أهمية اللغة العربية وبعض خصائصها

أهمية اللغة العربية وبعض خصائصها | مرابط

الكاتب: جامعة أم القرى

424 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

تميزت اللغة العربية بجملة من الخصائص أكسبتها مزيدًا من الأهمية. ومنها:

1-ارتباطها بالوحي، إذ هي لغة القرآن الذي أنزل للناس كافة، وهذا الوحي هو القضية الأساسية للناس كافة، إذ هو دستورهم، ينظم علاقتهم الروحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسة. وهذه الخاصية تختص بها العربية دون سائر اللغات، فحتى الكتب السماوية السابقة كانت خاصة بأقوامهم، أما القرآن فهو موجَّه للبشرية كلها.

ثم إن الكتب السماوية السابقة منسوخة بالقرآن فالقرآن مصدق للكتب السماوية التي كانت قبله قبل تحريفها وهو مهيمن عليها ناسخ لها. ومن هيمنة القرآن اكتسبت العربية لغة القرآن هيبة وهيمنة على سائر اللغات، وهكذا اعتبرها علماؤنا أنها أفضل اللغات وأوسعها. قال الإمام الشافعي قبله: " لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا وقد علمنا أنه لا يحيط به إنسان غير نبي ".



2- أنها لغة ثابتة وراسخة، وهي ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ لأكثر من خمسة عشر قرنا، أما سائر اللغات فتختلف عما كانت عليه قبل قرنين أو ثلاثة قرون تقريبا حتما، فمثلًا لغة (شكسبير) الأديب الإنجليزي - وقد عاش قبل ثلاثة قرون تقريبا - تختلف عن الإنجليزية اليوم، وقد لا يفهمها إلا المتخصصون.

 

3-أنها محفوظة بحفظ الله فتكفل الله سبحانه بحفظ القرآن، والعربية لغة القرآن محفوظة بحفظه. والعربية ثابتة وراسخة في القدم وباقية في المستقبل إن شاء الله، وهي اليوم حاضرة بين أيدينا لغة أدب وشعر وكتابة وتأليف، ولغة مثقفين ومفكرين وعلماء وفقهاء ورؤساء وملوك، ووسائل إعلام ومذيعين.

 

4- أنها لغة راقية في التعبير وتتميز في الفصاحة والبلاغة والصور الفنية البديعة وقد كان العرب في العصر الجاهلي تعجبهم الكلمة الجميلة ويتلذذون بالصور الفنية البديعة وما المعلقات إلا شاهد على ذلك، وقد وجاء القرآن متحديا لهم من جنس ما تميزوا به وهو البيان والفصاحة.

 

5- والعربية لا تنفك عن الإسلام؛ إذ بها يمارس المسلم عباداته وشعائره، وأذكاره وأوراده

 

6- واللغة العربية هي مستودع ذخائر الأمة ومخزونها الثقافي؛ لأن التراث الهائل العربي والإسلامي كله مقيد ومدون بالعربية، ولا تخفي قيمة التراث عند الأمم، فهو حلقة الوصل بين الأمة وعلمائها، وهو الذي يحدد شخصيتها، ويرسم ملامحها.

 

7- تعلم العربية يفتق الذهن

 

خصائص اللغة العربية:

أ- غزارة مفرداتها: فنظرة واحدة في معجم عربي تجد أنك أمام كم هائل من المواد اللغوية، وكل مادة تشتق منها عشرات الكلمات، مثال ذلك: (ك ت ب) فتقول: كتب، يكتب، اكتب، اكتبا، اكتبي، اكتبوا، اكتبن، وأكتب، ونكتب، ويكتب، وتكتب، وكاتب (اسم فاعل) ومكتوب (اسم مفعول) ومكتبة، ومكتب، وكُتُبٌ، وكتيبة، وكَتَبَةٌ، وكاتبة، وكاتبون وكاتبات وكويتب وكويتبات وكتيبات... إلخ. وهذه الخاصية وهبها الله لها لضمان بقائها وقدرتها على النمو ومواجهة تصرفات الحياة.


ب- الطبيعة الاشتقاقية: والمقصود أن المادة اللغوية الواحدة تدور حول معنى معين، ومثال ذالك مادة (ج ن ن) إذ يدور معناها حول الستر والخفاء فالجن مستورون، والجنين مستور في بطن أمة، والمجنون خفي عقله، والجنة خفيت علينا. وأبرز من تميز بهذا ابن فارس صاحب (معجم مقاييس اللغة)، وابن جني يذهب إلى أبعد من ذلك فيجعل المعنى متحدًا حتى لو اختلف ترتيب الحروف (م ل ك) (م ك ل) (ل ك م) (ل م ك) (ك م ل) (ك ل م). ومرجع آخر وهو (المزهر في علوم اللغة وآدابها) للسيوطي.


