في أرضه وفي مهده، وانتصر الإسلام؛ لأنه منزل من عند الله، واستمر الكيد اليهودي إلى اليوم، وقد بين الله سبحانه وتعالى أن اليهود لا عهود لهم ولا مواثيق، والواحد منهم لا يؤمن جانبه، واليهود كما أخبرنا الله -ومن أصدق من الله قيلا- أنهم يعلمون أن ديننا حق، وأن محمدًا مرسل من عند ربه، وأن هذا الكتاب هو كتاب الله، بل يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ومع ذلك يعادون الإسلام، والمسلمين، ويكفرون بالقرآن، ويكذبون بمحمد صلى الله عليه وسلم.

وأخبرنا الله بأن قلوبهم قست، وأن نفوسهم جفت فيها منابع الخير، وأنهم نقضوا عهودهم ومواثيقهم مع ربهم سبحانه وتعالى، فغضب عليهم ولعنهم، وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، فكيف بعد ذلك يُؤمن جانبهم ويؤمن مكرهم؟

فالقضية عند اليهود واضحة، وهدفهم واضح محدد لا يرضون به بديلًا، وإنما يلاينون ويجاملون في بعض المراحل حتى يتمكنوا، ثم بعد ذلك يقفزون قفزات أخرى حتى يحققوا أهدافهم.

وهذا غباء من المسلمين الذين يظنون أنهم يستطيعون أن يهادنوا اليهود ويسالموهم، أو أن يعيشوا وإياهم في دولة واحدة يجمعها سلطان واحد، أو أن يكون لكل منهما دولته وجيشه وسلطانه، فكل هذا لا يمكن أن يتحقق في واقع الأمر أو واقع الحياة.

ثم إن المسألة مسألة دين، وإرضاء لله سبحانه وتعالى قبل أن تكون مسألة أرض، فالأرض تعود، ولكن إذا أغضبنا الله سبحانه وتعالى فمن ينجينا من غضبه وعقابه؟ فالله سبحانه وتعالى لا يرضى أن يذل المسلمون وأن تنتهك حرمات الإسلام، فلا يجوز أن يرضى المسلمون بالدنية في دينهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يرضى ذلك أبدًا، بل إنه يريد للإسلام العزة، ويريد للمسلمين النصر على فئة لا يبلغ تعدادها بضعة ملايين، فما أشبه الحال هنا بالحال في الأندلس!


أول خطوة في طريق النصر


لو كانت دول الإسلام الآن دولة واحدة تخفق رايتها في هذه البلاد الشاسعة، وجيشها جيش واحد، وحكومتها حكومة واحدة، وماليتها مالية واحدة، أيستطيع أن يقترب منهم اليهود؟ أتستطيع أن تناصبهم العداء أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو روسيا؟
لو كان تعداد دولة الإسلام ثمانمائة مليون مسلم فإنهم يستطيعون أن يشكلوا جيشًا يبلغ تعداده عشرون مليونًا، وعندهم هذه المالية الضخمة، والإمكانات الواسعة، والعقيدة الواحدة التي تؤلف نفوسهم وقلوبهم، وعندهم هدف واحد إما النصر وإما الشهادة، فكيف يستطيع أحد أن يعتدي على حماهم؟ وكيف يستهين بهم أعداؤهم؟ لا يمكن أن يتحقق ذلك.

وكنا نأمل من لقاء زعماء المسلمين في مكة، في مؤتمر إسلامي كبير يضم رؤساء الدول الإسلامية أن يقرروا أول خطوة في الطريق نحو النصر، وهي: أن يشكلوا خلافة إسلامية، أو حكومة إسلامية تجمع شتات الدول الإسلامية، وتوحد أمة الإسلام، وتحكمها شريعة القرآن، ويحكمها كتاب الله سبحانه وتعالى، وأن يكون لها جيش واحد، عند ذلك ستحل مشكلات المسلمين في بلاد الإسلام، ويزول ما يعانيه المسلمون، كل ذلك سينهي مشكلاتهم ومعضلاتهم، والأعداء الذين يناوشونهم من كل جانب، والذين يريدون بهم شرًا، كل ذلك سيتوقف؛ لأنهم أصبحوا قوة يحسب لها ألف حساب، فتخطب ودها أمريكا، ولن ترضى أن تساوم اليهود لتكسب عداء دولة كبيرة عظمى كهذه الدولة.

عند ذلك تعود للمسلمين عزتهم ويعود لهم مجدهم، وعندها سيسير المسلم في أرض الله الواسعة، ويتنقل في بلاد المسلمين رافع الرأس، فلا يطأطئ رأسه إلا لربه سبحانه وتعالى، عند ذلك سنجد جموع الإسلام تتجه إلى القدس لتحرير مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، وعند ذلك تنتهي مشكلة الفلبين، ومشكلة أرتيريا، وتنتهي مشاكل المسلمين الاقتصادية، وكل ذلك سيتلاشى وينتهي.

كانت تلك أول خطوة على الطريق نحو النصر، ونحو العزة والكرامة، ونحو دولة تحقق للمسلمين خيرًا كبيرًا، وتحقق لهم العزة في الدنيا والخير عندما يلاقون ربهم سبحانه وتعالى.

هذه أول خطوة في الطريق، وهي: أن لا يتجزأ المسلمون، وألا يبقوا منقسمين، وإلا فسيسهل الانتصار عليهم، ويسهل أن تمتص دماؤهم وخيراتهم.

