كيف تقرأ كتابا ج5

كيف تقرأ كتابا ج5 | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

429 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

أسباب عدم الفهم


أما بالنسبة لأسباب الخطأ في الفهم أثناء القراءة، فهي من الأشياء المهمة جدًا، ولعلنا نوجزها لكم فيما تبقى من الوقت، لماذا نقرأ ونخطئ في الفهم؟

 

المراد من العبارة

فقد يكون أحيانًا عدم فهم المراد من العبارة، مثلًا: شخص قرأ حديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يسق بمائه زرع غيره) وعنده بستان وعند جاره بستان، فيمر الماء من بستانه إلى بستان جاره، والحديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق بمائه زرع غيره) فيقطع الماء عن الجار، فإذا اشتكى قال: معي حديث.. وعندما يراجع يعرف أن معنى: لا يسق بمائه زرع غيره، يعني: لا تدخل بامرأة فيها حمل من زوج سابق، ولما يتبين الحمل وتضع حملها، لا بد أن يستبرئ الرحم أولًا، براءة الرحم لا تدخل ماءك على زرع غيرك، وانظروا أين المقصود الصحيح وأين الذي فهمه الرجل.

 

الكلمات متعددة المعاني

أحيانًا يكون للكلمة أكثر من معنى، أو لها معنى في اللغة ومعنى في الشرع، فيقرأ الإنسان في كتب الفقه مثلًا: والعقل على كذا، ويظنه عقل الإنسان، لكن في الفقه العقل هو من العاقلة والدية أثناء القتل، وهذا شيء آخر غير العقل الذي هو يفهمه، أو مثلًا: الإسلام، كلمة الإسلام يفهم منها الدين، لكنه يجد في بعض الكتب: ولا يجوز الإسلام في كذا.. ويجوز الإسلام في كذا.. وإذا أسلم في خمسة دنانير وكذا فيصح الإسلام، كيف يفهم هذا الكلام؟ المقصود بالإسلام الذي هو بيع السلم، وهو نوع من أنواع البيوع.

 

الخلفيات المسبقة

أحيانًا تكون عنده أفكار خاطئة سابقة، خلفية سابقة خاطئة تجعله يحمل الكلام المقروء على غير الوجه الصحيح بسبب الخلفية الخاطئة، مثلًا: أحيانًا المفوض والأشعري يقرأ كلام ابن تيمية يقول: وهذا يؤيد مذهبنا، لأن فكرته خطأ هو، فهو سيحمل كل كلام يقرؤه على هذه الخلفية.

 

استكمال القراءة

وبعض الناس من أسباب عدم الفهم أنهم لا يكملون القراءة للأخير، لا بد من إكمال المقروء، بعض الناس يقول: إن اللبيب بالإشارة يفهم، يقرأ ثلاث كلمات والباقي واضح، أكمل العبارة.. أكمل الفقرة.. اكمل المقطع، فقد يقرأ شخص أول الآية فيقول: يقصد الآية الفلانية ويترك مع أنه يقصد الآية الأخرى حيث أن فيهما تشابه في البداية، وكثيرًا ما نتراجع في معلومات ونتأكد أنا قرأناها بشكل صحيح، ويقول الإنسان: يا أخي! هل أنت متأكد؟ يقول: نعم متأكد أني قرأتها في الكتاب الفلاني، نراجع ونتبين خلاف المقصود.

فلا بد -إذًا- من التوثق والمقارنة، كل ما أشكل شيء نرجع إلى الأصل، نرجع إلى الأصل وهكذا، أحيانًا تكون صياغة المؤلف قصيرة جدًا أو مختصرة، فتحتاج إلى تركيز في القراءة، وهذا شأن علمائنا، وقد يكون الكلام طويلًا متداخلًا يحتاج إلى تحليل، وحذف الأشياء الزائدة، وترتيب العبارات من جديد لتفهم.