ج- قيامها علي القوالب البنائية: المقصود بالقوالب البنائية هي هيئة الكلمات ومجيئها على أبنية مختلفة، وكل هيئة أو قالب منها يحمل دلالة مختلفة، وهذه الخاصية تختلف عن اللغات الإلصاقية كالانجليزية مثلا فتقول إن (ing) يدل على المستمر ويكون في آخر الكلمة، أما العربية فتجد مادة لغوية وتستطيع أن تشكل منها كلمات مختلفة في أبنية وقوالب متنوعة فيتبعها اختلاف المعنى، وللأبنية معان معروفة كلما جاءت عليها كلمة لا يمكن أن تخلو من هذا المعنى (غالبًا).

ومن ذلك بناء (فاعل) يطلق على اسم الفاعل مثل شارب، وكاتب.
وبناء (مفعول) يطلق على اسم المفعول مثل: مكتُوب ومضُروب.
وبناء (مِفْعال) يطلق على اسم الآلة نحو: مِفْتاح ومِصْباح ومنِظْار ومِحْراث.
وبناء (فُعَال) يطلق على شيئين: إما الصوت، أو المرض.
فالصوت نحو: بُكَاء، مُوَاء، خُوَار، رُغاء.
والمرض نحو: زُكَام، سُعَال، بُهاق.
وبناء (فَعْله) يطلق على اسم المرة مثل: جلست جَلْسة، أكلت أَكْلَة، أي واحدة.
وبناء (فِعْلة) يطلق على اسم الهيئة نحو: جلست جِلْسة الرئيس، مشيت مِشْية المتبختر، ومنه الحديث (إن هذه مِشْية يكرهها الله إلا في هذا الموضع).
وبناء (فًعْلان) يدل على شيئين: إما خلوٌّ، أو امتلاء.
فالخلو نحو: جوعان عطشان، والامتلاء نحو: شبعان ريَّان غضبان، ومنه (الرحمن) صفة لله سبحانه وتعالى يختص بها أي: ملأ ووسع خلقَه رحمة سبحانه، حتى البهائم وجميع الخلائق.


د- وقوع الاشتراك فيها: والمشترك هو أن يكون للفظ أكثر من معنى، ومثاله (العين) تطلق على العين الناظرة، وعلى عين الماء، وعلى الحسد وعلى الجاسوس.

 

هـ- وقوع الترادف فيها: والمترادف هو أن يكون للشيء الواحد أو المعني الواحد أكثر من لفظ يدل عليهـ مثاله: الأسد؛ يطلق عليه الليث والغضنفر.

 

و- وقوع النحت فيها: وهو انتزاع حرف أو أكثر من كلمتين أو أكثر وصياغة كلمة جديدة لتدل على معني ما انتزعت منه، ومثاله: بسمل الرجل اختصار لقول: بسم الله الرحمن الرحيم، والحوقلة اختصار لا حول ولا قوة إلا بالله، وعبشمي اختصار آل عبد شمس، وعبدلي اختصار آل عبد الله. وفائدة النحت الاختصار، ولكن العربية لا تتوسع في هذا؛ حتى لا يقع الخلط وجهل المعنى، لأنك عندما تسمع كلمة منحوتة لأول وهلة لا يمكن أن تعرف معناها حتى تعرف تاريخها ومم نُحتت.

لأن العربية قائمة على الطبيعة الاشتقاقية، وهذا مفيد جدًا، فعندما تسمع كلمة (منظار) لأول مرة فإنك تستطيع معرفة معناها من خلال قالبها وبنائها، إذ إن هذا البناء يدل على الآلة، وبهذا عرفت نصف المعنى، ثم تقول إن المادة هذه الكلمة هي (ن ظ ر) ومعناها الإبصار، وبهذا عرفت المعنى فتقول: إنها آلة للنظر. ومثله (رُغاء) ستقول إنه صوت أو مرض. أما اللغات الأخرى كالإنجليزية مثلًا فتتوسع في المختصرات اللفظية وهذا يوقع المترجمين والمتحدثين بها في حرج.

 

ي- وقوع الاتساع فيها: والمقصود به المجاز والاستعارة؛ فالمجاز هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له علاقة، مع قرينة دالة. مثاله (الأسد) في العربية هو الحيوان المفترس المعروف، وعندما تقول: رأيت أسدا شاكي السلاح، فإن المقصود هو الإنسان الشجاع المقاتل. والعلاقة بين المقاتل الشجاع والأسد الحقيقي هي المشابهة في الشجاعة، ومن الأمثلة رأيت أسدا يخطب على المنبر وقوله سبحانه وتعالى (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) وقوله (واشتعل الرأس شيبا) وقوله (جدارًا يريد أن ينقض فأقامه) وقولة (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون).

