أحد عشر سؤالا عن العشر الأواخر وليلة القدر

أحد عشر سؤالا عن العشر الأواخر وليلة القدر | مرابط

الكاتب: خالد بهاء الدين

582 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحمد لله وحده.
أحد عشر سؤالا عن العشر الأواخر، وليلة القدر.

 

س1/ لماذا سميت ليلة القدر بهذا الاسم؟
ج1/
- لأنها: (ذات قدر عظيم)، قال ذلك: ابن شهاب الزهري وغيره.
- أو لأنها: (يكتب فيها مقادير وأمور وحوادث العام القادم، حتى ليلة القدر التالية).
وهذا مروي عن: ابن عباس رضي الله عنهما، وقتادة، والحسن، وأبو عبد الرحمن السلمي، رحمهم الله، وهو مذهب أكثر العلماء.
■ وقال النووي: (قال العلماء ...) فذكر هذا عنهم.
■ وقال سعيد بن جبير: (يؤذَن للحُجّاج في ليلة القدر؛ فيُكتَبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، فلا يغادِر منهم أحد، [ولا يُزاد فيهم، ولا ينقَص منهم])؟
■ وصحَّ عن مجاهدٍ رحمه الله أنه سمَّاها: (ليلة الحُكْم)!
أي: التي يمضى فيها أحكام الربّ تبارك وتعالى السنوية.
■ قال بعض السلف: (فتجِدُ الرجلَ يَنكِح النساءَ، ويَغرِس الغَرس؛ واسمُه في الأموات)!!

 

س2/ هل يستجيب الله الدعاء ليلة القدر؟
ج2/ هذه الليلة من أعظم وأهم أوقات العام، التي يستجيب الله فيها الدعاء، لمن أخلص ودعا بخير، واستكمل شروط إجابة دعائه.

 

س3/ ماذا غير استجابة الدعاء؟
ج3/ هذه ليلة عظيمة، لها فضائل عظيمة، وكل كلمة من الطاعة وكل فعل فيها، له أجر عظيم مضاعف لا يخطر ببالك.
قراءة القرآن، والصلاة، والصدقة، وذكر الله بالثناء عليه، والطلب منه بالدعاء، والتذلل له والإلحاح عليه، وإظهار الفقر والحاجة، لله تبارك وتعالى.

 

- وقيام ليلة القدر، يغفر لك ما تقدم من ذنبك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه).
- وقال الله تعالى: {ليلة القدر خير من ألف شهر}، خير من عبادة ألف شهر ليلا ونهارا، خير من صيام نهار ألف شهر وقيام ليل ألف شهر، وهي ليلة واحدة!!

 

س4/ كيف أقوم ليلة القدر؟
ج4/ الأصل أن قيام الليلة بأن تصلي بعد العشاء، لله رب العالمين، في جماعة أو منفردا، بنية إحياء هذه الليلة الرمضانية بالطاعة، ولكن لا يقتصر إحياء الليلة على ذلك.
وترتاح بقراءة القرآن، وذكر الله تعالى، التحميد والتسبيح والتهليل والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

■ والصلاة مع قراءة مترسّلة متأنّية، ولو من المصحف: خير عظيم، وهو أعظم موضوع، وخير ما يفعله الإنسان في هذه الليلة!
لكنه ليس الخير الممكن الوحيد.

 

■ وتدريب النفس على التذلل لله والتضرع له، والإلحاح عليه، وإلقاء النفس على بابه، وإهانتها في سبيل رضاه: مطلوب شريف، وإصلاح للنفس، وتعويد لها على التفقّر والتذلّل الواجب!

 

س5/ هل أفعل ذلك طول الليل؟
ج5/ حاول علماء المسلمين التأمل في معنى (إحياء الليلة)، فليس في ذلك نص صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين معناه.
لكن الصحيح الوارد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان في العشر الأواخر يجتهد أشد ما يجتهد، مثل: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله).

 

وهذا الحديث وغيره يدل على أن هناك خصوصية للعشر الأواخر، منها (إحياء الليل).
- فقال جمع من العلماء: معناه إحياء الليل كله، وجاءت بعض الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ينام في هذه العشر، أو في السبع الأواخر، لكن فيها ضعف.

