فضائل سورتي الفلق والناس

فضائل سورتي الفلق والناس | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

4092 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

ومما ورد في فضائل السور ما جاء في فضل المعوذتين:  "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" [الفلق:1]، و"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" [الناس:1]، سورتان صنوان جاء فضلهما على السواء، لا فضل لسورة على أخرى، فمزيتهما واحدة، وجاء الدليل على أنهما رقية، في الصحيح من حديث عائشة عليها رضوان الله تعالى: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه كانت ترقيه وتنفث في يديه؛ وتمسح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم).

 

وجاء في فضلها أيضًا: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من العين ومن الجان, فلما نزلت المعوذات "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" [الفلق:1]، "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" [الناس:1] اكتفى بهما).

 

فمعلوم أن التعوذ هو الالتجاء، وهو أيضًا نوع من أنواع الرقية والدعاء، فيكتفي الإنسان بذلك، فتكون حينئذ رقية وتكون كذلك أيضًا تعوذًا من الجان، وكذلك أيضًا تعوذًا من العين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان ويتعوذ من العين, فلما نزلت اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما، كذلك فإنها رقية من سائر الأوجاع، ومن السحر، فإن النبي عليه الصلاة والسلام إنما أنزلت عليه هاتان السورتان بعد سحره عليه الصلاة والسلام، ففك الله جل وعلا بهاتين السورتين سحره عليه الصلاة والسلام، فهي رقية على سبيل العموم من العين, وكذلك من الجان، وكذلك من السحر.

 

أيضًا هي تعويذ من سائر ما يطرأ على الإنسان من مخاوف، سواءً من الظلمة أو من اشتداد الرياح؛ والدليل على ذلك ما جاء في المسند والسنن من حديث عقبة بن عامر أنه قال: (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بين الجحفة والأبواء، فجاءت ريح ومطر وظلمة شديدة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ، يقول: أعوذ برب الفلق، أعوذ برب الناس، تعوذ بهما يا عقبة فإنه لم يتعوذ بمثلهما)، وفيه إشارة إلى التعوذ بهما في حال الخوف والفزع عند اشتداد الرياح، وعند كوارث الطبيعة من الزلازل والأمور المخوفة واشتداد الظلمة والأشباح وغير ذلك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.

 

وفي حديث عقبة بن عامر هنا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أعوذ برب الفلق، أعوذ برب الناس)، فهل الإنسان يتعوذ بالسورة بقراءتها تامةً، أم يقول: (أعوذ) ويتم السورة إلى آخرها؟

 

فيما يظهر: إن التعوذ هنا لا يخلو من حالين:

الحالة الأولى: إذا كان الإنسان يريد أن يتعوذ بهذه الصيغة (أعوذ برب الفلق)، (أعوذ برب الناس) ولا يريد أن يتم السورة فإنه لا يقول: (قل) وإذا أراد أن يتعوذ بالسورة تامة فإنه يبتدئ بها من أولها فيقول: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" [الفلق:1-2] إلى آخر السورة، "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" [الناس:1] إلى آخر السورة.

فيكون تعوذ الإنسان بصدرها حين يقول: أعوذ برب الفلق، أعوذ برب الناس، شبيهًا بقول الإنسان: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله السميع العليم، وهكذا.

 

ثمة مسائل متعلقة بهاتين السورتين, من هذه المسائل ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من التعوذ بهما في بعض المواضع، تقدم الكلام معنا أن التعوذ بهاتين السورتين: ((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)) و((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)) يكون في الرقية، ويكون أيضًا في المرض، ويكون عند الشيء المخوف، وأيضًا التعوذ من الجان والعين.

كذلك جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام قراءتها في أدبار الصلوات من غير تكرار، ويذكر بعض المصنفين في أذكار اليوم والليلة أن المعوذتين تقرأ بعد صلاة المغرب وصلاة العشاء ثلاثًا, وهذا ليس له إسناد يعول عليه، وإنما يذكره بعض العلماء ممن يعتمد عليه من جهة العلم، لكن لا يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: قراءتها تثليثًا بعد المغرب وبعد الفجر.

