معركة الحجاب الجزء الثاني

معركة الحجاب الجزء الثاني | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

2334 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحملة على الحجاب الإسلامي:

 

عباد الله: إن السفور إذًا مقدمة للانحلال، وهكذا يريد أعداء الإسلام.
رفع النقاب وسيلة إن حبذت     ضمت إليها للفجور وسائل
فالاختلاط فمرقـص فتواعد     فالاجتماع فخـلوة فتواصل
 
إن الطاعنين في الدين اليوم يكتبون المقالات المختلفة، ويريدون الفتنة في المسلمين، والاختلاط، وأن هذه الخرقة البالية قد ولى وقتها، وقد آن الأوان للمرأة لتسفر عن نعمة الجمال، وأن الله جميل يحب الجمال، كما يستشهد أولئك بالنصوص بكل وقاحة في غير مواضعها.
زعم السفور والاختلاط وسيلة     للمجد قوم في المجانة أغرقوا
كذبوا متى كان التعرض للخنا     شيئًا تعز به النفوس وتسبق
أي يكون كشف السوءتين فضيلة     فيذيعها هذا الشباب الأحمق
ليس التمدن أن نرى روح الحيا     بيدي الخلاعة كل يوم تزهق
والبنت يدفعها براحته الهوى     فتروح تهوى من تشاء وتعشق
 
وعندما علم أعداء الله أهمية الحجاب في الإسلام أغاروا عليهم، وهكذا سعوا في تصدير الألبسة إلينا، وإنتاج هذه الأغاني المائعة بالفيديو كليب، والأفلام، تعري، كل شيء إلى تعري إلى انحسار، وهكذا تقصر الثياب، وتتشقق، وتتفتق عن تلك العقليات الشيطانية التي تريد الشر بالمسلمين، وأن الحجاب غيظ في قلوب أعداء الله، يغيظ الأعداء، إنه غيظ العدى، ولذلك لما رأى الفرنسيون الصحوة بين الجالية المسلمة لديهم في ستة ملايين من المسلمين خافوا منه خوفًا عظيما، وشرعوا يقدمون رجلًا ويؤخرون أخرى، ماذا يفعلون بالحجاب في فرنسا؟

وقامت الأبحاث، والكلام، والنقاش هل الحجاب يعارض الديمقراطية أم لا؟ وأيد قوم، وعارض آخرون؛ لتنتهي القضية في النهاية، ولم يطيقوا منظره لم يطيقوا، فهكذا أرادوا منعه، ومنع المرأة المسلمة إذا جاءت إلى الأماكن الرسمية أن تأتي بالحجاب، ماذا يضيرهم لو تركوها؟ هل محاربة الفضيلة والحياء من الديمقراطية؟ إنه رمز الفضيلة، هل التدخل في حريات النساء من الديمقراطية؟ لكن هذا يكشف عن زيف الديمقراطية، وأنها ديمخراطية وليست ديمقراطية، وليس لديهم إلا هذا الخرط الفارغ الذي يريدون أن يقنعوا به الناس أنهم يسيرون على مبادئ.
 
فأين المبادئ في بلد الحريات المزعوم؟ وهكذا تشعر النساء في عدة بلدان بالغربة، غربة الدين، ووطأة أعداء الإسلام، تشعر المرأة المسلمة أنها مضطهده، تشعر المرأة المسلمة أنها محاصرة، الغربة شديدة على النفس، أن يشعر الإنسان أن المعتقد الذي يعتقد به، والدين الذي يدين الله به لا يستطيع أن يطبق منه أمورًا في الواقع.
 
إن هذه القضية ليست قابلة للمساومات، ولا للمفاوضات؛ لأنها ليست عادات وتقاليد، ويحاول بعض المنافقين أن يقول: أن المسألة مسألة عادات وتقاليد، هذا دين من فوق السماء من عند رب العالمين، هذه مسألة إيمان، هذه مسألة طاعة الله ورسوله، ليست خيارًا، وإنما هي واجب، ولعل هذه الحركة التي حدثت يكون فيها منفعة وفوائد من نواحي متعددة، "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" (البقرة: 216).

ولعل المرأة المسلمة ووليها في الشرق عندما يحس الواحد منهم أن الحجاب مضطهد، الكفار لم يستطيعوا أن يتحملوه، ولم يطيقوه، أن يحرص المسلمون عليه هنا، وأن يعرفوا النعمة في إمكان الحجاب، فلا يكفر هذه النعمة، ويقوم كل واحد من المسلمين بالتأكد من أنما تخرج عليه ابنته من المنظر من البيت، أو زوجته، أو أخته مطابق للصفات الشرعية، ليس فستانًا أسود مزركشًا كما هي أكثر العباءات في السوق اليوم -مع الأسف-، مما لا يحل بيعه ولا شراؤه، ولا إهداؤه، ولا لبسه والخروج به، لم تعد عباءة، إنها فستان أسود مزين بألوان، ومطرز، ومزركش، ومخصر، ومفتوح، وهكذا.
 
