الحمد لله وحده.
والله تعالى يبسط الرزق، ويضيّق الرزق، ويقول: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}، ويقول: (يا عبادي: كلكم جائع، إلا من أطعمته، فاستطعموني؛ أطعمكم).
فمن استطعم الله، وتوكل عليه، ثم استعمل الأسباب: أطعمه الله.
ويضيق الله الرزق، ويبتلي الله بالخوف والجوع ونقص المال والثمرات، حتى يمتحن توكل العباد عليه، وحتى يلجئهم إلى الرجوع عليه، فيكسر غرورهم وتكبرهم بالفقر والحاجة يكافحونها.
والخلق فقراء دائما، فهم الفقراء، والله هو الغني.
إلا أن أكثر الناس لا يشكرون، ويلتفتون إلى الأسباب المخلوقة، فيرحمهم الله كل حين، بأن يضعف الأسباب ويهتكها.
حتى إذا أعادها وأغناهم، شكروا.
لما ابتلى الله بالوباء قال الناس: هذه مهلكتنا، فرزقهم الله، وكشف الوباء، فجاء الغلاء، فاليوم قالوا: هذه.. هذه.
وهكذا، تتواتر الفتن، يدخل بعضها في بعض، وتلحق بعضها بعضا، ويسرح الشيطان في قلوب المؤمنين، فيصيب منهم ما شاء الله أن يصيب.
وينجو منهم من استمسك بفرائض الله، وتوكل عليه، وجاهد قائما على أمره، حتى يموت.
وقال محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
(وإن أمتكم هذه؛ جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها.
وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف!
وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه!!
فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة: فلتأته منيته، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه).
فيا مسلم، يا عبد الله!
ماذا يبقى لك إذا أخذَتْ كلُّ فتنة في المال أو الأمن أو المطعم أو الأنفس من توكلك على الله، وعبادتك إياه؟
من أوى إلى الله؛ تاب وتوكل، فآواه الله ونجّاه.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.