آثار مفهوم النسوية على الأديان ج1

آثار مفهوم النسوية على الأديان ج1 | مرابط

الكاتب: أمل بنت ناصر الخريف

582 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

آثار مفهوم النسوية على الديانتين اليهودية والنصرانية: في ظل السباق المحموم لمحاربة كل ما هو أبوي وذكوري؛ قدمت النسوية الديانتين اليهودية والنصرانية بصورة سيئة، مع ما طال هاتين الديانتين في الأصل من تحريف!

إذ ترى النسوية أن الأديان هي أكبر من يمارس الإقصاء والتهميش ضد المرأة، وأنها كانت ولازالت مستمرة في التقليل من شأن المرأة واضطهادها، وبهذا تعطي الأديان الرجل الضمان اللازم ليهيمن على المرأة ويسيطر عليها، ومن أجل ذلك كله سعت النسوية إلى تحرير النساء من سلطة هاتين الديانتين، مستخدمة عدة أساليب، أبرزها:


1- إخضاع الكتاب المقدس للدراسة من منظور نسوي: 

لقد سعت النسويات الغربيات انطلاقا من موقفهن من الدين إلى إخضاع كتابي العهد القديم والجديد للدراسة من منظور الفكر النسوي الذي يعتنقنه، تمثل هذا في إعادة تفسير النصوص؛ خاصة النصوص التي تكرس سلطة الرجل، وتثير كراهية المرأة.

 

وقد قدمت إليزابيث كادي ستانتون وثلاثين مترجمة من بينهن ماتيلدا غيج تفسيرًا نقديًا لكل الفقرات الكتابية التي تتحدث عن النساء، ونشر هذا عام 1895م، وعام 1898م، ولم تكن هذه محاولة لرفض الكتاب المقدس كله، وإنما كانت تلك المحاولة لكشف المركزية الذكورية الموجودة في الكتابات المقدسة.

 

ونتيجة لذلك فقد استخدمن بعضًا من المناهج الغربية من مثل: منهج الهرمينوطيقيا لكشف مكامن التمييز على أساس الجنس في هذه النصوص الدينية

 

وقد بدأ هذا التفسير النسوي للنصوص المقدسة يتزايد بشكل مستمر، ظهر جليا من خلال استخدامه لهرمينوطيقيا الشك والتي تساهم في الكشف عن عملية الرقابة والتنقيح التي كثيرًا ما تُستغل للحفاظ على التقاليد الذكورية في المسيحية، ويمثل هذا الاتجاه إليزابيث شوسلر فيورينزا التي قامت بالكتابة في إطار تقاليد العقيدة المسيحية.

 

ولكن الأمر لم يقف عند هذا فمار ديلي التي كانت تأمل في إحداث نوع من التغيير والتحول من خلال نقدها لرؤى الكتاب المقدس، ومن خلال رؤيتها في أن المجتمعات الأبوية الغربية إنما تصوغ صورة الرب على صورتها، لم تلبث أن نفضت يدها من مسألة الدين باعتباره معاديا للمرأة بشكل لا رجوع عنه!


2- التعديل على نصوص الكتب المقدسة:

لم يقف الأمر لدى النسوية عند حد إعادة قراءة النصوص المقدسة فقط، بل طالبت بإعادة صياغة الكتب السماوية، بحيث يتم تغيير المصطلحات والضمائر المذكرة إلى مصطلحات وضمائر محايدة، لأنها رأت أن توجيه الخطاب بصيغة المذكر يحمل نوعا من التهميش والإقصاء للمرأة!

 

لقد استجابت الكنيسة لمطالبات النسوية إذ أصدرت طبعة جديدة من كتب العهد القديم والجديد أطلق عليها الطبعة المصححة في عام 1994 تم فيها تغيير الكثير من المصطلحات والضمائر إلى مصطلحات وضمائر محايدة، كما تم تخفيف حدة الكلمات التي تصف الشذوذ الجنسي

 

ولم تكن هذه هي المحاولة الأولى ففي عام 1978م امتدت التغييرات إلى إنجيل متى، ففي الإصحاح الخامس تم تغيير كلمة sons والتي تعني الأبناء الذكور إلى كلمة children والتي تعني: الأبناء من الجنسين، وفي موضع آخر من هذا الإنجيل تم تغيير كلمة man التي تعني الرجل إلى person التي تعني الشخص أو الإنسان.

 

كما أنه في عام 2004م في صحيفة واشنطن بوست أن جمعية الكتاب المقدس الدولية أعلنت أنها سوف تصدر ترجمة جديدة للكتاب المقدس، تتسم ألفاظها بالحيادية في مخاطبة الجندر وهذه التعديلات اللغوية ستكون على الترجمة الدولية الجديدة التي تعد من أكثر ترجمات الكتاب المقدس مبيعًا في الأسواق الأمريكية، وستعرف هذه الترجمة المعدلة بترجمة اليوم الدولية الجديدة وقد تم فيها استبدال الألفاظ التي تخاطب الذكور إلى ألفاظ تصلح لمخاطبة الجنسين


3- البحث عن دين وثني نسوي:

لقد حاولت النسوية أن تجد في تاريخ الشعوب والحضارات القديمة ارتباطا بين الطبيعة والمرأة، ﻷنها ترى أن تلك الشعوب البدائية قد ساد فيها احترام وتقدير الطبيعة التي تجلب الخير وتهب الحياة، ولما كانت تلك الطبيعة في نظرهن هي التي تنجب الإنسان عن طريق المرأة، أصبحت المرأة هي الطبيعة في صورة إنسان! ومن ثم صارت المرأة راعية للحياة وحامية لها، وداعية إلى الخير والخصب والنماء مما أدى إلى تقديس المرأة فحلت عبادة الطبيعة/المرأة.

