مسلمو الروهينجا: جذور المشكلة

مسلمو الروهينجا: جذور المشكلة | مرابط

الكاتب: مركز التأصيل للدراسات والبحوث

656 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

مأساة المسلمين الروهينجا في بورما (ميانمار) ليست وليدةَ اليوم أو الأشهر الأخيرة عندما طفت مشكلتُهم على السطح جراء تجدد أعمال العنف ضدهم من قبل حشود البوذيين بتحريض من الرهبان وعلى أعين السلطات والحكومة، وإنما ترجع تلك المأساة إلى سنوات بعيدة وتحديدًا إلى العام 1982م عندما صدر قانون ينص على أن أي أقلية في البلاد لا تستحق الجنسية الميانمارية إلا إذا ثبت أنها كانت موجودة في البلاد قبل عام 1823م، أي قبل الحرب الأنجلو-بورمية الأولى.

وبموجب هذا القانون يُحرم حاليًّا 800 ألف مسلمٍ سنِّي المذهب من الجنسية الميانمارية رغم أن زعماء الروهينجا يؤكدون أنهم عاشُوا في هذه البلاد قبل ذلك التاريخ بكثير (1823م). وتتعامل السلطات البوذية في ميانمار مع الروهينجيين على أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنجلاديش المجاورة بذريعة أن اللكنة التي يتحدث بها الروهينجا تشبه لكنة أهالي مدينة شيتاجونج الواقعة في جنوبي شرقي بنجلاديش قرب الحدود مع ميانمار.

ومع تعرضهم لموجات عنف وحشية من قبل البوذيين المتطرفين في ظل تواطؤ من السلطات الرسمية، يلجأ المسلمون الروهينجا للفرار عبر الحدود البحرية إلى بنجلاديش المجاورة رغم المخاطر التي يواجهونها في الطريق، لكنهم يرون ذلك أهونَ من بطش البوذيين بهم، الذين لا يتورعون عن إحراق قرى المسلمين بما فيها من نساءٍ وذرية دون أدنى رحمةٍ في مشاهد تتقطع لها الأفئدة وتنفري لها الأكباد!! وذلك كله بتحريض من الرهبان البوذيين الذين يرون أن الروهينجا يشكلون خطرًا على البوذية التي يدين بها أغلبية الميانماريين.

ولعلَّ في المعتقدات الباطلة ذات الطابع الوثني التي عليها أتباع البوذية، تلك الديانة المخترعة من قبل البشر البعيدة عن وحي السماء؛ ما يكشف عن سر هذه القسوة والتجرد من الرحمة والشفقة، بل ومن معاني الإنسانية، في جرائمهم بحق المسلمين الروهينجا.

وتشير بعض التقارير الحقوقية إلى أن عدد اللاجئين المسلمين الروهينجا في بنجلاديش تجاوز 700 ألف لاجئ، المسجل منهم لدى وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة 30 ألف لاجئ فقط؛ ولذلك لا يتمتع بقية اللاجئين غير المسجلين حاليًّا بالحماية من جانب المفوضية؛ لأنهم وصلوا بعد توقف حكومة بنجلاديش عن منح مرتبة اللاجئ للروهنجيين المسلمين المهاجرين من ميانمار. وتتعلل السلطات في بنجلاديش بأنها غير قادرة على تحمل أعبائهم المالية، وتقوم بإعادة قوارب محملة بالنساء والأطفال من الروهينجا إلى ميانمار مجددًا حيث يواجهون الموت هناك.

وتتعامل السلطات في بنجلاديش مع المسلمين الروهينجا بشكل قاسٍ، حيث تشن حملات من الاعتقال التعسفي والطرد غير القانوني والاعتقال القسري ضدهم، في محاولة واضحة لردع تدفق المزيد من اللاجئين الفارين من القمع. وقد أدى الاعتقال التعسفي والطرد القسري من قبل السلطات البنجالية إلى تقييد محاولات الخروج من المخيم غير الرسمي؛ ما دفع اللاجئين إلى تسميته بالسجن المفتوح؛ لأن اللاجئين يخشون مغادرة المخيم، بحسب تقارير حقوقية.

وما بين بطش المتطرفين البوذيين وتعنت السلطات في بنجلاديش تبقى تلك الجماعة من المسلمين السُّنَّة ضائعة لا ناصر لهم ولا معين في ظل صمت دولي مريب، رغم أن الأمم المتحدة تصف المسلمين الروهينجا بأنهم من أكثر الأقليات تعرضًا للاضطهاد في العالم.