 

التنقل السريع بين الفقرات

أحيانًا يقول العالم أولًا... ثانيًا... وبعد ذلك يستطرد وبعد عشرين صفحة يقول: ثالثًا... فينبغي أن يكون القارئ متابعًا، لا يفقد الخيط، وهذا الخطأ في الفهم يؤدي إلى مشاكل منها: نسبة الكلام إلى غير قائله، ومنها تعميم الخاص، يكون الكاتب يقصد شيئًا معينًا، فيقول: يقصد أي: في كل الحالات الأخرى، أحيانًا يفهم شيئًا أنقص مما قصده المؤلف، وأحيانًا يفهم خطأً أن هذا هو رأي المؤلف وليس كذلك.

بعض الناس من المشاكل التي يقعون فيها يفتح الكتاب من منتصفه ويقرأ، مثلًا: مجموع الفتاوى لابن تيمية، يقرأ من منتصفه كلامًا في العقيدة، يا أخي! هذا غريب مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة، لكن مادام أنه ابن تيمية فهو صحيح، ثم يقفل الكتاب، ثم بعد ذلك ينسبه لـابن تيمية في المجالس وقال ابن يتمية.. وبعد المراجعة يتبين أن ابن تيمية رحمه الله نقل هذا عن مبتدع من المبتدعة، وهو كلام طويل جدًا ثم بدأ يرد عليه، وصاحبنا فتح من منتصف الكتاب، فقرأ كلام المبتدع كله وقبل رد ابن تيمية أقفل الكتاب، ويقول: قال ابن تيمية.. وهذا يحدث كثيرًا، ويظلم العلماء بنسبة كلام إليهم لم يقولوه.

من الأشياء التي تساعدك على فهم الكلام إذا قرأت -مثلًا- أدلة المسألة ثم أراد المؤلف أن يذكر الحكم، أغلق الكتاب ثم حاول أن تستنبط ماذا سيقوله الكاتب أو المؤلف أو العالم، حاول أن تفكر في المقدمات وتستنبط النتيجة، ثم افتح وقارن ما فكرت فيه واستنبطته بما كتبه العالم، هذا يساعد على تمرين الذهن للفهم وخصوصًا في المسائل الفقهية.

 

إهمال المقدمة

ومن الأمور التي تسبب سوء الفهم أثناء القراءة، الدخول في الكتاب بدون قراءة المقدمة، ويقول: الناس يريدون الزبدة، مع أنه أحيانًا جزء كبير من الزبدة موجود في المقدمة، مثال: المصطلحات، أعطيكم مثالًا واحدًا: يفتح تقريب التهذيب لـابن حجر يقول: فلان من الطبقة التاسعة، مات سنة إحدى وسبعين، ماذا سيفهم؟ مات سنة إحدى وسبعين هجرية، مع أنه إذا رجع إلى مقدمة الكتاب سيجد ابن حجر يقول: وذكرت وفاة من عرفت سنة وفاته منهم، فإن كان من الأولى والثانية -الطبقة الأولى والثانية، وهو عرف الطبقة الأولى والثانية- فهم قبل المائة، وإن كان من الثالثة إلى آخر الثامنة، فهم بعد المائة، وإن كان من التاسعة إلى آخر الطبقات، فهم بعد المائتين، فلما يقول ابن حجر: من التاسعة مات سنة إحدى وسبعين، ما معناها؟ مائتين وإحدى وسبعين، لكنه ما يكرر ويقول: من التاسعة مات سنة مائتين وإحدى وسبعين، فقد ذكر ذلك في البداية، فالذي لا يعرف مصطلح العالم لا يعرف ماذا يقصد بالكلام.

