هل تؤمنين بالله حقا؟

هل تؤمنين بالله حقا؟ | مرابط

الكاتب: فريد الأنصاري

275 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

السؤال هو: هل تؤمنين بالله حقا؟

سلي نفسك: هل تعرفين الله؟ هل تعرفين معنى كونه خالقا لكل شيء، وأنه خَلَقَكِ أنتِ؟ أنت بالذات! فما مقتضى ذلك، وما نتيجته عليك إذن؟ هل تملكين أمر نفسك في هذا الكون؛ ولادةً وموتا؟ ما حقيقة هذا العمر الذي تملكينه ولا تملكينه؟ من أنتِ إذن؟ وما موقعك في كونٍ واسع رهيب، يملكه رب عظيم؟ كون يمتد من عالم الشهادة إلى عالم الغيب! ما طبيعة وجودك أنت فيه وما معناه؟

تلك أسئلة لابد من تقريرها، ثم تحقيقها؛ لفهم طبيعة الخطاب القرآني عموما، والمتعلق منه بذاتكِ أنتِ خصوصا! (١)

إن أوَّلَ حقيقةٍ قرآنيةٍ تُعْرَضُ في سياق الآيات المتعلقة بالنساء -كما سترين بحول الله- هي أن القصد التشريعي من رسم معالم صورة المرأة في القرآن والسنة؛ إنما هو لتكون قناةً أساسيةً لاستمرا التدين في المجتمع! تلك وظيفتها الاجتماعية الكبرى، فَأَعْظِمْ بها من وظيفة! ولذلك كانت شخصيتها -نفساً وصورةً- موطنَ زحام الفلسفات، وتدافع الأيديولوجيات، وتصارع الحضارات! فتأملي هذه الحقيقة إن كنت مبصرة! ولكونها كذلك؛ أي قناة التدين الكبرى؛ جعلها الإسلام رمزا سيميائيا للعفة والكرامة، وموردا تربويا للأجيال.

ومن هنا فهي لا تخرج إلى الشوارع عارية الأطراف والصدور والنحور! إن عفتها تمنعها من أن تعرض لحمها في سوق الشهوات الحيوانية! فالمرأة المسلمة -التي ما تزال تحتفظ بجمالها النفسي، وطهرها البدني- تسعى لاكتساب كمالها الروحي، ولا تتردى في مهاوي السقوط الأخلاقي، ولا تتعهر في الشوارع والطرقات؛ ولا تكشف للناس عن تفاصيل بدنها، ورسومات عورتها! ولا تخالل الشباب الضال، الضارب في متاهات العمى! شباب لا يدرك من مسؤوليته تجاه أمته شيئا، شباب يعتبر وجوده ثقلا زائدا على كاهل الأمة، وكأنه ما وجد إلا ليبتليه الله ويبتلي به! شباب غبي يلهث وراء الشهوات العفنة.

ففي حين تخوض الأمة أشرس معاركها التاريخية ضد الفجور العولمي، والتدمير الشمولي لقيمها؛ قصد إذلالها وتركيعها، وفي حين يموت أبناؤها البررة شهداء في كل مكان، في مدافعة حركة تهويد العالم؛ ينغمس هو بكل شره وغباوة في تناول الطُّعم الصهيوني مما يعرض عليه في موائد الحرام! والدكَّاكة الأمريكية تحطم نخوته وعرضه فوق رأس أمه، ليل نهار، وهو يرى لكنه لا يبصر شيئا! قد صدق عليه قول الله تعالى في القرآن العظيم: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ!} (الأعراف:١٩٨) أين يعيش هذا الشباب؟ إنه يعيش خارج التاريخ!

ألا شتان شتان بين شباب يعيش في القمة؛ وشباب يعيش في القمامة!

إن الفتاة المؤمنة تدرك قيمة شرفها، ولا تبيعه رخيصا في سوق النخاسة! إنها تصون نفسها، وتعتز بانتمائها الديني، وتميزها الحضاري.

إن المرأة التي تحرص على إبراز مفاتنها؛ عبر منعطفات جسمها، وحركة لحمها، وتعصر غلائل ثوبها على بدنها؛ إمعانا في استعراض مسالك عورتها وحجم وَرِكِهَا! وتفاصيل أنوثتها مُقْبِلَةً ومُدْبِرَةً، تشتهي سماع كلمة ساقطة من شاب ساقط! أو كما قالت العرب: (لا تَرُدُّ يَدَ لاَمِس!) لهي امرأة غبية حقا! إنها تختزل إنسانيتها في صورة حيوان! بل أضل من ذلك! إنها أشبه ما تكون بتماثيل البلاستيك المهيأة لعرض الأزياء على زجاج المعارض التجارية في الشوارع الكبرى، إلا أنها -مع الأسف- تعرض لحمها وكرامتها للناس، لكل الناس! إنها تقع في مصيدة اليهود العالمية، مصيدة التعري، لتجريد حضارة الإسلام من مصدر قوتها: العفة والكرامة!

إن التي تختزل (حرية المرأة) في حرية الفروج، وفي حرية التعهر على الملأ؛ قد أذنت لإنسانيتها أن تتردى في درك البَهَمِيَّة، ونزلت عن شرف الخطاب الإلهي في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ} (الإسراء:٧٠).

وإنما حرية المرأة -لو تبصرين، بنيتي- هي كسر أغلال العبودية التي تربطك إلى شهوات النفس البَهَمِيَّة، والتمرد على النموذج الغربي للحياة! ورفع راية الإسلام، راية العفة والكرامة في اللباس الإسلامي العالي! إن الحرية هي أن تطئي بقدمك رغبات التعري الشيطانية، والتعهر الحيواني، وتمرغي طغيانها الشهواني في التراب! فتنتقمي بذلك لشرفك ولشرف الأمة الإسلامية كلها؛ من الإذلال الأمريكي والصهيوني العالمي لقيمها وحضارتها! ومن قبل نطقت العرب بحكمتها الرفيعة: (تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها!)

