أصل العلم

أصل العلم | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

543 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وثمة أمر ينبغي أن يُدرك؛ وهو أن الله جل وعلا كما أنه أوجد الذوات وهذه المخلوقات من عدم, فكذلك الله جل وعلا أوجد كثيرًا من المعلومات للإنسان من عدم, وكثير من الناس يظن أنه إذا أَلَّف بين معلومات ينطق بها ويتكلم بها فإنه يظن أنه قد جاء بشيء من المعلومات من عدم, وذلك من الخطأ المحض, فلا يمكن للإنسان أن يوجد معلومًا أو يوجد فكرة في عقله لم يسبق إليها, وإنما ذلك مؤلف من مجموعة أجزاء منثورة كما يؤلف الإنسان مواد الطبيعة, فيؤلف بينها على أشكال جديدة ويسميها ابتكارًا واختراعًا, وهذا الابتكار والاختراع هو من مادة أصلها موجود, لا يمكن أن يوجد أصل المادة من عدم, كذلك من جهة المعاني والأفكار فإنها لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى.

 

لكن يؤلف الإنسان بينها حتى يشكل كثيرًا من المعاني والمعلومات والمدركات التي لم يسبق إليها على هذا التركيب, وأما من جهة أجزائها فإنه قد سبقه إليها الكثير, ولهذا من المحال أن الإنسان يوجد معلومة من عدم محض, فإن هذا لا يكون من أحد إلا لله جل وعلا, فالمعاني تخلق كما تخلق الذوات من الماديات وغيرها, إذا أدرك الإنسان ذلك فإنه يعلم مهمة العقل من جهة استيعاب الحقائق وإدراكها, ويعلم أيضًا أن عقله ما هو إلا إناء, وهذا الإناء هو الذي يستوعب تلك المواد في أي مادة وضعت فيه، يحكمه ما وهبه الله جل وعلا فيه من تمييز, ويحكمه ما غرسه الله جل وعلا فيه من فطرة, لهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين وغيرهما: ( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ).

 

فالله جل وعلا جعل الفطرة هي التي توجه الإنسان وتأطره على الحق, ولكن إذا قلبت الفطرة احتاج الإنسان إلى أن يُرجع إلى أصلها حتى يتميز ذلك الملقى إليه حقًا أو كان باطلًا, ولهذا قال الله جل وعلا: "فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا" [الروم:30], وهذه الفطرة تخضع إلى نوع من التدليس والتلبيس, ويكون هذا التدليس والتلبيس إما بذات المعلومة، أو بفعل الفاعل لها من جهة ذاته لو كان فردًا كأن يكون رمزًا، أو كذلك بكثرة الفاعلين لها ولو لم يكونوا رموزًا, فالنفوس ميالة إلى الكثرة من جهة العدد, وتحب أن تنغمس مع الكثرة، ولا تحب في ذلك القلة, وأعظم الخصومات التي واجهت أنبياء الله سبحانه وتعالى في أقوامهم هي مخالفتهم للكثرة, وذلك أن المخالفين لهم قالوا: إنهم يتهمون الأنبياء بالقلة والندرة, وأن من خالفهم هم الأكثر والسواد الأعظم, وهذا لا قيمة له من جهة الحقائق والتأصيل.

 


 

المصدر:

محاضرة اعرف الحق تعرف أهله

 

 

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الطريفي #أصل-العلم
اقرأ أيضا
سلطة التليفزيون | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

سلطة التليفزيون


إن الأطفال اليوم فظون في تعاملهم مع بعضهم البعض إذا كانوا لا يعرفون معنى الرحمة إذا ما كانوا يستهزئون بالضعفاء ويحتقرون من في حاجة للمساعدة فهل هذا يعود إلى ما يشاهدونه في التليفزيون في الحقيقة يحتل الفقراء والمساكين الشاشة الصغيرة بشكل نادر وعندما يظهرون على الشاشة فهم يقدمون في الغالب الأعم بشكل مثير للسخرية ففي التليفزيون مفتاح السعادة هو الثروة إذ نقدر الأغنياء الذين يعيشون في بيوت فخمة ويتنزهون في السيارات الليموزين اللامعة

بقلم: جون كوندري
492
أتباع الرسل أكمل الناس عقولا | مرابط
اقتباسات وقطوف

أتباع الرسل أكمل الناس عقولا


وكلما كان الرجل عن الرسول أبعد كان عقله أقل وأفسد فأكمل الناس عقولا أتباع الرسل وأفسدهم عقولا المعرض عنهم وعما جاءوا به ولهذا كان أهل السنة والحديث أعقل الأمة وهم في الطوائف كالصحابة في الناس وهذه القاعدة مطردة في كل شيء عصي الرب سبحانه به فإنه يفسده على صاحبه

بقلم: ابن القيم
368
الزلازل ومحدودية العلم | مرابط
فكر

الزلازل ومحدودية العلم


حدث مثل الزلازل وآثاره من القتلى والمصابين والخسائر رحم الله موتى المسلمين وخفف عن الناس يكشف لك بوضوح محدودية قيمة العلم وتهافت دعاوى تعظيمه ومقارنته ب الدين ..

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
317
الرد على عدنان إبراهيم: فرية نبش بني العباس لقبر معاوية | مرابط
أباطيل وشبهات

الرد على عدنان إبراهيم: فرية نبش بني العباس لقبر معاوية


ادعى عدنان إبراهيم أن بني العباس نبشوا قبر سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ووجدوا خيطا أسود كالهباء واستدل في مقولته هذه بما رواه العماري وليست هذه هي الشبهة الأولى التي يروجها عدنان إبراهيم ضد سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وفي هذا المقال رد على تلك الشبهة وتوضيح للخطأ فيها

بقلم: أبو عمر الباحث
1849
ونبلوكم بالشر والخير فتنة | مرابط
اقتباسات وقطوف

ونبلوكم بالشر والخير فتنة


مقتطف من كتاب في ظلال القرآن قول الله تعالى ونبلوكم بالخير والشر فتنة يقف بنا الأستاذ سيد قطب أمام تفسير الابتلاء بالخير فالابتلاء بالشر مفهوم ويدركه الإنسان ولكن كيف يكون الابتلاء بالخير وكيف يمكن التعامل معه هذا ما يتناوله الكاتب

بقلم: سيد قطب
2065
موافقة الغرب باسم الإسلام | مرابط
مناقشات المرأة

موافقة الغرب باسم الإسلام


إن المؤلف يلح في كتابه على خروج المرأة من بيتها وانخراطها في العمل العام المختلط من أجل تقدم المجتمع وازدهاره ومن أجل المصلحة العامة وهذا كله وهم فقد خرجت المرأة في غالب دولنا إلى الشارع العام واختلطت بالرجال وأظهرت زينتها كما يدعو إليه المؤلف فما هي النتيجة زاد تأخرنا وانحطاطنا وإذلالنا ن قبل الشراذم

بقلم: د عادل بن حسن الحمد
480