مثلًا الرموز: (خ) البخاري، (م) مسلم، (ت) الترمذي، (ن) النسائي، (هـ) ابن ماجة، أحيانًا هذه الرموز تختلف من مصنف إلى آخر، بعضهم (ق) متفق عليه، وبعضه يقول: (ق) ابن ماجة مثلًا، أحيانًا يختلف من كتاب إلى آخر لنفس المصنف، وعلى أقل الأحوال لو أن الإنسان ما فاته مصطلحات، ستفوته فوائد من عدم قراءة المقدمة، وإن لم يقع في أخطاء، كمثل أنه لا يعرف ما معنى سكوت ابن حجر على حديث في كتاب: تلخيص الحبير، ما معناه؟ إذا أنت ما قرأت المقدمة، وعرفت أن ابن حجر يقول: إذا سكت عنه -ما قلت شيء بعده- أي: أنه حسن، لا يمكن أن تعرف درجة الحديث، خلاص ذكره ابن حجر وما قال شيئًا.

وبعض الناس يقولون: ما معنى نا، ثنا، أنا؟ يقول: هذا كل حين يقول: أنا فلان، أنا فلان، يقول: ما شاء الله الرواة يعرفون بأنفسهم! والمقصود أنا، أي: أنبأنا، ثنا: حدثنا، اختصارات.

وأحيانًا يحتاج القارئ أن يقرأ كتابًا آخر ليعرف طريقة مؤلف أو كتاب، مثل صحيح البخاري، العلماء استقرءوا منهج البخاري ووضعوه في كتب، وبعض كتب الفقه لها مصطلحات مثلًا: مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام لـابن عبيدان الحنبلي، هذا إذا قال: اتفقوا يقصد الأئمة الأربعة مثلًا، أحيانًا إذا قال: اتفقت يقصد ثلاثة إلا فلانًا، أحيانًا إذا قال: اتفقا يقصد فلانًا وفلانًا، ولكن ليس دائمًا يقول هذا، فلابد أن تعرف ذلك، وقد ذكر لك الاصطلاح في البداية.

ما معنى قول الترمذي حسن صحيح؟ ما معنى قوله: حديث غريب؟ وما هو مصطلح البغوي في المصابيح ؟ المنذري في الترغيب والترهيب له مصطلح معين يدل على درجة الحديث، بعض الناس عندهم سطحية تسبب سوء فهم، وبعض الناس عندهم بعد نظر أكثر من اللازم فيتجاوزن العبارة ويحملونها ما لا تحتمل، وهكذا.

 

الأخطاء المطبعية

الانتباه للأخطاء المطبعية، والأخطاء في التشكيل من الناسخ أو من المطبعة يغير المعنى تمامًا ويجعلك تفهم خطأ، أحيانًا يقع في السند، أحيانًا يقع في الحديث، بعض الناس صحفوا في القرآن، مثلًا: في الجامع لأخلاق الراوي عن محمد بن يونس الكديمي قال: حضرت مجلس مؤمل بن إسماعيل، فقرأ عليه رجل من المجلس: حدثنا سبعة وسبعين، وهذه الكلمات كانت تكتب في ذلك الزمن بغير نقاط، فمثلًا: كلمة (سبعة) ما فيها نقطة عند الباء.

ولذلك كانت القراءة هذه لها خبرة، فالسين لها طريقة، والباء لها طريقة، والتاء لها طريقة حتى يدل على أنها تاء، ما كان في تنقيط، التنقيط ظهر فيما بعد، فقال مؤمل: كيف حدثنا سبعة وسبعين، فضحك وقال: الفتى من أين؟ قال: من أهل مصر، فقال: حدثنا شعبة وسفيان، فقرأ كلمة شعبة: سبعة، وسفيان: كانت تكتب من زمان مثل سفين ما كان يكتب الألف، كانت تكتب ألف بسيطة فوق.

وعن الفضل بن يوسف الجعفي قال: سمعت رجلًا يقول لـأبي نعيم: حدثتك أمك عن فلان، وعن فلان، ماذا أمك؟ يقصد راوي اسمه: أمي الصيرفي، فقرأها هذا (أمي) وقال: حدثتني أمي، أعطني الحديث حدثتني أمك عن فلان، فقال: سنينك، سنينك متى كانت أمي تدخل يدها في جرة العسل.