 

أما في الصباح والمساء فهل يقال: إن الإنسان يقرأ المعوذات في أذكار الصباح والمساء؟ الجواب: نعم، جاء في حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في قراءتها في الصباح والمساء, لكن من قرأها بعد الفجر مرة وبعد المغرب مرة ونوى ذلك كفاه بإذن الله تعالى.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#سورة-الناس #سورة-الفلق
اقرأ أيضا
التغريب: الأهداف والأساليب ج6 | مرابط
فكر تفريغات أبحاث

التغريب: الأهداف والأساليب ج6


التغريب مصطلح يطلق على الانسياق وراء الحضارة الغربية سواء في الاعتقاد أو الاقتصاد أو غير ذلك وقد سعى الغرب في تغريب الأمة الإسلامية بشتى الوسائل والتي منها: الاستعمار العسكري والفكري ونشر مدارس التغريب في بلاد المسلمين والابتعاث ولكون التغريب يشكل خطرا على المسلمين في دينهم وجب مواجهته بشتى السبل والتي منها: التمسك بالإسلام الحق وفضح مدارس التغريب ونشر العلم الشرعي وما أشبه ذلك

بقلم: عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
2047
الانكسار أمام الثقافة الغربية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الانكسار أمام الثقافة الغربية


شهدت بلادنا ظهور العديد من التيارات الإصلاحية التي زعمت أنها تحاول الوصول إلى سبل التقدم والنهضة وطريق النجاة لبلادنا ولكن سعيها في النهاية أوصلها إلى الشواطئ الغربية فبدأت محاولات التوفيق بين الإسلام وبين الثقافة الغربية بكل شكل ممكن وبدأت محاولات الإصلاح تحت ضغط هذه الثقافة فأدت في النهاية إلى صورة مشوهة مزعومة للإسلام

بقلم: فتحي عبد الكريم ومالك بن نبي
2041
النساء وهوس العمل | مرابط
المرأة

النساء وهوس العمل


قضية صلاح المرأة ترتبط بداية بعقيدتها ودينها وخلقها فمن كانت تنشد القرار في البيت الأصل مساعدتها لا إعلان الحرب عليها ونبذها ومهاجمتها كأنها الفاسدة. ويعلم الله أن هناك أخوات مسلمات يعانين الأمرين من أب وزوج لا يصلي ومع ذلك لا نسمع صوتا يوجه لهؤلاء! وكم من امرأة صلحت على يد رجل!

بقلم: د. ليلى حمدان
621
الغلو نبتة سلفية | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

الغلو نبتة سلفية


يقولون: أن الغلو هو نبتة سلفية أو ظاهرة سلفية أو منتج سلفي أو غيرها من عبارات تصاغ للتعبير عن فكرة واحدة وهي: أن السلفية سبب لظهور الغلو وهي التي تتحمل تبعاته وآثاره وذلك أن الغلاة ينتسبون إلى السلفية ويستدلون بأصول السلفية ويستندون إلى رموزها ومقولاتها وهذا يعني أن المشكلة في السلفية نفسها وبين يديكم مقال هام للرد على هذه الفرية

بقلم: فهد بن صالح العجلان وعبد الله بن صالح العجيري
679
المرأة ومطاردة الجمال الوهمي | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

المرأة ومطاردة الجمال الوهمي


إن المرأة بهذا الهوس اللا متعقل في مطاردة الجمال الذي يوهمها به الإعلام كل ما تقوم به هو تأخير موعد الخيبة التي تنتظرها تلك المرحلة اليائسة التي ستخامرها حين يسرق الزمن من عمرها السنوات ليقول جسدها الحقيقي كلمته ولينطق وجهها الحقيقي صدقه

بقلم: أمل الصالح
429
الربوبية والوعي المبتور | مرابط
فكر

الربوبية والوعي المبتور


والربوبي -في حقيقة الأمر- شر حالا من الملحد إذ الملحد لا يرى في الوجود غير ركام من الأشياء بلا غاية وآكام من النظم مبعثرة فيبني على ذلك أن الكون عبث بلا هدف بلا حكمة وأما الربوبي فيرى الحكمة في خلق الذرة والمجرة ويدرك مظاهر العظمة فيها ثم هو ينتكس بعد ذلك إلى مذهب الملحد نفسه فلا يرى في الوجود غير أشياء تسير إلى حتفها رغم أنفها. والربوبية -على الصواب- مظهر من مظاهر الكسل المعرفي ﻷنها وقوف على تخوم الإيمان والإلحاد فلا الباحث أكمل المسير إلى نهاية الغاية من الخلق ولا هو أدبر إلى نقطة الإنكار...

بقلم: د. سامي عامري
234