شهادة أهل العصبية

شهادة أهل العصبية | مرابط

الكاتب: الإمام الشافعي

399 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

مَنْ أَظْهَرَ الْعَصَبِيَّةَ بِالْكَلَامِ فَدَعَا إلَيْهَا وَتَأَلَّفَ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُشْهِرُ نَفْسَهُ بِقِتَالٍ فِيهَا فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ أَتَى مُحَرَّمًا لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلِمَتْهُ فِيهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ عِبَادُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ عُبُودِيَّتِهِ وَأَحَقُّهُمْ بِالْمَحَبَّةِ أَطْوَعُهُمْ لَهُ وَأَحَقُّهُمْ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ بِالْفَضِيلَةِ أَنْفَعُهُمْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ إمَامٍ عَدْلٍ أَوْ عَالِمٍ مُجْتَهِدٍ أَوْ مُعِينٍ لِعَامَّتِهِمْ وَخَاصَّتِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ طَاعَةَ هَؤُلَاءِ طَاعَةٌ عَامَّةٌ كَثِيرَةٌ فَكَثِيرُ الطَّاعَةِ خَيْرٌ مِنْ قَلِيلِهَا وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ بِالْإِسْلَامِ وَنَسَبَهُمْ إلَيْهِ فَهُوَ أَشْرَفُ أَنْسَابِهِمْ.

فَإِنْ أَحَبَّ امْرُؤٌ فَلْيُحِبَّ عَلَيْهِ وَإِنْ خَصَّ امْرُؤٌ قَوْمَهُ بِالْمَحَبَّةِ مَا لَمْ يَحْمِلْ عَلَى غَيْرِهِمْ مَا لَيْسَ يَحِلُّ لَهُ فَهَذَا صِلَةٌ لَيْسَتْ بِعَصَبِيَّةٍ وَقَلَّ امْرُؤٌ إلَّا وَفِيهِ مَحْبُوبٌ وَمَكْرُوهٌ فَالْمَكْرُوهُ فِي مَحَبَّةِ الرَّجُلِ مَنْ هُوَ مِنْهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى غَيْرِهِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ الْبَغْيِ وَالطَّعْنِ فِي النَّسَبِ وَالْعَصَبِيَّةِ وَالْبِغْضَةِ عَلَى النَّسَبِ لَا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا عَلَى جِنَايَةٍ مِنْ الْمُبْغِضِ عَلَى الْمُبْغَضِ وَلَكِنْ بِقَوْلِهِ أَبْغَضُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَهَذِهِ الْعَصَبِيَّةُ الْمَحْضَةُ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا الْحُجَّةُ فِي هَذَا؟

قِيلَ لَهُ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا»، فَإِذَا صَارَ رَجُلٌ إلَى خِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ وَأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا سَبَبٍ يُعْذَرُ بِهِ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْعَصَبِيَّةِ كَانَ مُقِيمًا عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا تَأْوِيلَ فِيهَا وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَمَنْ أَقَامَ عَلَى مِثْلِ هَذَا كَانَ حَقِيقًا أَنْ يَكُونَ مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ.


المصدر:
الإمام الشافعي، كتاب الأم، ص224

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#أهل-العصبية
اقرأ أيضا
فرية تسمية الصحابة لمعاوية بالطاغية: الرد على عدنان إبراهيم | مرابط
أباطيل وشبهات

فرية تسمية الصحابة لمعاوية بالطاغية: الرد على عدنان إبراهيم


ادعى عدنان إبراهيم في محاضرة بعنوان طليعة التبيان وهي الأولى من سلسلة معاوية في الميزان أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يلقبون سيدنا معاوية بن أبي سفيان بالطاغية واستدل بما رواه الإمام الطبري في تاريخه وفي المقال الذي بين يدينا رد على هذه الشبهة وبيان الأخطاء التي وقع فيها عدنان

بقلم: أبو عمر الباحث
1357
صناعة الثقافة | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

صناعة الثقافة


إن أدورنو يرى أن الفرد في المجتمع أصبح يوصم بالجهل ليس فقط لأنه لا يملك القدرة على الكلام على الطراز الحديث بل لأنه لا يسير على هذا الطراز فأصبح مجرد عدم السير مع الموضة التي تفرض على المجتمع والتي يظن أنه هو الذي فرضها أصبح جهلا

بقلم: محمد علي فرح
611
ترجمة لأفكار إحدى النسويات.. كيف تدمر النسوية أسرتك؟ | مرابط
النسوية

ترجمة لأفكار إحدى النسويات.. كيف تدمر النسوية أسرتك؟


النسوية تدفع المرأة إلى التمركز حول نفسها كأنثى وفي المقابل تتلاشى مساحات الأمومة مثلا! فالمرأة النسوية لا يمكنها أن تصبح أما أو أختا أو ابنة أو زوجة ﻷن مرتكزها الوحيد هو نفسها كأنثى وليس بيتها أو أسرتها أو غير ذلك من القيم.

بقلم: محمود خطاب
1180
تميز السلف بكثرة الحفظ لإخلاصهم وهمتهم العالية | مرابط
تفريغات

تميز السلف بكثرة الحفظ لإخلاصهم وهمتهم العالية


إنك عندما تنظر إلى هؤلاء الأعلام وإلى عزائمهم وتنظر إلى المتأخرين مع توفر الإمكانات وسهولة الحركة والتنقل ومع ذلك لا ترى عند هؤلاء -المتأخرين من أهل العلم- عشر معشار ما عند المتقدمين فالواحد لا يستطيع أن يحفظ مائة حديث مسند فيدخل حديثا في حديث ويدخل متنا في متن وتضطرب عليه الكلمات أما أولئك فكانوا يحفظون الألوف المؤلفة من الأسانيد وقصة البخاري المشهورة لما دخل بغداد فقلبوا عليه الأحاديث خير دليل على ذلك فالبخاري كان يحضر مجلسه مائة ألف ولم يكن في وجهه شعرة حتى كان بين المستملي والمستملي عشر...

بقلم: أبو إسحق
768
حياتنا بين هموم الدنيا والآخرة الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات

حياتنا بين هموم الدنيا والآخرة الجزء الثاني


ثم ورث هموم الآخرة الصالحون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويظهر ذلك في أمانيهم وأحلامهم وتتبع أحوالهم ومن ذلك أن عمر قال لأصحابه يوما: تمنوا فقال رجل منهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله عز وجل فقال: تمنوا فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا وزبرجدا وجوهرا أنفقه في سبيل الله عز وجل وأتصدق بهثم قال: تمنوا قالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين قال عمر: لكني أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح

بقلم: د منقذ بن محمود السقار
1536
المدخل إلى فهم إشكالات ما بعد السلفية ج4 | مرابط
مناقشات

المدخل إلى فهم إشكالات ما بعد السلفية ج4


حين أخبرني الشيخ أحمد سالم عن كتاب ما بعد السلفية وكان يتوقع رفضا واسعا للكتاب أبديت مخالفتي لهذا التوقع وأن مثل هذا النقد سيكون متقبلا عند التيار الأوسع من السلفيين كنت أرى أن مثل هذا النقد من كاتبين فاضلين سيكون له أثر إيجابي لحظة ما وصلني الكتاب بدأت متلهفا بقراءته قرأته بشكل دقيق فاحص شعرت بعد الانتهاء منه أنني كنت ساذجا جدا حين ظننت أن مثل هذا النقد سيحدث أثرا إيجابيا أو من الممكن أن تتقبله أكثر النفوس أو أن يكون الفضاء الذي سيحدثه فضاء صحيا السبب هو في الروح التي كتب بها هذا النقد وحك...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1182