لا أحب أن أنشر صورًا مفزعةً لمعاناة مسلمي الروهينجا من السلطات البوذية..
ومسلمي تركستان من السلطات الصينية..
ومسلمي كشمير من السلطات الهندوسية..
لأن الإكثار من نشر هذه الصور وتناقل تفاصيل الأخبار المؤلمة دون إعطاء خطوات واقعية للحل كثيرًا ما يكون له أثر سلبي: إحباط، تنغص عيش بلا جدوى، ثم تبلد إحساس وتهرب من الاهتمام بأمر المسلمين..
لكن في الوقت ذاته، "مش معقول" أن تكون هذه الأحداث الأليمة تحدث الآن.. الآن في زماننا، ومع ذلك لا زال كثير من أبنائنا في المربع الأول، يناقشون:
(لماذا قاتل النبي المشركين وفرض الجزية على أهل الكتاب؟)!!!
(لماذا يقول الله: وقاتِلوهم حتى لا تكون فتنة؟)!!!
(لماذا الإسلام دين "مش متسامح"؟)!!!
وإذا ما واجههم الـمُشَكِّكون بأمور ترتبت على الحروب في تاريخ المسلمين كمُلْك اليمين ترى من أبنائنا من يضع رأسه في التراب ويستحي من دينه وقد يريد الانسلاخ منه!!
"مش معقول" أن يعيش المسلمون هذه الحالة من الفصامية عن الواقع، فلا يدركوا أن هذه الآيات والأحاديث التي يستحون منها!!! هي لمنع حالة الإجرام والتوحش التي تعيشها البشرية اليوم.
لا أدري أيها المسلم، كيف تتحمل أن يُعَيِّرك أعداء دينك بالآيات التي تأمر المسلمين أن يبسطوا سلطان الإسلام في الأرض (حتى لا تكون فتنة) وأنت ترى مسلمات الروهينجا تُغتصب إحداهن اغتصابا جميعا من مجموعة ذئاب بوذية، يُلقى زوجها وأولادها أمام أعينها في النار، وإذا شكوا أنها حامل بقروا بطنها وهي حية!! ويتكرر مثل ذلك وشبيه به للآلاف من المسلمات!!
لا أعرف كيف تتمالك نفسك ألا تبصق في وجه من يسخر من آيات القتال وأنت ترى مسلمي تركستان يُجبَرون على السجود لشرطي صيني أو لتمثال ماو تسي تونغ،ويُجبَرون على شرب الخمر وأكل الخنزير، وينتزع منهم أبناؤهم ليُرَبَّوا على الكفر!!
لا أعرف كيف تتحمل أن ترى وجهك في المرآة إن كنت ممن يصفقون وينافقون للساسة في بلاد المسلمين، الساسة الذين يؤيدون ما تفعله الصين في تركستان، ويبطلون مشروع استنكار –مجرد استنكار لما تفعله الصين- في "الأمم المتحدة"!!! بل ويوطدون العلاقات ويعطون المكافآت -من أموال أمتنا !!- لميانمار والهند على قمعهما للمسلمين!!
لا أعرف كيف تتمالك نفسك ألا تتقيَّأ قرفًا وأنت تسمع من يندد بـ"الإرهاب" ويربطه بالمسلمين، وأنت ترى إخوانك في كشمير تتُهدم مساجدهم ويطعنون بالسكاكين ويتلذذ قتلتهم بتعذيبهم قبل القتل.
هذا غير الجراح النازفة والبيوت التي تهدم على إخواننا وأخواتنا الذين لا يفصل بيننا وبينهم إلا حدود وضعها المحتل..
لا أريد أن أُنَكِّدَ عليكم بالصور والفيديوهات المؤلمة، لكن "مش معقول" أنه حتى الدروس العقدية لا يتعلمها أبناؤنا ليعتزوا بدينهم ويدركوا حاجة البشرية إليه، فتكون هذه اليقظة الداخلية خطوة أولى على طريق التحرر من رق النظام الدولي.
"مش معقول" أن يبقى يُضحك على أبنائنا بمواثيق النفاق الدولي ويمارَس التدجيل عليهم في المناهج والإعلام في العالم الإسلامي..مع أننا لا نتكلم عما مارسه أعداء الإسلام في قديم الزمان!! بل عما يمارسونه الآن..الآن ونحن نقرأ هذه الكلمات!
لا أريد أن أنكد عليك ولكن أقول لك: ارفع رأسك بكل آية من كتاب الله عاليًا، واجعل ألمك لإخوانك المسلمين دافعًا لليقظة والعمل، وتذكر: (ولولا دفعُ الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين).
المصدر:
صفحة الفيسبوك الخاصة بالدكتور إياد قنيبي