 

- وقال بعض العلماء: المقصود قيام معظم الليل، وهو قول لبعض الشافعية.
- وقال بعضهم: من قام نصف الليل، فقد أحيا الليلة.

 

س6/ هل من صلى العشاء في رمضان، وعزم على صلاة الفجر، ولم يفعل شيئا آخر، أو من صلى العشاء فقط، هل يكون قد قام ليلة القدر مثل من صلى القيام؟
ج6/ هذا قول ينسب في بعض الكتب لابن عباس، ولم يسندوه، وهو معنى غريب.
لكن المعنى المعقول إن شاء الله هو:

 

ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله قال في القديم: (من شهد العشاء والصبح ليلة القدر، فقد أخذ بحظه منها)، وما جاء عن ابن المسيب أنه كان يقول: (من شهد العشاء ليلة القدر، فقد أخذ بحظه منها).

 

فهذا نرجو أن يكون صوابا، موافقا قواعد الشرع: أن يأخذ الإنسان أجره على قدر عمله في هذه الليلة، فيكون هذا هو أقل حظ له من الليلة.
■ والأمر المحكم الذي لا شك فيه: أن المساواة بين من عمل وقام واجتهد وصلى ودعا، وبين من نام، فيكون لهما نفس الأجر: محال، لا يقول به أحد من العلماء ولا العقلاء، وتأباه أصول الشرع وقواعده..
لكن بعض الكسالى تغرُّهم الأمانيّ، ويريدون المساواة بأهل الاجتهاد في الطاعة، وهيهات.

 

س7/ ما هو ما تختاره وتظنه الصواب من هذه الأقوال؟
ج7/ الذي أختاره بعد تأمل طويل وقديم لهذا الأمر، أن الإحياء يكون:

 

1-  بإحيائها كلها، فلا ينام، قال العلماء: دليله حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل لعشر الأواخر من رمضان أحيا الليل، فلا بد أن يكون للعشر الأواخر خصوصية.

 

2- وأنه لا بد أن يصلي فيها ولو بركعتين، ما دام من أهل الصلاة، خلاف الحائض والنفساء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر).

 

3- ويدخل في إحياء الليلة وقيامها: الصلاة، وكل طاعة من الذكر، وقراءة القرآن، والاستغفار والدعاء والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ويشهد لهذا حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا نبي الله، أرأيت إن وافقتُ ليلة القدر، ما أقول؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (تقولين: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني).

 

س8/ أليس هذا تشددا؟
ج8/ ليس هذا تشددا، وقيام ليلة القدر وإحياؤها ليس واجبا، ولو لم تفعل شيئا فيها فلا إثم عليك، فلا معنى للسؤال عن التشدد هنا.
والكلام عن: الثواب الكامل لليلة القدر.

 

وسبق قول الشافعي وغيره: إن من صلى العشاء فقد (أخذ بحظّه منها)، لكن الكلام عن من يرجو الثواب الكامل.
وأنا لن أكسب شيئا إذا قمت الليلة أو نصفها أو لم تقم، إنما أنصحك لله.
فإن شئت فخذ حظك من الليلة، وإن شئت فاحتط للثواب كله، والعمل كله قليل.

 

س9/ ماذا تفعل الحائض والنفساء؟ هل ضاع منها ثواب ليلة القدر؟
ج9/ لم يضع منها شيء.
والحائض والنفساء ممنوعة من الصلاة، ومن مس المصحف.
ويمكنها أن تحيي الليلة ببقية الأعمال الصالحة، وهي كثيرة، وأجرها كامل تام، إن شاء الله، لأنها ممنوعة بأمر الله، وليست معاقبة.

 

وإذا علم الله منها الحرص على الصلاة، لولا العذر، فأجرها على الصلاة ثابت إن شاء الله، ولا شك في ذلك، لأنه خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال: (مَن همَّ بحسنةٍ فلم يعمَلها: كتبَها الله له عنده حسنةً كاملةً).
وهذا فيمن منعه العذر الخارج عن قدرته، ليس الكسل، والأدلة على ذلك كثيرة.

