علاقة علم النحو بعلوم الشريعة

علاقة علم النحو بعلوم الشريعة | مرابط

الكاتب: ابن حزم

56 مشاهدة

تم النشر منذ 3 أشهر

وأما النحو واللغة ففرض على الكفاية لأن الله يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم: ٤)، وأنزل القرآن على نبيه عليه السلام "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ"، فمن لم يعلم النحو واللغة؛ فلم يعلم اللسان الذي به بيّن الله لنا ديننا وخاطبنا به ومن لم يعلم ذلك فلم يعلم دينه، ومن لم يعلم دينه ففرض عليه أن يتعلمه، وفرض عليه واجب تعلم النحو واللغة، ولا بد منه على الكفاية، ولو سقط علم النحو لسقط فهم القرآن وفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولو سقط لسقط الإسلام، فمن طلب النحو واللغة على نية إقامة الشريعة بذلك، وليفهم بهما كلام الله تعالى وكلام نبيه وليفهمه غيره؛ فهذا له أجر عظيم، ومرتبة عالية لا يجب التقصير عنها لأحد.

وأما من وسم اسمه باسم العلم والفقه وهو جاهل للنحو واللغة؛ فحرام عليه أن يفتي في دين الله بكلمة، وحرام على المسلمين أن يستفتوه، لأنه لا علم له باللسان الذي خاطبنا الله تعالى به. وإذا لم يعلمه فحرام عليه أن يفتي بما لا يعلم؛ قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (الإسراء: ٣٦)، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (الأعراف: ٣٣)، وقال تعالى: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} (النور: ١٥).

فمن لم يعلم اللسان الذي به خاطبنا الله عز وجل، ولم يعرف اختلاف المعاني فيه لاختلاف الحركات في ألفاظه، ثم أخبر عن الله بأوامره ونواهيه؛ فقد قال على الله ما لا يعلم.

وكيف يفتي في الطهارة من لا يعلم الصَّعيد في لغة العرب؟ وكيف يفتي في الذبائح من لا يدري ماذا يقع عليه اسم الذكاة في لغة العرب؟ أم كيف يفتي في الدين من لا يدري خفض اللام أو رفعها من قول الله عز وجل {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ} (التوبة: ٣)، ومثل هذا في القرآن والسنة كثير، وفي هذا كفاية.


المصدر:
التلخيص لوجوه التخليص ص127

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#علم-النحو
اقرأ أيضا
المراحل التي مرت بها الشيعة الرافضة | مرابط
تاريخ فكر مقالات

المراحل التي مرت بها الشيعة الرافضة


الرافضة من أشهر فرق الشيعة ومن أكثرهم غلوا وتطرفا من بين الفرق الأخرى التي تنتسب زورا إلى الإسلام والمقال الذي بين يدينا يوضح لنا الظروف والمراحل التي مرت بها هذه الفرقة وكيف كان بداية أمرها وكيف وصل بها الحال إلى هذه التسمية الجديدة وهذا الفراق بينها وبين الفرق الإسلامية

بقلم: د علي محمد الصلابي
2599
القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات العالمانية

القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي الجزء الثاني


عندما يجري الحديث عن القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي فإن الأمر يتجاوز الحديث عن وقائع معينة تمت روايتها وتدوينها في كتب التاريخ ليجري الحديث عن الأرضية التي يجري على أساسها تحليل واستنباط النتائج من الوقائع كما أن هذا يشمل المنهج المتبع في التحقق من تلك الوقائع إنه في المقام الأول حديث عن فلسفة التاريخ عن المنهج الذي يسلكه المحلل في قراءته وتوظيفه للأحداث التاريخية في نسقه التحليلي قبل المنهج المتبع في التحقق من صدق الرواية التاريخية

بقلم: يوسف سمرين
1093
آيات من سورة ق | مرابط
اقتباسات وقطوف

آيات من سورة ق


ففي قوله:أفلم ينظروا إلى السماء الضمير يعود إلى هؤلاء الذين كذبوا بالبعث وقالوا:أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد فحثهم الله عز وجل حثا بتوبيخ إلى أن ينظروا إلى السماء التي فوقهم:كيف بنيناها أي: بنيناها بقوة وجعلناها سقفا محفوظا وجعلناها سقفا مستويا سليما:رفع سمكها فسواهاالمرسلات:28 وليس فيها من فروج ولا شقوق ولا عيب على طول الأزمنة التي لا يعلمها إلا الله عز وجل

بقلم: ابن عثيمين
319
توجيه النشء بين الأمس واليوم | مرابط
تفريغات

توجيه النشء بين الأمس واليوم


من المؤسف أن تجد كثيرا من الآباء والأمهات اليوم لا يعتنون بتوجيه الناشئة بآداب الإسلام لا في الطعام ولا في الشراب ولا في الدخول ولا في الخروج ولا في دخول الخلاء ولا عند المبيت ولا عند الاستيقاظ لقد تعلمنا كما قلت من عجائز جدات وأمهات ما عرفوا الدراسة ولا يعرفون الألف من الباء.

بقلم: سعد البريك
64
البحث عن مصدر القرآن الكريم ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات تعزيز اليقين

البحث عن مصدر القرآن الكريم ج1


نعم إنها لعجيبة حقا: رجل أمي بين أظهر قوم أميين يحضر مشاهدهم -في غير الباطل والفجور- ويعيش معيشتهم مشغولا برزق نفسه وزوجه وأولاده راعيا بالأجر أو تاجرا بالأجر لا صلة له بالعلم والعلماء يقضي في هذا المستوى أكثر من أربعين سنة من عمره ثم يطلع علينا فيما بين عشية وضحاها فيكلمنا بما لا عهد له به في سالف حياته وربما لم يتحدث إلى أحد بحرف واحد منه قبل ذلك ويبدي لنا من أخبار تلك القرون الأولى مما أخفاه أهل العلم في دفاترهم وقماطرهم.

بقلم: محمد عبد الله دراز
80
أصل الأخلاق المذمومة | مرابط
اقتباسات وقطوف

أصل الأخلاق المذمومة


أصل الأخلاق المذمومة كلها الكبر والمهانة والدناءة وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة فالفخر والبطر والأشر والعجب والحسد والبغي والخيلاء والظلم والقسوة والتجبر والإعراض وإباء قبول النصيحة والاستئثار وطلب العلو وحب الجاه والرئاسة وأن يحمد بما لم يفعل وأمثال ذلك كلها ناشئة من الكبر

بقلم: ابن القيم
228