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اللغة-العربية #خصائص-العربية
اقرأ أيضا
حكم قطز والاستعداد لمواجهة التتار ج3 | مرابط
تفريغات

حكم قطز والاستعداد لمواجهة التتار ج3


صرح قطز لأمرائه أنه ما طلب الملك إلا لحرب التتار فبدأ الأمراء المماليك يترددون فقد وصلت أنباء التتار المخيفة عن حرب التتار لكن قطز رحمه الله بدأ يضرب لهم مثلا رائعا في فهمه للإسلام ويعطي لهم قدوة راقية في الجهاد لقد أعلن قطز لهم أنه سيذهب بنفسه لحرب التتار ويكون مع جنوده في قلب المعركة ولن يرسل جيشا ويبقى هو في عرينه بمصر بل سيذوق مع شعبه ما يذوقون ويتحمل ما يتحملون ولو أرسل قطز جيشا وبقي هو في القاهرة ما لامه أحد ولكنه لم ير هناك وسيلة أفضل من ذلك لتحميس القلوب الخائفة وتثبيت الأفئدة المضط...

بقلم: د راغب السرجاني
556
مسارات دراسة الدين من منظور جندري | مرابط
النسوية الجندرية

مسارات دراسة الدين من منظور جندري


وفي الغالب ما تعنيه النسويات بالأديان لا يتضمن بالضرورة فكرة النبوة والاعتقاد الحقيقي بوجود إله خالق للكون ولكنه بشكل أكبر يحيل إلى الجانب الروحاني من الوجود البشري المتضمن داخل تجارب الأفراد وبذلك يكون الحديث عن إعادة بناء الأديان أو تأسيس أديان خاصة متعارضا بشكل كامل مع المعنى المعروف للأديان والنبوة

بقلم: الحارث عبد الله بابكر
604
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج2 | مرابط
تفريغات

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج2


لو قال قائل: إن زفر وابن القاسم والمزني والأثرم كانوا فقهاء وكل واحد منهم ينتمي إلى مذهب من المذاهب الأربعة وإن أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد لم يكونوا فقهاء أو قال: إن الأخفش وابن الأنباري والمبرد كانوا نحاة والخليل وسيبويه والفراء لم يكونوا نحاة فهذا مستحيل ولا يوافقه أحد من أهل هذا الفن وأيضا لو قال أحد: إن صاحب الملكي والمسيحي ونحوهما من كتب الطب كانوا أطباء ولكن بقراط وجالينوس ونحوهما لم يكونوا أطباء فقوله مردود عند الأطباء وأصحاب كل فن يعرفون المتقدم في هذا الفن ولا يمكن أن يقروا بص...

بقلم: سفر الحوالي
727
مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج1 | مرابط
مناظرات

مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج1


أما بعد.. فقد كتبت ما حضرني ذكره في المشهد الكبير بقصر الإمارة والميدان بحضرة الخلق من الأمراء والكتاب والعلماء والفقراء العامة وغيرهم في أمر البطائحية يوم السبت تاسع جمادى الأولى سنة خمس أي بعد السبعمائة لتشوف الهمم إلى معرفة ذلك وحرص الناس على الاطلاع عليه. فإن من كان غائبا عن ذلك قد يسمع بعض أطراف الواقعة ومن شهدها فقد رأى وسمع ما رأى وسمع

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
456
الغناء بريد الشيطان | مرابط
تفريغات

الغناء بريد الشيطان


هذا كان يقوله ابن مسعود لما كان الغناء يقع من الجواري والإماء المملوكات يوم أن كان الغناء بالدف والشعر الفصيح يقول: هو رقية الزنا فماذا يقول ابن مسعود لو رأى زماننا هذا وقد تنوعت الألحان وكثر أعوان الشيطان؟! لقد أصبحت الأغاني تسمع -والعياذ بالله- في كل مكان والأغاني طريق لنشر الفاحشة فما يكاد يذكر فيها إلا الحب والغرام بالله عليك هل سمعت مغنيا غنى يوما في التحذير من الزنا أو أكل الربا أو حتى عن صوم النهار وبكاء الأسحار وتعظيم الواحد القهار؟!

بقلم: محمد العريفي
408
إثبات الحجة لا يستلزم الإقرار | مرابط
اقتباسات وقطوف

إثبات الحجة لا يستلزم الإقرار


إن إلقاء الحجة مع بيان ووضوح يفهمها المجادل والسامع لو أرادا الفهم - كاف في قيام التكليف عليه لذا لما كان أعظم تكليف - وهو الإسلام - يكفي في ثبوته الإسماع على وجه ولغة يفهمها المخاطب قال - تعالى -: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله التوبة:6

بقلم: عبد العزيز الطريفي
795