لا يدري ولا يدري

لا يدري ولا يدري | مرابط

الكاتب: د. جمال الباشا

323 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من الناس من لا يدري ويدري أنه لا يدري، وهذا جاهل ويَعلم أنه جاهل، ويسمى جهله بالجهل البسيط. أما قسيمه فهو الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فيكون جاهلا بجهله، ويسمى جهله بالجهل المركب.

قد يستبعِد المرءُ أول وهلةٍ أن يكون هناك فئةٌ من الناس بهذا الوصف يُستحق الالتفات إليها، لكنَّ المثير في الأمر أنَّ الدراسات النفسية الحديثة أثبتت أنَّ هذه الحالة تمثل السوادَ الأعظم من البشر، وأنَّ الإنسان كلما كان أعظم جهلاً كان أعظم جهلاً بجهله، وقد صُنِّفت هذه الظاهرة علميًا في أنماط التفكير المنحرف، واصطُلح عليها بظاهرة “وهم التفوق”.

ويُراد بها حالة المبالغة في تقدير الذات إلى درجةِ أن يعتقد فيها مواهب ومهاراتٍ ليست حقيقية، كأن يرى في نفسه ذكاءً حادًا، أو مهارة في فنٍّ ما ربما يمتلك مبادءه فحسب، مثل كتابة الشعر أو جمال الصوت أو التفقه وسعة الاطلاع، ولو تمت مصارحتُه بالحقيقة وأنه دون المستوى العاديِّ يضيق صدره ويغضب ويعدُّ هذا التقدير غيرَ منصفٍ وربما يتَّهم ناصحيه بأنهم مغرضون وذوو دوافع شخصية.

علماؤنا الأوائل لم يفُتهم ملاحظةُ هذا المرض ولا التنبيه إليه، من ذلك ما نُقل عن سهلٍ التستري - رحمه الله - أنه قال: "ما عُصيَ اللهُ تعالى بمعصيةٍ أعظمَ من الجهل، قيل: فهل تعرف شيئاً أشدَّ من الجهل؟ قال: نعم، الجهلُ بالجهل؛ لأنَّ الجهل بالجهل يَسُدُّ باب التعلُّم بالكُليَّة، فمن ظنَّ بنفسه العلم كيف يتعلَّم؟".

أما الإمام الشعبي فله مقولة مشهورة مسطورة: "العلمُ ثلاثةُ أشبار، فمن نالَ منه شبرًا شَمَخَ بأنفه وظَنَّ أنَّه نالَه، ومن نال الشبرَ الثانيَ صَغُرَت إليه نفسُه وعلم أنَّه لم ينَلْه، وأما الشبرُ الثالثُ فَهَيْهَاتَ لا ينالُه أحد أبدًا".

وما ذكره الشعبي هنا يمكن تعميمه في كل المهارات والمواهب والصفات الإنسانية، وإن كان في العلم أظهر. ورحم الله عمر بن عبد العزيز فقد قال لولده يوما ناصحًا: رحم اللهُ امرءًا عرف قدر نفسه.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#لا-يدري
اقرأ أيضا
خلاصة في المجاز | مرابط
فكر مقالات لسانيات

خلاصة في المجاز


مسألة المجاز في العربية والقرآن مسألة تشعب الخلاف فيها وقد جرت مباحثتها مع بعض الأفاضل وفي هذا المقال يعرض لنا الكاتب إبراهيم السكران رؤيته الخاصة في هذا الموضوع ويقف على بعض جوانب الاختلاف بين العلماء بين المؤيدين أو المانعين للمجاز

بقلم: إبراهيم السكران
1688
هل أسقط ابن مسعود الفاتحة من مصحفه | مرابط
أباطيل وشبهات

هل أسقط ابن مسعود الفاتحة من مصحفه


قالوا: اختلف الصحابة في قرآنية أهم سور القرآن وهي سورة الفاتحة فلم يكتبها ابن مسعود من مصحفه كما نقل عنه ذلك التابعي ابن سيرين بقوله: إن أبي بن كعب وعثمان كانا يكتبان فاتحة الكتاب والمعوذتين ولم يكتب ابن مسعود شيئا منهن وبين يديكم الرد على هذه الشبهة

بقلم: د منقذ بن محمود السقار
1995
الغناء بريد الشيطان | مرابط
تفريغات

الغناء بريد الشيطان


هذا كان يقوله ابن مسعود لما كان الغناء يقع من الجواري والإماء المملوكات يوم أن كان الغناء بالدف والشعر الفصيح يقول: هو رقية الزنا فماذا يقول ابن مسعود لو رأى زماننا هذا وقد تنوعت الألحان وكثر أعوان الشيطان؟! لقد أصبحت الأغاني تسمع -والعياذ بالله- في كل مكان والأغاني طريق لنشر الفاحشة فما يكاد يذكر فيها إلا الحب والغرام بالله عليك هل سمعت مغنيا غنى يوما في التحذير من الزنا أو أكل الربا أو حتى عن صوم النهار وبكاء الأسحار وتعظيم الواحد القهار؟!

بقلم: محمد العريفي
451
هل المرأة العاملة هي صاحبة القيمة الأعلى؟ | مرابط
النسوية المرأة

هل المرأة العاملة هي صاحبة القيمة الأعلى؟


هناك نوعية من النساء يدعمهن بعض المنسونين من الرجال ترى أن المرأة العاملة هي صاحبة القيمة الأعلى من غير العاملة فربة البيت عندهم ليس لها قيمة لأنها لم تجد ذاتها ولم تبحث عن نفسها ولم تحارب من أجل كينونتها ولم تصنع لنفسها مسارا بعيدا عن قهر الرجل المنزلي ولم تجعل لها مصدرا للمال غير المصدر الأبوي أو الزوجي الذكوري عندها!!

بقلم: محمد سعد الأزهري
478
تصوير ناسا أم خلق ناسا؟ | مرابط
تفريغات

تصوير ناسا أم خلق ناسا؟


أيها الكرام نشرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا صورا تشويقية لما قالت أنه أعمق صور للكون تلتقط حتى الآن على الإطلاق وهذه الصور تبين جانبا من عظمة الكون من حولنا. الملفت للنظر أن هذه الصور نفسها تزيد الذين آمنوا إيمانا وتزيد المنبهرين بالغرب سفها وكفرانا.

بقلم: د. إياد قنيبي
344
هل طلب يوسف عليه السلام الرئاسة | مرابط
أباطيل وشبهات تفريغات

هل طلب يوسف عليه السلام الرئاسة


يقولون إن سيدنا يوسف عليه السلام سعى للوصول إلى الرئاسة وطلبها واجتهد لكي يصل إليها فلا مشكلة إذن أن نسعى نحن أيضا إلى المناصب والرئاسة والحقيقة أن نظرتهم لقصة سيدنا يوسف سطحية للغاية ولكنه الهوى إذا استحكم وسيطر على الإنسان لن يعجزه شيء عن خلق المبررات وإيجاد الأسباب وفي هذا المقال المختصر مناقشة لقصة الرئاسة وسيدنا يوسف

بقلم: محمد صالح المنجد
2245