معركة الحجاب الجزء الثاني

معركة الحجاب الجزء الثاني | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

2171 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحملة على الحجاب الإسلامي:

 

عباد الله: إن السفور إذًا مقدمة للانحلال، وهكذا يريد أعداء الإسلام.
رفع النقاب وسيلة إن حبذت     ضمت إليها للفجور وسائل
فالاختلاط فمرقـص فتواعد     فالاجتماع فخـلوة فتواصل
 
إن الطاعنين في الدين اليوم يكتبون المقالات المختلفة، ويريدون الفتنة في المسلمين، والاختلاط، وأن هذه الخرقة البالية قد ولى وقتها، وقد آن الأوان للمرأة لتسفر عن نعمة الجمال، وأن الله جميل يحب الجمال، كما يستشهد أولئك بالنصوص بكل وقاحة في غير مواضعها.
زعم السفور والاختلاط وسيلة     للمجد قوم في المجانة أغرقوا
كذبوا متى كان التعرض للخنا     شيئًا تعز به النفوس وتسبق
أي يكون كشف السوءتين فضيلة     فيذيعها هذا الشباب الأحمق
ليس التمدن أن نرى روح الحيا     بيدي الخلاعة كل يوم تزهق
والبنت يدفعها براحته الهوى     فتروح تهوى من تشاء وتعشق
 
وعندما علم أعداء الله أهمية الحجاب في الإسلام أغاروا عليهم، وهكذا سعوا في تصدير الألبسة إلينا، وإنتاج هذه الأغاني المائعة بالفيديو كليب، والأفلام، تعري، كل شيء إلى تعري إلى انحسار، وهكذا تقصر الثياب، وتتشقق، وتتفتق عن تلك العقليات الشيطانية التي تريد الشر بالمسلمين، وأن الحجاب غيظ في قلوب أعداء الله، يغيظ الأعداء، إنه غيظ العدى، ولذلك لما رأى الفرنسيون الصحوة بين الجالية المسلمة لديهم في ستة ملايين من المسلمين خافوا منه خوفًا عظيما، وشرعوا يقدمون رجلًا ويؤخرون أخرى، ماذا يفعلون بالحجاب في فرنسا؟

وقامت الأبحاث، والكلام، والنقاش هل الحجاب يعارض الديمقراطية أم لا؟ وأيد قوم، وعارض آخرون؛ لتنتهي القضية في النهاية، ولم يطيقوا منظره لم يطيقوا، فهكذا أرادوا منعه، ومنع المرأة المسلمة إذا جاءت إلى الأماكن الرسمية أن تأتي بالحجاب، ماذا يضيرهم لو تركوها؟ هل محاربة الفضيلة والحياء من الديمقراطية؟ إنه رمز الفضيلة، هل التدخل في حريات النساء من الديمقراطية؟ لكن هذا يكشف عن زيف الديمقراطية، وأنها ديمخراطية وليست ديمقراطية، وليس لديهم إلا هذا الخرط الفارغ الذي يريدون أن يقنعوا به الناس أنهم يسيرون على مبادئ.
 
فأين المبادئ في بلد الحريات المزعوم؟ وهكذا تشعر النساء في عدة بلدان بالغربة، غربة الدين، ووطأة أعداء الإسلام، تشعر المرأة المسلمة أنها مضطهده، تشعر المرأة المسلمة أنها محاصرة، الغربة شديدة على النفس، أن يشعر الإنسان أن المعتقد الذي يعتقد به، والدين الذي يدين الله به لا يستطيع أن يطبق منه أمورًا في الواقع.
 
إن هذه القضية ليست قابلة للمساومات، ولا للمفاوضات؛ لأنها ليست عادات وتقاليد، ويحاول بعض المنافقين أن يقول: أن المسألة مسألة عادات وتقاليد، هذا دين من فوق السماء من عند رب العالمين، هذه مسألة إيمان، هذه مسألة طاعة الله ورسوله، ليست خيارًا، وإنما هي واجب، ولعل هذه الحركة التي حدثت يكون فيها منفعة وفوائد من نواحي متعددة، "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" (البقرة: 216).

ولعل المرأة المسلمة ووليها في الشرق عندما يحس الواحد منهم أن الحجاب مضطهد، الكفار لم يستطيعوا أن يتحملوه، ولم يطيقوه، أن يحرص المسلمون عليه هنا، وأن يعرفوا النعمة في إمكان الحجاب، فلا يكفر هذه النعمة، ويقوم كل واحد من المسلمين بالتأكد من أنما تخرج عليه ابنته من المنظر من البيت، أو زوجته، أو أخته مطابق للصفات الشرعية، ليس فستانًا أسود مزركشًا كما هي أكثر العباءات في السوق اليوم -مع الأسف-، مما لا يحل بيعه ولا شراؤه، ولا إهداؤه، ولا لبسه والخروج به، لم تعد عباءة، إنها فستان أسود مزين بألوان، ومطرز، ومزركش، ومخصر، ومفتوح، وهكذا.
 
