
الرجل الروهنجي لا يبكي على مال كان معه ثم ضيعه، لا يبكي على منزل أتى الحقد البوذي عليه فاقتلعه، إنه يبكي أسفًا على أمة بلغت المليار، ولم تردع عنه بطش الكفار، يبكي على الإنسانية التي ماتت تحت ظروف غامضة.
الروهنجيا أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم، هذه الجملة وحدها تكفي لإدراك كم تعاني هذه الأقلية المسلمة من أهوال.
لم يكتف هذا العالم بالسكوت عن مجازر البوذيين، بل غض طرفه عن المئات من الروهنجيين، الذين تخطفتهم أيادي تجار البشر واستعملوهم كعبيد، أو عمال سخرة، أو حتى لأغراض جنسية في الدول المجاورة لبورما، تعددت الأسباب والمظلوم هو نفسه.
لقد التف الروهنجيين أشهر ثالوث يبيد الأمم، ويزيلها عن الوجود، ثالوث الفقر والجهل، والمرض، فلم يجد هذا الشعب ما يدفع به الجهل، لأنه لم يجد أصلا ما يدفع به الفقر والمرض، فكل أطراف هذا الثالوث مرتبط ببعضه فالفقر يورث الجهل والمرض.
لم تنفع صرخات المنظمات الإنسانية، والإغاثية، والصحية، في إيقاظ ضمير هذا العالم الميت، فواصل الثالوث عمله دون توقف، يحصد كل ما يقابل في طريقه من أرواح.
لقد أحاط الموت بالروهنجيين منذ مئات السنين، فمن لم يمت تحت يد بوذي مات غرقا، ومن لم يمت غرقا مات جوعا كل هذا تحت سمع العالم وبصره، كأن هذا الشعب من سقط متاع البشرية.
حتى أنك ترى طفلا من تحت القش ينادي، أبي أدركني، ووالده رعبا يشير بكفه، وتعجز عن رد الموت أنامله.
هذه الصورة التي تتكرر كثيرا في أركان، ولا مدرك للابن، ولا معين للأب، فأين هذا العالم ليدرك أمة تباد قبل فوات الأوان.
المصدر:
شبكة الألوكة