لا تقطع أذنك

لا تقطع أذنك | مرابط

الكاتب: محمد بن عبد الله الفريح

322 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

يُحكى أن أحدَ الملوك تأخرتْ زوجته في إنجاب وليِّ العهد، فأرسل في إثر الأطباءِ من كل أرجاءِ المملكة، وكتب اللهُ أن يُجري شفاءُ الملكة على أيديهم.

فحمَلَتِ الملكةُ بوليِّ العهد، وطار الملك بذلكَ فرحًا، وأخذ يعد الأيام لمقدَمِ الأمير، وعندما وضعت الملكةُ وليدها.. كانت دهشةُ الجميع كبيرة: فقد كان المولودُ بأذنٍ واحدة!

انزعج الملكُ لهذا وخشي أن يصبحَ لدى الأميرِ الصغير عقدةٌ نفسية تحُوْلُ بينه وبين كرسيِّ الحكم؛ فجمع وزراءَهُ ومستشاريه، وعرضَ عليهم الأمر..

فقام أحدُ المستشارين، وقال له: الأمرُ بسيطٌ أيها الملك، اقطع أُذنًا واحدةً من كل المواليد الجُدد، وبذلك يتشابهون مع سمو الأمير.

أُعجب الملكُ بالفكرة.. وصارت عادةُ تلك البلاد أنه كلما وُلد مولودٌ قطعوا له أُذنًا، وما إن مضت عشرات السنين حتى غدا المجتمعُ كله بأذنٍ واحدة.

وحدث أن شابًّا حضر إلى المملكة وكان له أذنانِ كعادة البَشر، فاستغرب سكانُ المملكةِ من هذه الظاهرةِ الغريبة، وجعَلوه محطَّ سخرية، وكانوا لا ينادونهُ إلا: “ذا الأذنين”.

حتى ضاق بهم ذرعًا وقرر أن يقطع أذنهُ ليصير واحدًا منهم!

نستخلصُ من هذه القصةِ الرمزية عدةَ دروسٍ وعبر:

الدرس الأول:

يمكن لمجتمعٍ ما أن يكون معاقًا بالكامل، وهذا حدث آلاف المراتِ في تاريخ البشرية.. فاللهُ جلَّ جلالهُ كان يرسل الأنبياءَ ليصحِّحوا إعاقاتِ المجتمعات الفكرية والسلوكيةِ والدينية.

فمجتمعُ نبيِّ الله إبراهيم عليه السلام كان معاقًا بالشرك، وكان بينهم غريبًا لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم، ومجتمع نبي الله لوط عليه السلام كان معاقًا بالشواذ.. وكان بينهم غريبًا لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم.

الدرس الثاني:

لدينا قاعدةٌ فقهية تقول: إجماع الناس على شيء لا يحلُّه.

الخطأ يبقى خطأً ولو فعلَه كل الناس، والصواب يبقى صوابًا ولو لم يفعله أحد!

الدرس الثالث:

لا تقطع أُذنك!

إذا كنت على يقينٍ أنك على صوابٍ فلا تتنازل عنه لإرضائهم، إذا كانوا لا يخجلون بخطئهم، فلما تخجل أنت بصوابك؟

وتذكَّر دومًا أن "أكثر الناس" ما جاءت في كتاب اللهِ إلا وتبعها:
﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾
﴿لَا يَتَّقُونَ﴾
﴿لَا يَعْقِلُونَ﴾
﴿لَا يُؤْمِنُونَ)

أنار اللهُ بصائرنا بالحقِّ والهدى وسدادِ القولِ والعمل

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#إجماع-الناس #المجتمعات
اقرأ أيضا
منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج1 | مرابط
تفريغات

منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج1


لقد كان الصحابة يثبتون لله الأسماء والصفات كما أثبتها القرآن والسنة ولذلك نحن نقول: كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة وبين يديكم تفريغ لمحاضرة هامة للشيخ أبو إسحق الحويني يقف فيها على مسألة الأسماء والصفات وعقيدة السلف في ذلك

بقلم: أبو إسحق الحويني
697
السر في كون البدعة أحب إلى إبليس من المعصية | مرابط
تفريغات

السر في كون البدعة أحب إلى إبليس من المعصية


قالسفيان الثوريوغيره من العلماء: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن البدعة لا يتاب منها والمعصية يتاب منها ومن أظهر الدلائل على أن إبليس لا يكترث بالمعصية حديثجابرالذي رواه الإماممسلمفي صحيحه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء فهو يضع عرشه أي: الكرسي ثم يجلس عليه وبعد ذلك يعطي للأبالسة خط سير كل واحد يذهب إلى بني آدم: يرسل سراياه تترى إلى بني آدم تترى: بعضها خلف بعض إنهم لا يكلون ولا ينامون ولا يهدءون فإبليس لا يحاسب رأس كل شهر ولا أسبوع إبليس يحاسب كل يوم ي...

بقلم: أبو إسحق الحويني
787
من صور الاعتداء على حقوق الآخرين | مرابط
فكر

من صور الاعتداء على حقوق الآخرين


من صور الاعتداء على حقوق الآخرين: التدخين في مكان عام يشارك فيه المدخن أناس يتأذون من رائحته الكريهة وفيهم المريض وصغير السن فكم هو مقدار الأنانية في مكنون هذه الشخصية العجيبة يا أخي إن كنت مصرا ولا تقبل النصيحة فتقلع عن التدخين فاقتل نفسك بعيدا عنا ولا نحب لك ذلك.

بقلم: د. جمال الباشا
324
من أشراط الساعة: نزع الأمانة من قلوب الناس | مرابط
اقتباسات وقطوف

من أشراط الساعة: نزع الأمانة من قلوب الناس


ومن أشراط الساعة المتعلقة والتي قد يكون لها صلة في هذا الباب: نزع الأمانة من قلوب الناس ونزع الأمانة من قلوب الناس فيه إشارة إلى الشح المطاع والهوى المتبع والطمع والجشع ومن ثمار ذلك ما سلف من قطيعة الأرحام وتسليم الخاصة وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة إلى تقلب الإنسان في يومه وليلته من أمين إلى خائن ومن مؤمن إلى كافر في يوم وليلة

بقلم: عبد العزيز الطريفي
640
نظرة الإسلام للثقة بالنفس | مرابط
فكر

نظرة الإسلام للثقة بالنفس


يقول بعض المنتسبين إلى العلم يقول: إن لفظ الثقة بالنفس لا يجوز وعللوا ذلك بأن على المرء أن يثق بالله في كل شؤونه لا بنفسه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء: ولا تكلني لنفسي طرفة عين ويتناول علم النفس وبعض المختصين فيه من المسلمين هذا اللفظ الثقة بالنفس على أنه ضرورة ملحة لكل مسلم فما حقيقة هذا القول

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر البراك
412
الرقية الشرعية.. بين الطب والوحي | مرابط
أباطيل وشبهات

الرقية الشرعية.. بين الطب والوحي


نسمع بين الفينة والأخرى سؤالا يتردد حول الرقية الشرعية ما رأيك في الرقية الشرعية؟ وإذا كان الطب يؤيدها فلم التداوي بالعلاج إذن؟ لم لا يلجأ الناس للرقية الشرعية فقط دون الأدوية؟ وهل تؤتي أكلها أم أن العلاج المادي أنجع؟ وغير ذلك من الإشكالات والشبهات التي يرد عليها د. مهاب سعيد في هذا المقال الموجز.

بقلم: د. مهاب
398