وعن أبي العيناء قال: حضرت مجلس بعض المغفلين، فأسند حديثًا قدسيًا، فقال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل، عن الله، عن رجل، فقال: من هذا الذي يصلح أن يكون شيخ الله؟! فأخذ الكتاب ففحصه، فوجد أن قوله عن الله عن رجل، فإذا هي: عز وجل، لكن عز الزاء صارت من طرفها طويلة قليلًا إلى الأعلى، وكلمة (وجل) صارت فيها الواو راء.

وبعضهم كان لا يحلق يوم الجمعة، لماذا؟ قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلق يوم الجمعة، كيف عن الحلق يوم الجمعة؟ حديث: (نهى عن الحِلَق يوم الجمعة) أي: النهي عن تحلق الناس قبل الصلاة، لئلا يقطعوا الصفوف في صلاة الجمعة، وحتى لا يلتهوا ويفوت غرض الخطبة والتهيء النفسي لها بالحلقات والأحاديث.

وجاء رجل إلى الليث بن سعد فقال: كيف حدثك نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي نشرت في أبيه القصة؟ قال: أعطني حديث الذي نشرت في أبيه القصة، فنظر فإذا هو حديث: (الذي يشرب في آنية الفضة، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم) فبدَّل يشرب في آنية الفضة: نشرت في أبيه القصة.

وبعضهم صحف حديث: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عنزة) العنـزة هي حربة كانت تركز له فيصلي وراءها إذا صار في الخلاء، فقال: (صلى عليه الصلاة والسلام إلى عنـزة) جاء بعنـزة وجعلها سترة، وبعضهم عرف أنها عنـزة لكن جاء الخطأ من شيء ثانٍ، هذا الرجل اسمه: محمد بن مثنى العنزي من قبيلة عَنَـزَة، قال لهم يومًا: نحن قوم لنا شرف، نحن من عنـزة قد صلى إلينا النبي صلى الله عليه وسلم، فتوهم أنه صلى إلى قبيلته.

وأما التصحيف في القرآن مع الأسف فهو كثير، اجلس بجانب أي واحد من العامة واسمع قراءته لتسمع التكسير والتخبيط في القراءة، شيء عجيب، أحدهم صحف فجعل السقاية في رجل أخيه، وهي في رحل أخيه، قال: في رجله، وهكذا.

سمع أعرابي إمامًا يقرأ: "وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" [البقرة:221] أي: لا تتزوجوا المشركة حتى تؤمن: "وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا" [البقرة:221] معنى لا تنكحوا المشركين أي: لا تزوج بنتك أو أختك إلا لواحد مسلم، فالقارئ أخطأ، قال: ولا تَنكِحُوا المشركين حتى يؤمنوا فقال الأعرابي: ولن ننكحهم حتى ولو آمنوا، كيف نكاح الذكر للذكر! والرجل للرجل؟! قبحه الله لا تجعلوه بعدها إمامًا فإنه يحل ما حرم الله. وهذا أعرابي جاء من البادية.

لذلك -أيها الإخوة- العلماء القدماء كانوا يضبطون، ما هو مثل المطابع الآن بالضمة والفتحة والكسرة، يقول: بفتح المثلثة وكسر المعجمة، ما المثلثة؟ أي: الثاء، المثناة الفوقية: التاء، بالموحدة: الباء أو النون، فيكتبون كتابة: بضم أوله، وفتح ثانيه وهكذا، حتى ما يحصل الخطأ في هذا.

