آثار مفهوم النسوية على الأديان ج2

آثار مفهوم النسوية على الأديان ج2 | مرابط

الكاتب: أمل بنت ناصر الخريف

624 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

آثار مفهوم النسوية في مجالات الدين الإسلامي: لقد ظهر تأثر النسوية العربية والإسلامية بالنسوية الغربية جليًّا واضحًا في دعوتها إلى التعامل مع القرآن الكريم بنفس الآليات التي تعاملت فيها النسوية الغربية مع الكتاب المقدس، يتضح هذا كما يلي:

 

1- الدعوة إلى إعادة قراءة النص القرآني:

وقد نشألت هذه الدعوة نتيجة لمحاولة بعض المنظمات المسلمة إظهار موائمة المفهوم الغربي لحقوق المرأة مع الإسلام، إذ تعده أمرًا هامًا لأسباب عملية لأن (أي النسوية لا تبرر نفسها ضمن الإسلام محكومة بأن يرفض باقي المجتمع، وهي بالتالي تهزم نفسها بنفسها)

 

ويجدر الإشارة إلى أن هذه الدعوة لم تأخذ طابعًا واحدًا لدى كل النسويات بل تفاوتت تفاوتًا نسبيًا، فمنهن من سلمن بالنص القرآني، وانشغلن بتأويله أو تفسيره، ويرفضن من السنة النبوية ما يعتبرنه مضادا لحقوق المرأة، ويعلن الالتزام بالإسلام بوجه عام. بينما بلغ الغلو في بعضهن إلى رفض الأحاديث النبوية جملة، وقمن بمناقشة النص القرآني نفسه من حيث ثبوت بعض آياته، ودعين إلى إسلام جديد من خلال إخضاع النصوص القرآنية والنبوية إلى النقد التاريخي والفكري كما حدث في تاريخ الثقافة الغربية.

 

ومن أولئك رفعة حسن التي انطلقت من فرض مسلّم لديها عن انحطاط مكانة المرأة في الفكر الإسلامي التقليدي، وتحاول تفسير القرآن بالمنهج الهرمنيوطيقي من منظور نسوي بحث لاكتشاف أحكامه المتصلة بالمرأة، ولتعيد صياغة النظرة الإسلامية للمرأة اعتمادا على المصدر الأول للإسلام، بفهم متحرر يخلص النص من آثار الأحاديث التي تمس مكانة المرأة وحقها في المساواة الكاملة مع الرجل -حسب قولها-

 

كما أنها تحاول محاولات متعسفة لتأويل الآية الأولى من سورة النساء، في قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" باعتبار أن آدم عليه السلام ليس شخصًا بل هو الجنس البشري، وأن زوج في الآية لفظ مذكر لا يعبر عن المرأة! مستخدمة في التأويل بعض المراجع اللغوية، لتصل في النهاية إلى أنه لا أولية في الخلق، وأن كلا الأصلين -للجنس البشري- متساوي.

 

في حين أن الدكتورة أماني صالح ترى أن انصاف المرأة لا يمكن أن يتم إلا (بتفكيك التاريخي -البشري عن النصوص المقدسة المجردة- وتطهير الأصول والمصادر الإسلامية من قرآن وسنة مما ألصق بها من عناصر بشرية تأويلية، وبناءات فكرية مصدرها الحقيقي هو الأعراف والآراء والانحيازات البشرية).

 

2- المخالفة الصريحة لنصوص القرآن الكريم:

لم تكتف النسويات في العالم العربي والإسلامي بتطبيق منهج الهرمنيوطيقيا على القرآن ولا عن إعادة قرائته بل اتجهن إلى مخالفة النصوص القرآنية صراحة!
ففي عام 1966م أصدرت النسويات الإيرانيات لائحة من أربعين مادة خالفت منها نصوص القرآن الكريم صراحة، أدت إلى إثارة غضب المسلمين، وقد تصدى لتفنيد ما ورد في هذه اللائحة الشيخ آية مرتضى المطهري في كتابه "نظام حقوق المرأة في الإسلام".

 

3- الدعوة إلى نبذ الدين والهجوم على القيم الإسلامية:

عقد في القاهرة مؤتمر نسوي نظمته وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في عام 2002م، في مكتبة القاهرة الكبرى وشهد هذا المؤتمر هجوما نسويا على القيم الإسلامية قاده تجمع الجمعيات النسائية العربية زعمت فيه د. نوال السعداوي أن التزم المرأة المسلمة بالقيم الإسلامية ردة حضارية تستدعي مواجهة نسوية بكل السبل الممكنة!