نريد إذًا يا عباد الله حجابًا شرعيًا، ساترًا لجميع البدن، فضفاضًا غير ضيق، سميكًا غير شفاف، لا يشبه لباس الراهبات الكافرات، وليس مطيبًا ولا مبخرًا، ولا يشبه لباس الرجال، وليس بثوب شهره يرفع الناس إليها أبصارهم عندما يرونها فيه، نريده حجابًا كما أمر الله "ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ"، بأنهن عفائف، "فَلَا يُؤْذَيْنَ" الأحزاب: 59، لا يطمع بهن الفساق.

 

أهمية التمسك بالحجاب الشرعي:

 

لقد كان هذا الحجاب رمزًا لشخصية المرأة المسلمة، ومفرقًا لها عن غيرها، وإن هذا الحجاب الذي شرعه الله هو دعوة، فأنها إذا خرجت به حتى بين غير المسلمين، قالوا: مالها؟ ولماذا تلبس هذا؟ لقد صار على أغلفة مجلاتهم، وفي لقطات قنواتهم الفضائية، ما هذا الحجاب؟ وأقبلوا يسألون الطالبات المسلمات في الجامعات لديهم لماذا تلبسين هذا؟ هل لديك تشويه أو عيب أو جئت إلى حفلة تنكرية؟ وعندما يكتشفون لا هذا ولا هذا، وأنه دين الله، فربما يكون ذلك سبب في إسلام البعض، وقد حصل هذا فعلًا، لقد حصل أن دخل في دين الله عز وجل من الأساتذة الكبار، ومن الطلاب والطالبات من ذلك بسبب تمسك بعض المسلمات بالحجاب، وعدم التخاذل، وعدم التراجع، وعدم التنازل، فإن التنازل مسلسل لا ينتهي، ولو أطاعوه في شيءٍ، "وإِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ" (آل عمران: 100).

فإذا أطاعوهم في شيءٍ من المعصية فإن ذلك يؤدي إلى معاصي كثيرة، لقد أدهش حياء المرأة المسلمة ذلك الطبيب في المخيم الذي جاء يعالج العمى، والماء الذي يكون غشاوة على العين، تقدم إلى رجل ومعه زوجته ترتجف، فظنها الطبيب تتألم من المرض، فقال لزوجها: مالها؟ قال: ليس بها مرض، إنما ترتجف؛ لأنها لا تريد أن تكشف عن وجهها لرجل أجنبي، إنها لم تنم ليلة البارحة من القلق والارتباك، ولم تقبل أن تأتي إلا عندما أقسمت لها بالأيمان المغلظة أن الله أباح لها ذلك؛ لأنه اضطرار، وترددت المرأة كثيرًا حتى كشفت وجهها، فأجريت العملية بنجاح، وعاد إليها بصرها بفضل الله، فحدث عنها زوجها بعد ذلك أنها قالت: لولا اثنتان لأحببت أن أصبر على حالي، ولا يمسني رجل أجنبي، ولا ينظر إليّ، ما هما؟ قراءة القرآن، وخدمتي لك ولأولادك.
 
عباد الله: لقد رأينا حجابًا من نساء كن في عالم الغناء والفن، وتراجعا إلى الله عز وجل وتوبة، والعاقل والعاقلة يعرفان ما هو الطريق، ونحن لابد أن يكون لنا وقفة مع إخواننا المسلمين، وأن نناصرهم، وأن نفعل بكل ما يمكننا من الوسيلة من أجل الوقوف معهم، وأن نستعمل لذلك كل وسيلة تؤدي إلى المقصود، حتى لا نكون في سخط الله أننا تخلينا عن إخواننا وأخواتنا في وقت احتاجوا فيه إلينا.
 