ولذلك لا بد من الضبط والانتباه والتركيز والتثبت أثناء القراءة، وقد وصف رجل رجلًا فقال: كان يغلط في علمه من وجوه أربعة: يسمع غير ما يقال له، ويحفظ غير ما يسمع، ويكتب غير ما يحفظ، ويحدث بغير ما يكتب، ما بقي شيء، وإذا كتب لحان عن لحان صار الحديث بالفارسية، إذا جاء شخص يغلط ونقله، وجاء شخص آخر ونقل من نسخة الذي يغلط، وآخر يغلط مثله ضاعف الغلط ثانيًا، ولذلك الناس يشتغلون بالمخطوطات، ويهمهم المخطوطة الأصلية، حتى يتجنبوا تحريف النّساخ.

 

طرق القراءة

ويأتي شخص يتساءل ويقول: هل نقرأ كل شيء عن شيء معين ونتوسع فيه أم نقرأ بعض الأشياء في كل شيء فنأخذ نتفًا من كل موضوع؟ نقول: كلاهما خطأ، في البداية لا بد أن يكون هناك قاعدة عند الشخص، فلا بد أن يكون عنده قاعدة في كل شيء يحتاجه، قاعدة في التفسير، وقاعدة في العقيدة، وقاعدة في الفقه، وقاعدة في التجويد، وقاعدة في الحديث والمصطلح، وهكذا، ثم يتبحر الإنسان بحسب إقباله على هذا الفن وحاجته له ويتخصص فيه.

وأما بالنسبة لسرعة القراءة فقد كان علماؤنا رحمهم الله يقرءون بسرعة، كان ابن حجر يقرأ قراءة سريعة مركزة، كيف سريعة ومركزة؟ قرأ السنن لابن ماجة في أربعة مجالس، وقرأ صحيح مسلم في أربعة مجالس، سوى مجلس الختمة في يومين وشيء، وقرأ السنن الكبرى للنسائي في عشرة مجالس كل مجلس نحو أربع ساعات، وأسرع شيء وقع له أنه قرأ في رحلته الشامية، معجم الطبراني الصغير في مجلس واحد بين صلاتي الظهر والعصر، وهذا الكتاب مجلد يشتمل على نحو ألف وخمسمائة حديث، وقرأ صحيح البخاري في عشرة مجالس كل مجلس أربع ساعات، يقرأ على شيخ، حتى قراءة الضبط، فالقراءة أنواع:

قراءة دقيقة متأنية، أي: بمعدل مائة وخمسين كلمة إلى ثلاثمائة كلمة تقريبًا في الدقيقة، هذه قراءة بدقة متأنية، لماذا؟ مثلًا: شخص يريد أن يرد على كتاب، فلابد أن يقرأ بتؤدة شديدة. فالقراءة السريعة بمعدل ثلاثمائة كلمة إلى ستمائة كلمة في الدقيقة مثل مراجعة الحفظ، قراءة الحدر.

قراءة التصفح والاستعراض أي: بواقع تقريبًا ألف وخمسمائة كلمة في الدقيقة، كيف ألف وخمسمائة في الدقيقة؟! مثلًا: يقرأ أول جملة من كل مقطع، يقرأ أسطرًا معينة حتى يأخذ فكرة عن الكتاب قبل شرائه مثلًا، أو شخص -مثلًا- مسئول مكتبة يريد أن يعرف هل الكتاب جيد أو لا؟ الكتب كثيرة جدًا، كيف يفعل؟ فيقرأ من كل صفحة ويأخذ مقاطع.

فيتحكم في سرعة القراءة أمور منها: الغرض من القراءة، والخلفية عن الموضوع، بعض الناس يستطيع أن يسرع، وبعض الناس ما يستطيع، لماذا؟ واحد عنده خلفية، وواحد ما عنده خلفية، وهكذا، هناك قراءة إطلاع، مثل واحد يقرأ الجرائد والمجلات فهذه قراءتها ليست مثل قراءة كتب العلم التي تكتسب فيها أشياء جديدة، وحتى قراءة كتب العلم تختلف من فن إلى آخر، فمثلًا: قراءة كتب الفقه ليست مثل أصول الفقه، قراءة كتب التاريخ ليست مثل قراءة كتب العقيدة.

