نقض أصول الإلحاد الإيجابي

نقض أصول الإلحاد الإيجابي | مرابط

الكاتب: عبد الله بن سعيد الشهري

399 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

لا يمكن لإنسان أيًا كان في قضية وجود الخالق أن يحكم على الخالق بحكم إلا وقد سبق ذلك الحكم تصور معيّن عن الخالق الذي يريد الحكم عليه. حتى الملحد الجلد لا يمكنه إنكار الصانع إلا وحكمه فرع عن تصور معين لخالق يأباه ولا يوافق عليه، إذ يستحيل أن يخوض المُلحد في قضية ممتنعة لذاتها أو قضت ضرورة العقل بانتفائها، فهذا عبث وسفه.

مثال ذلك أنك لا تجد عاقلًا يخوض بنظره ويجول بفكره للبرهنة على إمكان اجتماع النقيضين - كاجتماع الوجود والعدم - لأن علم ذلك - أي علم استحالة اجتماعهما - ضروري مركوز في النفس ومجرد محاولة تجويز ذلك سفه يتنزه عنه أعتى الملاحدة.

وهكذا الخالق فإنه ليس شيئًا ممتنعًا لذاته، ولا يحكم العقل بضرورة انتفاء وجوده، لأنه لو كان كذلك لكان إثبات امتناع وجوده أسهل من إثبات وجوده، بل ستنتفي الحاجة لتجشم إثبات امتناع وجوده؛ لأن الضرورات - أي في حالة حكم العقل بضرورة انتفاء وجوده - لا تفتقر إلى نظر، وعليه فوجود الخالق ممكن في أقل الأحوال تنزلًا مع الخصم في التعبير، والممكن لا يُمكن الحكم عليه بنفي أو إثبات إلا بدليل، فوجب على من ينكر وجود الخالق التدليل على دعواه، مثلما يطلب هو من المثبتين لوجوده تقديم أدلتهم على وجوده.

عندما نبلغ هذه المرحلة - أي مرحلة الكلام في نفي أو إثبات الممكنات - تلعب التصورات الشخصية والميول النفسية دورًا بالغ التأثير، وبإمكاننا أن نقول أن أصل إنكار الملاحدة عائد إلى تصور معين، لا إلى أن عدم وجود الخالق ضرورة فطرية أو أن النظر في الأدلة لا يقضي إلا بذلك، فهم لا يقولون بذلك ولا يجرؤون، ولكن الدهاة منهم يحاولون بالتمويه - كما يفعل السوفسطائية - أن يصوروا لعامة الناس أن الأمر كذلك، وهذا ليس بشيء. فافهم هذا التأصيل وتأمله جيدًا يزل عنك بإذن الله أصل الإشكال أو أكثره.(1)


المصدر:
عبد الله بن سعيد الشهري، ثلاث رسائل في الإلحاد والعقل والإيمان

الإشارات المرجعية:
1- لم يعزب عن ذهني تفاوت مواقف الملاحدة باختلاف الإله الذي يتحدثون عنه، ألا ترى إلى رد دوكنز على سؤال بنشتاين في الوثائقي الشهير Expelled عندما سأله: أتؤمن بوجود إله التوراة؟ فأجاب: سيكون ذلك احتمالًا مزعجًا. 

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الإلحاد
اقرأ أيضا
لئن كان قال ذلك لقد صدق | مرابط
تعزيز اليقين

لئن كان قال ذلك لقد صدق


المتأمل لما قاله أبو بكر رضي الله عنه لئن كان قال ذلك لقد صدق يدرك أن هناك قاعدة تأسس عليها إيمان الصديق رضي الله عنه فهذه العبارة ليست عشوائية ولم تأت اعتباطا لو كان النبي قال كذا فقد صدق إذن أيا كان الذي قاله النبي إنه صادق في كل ما يقول المهم أن يثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال ما قال إنه التسليم المطلق للوحي ولمثل هذا كان أبو بكر هو الصديق فالتسليم هو محض الصديقية كما يقول ابن القيم رحمه الله وهذه هي القاعدة التي تأسس عليها إيمان الصديق رضي الله عنه

بقلم: محمود خطاب
948
قانون لتدمير الأسرة | مرابط
فكر مقالات المرأة

قانون لتدمير الأسرة


وها نحن في هذه الأيام نمر بفترة عصيبة من حياة الأمة تستورد فيها الأمة القوانين من هنا وهناك غير مبالين بمخالفة الشريعة الإسلامية وغير عابئين بالآثار الوخيمة التي ستعود على المسلمين من جراء تطبيق هذه القوانين المستوردة ومن آخر هذه القوانين وأخطرها قانون الطفل الجديد

بقلم: د راغب السرجاني
2401
رسالة المصلح | مرابط
اقتباسات وقطوف

رسالة المصلح


إن المصلح الصادق لا تغره أرقام المتابعين ولا أعداد المشاهدين ولا كثرة المنتسبين لبرامجه إذ إن نجاحه الحقيقي هو في تحقيق عبوديته لله تعالى بالقيام بدينه وتبليغ العلم النافع والإصلاح ما استطاع ثم إن بارك الله له فيما قدم فانتفع به الناس فهو يدرك أن هذا الفتح والبركة إنما هي من الله سبحانه وتعالى فيحمده ويشكره ويفرح بنعمة الله عليه وعاجل بشراه له.

بقلم: أحمد يوسف السيد
327
التكليف والحرية | مرابط
فكر مقالات

التكليف والحرية


من شروط التكليف طاعة وحرية وهذه بديهية يغفل عنها كثير من المجادلين في قضية القدر وفي قضية الإيمان وفي قضية التكليف والجزاء فيقصرون النظر على شرط الحرية ويهملون شرط الطاعة كأنه مناقض للجزاء وكأنه من اللازم عقلا أن يكون الجزاء مقرونا بالحرية المطلقة وهي في ذاتها استحالة عقلية بكل احتمال يخطر على البال في فهم خلق الإنسان

بقلم: عباس محمود العقاد
1852
الجندر: المفهوم والحقيقة والغاية الجزء الثاني | مرابط
الجندرية

الجندر: المفهوم والحقيقة والغاية الجزء الثاني


ظهر مصطلح الجندر في سبعينيات القرن الماضي ولكنه أحدث رجة عنيفة في الساحة الفكرية والاجتماعية بعدما تم إدخاله في كل المجالات تقريبا وتم إعادة صياغة المصطلح ليعبر عن الأدوار الاجتماعية والميول الشخصية فقد يشعر الرجل أنه امرأة وتشعر المرأة أنها رجل أما مصطلح الجنس فهو لا يعبر إلا عن الجانب البيولوجي أو العضوي الجنسي ومن هنا انفتح الباب على مصراعيه أمام الشذوذ وظهرت أشكال جديدة للعلاقات وللأسرة

بقلم: حسن حسين الوالي
2526
أشراط الساعة رواية ودراية: الدرس الثاني ج2 | مرابط
تفريغات

أشراط الساعة رواية ودراية: الدرس الثاني ج2


ويلزم من ظهور الجهل قبض العلم ومن قبض العلم ظهور الجهل ومن انتفاء الجهل ظهور العلم وكلها متلازمة تكون بين زمن إلى زمن تظهر وتخبو حتى تزول ويتأرجح ذلك بحسب وجود العلم والخيرية بين الناس والخيرية المراد بها هنا هي وجود العلم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في البخاري: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فالخيرية المراد بها هنا هي الفقه في الدين

بقلم: عبد العزيز الطريفي
741