بنيتي! مصيرك الوجودي أقوله لك في كلمة واحدة: (أنت متحجبة؛ إذن أنت موجودة!)

وإلا فعلى دينك السلام!

هل فكرت يوما: كم تدوم نضارة جسمك؟ وكم تدوم حياتك كلها بهذه الدنيا الفانية؟ إن اليوم الذي تستزيدينه من عيشك ينقص من عمرك، ويقربك من أجلك! فما قيمة اللذة الدنيوية إذا كانت تنتهي بمجرد بدايتها؟ ما قيمة المتعة -أي متعة- إذا كانت غاية فرحتها الكاذبة إلى سويعات تنتهي؟ ثم تتحول إلى ندم سرمدي، وغم أبدي، لا تطيق حمله الجبال الرواس! {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا. السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً. إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} (المزمل:١٧ - ١٩). العمر البشري محدود، وفرصته واحدة، ولا يمكنكِ أن تعيشي اللحظة الواحدة مرتين! فهي إما لك وإما عليك! ففكري بنيتي .. ! فكري قبل الغروب!

هذه هي الحقيقة الوجودية للإنسان لو كنت تبصرين! فلماذا التسابق نحو الهاوية إذن؟ أي عمى هذا الذي ضرب على عينيك، فلم تبصري من حقائق الوجود غير بدنك؟

إن الذين يبصرون حقا يدركون أن العري والتعري لعبة يهودية! فهل تبصرين؟

بنيتي! إن الأمة تنهار فهلا شاركت في البناء؟


المصدر:
فريد الأنصاري، سيماء المرأة في الإسلام

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
كسوف الشمس وإثبات النبوة | مرابط
تعزيز اليقين

كسوف الشمس وإثبات النبوة


أريدك أن تتخيل معي دجالا كذابا يدعي أنه مرسل من عند الله ويموت ولده ويوم موت ولده تنكسف الشمس وحين تنكسف الشمس يقول الناس: إن الشمس انكسفت من أجل ولده.. أريد منك أن تقلب هذا الأمر ظهرا لبطن وبطنا لظهر وترى كيف سيتصرف هذا الدجال؟ أعمل عقلك كثيرا في هذه المسألة ور كيف سيتصرف دجال وضع في هذه الفرصة الذهبية للترويج لنفسه!

بقلم: د. حسام الدين حامد
249
قواعد جليلة لأهل السنة والجماعة في بيان حقيقة التوحيد ج2 | مرابط
تعزيز اليقين

قواعد جليلة لأهل السنة والجماعة في بيان حقيقة التوحيد ج2


مجموعة من القواعد التأصيلية يذكرها ابن القيم في كتاب الصلاة ويقف بها على عقيدة أهل السنة والجماعة وحقيقة التوحيد والشرك والإيمان والكفر وهذه القواعد التي ذكرها تمثل كليات العقيدة وبها تنضبط المسائل أصولها وفروعها وبها يعلم القارئ أحوال الناس ومراتبهم

بقلم: ابن القيم
1355
الحياة الأدبية والأمة الإسلامية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحياة الأدبية والأمة الإسلامية


لا تستطيع أمة أن تعيش بغير تاريخها والذي يريد أن ينشئ في هذا الزمن أمة أخرى عن طريق التوهم فهو مخطئ وهذا ضرب من العبث الأمم بلسانها فقط الأمم بحركتها الأدبية واللغوية فقط أما الأشياء الأخرى من الصناعة وكذا وكذا والآراء الاجتماعية فهذه زائلة ومتحولة ويمكن أن تتحول في أي وقت لكن إذا تحول التاريخ فلا يمكن أن يبقى إنسان على صورة صحيحة في هذه الحياة.

بقلم: محمود شاكر
298
ذكر ما يصدأ به القلب | مرابط
اقتباسات وقطوف

ذكر ما يصدأ به القلب


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكر الله عز وجل في كتابه كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وقال حذيفة إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء فإذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء حتى يصير قلبه كالشاة الربداء

بقلم: ابن الجوزي
652
النهي أشد من الأمر | مرابط
اقتباسات وقطوف

النهي أشد من الأمر


اختلف أهل العلم في مسألة الأمر والنهي أيهما أشد وأعسر على المسلم هل هو فعل الطاعات أم اجتناب النواهي يميل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى القول بأن النهي أشد من الأمر وهذا مقتطف يؤيد هذا الرأي من كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي رحمه الله

بقلم: ابن رجب الحنبلي
2065
من الأخطاء الشائعة في تراكيب الجمل | مرابط
لسانيات

من الأخطاء الشائعة في تراكيب الجمل


مقتطفات متفرقة من كتاب معجم الأخطاء النحوية واللغوية والصرفية الشائعة للكاتب خضر أبو العينين يوثق فيه الكثير من الأخطاء اللغوية الشائعة التي يقع فيها الكتاب ويذكر لنا الصواب من الناحية اللغوية مثال ذلك: يقال: فتح فلان لي الباب ثم قال تفضل وهذا خطأ والصواب أن يقال: فتح فلان لي الباب فقال: تفضل إذ إن الفاء حرف عطف يدل على الترتيب والتعقيب فالجملة لا مهلة في ترتيبها بحيث تستعمل حرف ثم كقول الله -عز وجل- الذي خلقك فسواك فعدلك

بقلم: خضر أبو العينين
671