ولذلك يجب على الإنسان ألا يتأثر، المبتدئ يقول: والله فلان ينجز كتابًا في ساعتين أنا ما أنجزه إلا بعشر ساعات فتتحطم معنوياته، لا، إذا توسع عدد الكلمات التي يعرفها الشخص فإن قراءته تصبح أسرع، يتحكم في سرعة القراءة، بعض الخبراء يقترح لزيادة سرعة القراءة أشياء، يقول: إذا كانت سرعة القراءة أقل من مائة وخمسين كلمة في الدقيقة، طبعًا أنت اقرأ خمس دقائق ثم عد الكلمات، اقسم على خمسة يطلع سرعتك في الدقيقة كذا، فإذا كان أقل من مائة وخمسين كلمة في الدقيقة معناها أنك بطيء في المواضيع العادية، فيقترح بعض الخبراء، أن تقرأ خمس دقائق لمدة شهر بأسرع ما تستطيع من غير أن تهتم بما فاتك من المعاني، مع مرور الزمن ستلاحظ أنك بدأت تفهم مع السرعة.

الحل الثاني: توسيع نطاق النظر، بإقلال زمن الوقت على رسم الكلمة الواحدة، بدل أن تقف هنا، ثم هنا، حاول أن تسرع في الانتقال من كلمة إلى الأخرى، وثالثًا: عدم تحريك الشفة ورفع الصوت وعدم تكرار الكلمة ولو فاتك معناها، فإن الغالب أنك سوف تفهم من سياق الكلام.

هناك القراءة الجماعية، القراءة الجماعة مفيدة أحيانًا، مثلًا: شيء قد لا تفهمه أنت، وقد يفهمه زميلك، ولذلك لما تكونون مجتمعين وشخص يقرأ والبقية يستمعون، فإن هذا مفيد من هذه الناحية، وبالعكس، قد لا يفهمه زميلك وتفهمه أنت، بالإضافة أنه يشجع بعضهم بعضًا، بالإضافة للفوائد والاقتراحات المفيدة أثناء القراءة، إلى غير ذلك من الأسباب التي تولدها البركة في الاجتماع، لكن هناك شرط مهم جدًا جدًا في القراءة الجماعية وهو الجدية، لأن كثيرًا من الطلاب يجتمعون في المذاكرة فيضيع بعضهم وقت بعض، بالنكت والأضحوكات، والتسالي، وكل واحد يأتي بشيء، فيدور الشاي، وضاع الوقت، فالقراءة الجماعية لها شروط حتى تنجح.

وأخيرًا: كما يحدث في الجامعات، هناك اثنان في غرفة أو أكثر، عندما تقرأ أنت وزميلك في الغرفة، فلا بد من وضع معاهدة، ولو غير مكتوبة عن أوقات معينة يحترمها الطرفان، لا تنتهك إلا لمرض مفاجئ أو حريق لا سمح الله، وإذا كان جدول الشخصين متفقًا، فإن هذا يسهل، لأن بعض الناس إذا جلس مع شخص في الغرفة فكل منهما يضيع وقت الآخر، وهذا يؤثر على النتيجة الدراسية، فلا بد من احترام أوقات المذاكرة من قبل الطرفين.