 

ثم جاء النظام الأبوي الذي ساعد على استفحاله الأديان السماوية الذكورية معلنة رفضها لعبادة المرأة وتقديس الطبيعة، ولذا كانت هناك محاولات نسوية من أجل بناء دين نسوي جديد يمكّن المرأة من حياة روحية مقدسة، ولأنها في ضوء الأديان السماوية لا تتمتع بأي ميزة؛ كان من الضرورة العودة إلى عبادة المرأة / الآلهة مرة أخرى؛ ﻷن عبادة المرأة تعلي من شأن المرأة وتربط بين الدين والخصوبة والنماء والرخاء والطاقة إلى جانب أن عبادة الرب/الإله تدعو إلى الثبات والهيمنة والسيطرة.

 

لقد حاولت النسوية وصف الآلهة تلك بدلا من تعريفها إذ تقول: إنها قانون أنثوي كامن، ينساب في جميع الأشياء. وبالرغم من كونه أنثى، إلا أنه ليس معزولًا عن عالم المادة، ولكنه قوة الحياة في كل شيء وفي كل إنسان.

وترى لوسي إيرغاري أن الآلهة المؤنثة وحدها هي التي يمكنها أن تحرر المرأة وتسعدها مع سائر أفراد المجتمع، ﻷنها ستعيش الإحساس الحقيقي بشرعيتها بوصفها امرأة بعيدا عن علاقتها بالرجل!

 


 

المصدر:

أمل بنت ناصر الخريف، مفهوم النسوية: دراسة نقدية في ضوء الإسلام، ص113

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية
اقرأ أيضا
عقيدة شاملة الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات

عقيدة شاملة الجزء الأول


تمتاز العقيدة الإسلامية بالشمول لكافة مناحي الحياة وكافة جوانب الإنسان وقد يقال أن إثبات هذه الشمولية يحتاج إلى بحث وتدقيق وتمحيص ولكننا نقول أن مجرد النظر إلى جنبات هذه العقيدة والشريعة يكفي للعيان وفي هذا المقال بجزئيه يكشف لنا الكاتب عباس محمود العقاد عن شمولية هذه العقيدة الساطعة

بقلم: عباس محمود العقاد
2052
فساد الدين | مرابط
اقتباسات وقطوف

فساد الدين


يقع فساد الدين من طريقين اثنين الأول يأتي من جهة الاعتقاد الخاطئ فهذا هو الأساس وبما أن الخلل قد أصابه فالطبع سيلزم عنه فساد في الدين والثاني هو العمل بما يخالف الحق مع العلم به وهنا مقتطف من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الأمر

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2219
القياس الفاسد لشرعنة الاختلاط | مرابط
المرأة

القياس الفاسد لشرعنة الاختلاط


هؤلاء الكتبة رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن في اختلاط الرجال والنساء في المطاف والطريق ولم ينكر ذلك وهو اختلاط في زمن يسير عارض فجاء هؤلاء وقاسوا على ذلك مشروعية الاختلاط في التعليم والعمل وهو اختلاط مكث في زمن يطول وأهدروا اعتبار الفارق بين الزمن اليسير والزمن الكثير بين الاختلاطين.. وهذا قياس فاسد وشبهة رائجة بين يديكم رد مفصل عليها.

بقلم: إبراهيم السكران
356
الضابط في الأمور المحدثة | مرابط
مقالات

الضابط في الأمور المحدثة


إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين فما رآه الناس مصلحة نظر في السبب المحوج إليه: فإن كان السبب المحوج إليه أمرا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته.

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
342
لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الثالث | مرابط
فكر مقالات الليبرالية

لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الثالث


يستطيع الليبرالي أن يعيش ازدواجية عنيفة بين شخصيته التي يظهر بها أمام أضواء الإعلام وفي سطور مؤلفاته أو مقالاته وشخصيته الحقيقية التي تظهر عندما تنطفئ هذه الأضواء وعندما يعم الظلام ويجف مداد القلم هنا تظهر هذه الازدواجية لترى الانحلال الأخلاقي والنظرة الشهوانية الجنسية للمرأة التي تقبع داخله بينما ينادي ليل نهار بحرية المرأة والتعامل معها على أنها إنسان له حقوق وكرامة قبل كل شيء وفي هذا المقال سترى الكثير من الشهادات بألسنة الليبراليين أنفسهم لتدرك وهم الليبرالية

بقلم: إبراهيم السكران
2645
مقصود العبادات عند الفلاسفة | مرابط
اقتباسات وقطوف

مقصود العبادات عند الفلاسفة


اهتم شيخ الإسلام بالرد على الفلاسفة من أهل الإسلام وغيرهم في تفسيرهم للدين ورؤيتهم له وفي هذا المقتطف من كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح يعرض لنا رؤية المتفلسفة للعبادات في الإسلام ومن اشترك معهم في رؤيتهم من الفلاسفة المنتمين للمسلمين

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1011