ويتساءل المرء في أسى بالغ: أين المسلمون من هذا الذي ينال إخوانهم، ولديهم من وسائل الضغط والأسباب المادية ما يمكنهم من تخفيف آلامهم ورفع المعاناة عنهم؟!!

 


 

المصدر:

مركز التأصيل للدراسات والبحوث، نقلًا عن موقع قصة الإسلام: https://islamstory.com/ar/artical/26239/%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%87%D9%8A%D9%86%D8%AC%D8%A7-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D9%85%D8%A7-%D9%88%D8%A8%D9%86%D8%AC%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%B4

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الروهينجا #البوذية
اقرأ أيضا
خطورة الربا | مرابط
تفريغات اقتباسات وقطوف

خطورة الربا


فالربا يخرب الديار ويهلك العباد ويحل سخط الله سبحانه وتعالى فكثير من الناس يظن نفسه على خير وعشرات ومئات الآلاف والملايين من ماله تعمل في الربا ويظن نفسه من الصالحين وهو على خطر عظيم فينبغي أن يتنبه لأمره

بقلم: عمر الأشقر
381
مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج2 | مرابط
مناظرات

مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج2


أما بعد.. فقد كتبت ما حضرني ذكره في المشهد الكبير بقصر الإمارة والميدان بحضرة الخلق من الأمراء والكتاب والعلماء والفقراء العامة وغيرهم في أمر البطائحية يوم السبت تاسع جمادى الأولى سنة خمس أي بعد السبعمائة لتشوف الهمم إلى معرفة ذلك وحرص الناس على الاطلاع عليه. فإن من كان غائبا عن ذلك قد يسمع بعض أطراف الواقعة ومن شهدها فقد رأى وسمع ما رأى وسمع

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
535
فضائل سورتي الفلق والناس | مرابط
تفريغات

فضائل سورتي الفلق والناس


فمعلوم أن التعوذ هو الالتجاء وهو أيضا نوع من أنواع الرقية والدعاء فيكتفي الإنسان بذلك فتكون حينئذ رقية وتكون كذلك أيضا تعوذا من الجان وكذلك أيضا تعوذا من العين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان ويتعوذ من العين فلما نزلت اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما

بقلم: عبد العزيز الطريفي
4189
هم يسمحون لنا فلنسمح لهم | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

هم يسمحون لنا فلنسمح لهم


هم يسمحون لنا ببناء المساجد فلماذا لا نسمح لهم ببناء الكنائس وهم يسمحون للمسلمين بالدعوة إلى الإسلام فلماذا لا يسمح لهم بمثل ذلك وهم يهنئوننا بأعيادنا الدينية فلماذا لا نقابلهم بالمثل ومقولات أخرى تكرر ذات المعنى: كما أن غير المسلمين يفعلون معنا شيئا معينا فلماذا لا نقابلهم بالمثل فنفعل لهم الشيء نفسه في هذا المقال رد على هذه التساؤلات

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2022
بكاء النبي صلى الله عليه وسلم | مرابط
تفريغات

بكاء النبي صلى الله عليه وسلم


عيون حمراء تختلف عن العيون الحمراء التي تسهر على الذنوب والمحرمات فهناك عيون حمراء تتعاطى المخدرات عيون حمراء تسهر في المعاكسات عيون حمراء بكت لفراق عشيقها أو محبوبها أو فراق صديقها عيون حمراء لكنها لم تبك لله عز وجل فلن نتكلم عن هذا كله في هذه الليلة لكن سوف نتكلم هذه الليلة عن عيون حمراء بكت لكنها بكت لله عز وجل بكت لكن ليس لأجل الدنيا سوف نتكلم عن أغلى بكاء على وجه هذه الأرض وأغلى من دمعت عينه فهي أغلى الدموع وأغلى البكاء إنه بكاء النبي عليه الصلاة والسلام

بقلم: نبيل العوضي
436
البركة في العلم | مرابط
مقالات

البركة في العلم


بعض العلماء لم يعرف إلا بمتن أو منظومة كابن آجروم والبيقوني أما الآجرومية فما من طالب يريد النحو إلا كانت بوابته وقل مثل ذلك في البيقونية في مصطلح الحديث. وإذا تأملت في حال بعض العلماء وجدت أن غيرهم أعلم منهم بكثير وأوسع دائرة وإحاطة لكن أثر هؤلاء العلماء أعمق من غيرهم ونفعهم أعظم ولازالت الأمة تتفيأ ظلال علومهم.. والسر في ذلك بركة العلم

بقلم: طلال الحسان
354