أيها الإخوة: هذا بعض الأمور في كيفية القراءة، والمسألة جهاد ومجاهدة وجد ومثابرة، وتوفيق من الله عز وجل، لتستوعب وتفهم وتحفظ، فإليه الملتجأ وعليه التكلان والله تعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#كيف-تقرأ
اقرأ أيضا
فضل علم النحو | مرابط
تفريغات لسانيات

فضل علم النحو


وعلم النحو علم شريف عظيم ولا يمكن لطالب علم أن يطلب العلم من دونه كأن يطلب العلم والنحو ولا يجد في طلبه لأنه من علوم الآلة فهذا لا بد أن يعض عليه بالنواجذ حتى وإن انتهى مثلا من الآجرومية وما بعدها من تكملة الآجرومية لأن الأهم هو أن يستقيم لسانه وأن يعقل عن الله مراده وكذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بقلم: محمد حسن عبد الغفار
460
من مقومات المجتمع المسلم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر | مرابط
تفريغات

من مقومات المجتمع المسلم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


إن هذه الشعيرة العظمى يراد طمسها وإذا طمست فلن يبق بين المجتمع المسلم وغيره من المجتمعات الكافرة أي فرق بل تنتشر الضلالات والبدع والشركيات ويتحول المجتمع المسلم إلى مجتمع مشرك أو متسم باسم الإسلام ظاهرا فقط ولا فرق بينه وبين غيره يعلن صاحب الإلحاد بإلحاده وصاحب البدعة ببدعته ويتنصر من تنصر ويتهود من تهود ويعبد الأصنام من يعبدها فلا أحد ينكر على أحد فلو تركت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكان هذا هو المآل في النهاية عياذا بالله

بقلم: سفر الحوالي
592
إشكالية الاختلاط: الاحتجاج بصلاة النساء خلف الرجال | مرابط
أباطيل وشبهات

إشكالية الاختلاط: الاحتجاج بصلاة النساء خلف الرجال


من ضمن الشبهات العجيبة التي يروجها العلمانيون لتبرير الاختلاط وتجويزه يقولون أن النساء كن يصلين خلف الرجال في العهد النبوي وهذا مدعاة للاختلاط ويبدو أن القوم مصرون على إحراج أنفسهم كل مرة ويظهرون جهلهم بنصوص الشرع وأحكام الدين وهذا أكبر دليل على أنهم يملكون ربع العلم والباقي يضيعون به عباد الله.

بقلم: قاسم اكحيلات
372
مشكلة تكاليف الزواج | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

مشكلة تكاليف الزواج


لا شك أن من أصعب التحديات التي تواجه الشباب الراغب في الزواج: مشكلة التكاليف المالية المتمثلة في المهور ومكان الاحتفال والوليمة والمتطلبات والمستلزمات الأخرى المتعلقة بالزوجة وليلة الزواج وهذا بالإضافة إلى تكاليف السكن والتأثيث وتوابع ذلك

بقلم: أحمد يوسف السيد
599
متى يكون الرد على المخالف | مرابط
فكر

متى يكون الرد على المخالف


كثير ممن يطيل الجدل والمناظرة لا يفرق بين بيان إثبات الحجة وبين الإقرار بها فيجعل لازم إثبات الحجة أن يقر المحجوج بها وهذا ليس من العلم والنظر ولا من مقاصد التشريع في شيء وذلك أن محل الإقرار في القلب واللسان ناقل لما في القلب والصدق في هذا شاق جدا حتى ربما ظهر الحق لجميع السامعين ويبقى المحاجج في سكرة نفي ثبوت الحجج والتهوين منها والتعلق بالإقرار تعلق بباطن لا يمكن الوصول إلى حقيقته

بقلم: عبد العزيز الطريفي
902
المرأة في عصر النبوة | مرابط
المرأة

المرأة في عصر النبوة


ولم تكن حياة النساء في العصر الأول كحياتهن في هذا العصر مضطربة حائرة أو متبذلة ساخرة بل كانت إلى الفطرة أقرب وإلى الطهر أدنى. ولم يكن يمنعهن الحياء الذي يتحلين به -والحياء من الإيمان- أن يتفقهن في الدين ويسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عما جهلن منه ولم تكن رعايتهن البالغة بحقوق الزوج والبيت والولد لتحول بينهن وبين المنافسة في الهدى والخير إلى المثوبة والبر ابتغاء رضوان الله ورسوله

بقلم: طه محمد الساكت
251