اللهم إنا نسألك أن تنصر الإسلام وأهله يارب العالمين، اللهم رد المسلمين إلى الإسلام ردًا جميلا، واجعلنا به مستمسكين، اللهم انصر إخواننا الذين اضطهدوا وامتحنوا على من اضطهدهم، اللهم إنا نسألك لهم القوة والعون، كن لهم ولا تكن عليهم، وأعنهم ولا تعن عليهم، وانصرهم و لا تنصر عليهم، وامكر لهم ولا تمكر عليهم، اللهم إنا نسألك الهداية والثبات حتى نلقاك.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 


 

المصدر:

  1. https://almunajjid.com/speeches/lessons/670
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#قضية-الحجاب #المرأة
اقرأ أيضا
قراءة الأحداث بعيون زرقاء | مرابط
فكر

قراءة الأحداث بعيون زرقاء


رغم أن الأعين الزرقاء لم يأت بجديد في قراءة الأحداث إلا أن ضحايا الاستبداد الثقافي يتلهفون دائما للحصول على ختم الصلاحية لأفكارهم وعقائدهم ولذلك يفرحون إذا وافقتهم الثقافة الغربية في فكرة أو فكرتين.. ويطيرون إذا قال الرجل الأبيض شيئا موافقا لثقافة وأفكار المسلمين! فهذا يأتي بمثابة صك الصلاحية وكأن لسان حالهم: الآن لا نخجل مما نعتقده الآن لا حرج على أفكارنا!

بقلم: محمود خطاب
326
الرد على من قال بمساواة المرأة بالرجل | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

الرد على من قال بمساواة المرأة بالرجل


من الدعوات الهدامة التي انتشرت في بلادنا الإسلامية: دعوة المساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء وكان ذلك نتاج تصاعد الموجة الليبرالية والنسوية والتي وصلت إلى بلادنا وتغلغلت في نفوس المسلمين وفي هذا المقتطف من كتاب حكم الجاهلية يرد الشيخ أحمد شاكر على هذه الدعوة

بقلم: أحمد شاكر
1212
شبهات حول المرأة الجزء الأول | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين المرأة

شبهات حول المرأة الجزء الأول


يمكن القول بأن الجاهلية جمعت شبهاتها حول الشريعة في المرأة وقد انعكست الطبيعة العاطفية لهذه القضية على هذه الشبهات مما ساهم في طرحها على سرعة التفاعل معها وخصوصا عندما تكون الأحكام الشرعية في الأساس غير مرهونة بمعرفة العلة العقلية منها ومن هنا كانت مواجهة شبهات الكافرين والمنافقين حول المرأة في حقيقتها مواجهة لأبعاد أساسية في قضية الشبهات الجاهلية حول الشريعة الإسلامية وليست مجرد شبهة واحدة كغيرها من الشبهات

بقلم: رفاعي جمعة
2538
في ذكر من غلب من العوام بذكائه كبار الرؤساء | مرابط
مقالات

في ذكر من غلب من العوام بذكائه كبار الرؤساء


وقال الصاحب بن عباد ما أخجلني غير ثلاثة منهم أبو الحسين البهديني فإنه كان في نفر من جلسائي فقلت له وقد أكثر من أكل المشمش لا تأكله فإنه يلطخ المعدة فقال ما يعجبني ما يطب الناس على مائدته وآخر قال لي وقد جئت من دار السلطان وأنا ضجر من أمر عرض لي من أين أقبلت فقلت من لعنة الله فقال رد الله غربتك فأحسن علي إساءة الأدب وصبي مستحسن داعبته فقلت لبيك تحتي فقال مع ثلاثة أخر يعني في رفع جنازتي فأخجلني قال رجل شربت البارحة فاحتجت إلى القيام لإراقة الماء كأنني جدي فقال له عامي لم تصغر نفسك يا سيدنا

بقلم: ابن الجوزي
876
إياك نعبد وإياك نستعين | مرابط
تفريغات

إياك نعبد وإياك نستعين


العبودية في قوله: إياك نعبد الفاتحة:5 العبودية هي التذلل والخضوع ولهذا تقول العرب: طريق معبد أي: مذلل إذا ذلل الناس الطريق بشيء من توطينه وتهيئته للسير يقول: طريق معبد كذلك العبد يسمى عبدا إذا كان متذللا بين يدي سيده. وهنا قال: إياك نعبد الفاتحة:5 لا نتذلل إلا لك سبحانك وتعاليت في هذا التذلل إلا لله جل وعلا والعبادة في ذلك مختلفة: ظاهرة وباطنة فالباطنة هي أعمال القلب من المحبة والخوف والرجاء والتوكل على الله سبحانه وتعالى والاستعانة والخشية وغير ذلك من أمور العبادة.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
844
مصارع المغرقين | مرابط
فكر مقالات

مصارع المغرقين


سأل رجل الإمام الشافعي عن مسألة فقال: يروى فيها كذا وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له السائل: يا أبا عبد الله تقول به فرأيت الشافعي أرعد وانتقص فقال: يا هذا أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا فلم أقل به نعم على السمع والبصر على السمع والبصر

بقلم: فهد بن صالح العجلان
821