نريد إذًا يا عباد الله حجابًا شرعيًا، ساترًا لجميع البدن، فضفاضًا غير ضيق، سميكًا غير شفاف، لا يشبه لباس الراهبات الكافرات، وليس مطيبًا ولا مبخرًا، ولا يشبه لباس الرجال، وليس بثوب شهره يرفع الناس إليها أبصارهم عندما يرونها فيه، نريده حجابًا كما أمر الله "ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ"، بأنهن عفائف، "فَلَا يُؤْذَيْنَ" الأحزاب: 59، لا يطمع بهن الفساق.

 

أهمية التمسك بالحجاب الشرعي:

 

لقد كان هذا الحجاب رمزًا لشخصية المرأة المسلمة، ومفرقًا لها عن غيرها، وإن هذا الحجاب الذي شرعه الله هو دعوة، فأنها إذا خرجت به حتى بين غير المسلمين، قالوا: مالها؟ ولماذا تلبس هذا؟ لقد صار على أغلفة مجلاتهم، وفي لقطات قنواتهم الفضائية، ما هذا الحجاب؟ وأقبلوا يسألون الطالبات المسلمات في الجامعات لديهم لماذا تلبسين هذا؟ هل لديك تشويه أو عيب أو جئت إلى حفلة تنكرية؟ وعندما يكتشفون لا هذا ولا هذا، وأنه دين الله، فربما يكون ذلك سبب في إسلام البعض، وقد حصل هذا فعلًا، لقد حصل أن دخل في دين الله عز وجل من الأساتذة الكبار، ومن الطلاب والطالبات من ذلك بسبب تمسك بعض المسلمات بالحجاب، وعدم التخاذل، وعدم التراجع، وعدم التنازل، فإن التنازل مسلسل لا ينتهي، ولو أطاعوه في شيءٍ، "وإِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ" (آل عمران: 100).

فإذا أطاعوهم في شيءٍ من المعصية فإن ذلك يؤدي إلى معاصي كثيرة، لقد أدهش حياء المرأة المسلمة ذلك الطبيب في المخيم الذي جاء يعالج العمى، والماء الذي يكون غشاوة على العين، تقدم إلى رجل ومعه زوجته ترتجف، فظنها الطبيب تتألم من المرض، فقال لزوجها: مالها؟ قال: ليس بها مرض، إنما ترتجف؛ لأنها لا تريد أن تكشف عن وجهها لرجل أجنبي، إنها لم تنم ليلة البارحة من القلق والارتباك، ولم تقبل أن تأتي إلا عندما أقسمت لها بالأيمان المغلظة أن الله أباح لها ذلك؛ لأنه اضطرار، وترددت المرأة كثيرًا حتى كشفت وجهها، فأجريت العملية بنجاح، وعاد إليها بصرها بفضل الله، فحدث عنها زوجها بعد ذلك أنها قالت: لولا اثنتان لأحببت أن أصبر على حالي، ولا يمسني رجل أجنبي، ولا ينظر إليّ، ما هما؟ قراءة القرآن، وخدمتي لك ولأولادك.
 
عباد الله: لقد رأينا حجابًا من نساء كن في عالم الغناء والفن، وتراجعا إلى الله عز وجل وتوبة، والعاقل والعاقلة يعرفان ما هو الطريق، ونحن لابد أن يكون لنا وقفة مع إخواننا المسلمين، وأن نناصرهم، وأن نفعل بكل ما يمكننا من الوسيلة من أجل الوقوف معهم، وأن نستعمل لذلك كل وسيلة تؤدي إلى المقصود، حتى لا نكون في سخط الله أننا تخلينا عن إخواننا وأخواتنا في وقت احتاجوا فيه إلينا.
 
