أن تكون أبا فليس ذلك بالأمر الهين..
أن تكون أبا فيعني ذلك أن الخوف والقلق والفزع البشري الطبيعي لم يعودوا من المشاعر التي يحق لك أن تجدها وإن حدث ووجدتها يوما فليس من حقك أن تستسلم لها أو تنساق خلف تبعاتها إلا لثوانٍ ثم تتدارك بعدها نفسك لتستطيع إكمال المهمة
مهمة أن تكون أبا..
أن تكون أبا فذلك يعني أن ثمة أجساد أخرى صغيرة تمتلك خلايا حسية في جلودها ذات نهايات عصبية غير مرئية تنتهي لقلبك مباشرة لتطعنه بعنف كلما تألمت تلك الخلايا لتشعر بكل شوكة يشاكونها
أن تكون أبا فذلك يعني أن عليك تلمس مواضع أقدام غير قدميك، واتقاء مخاطر لم تعد معنيا بها، وتجاوز ملمات قد جاوزتها بالفعل قبل عقود لكنك تعرف أن عليك العودة لمواجهتها من جديد في كل مرة يتعثر بها صغارك
أن تكون أبا فذلك يفسر أخيرا تلك الحركة اللاإرادية التي يقوم بها والدك كلما عبرتما طريقا مسرعا لتجد يده الواهنة ممسكة بيدك الفتية ليعبر بك رغم أن شيب رأسك ولحيتك قد صار ينافس شيبته لكن يبدو أنه لم يلحظ..
ولن يلحظ
أن تكون أبا فهي مسؤولية ورعاية وعناية وربما مشقة وعنت لا أجازة منهم ولا راحة و لن يشعر بما تجد إلا من كابد ما تكابد
لكن ذلك كله يهون في الدنيا في تلك اللحظة التي تجد فيها هذه البسمة المطمئنة التي قد نجحت أخيرا في رسمها على وجه صغيرك وفي ذلك الحضن الذي كافأك به
وفي الآخرة المكافأة الكبرى إن كنت قد أديت حقا ما عليك من محاولة وقايته الخطر الأعظم.
خطر النار
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"