 

س10/ هل أكتفي بدعاء: (اللهم إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعف عنّي).
ج10/ لا تكتف بهذا الدعاء.
وهو دعاء جميل، صحّح نسبتَه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بعضُ العلماء، وضعّفه غيرُهم من فحول النقاد، والظاهر أنه ضعيف للانقطاع بين ابن بريدة وعائشة، ولا يروى إلا عنه.

 

وكذلك: لم يرد فيه لفظ (كريم) بعد (عفوّ).
ولكن؛ لأنه دعاء جميل، من جنس الدعاء الوارد في الوحي، فقد أورده العلماء، ومشّوه، لأنه ليس في الحلال والحرام وأمور الأحكام، وضعف إسناده  لم يشتد، وهذا منهج العلماء في الأدعية.

 

والذي أريد أن أقوله:
لا بد أن يحرص الداعي على تنويع الدعاء والإكثار منه، ويطلب ما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، بدون تعدٍّ، ولا ينبغي أن يحجزه عن ذلك ظنّه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ بهذا الدعاء بخصوصه فقط، فيدعو به وبغيره.

 

ادع بما تريد وما تحب، من خير الدنيا الصالح الحلال، واحرص على خير الآخرة، فإنها مصيرك ومآلك وحياتك الدائمة.
وفيها الصراط والميزان والجنة والنار، ولقاء الله!

 

س11/ هل ليلة القدر تنتقل وتختلف من عام لآخر؟ أم هي ثابتة؟ ومتى تكون إن كانت ثابتة؟
ج11/ بعد دراسة وتأمل وتفتيش طويل وقديم، ومحاولة جادة للكشف عن ليلة القدر، وصلت إلى يقين إلى أن محصلة القولين (ثابتة) و(تنتقل)، محصلة واحدة.
وهؤلاء القائلون إنها ثابتة: قد اختلفت أقوالهم اختلافا شديدا في تعيينها، وأدلة معظم الأقوال أو جميعها: صحيحة، بل أكثرها من أصح ما يكون، وقد شرحت ذلك في كل عام.

 

فالأمر اليقين هنا: أن الله قد أخفى الليلة على الأمة كلها، حتى تجتهد في العشر كلها، الزوجية والفردية، وعلى ذلك نصّ العلماء.
ونصحت أكثر من مرة، ألا يهتم الإنسان المريد بالعلامات، وبرهنت في سنوات كثيرة، اختلاف الناس في العلامات، شعاع الشمس، وغير ذلك، حتى يقسموا جميعا بالله على ظنونهم، وحتى يكون مع الجميع مقاطع مصورة عالية الجودة، وهذا تضييع للعمر، ومقامرة بتضييع الثواب.
فقم العشر كلها، وأنت الفائز، إن شاء الله.

 

كذلك بيَّنت لك معنى الأوتار، وكيف يمكن أن تكون الليالي الزوجية من الأوتار، وأن هذا تفسير كبار الصحابة، والأئمة، وطريقة العرب.
وكذلك قد بينت لك الأدلة التفصيلية في كل ليلة زوجية، وفردية، في سنوات متتابعة قبل ذلك.

 

■ فالذي يصرُّ على ليلة واحدة، قد يُحرم من ثواب عظيم كان في إمكانه.. وماذا يضير المرء أن يلتمسها في جميع الليل وكل ليلة ؟!
■ والذي يجب أن يقال اليوم:
إنَّ أكثر الأمة وسوادها الأعظم: أنّ ليلة السعادة والأنس بالله هذه: فيما هو أمامنا من رمضان، وأن الليل كلّه بضعُ ساعات، سرَعان ما تنقضي!
■ وكذلك قد يحرم من ركن إلى من جعل ثواب الليلة يتحصّل بعملٍ قليل، محروم إن كان خلافه هو الصحيح!!
وماذا يضير المرء أن يلتمسها في جميع الليل وكل ليلة ؟!
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك!!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العشر-الأواخر
اقرأ أيضا
نصيحة للنساء | مرابط
المرأة