اللهم إنا نسألك أن تنصر الإسلام وأهله يارب العالمين، اللهم رد المسلمين إلى الإسلام ردًا جميلا، واجعلنا به مستمسكين، اللهم انصر إخواننا الذين اضطهدوا وامتحنوا على من اضطهدهم، اللهم إنا نسألك لهم القوة والعون، كن لهم ولا تكن عليهم، وأعنهم ولا تعن عليهم، وانصرهم و لا تنصر عليهم، وامكر لهم ولا تمكر عليهم، اللهم إنا نسألك الهداية والثبات حتى نلقاك.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 


 

المصدر:

  1. https://almunajjid.com/speeches/lessons/670
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#قضية-الحجاب #المرأة
اقرأ أيضا
الاستدلال الأعمى | مرابط
فكر مقالات

الاستدلال الأعمى


لا يكفي أن تستدل بأي نص شرعي ليكون قولك موافقا للشريعة فالعبرة ليس بوجود أي استدلال بالشريعة بل يجب أن يكون هذا الاستدلال صحيحا ومستقيما وفق الأصول المنهجية الموضوعية للاستدلال فمثلا من قواعد الاستدلال المنهجي السليم: أن يكون النظر فيه شاملا لجميع النصوص والقواعد الشرعية فلا ينظر في بعض النصوص ويهمل بعضها فهذه هي البذرة التي نبتت منها ظاهرة الافتراق في الدين فأنتجت الفرق والجماعات البدعية في الفكر الإسلامي فإشكالية جميع هذه الفرق القديمة من شيعة وخوارج ومعتزلة وغيرها أنها تأخذ ببعض الشريعة...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1592
فضل علم النحو | مرابط
تفريغات لسانيات

فضل علم النحو


وعلم النحو علم شريف عظيم ولا يمكن لطالب علم أن يطلب العلم من دونه كأن يطلب العلم والنحو ولا يجد في طلبه لأنه من علوم الآلة فهذا لا بد أن يعض عليه بالنواجذ حتى وإن انتهى مثلا من الآجرومية وما بعدها من تكملة الآجرومية لأن الأهم هو أن يستقيم لسانه وأن يعقل عن الله مراده وكذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بقلم: محمد حسن عبد الغفار
458
أثر الإيمان في بناء الأمم ج1 | مرابط
تفريغات

أثر الإيمان في بناء الأمم ج1


محاضرة هامة عن عن أثر الإيمان في بناء الأمم والأفراد -والكلام القادم- سيكون عن أسباب انهيار الأمم ولماذا تنهار أمم وشعوب ولماذا تبقى غيرها فالأمر يحتاج إلى وقت طويل ولكن خطورة الأمر وأهميته هي التي تجعلنا نتحدث عنه بما يفتح الله تبارك وتعالى به علينا

بقلم: د سفر الحوالي
469
أتباع الرسل أكمل الناس عقولا | مرابط
اقتباسات وقطوف

أتباع الرسل أكمل الناس عقولا


وكلما كان الرجل عن الرسول أبعد كان عقله أقل وأفسد فأكمل الناس عقولا أتباع الرسل وأفسدهم عقولا المعرض عنهم وعما جاءوا به ولهذا كان أهل السنة والحديث أعقل الأمة وهم في الطوائف كالصحابة في الناس وهذه القاعدة مطردة في كل شيء عصي الرب سبحانه به فإنه يفسده على صاحبه

بقلم: ابن القيم
309
أساليب الخطاب في القرآن الكريم | مرابط
تفريغات

أساليب الخطاب في القرآن الكريم


وهذا الزمان الذي كثرت فيه الأخطاء ووقعت فيه المصائب على الأمة تعالوا ننظر إلى لغة الحوار والخطاب من الدعاة إلى المدعوين ومن العلماء إلى من يعلمون ومن المدرسين إلى تلامذتهم ومن الأزواج إلى زوجاتهم ومن الآباء إلى أبنائهم نعلم أن هناك أخطاء كثيرة وجسيمة ولكن هل هذا الزمان زمان التقريع وعد الأخطاء وجلد الظهور بالسياط وإبراز هذه المشاكل الضخمة بصورة قد تقعد صاحبها عن الحركة وعن العمل وعن إعادة الإصلاح من جديد أم زمن مد اليد وبث الأمل والتفاؤل في النفوس وإعطاء الأمة فرصة جديدة للقيام وهي لا شك ست

بقلم: د راغب السرجاني
675
أسلوب الوصاية | مرابط
فكر مقالات

أسلوب الوصاية


والوصاية ضد الشبهات التي تسبب رقة التدين مطلب شرعي سواء كان الذي يشيع هذه الشبهات زنديق علماني أو من متفقهة التغريب الذين يغرسون في الناس النظرة المادية للحياة ويهونون من تعظيمهم للنص باسم الخلاف ويشحنون الناس ضد المحتسبين والدعاة دوما بالسذاجة والتهور وضيق الأفق وقلة الوعي وأنهم يغرقون في كأس ماء ونحوها من العبارات التي يتشربها المستمع فتؤثر في نظرته لأهل العلم والدعاة بعامة ويجمدون مشاعر الغيرة والحمية باسم الرزانة والحكمة والهدوء ونحو ذلك

بقلم: إبراهيم السكران
2216