لقد بكى الباكون على فلسطين دهرًا طويلًا، جعلوها مثل قميص عثمان، وذلك أن بعض الناس شارك في قتل عثمان ثم تباكى طويلًا عليه.

وكذا قضية فلسطين، فقد تباكى عليها المتباكون طويلًا، وكتبوا، وخطبوا، وتكلموا في مجلس الأمن، ولكن الحالة تزداد كل يوم سوءًا، واليهود يبنون دولتهم ويعدون عدتهم ويهيئون أنفسهم، ويشترون السلاح من كل مكان، ويبنون المصانع، بل صاروا يبيعون السلاح في هذه الأيام، ونحن لم نزل بعيدين عن الطريق، لا نصنع شيئًا ولا نجهز شيئًا بل لا نعمل شيئًا!

 


 

المصدر:

محاضرة عداء اليهود للمسلمين، لعمر الأشقر

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اليهود
اقرأ أيضا
كيف تبحث قضية نشأة العلوم وتطورها؟ | مرابط
أبحاث

كيف تبحث قضية نشأة العلوم وتطورها؟


يعتمد كثير من الباحثين في الحديث عن نشأة العلوم وتطورها على التدوين والكتابة في العلوم فتراه يحدد نشأة العلوم ومراحلها بناء على حالة التدوين فيها فيحكم على أن علما ما نشأ في وقت كذا لأجل أن كتابا معينا ألف في مسائله ويحكم على أنه تطور إلى مرحلة ما لأجل أن نوعا من الكتب ظهر في معالجة مسائله. ولا شك أن حالة التدوين والكتابة في العلم تعد معلما من أهم المعالم المفسرة لنشأة العلوم وتطورها ولكنها ليست المعلم الوحيد فهناك مكونات أخرى لا بد من مراعاتها في دراسة نشأة علم العقيدة وتحديد مراحل تطوره.

بقلم: سلطان العميري
347
دلالة الإجماع على حجية السنة النبوية | مرابط
تعزيز اليقين إنفوجرافيك

دلالة الإجماع على حجية السنة النبوية


يأتي الإجماع على رأس الأدلة المثبتة لحجية السنة النبوية وذلك أن من المعلوم -قطعا- من جهة النقل المتواتر أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كان يقضي قاضيهم على الملأ بسنته وهديه في الحدود والنكاح والمواريث والبيع وغيرها من أبواب العبادات والمعاملات -سواء أكان ذلك مما ذكر في نص القران أم لا- ولا ينكر بعضهم على بعض بل يقرونه ويمضونه في أموالهم وأعراضهم وسائر أحوالهم وبين يديكم مجموعة من النقولات المثبتة لحجية السنة عن طريق الإجماع نقدمها في صورة إنفوجرافيك مختصر وميسور للقراء

بقلم: أحمد يوسف السيد
1313
كيف تقرأ كتابا ج1 | مرابط
تفريغات

كيف تقرأ كتابا ج1


التعليم بالقلم الذي هو من أعظم نعمه على عباده إذ به تخلد العلوم وتثبت الحقوق وتعلم الوصايا وتحفظ الشهادات ويضبط حساب المعاملات الواقعة بين الناس وبه تقيد أخبار الماضين للباقين اللاحقين ولولا الكتابة لانقطعت أخبار بعض الأزمنة عن بعض واندرست السنن يعني: ذهبت واضمحلت وتخبطت الأحكام ولم يعرف الخلف مذاهب السلف وكان معظم الخلل الداخل على الناس في دينهم ودنياهم ما يعتريهم من النسيان الذي يمحو صور العلم من قلوبهم لما صار الناس ينسون من نعمة الله عليهم أن جعل لهم الكتاب وعاء حافظا للعلم من الضياع كا...

بقلم: محمد صالح المنجد
455
الصلاة على النبي.. قصة واقعية | مرابط
مقالات

الصلاة على النبي.. قصة واقعية


يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا أتعرف ما فائدة أن يصلي الله عليك؟ الفائدة هناك في القرآن فإن الله عز وجل يقول: هو الذى يصلى عليكم وملئكتهۥ ليخرجكم من الظلمت إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما. ففائدة صلاة الله عليك أنه بذلك: يخرجك من الظلمات. وكل ضيق وكل مصيبة وكل مشكلة هي ظلمة فإذا أصابك شيء من ذلك فالزم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلى متى؟ إلى أن يخرجك الله من هذه الظلمة.

بقلم: خالد بهاء الدين
312
العمارة في الحضارة الإسلامية ج1 | مرابط
تاريخ

العمارة في الحضارة الإسلامية ج1


أمر الإسلام بتعمير الأرض بالبناء عليها وحث عليه لحماية الإنسان من حر الشمس وبرد الشتاء وأمطاره وجعل اتخاذ المساكن نعمة من الله لمخلوقاته ولذلك وضع الإسلام لبناء المساكن والمدن والقرى الكثير من الآداب وشهدت بلادنا الإسلامية ازدهار العمران والبناء الذي تميز بطابع إسلامي خالص وفي هذه المقالات سيقف بنا الكاتب على ملامح العمران في كل العصور الإسلامية

بقلم: موقع قصة الإسلام
1533
سبيل السعادة على أيدي الرسل | مرابط
اقتباسات وقطوف

سبيل السعادة على أيدي الرسل


لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم.. فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاؤوا به. فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال.

بقلم: ابن القيم
191