نصيحة للنساء


الله سبحانه وتعالى كرم المرأة ودلها إلى الصراط المستقيم وجعل لها قدوات صالحات بين لها أحكام البيت وأحكام الشريعة وبين لها مكائد النفوس ومكائد أهل الأهواء والشبهات والشهوات في إضلالها وأعظم مكيدة في زماننا تراد في المجتمعات هي المكيدة بالمرأة المكيدة الموجه إليها وذلك لعقيدتها وعفافها وفطرتها وحجابها وسترها كل هذه الأشياء المتنوعة تغزى بها المرأة لتنحرف عن طريقها ومنهجها

بقلم: عبد العزيز الطريفي
294
ردود علماء الغرب على الإلحاد المعاصر | مرابط
مناقشات

ردود علماء الغرب على الإلحاد المعاصر


كتاب ردود علماء الغرب على الإلحاد المعاصر هو في الأصل رسالة دكتوراه نوقشت وأجيزت في قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية لكن الكتاب ليس مجرد عمل أكاديمي بحت وإنما هو في الحقيقة نتيجة تجربة ومجاهدة ثرية ومثيرة للباحث الدكتور عبدالله السويدي يتبين بها معنى أن الله تعالى إذا أراد شيئا هيأ أسبابه وأن الإنسان إذا جاهد في الله وسعى بإخلاص في طلب الحق هداه الله تعالى ووفقه وصرف عنه ما يعيقه عن الوصول إلى غايته.

بقلم: عبد الله القرني
440
بدايات حركة السفور وتحرير المرأة | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

بدايات حركة السفور وتحرير المرأة


فلما وقعت الفتنة الأخيرة بمصر وحاربت الفرنسيس بولاق وفتكوا في أهلها وغنموا أموالها وأخذوا ما استحسنوه من النساء والبنات وصرت مأسورات عندهم فزيوهن بزي نسائهم وأجروهن على طريقتهن في كامل الأحوال فخلع أكثرهن نقاب الحياء بالكلية وتداخل مع أولئك المأسورات غيرهن من النساء الفواجر

بقلم: محمد جلال كشك
599
كيف أبدأ ..؟ | مرابط
ثقافة

كيف أبدأ ..؟


والله لا أستطيع إحصاء الرسائل التي تأتيني يوميا:كيف أبدأ في حفظ القرآن ولماذا ومتى وأين ومع من؟كيف أبدأ في طلب العلم؟ ما المراحل والخطط والكتب والطبعات وكيف أدرس وأحفظ وأراجع؟كيف أبدأ في الرياضة.. كيف أنقص وزني؟كيف أربي أولادي ومتى وأين؟.. إليكم الجواب.

بقلم: حسين عبد الرازق
358
موقف الصحابة من الصحابي معاوية بن أبي سفيان ج2 | مرابط
فكر مقالات

موقف الصحابة من الصحابي معاوية بن أبي سفيان ج2


في هذا المقال تأصيل هام لموقف الصحابة رضوان الله عليهم من الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه نظرا لكثرة الشبهات والأباطيل التي أثيرت حول هذا الموضوع وكثرة الأخبار الباطلة والمزعومة التي يوردها البعض عن الصحابة وأهل العلم ولا تخلو من لبس وإشكال ولذلك يقف بنا الكاتب الدكتور سلطان العميري على حقيقة الأمر

بقلم: د سلطان العميري
3665
المدخل إلى فهم إشكالات ما بعد السلفية ج2 | مرابط
مناقشات

المدخل إلى فهم إشكالات ما بعد السلفية ج2


حين أخبرني الشيخ أحمد سالم عن كتاب ما بعد السلفية وكان يتوقع رفضا واسعا للكتاب أبديت مخالفتي لهذا التوقع وأن مثل هذا النقد سيكون متقبلا عند التيار الأوسع من السلفيين كنت أرى أن مثل هذا النقد من كاتبين فاضلين سيكون له أثر إيجابي لحظة ما وصلني الكتاب بدأت متلهفا بقراءته قرأته بشكل دقيق فاحص شعرت بعد الانتهاء منه أنني كنت ساذجا جدا حين ظننت أن مثل هذا النقد سيحدث أثرا إيجابيا أو من الممكن أن تتقبله أكثر النفوس أو أن يكون الفضاء الذي سيحدثه فضاء صحيا السبب هو في الروح التي كتب بها هذا النقد وحك...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1054