ورفعت النسويات شعارا تضمن خمس لاءات (لا للدين، لا للرجل، لا للحجاب، لا للزواج، لا لختان الرجل)

 

4- التشكيك في صحة الدين:

لقد قامت النسوية بالتشكيك في صحة الدين عن طريق بثها للشبهات التي تمثلت في عدة أمور:

-أن الدين هو السبب في تخلف المرأة واضطهادها وأنه عبر تشريعاته الذكورية قد كرس دونية المرأة في قوامة الرجل على المرأة وفي نقصها حقها من الميراث ونقصان شهادتها وجواز التعدد الزوجات

-أن الخطاب القرآني تحيز للذكورة على حساب الإناث، ومن ذلك ما تم في المؤتمر النسوي الذي عقد في اليمن برعاية المنظمات الدولية عام 1999م، قدمت فيه أوراق عمل كثيرة هاجمت التشريعات الإسلامية بوضوح، بل انتقدت آيات من القرآن باعتبارها لا تساوي بين الجنسين، منها قوله تعالى "يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ" حيث جاءت كلمة الذكور معرفة في حين وردت كلمة إناث نكرة!

وقد أحدث هذا المؤتمر ضجة في المجتمع اليمني مما أدى بالقائمين عليها إلى إخفاء الأوراق المطروحة ولا شك أن هذه الأفكار والشبهات تؤدي إلى زعزعة الإيمان بعصمة الدين وصحته.

 


 

المصدر:

أمل بنت ناصر الخريف، مفهوم النسوية: دراسة نقدية في ضوء الإسلام، ص119

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية
اقرأ أيضا
اليمين الغربي واليسار الليبرالي | مرابط
فكر

اليمين الغربي واليسار الليبرالي


وكما أن الليبرالية كانت وثن الإسلاميين الحركيين والحداثيين قبلا سيكون اليمين وثن الإسلاميين التراثيين عما قريب والإسلام لا إلى ذلك ولا إلى ذاك وعلى المسلم إبصار سبيله ومعرفة الحق من الضلال وامتلاك زمام المبادرة بالفهم على أن يقرأ للنقد من كان له أهل لا كل محب يتقافز شوقا لنصرة الدين ولا يعرف ما هو الدين أصلا ولا يضبط أدنى إشكالات الموضوع الذي ينوي القراءة فيه لهذا الطرف أو ذاك

بقلم: عمرو عبد العزيز
758
حقوق المال في الإسلام | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

حقوق المال في الإسلام


وضح لنا ديننا الواجبات المالية توضيحا تاما مجملا ومفصلا فأمرنا بأداء الحقوق المالية والإنفاق مما رزق الله وأثنى على القائمين بها وذم المانعين لها أو لبعضها وفصل ذلك فذكر الأموال التي تجب فيها الزكاة من الحبوب والثمار والمواشي والعروض والنقود وذكر شروطها ونصبها ومقدار الواجب منها ولمن تدفع للمصالح المحتاج إليها وللمحتاجين

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
1274
نتائج الاختلاط الغربي | مرابط
فكر

نتائج الاختلاط الغربي


ومن المهم أن نلاحظ هاهنا أنه مع كل ما وضعت النظم الغربية من قوانين لمنع التحرش ومنع علاقات استغلال النفوذ ومع شدة فعاليتها التنفيذية لأنظمتها وقوانينها فإن ذلك كله لم يمنع المشكلة من كونها لا تزال متفاقمة بسبب كون المجتمع الغربي لا يزال مصرا على الاختلاط فهو يهيج الأسباب ويحاول عرقلة النتائج بالقوانين وهذه مناقضة لطبيعة الأمور.

بقلم: إبراهيم السكران
382
شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل


يعلق بعض المشككين حول الآية وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما قال: ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين حيث ووقع بصرهم على كلمة الظالمين وصورت أوهامهم أن فيها خطأ نحويا لأنها عندهم فاعل والفاعل حكمه الرفع لا النصب فكان حقه أن يكون هكذا: لا ينال عهدى الظالمون لأنه جمع مذكر سالم وعلامة رفعه الواو وبهذا تخيلوا بل توهموا أن القرآن لا سمح الله قد أخطأ فنصب الفاعل الظالمين ولم يرفعه الظالمون هذا هو منشأ هذه الشبهة وبين يديكم الرد عليها

بقلم: مجموعة كتاب
964
توالد المعاصي | مرابط
اقتباسات وقطوف

توالد المعاصي


المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها وبين يديكم مقتطف من كتاب الجواب الكافي لابن القيم يتحدث عن هذه المسألة بوضوح

بقلم: ابن القيم
956
التأثر بالأصول الكلامية | مرابط
مقالات

التأثر بالأصول الكلامية


وأهل العلم بالحديث أخص الناس بمعرفة ما جاء به الرسول ومعرفة أقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان فإليهم المرجع في هذا الباب لا إلى من هو أجنبي عن معرفته ليس له معرفة بذلك ولولا أنه قلد في الفقه لبعض الأئمة لكان في الشرع مثل آحاد الجهال من العامة.

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
458