استقبال رمضان

استقبال رمضان | مرابط

الكاتب: كريم حلمي

424 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

بعضنا يخافون من رمضان ويفرون منه، وليس العكس .. وكلما تضاءلت الأيام الباقية = ازداد شعورهم بالانزعاج والقلق والرغبة في عدم مجيئه! ودوافع ذلك كثيرة .. منا من يرى ذلك إعلان فشل لأنه يعلم أن عهوده وخططه التي خرج بها من رمضان السابق لا تزال حبرًا على ورق أو خيالًا من خيالات النفس .. كرمضان السابق والذي قبله والذي قبله!

 

منا من يرى تقصيره وغفلته وقسوة قلبه، ويتساءل ماذا سيحصد في رمضان إن كان قد ضيّع البذر والسقاية كما يقولون! منا من يخاف من أن تحاصره أصوات المآذن وزحامات المساجد وهمهمات المرتلين ومناجاة الساجدين، فتدفعه دفعًا للعبادة أو تأنيب الهروب منها مع شعوره بالكسل والملل والفتور وعدم الرغبة!

 

[كان هذا العام الماضي، وهذا العام ينبغي أن يخشى الإنسان على نفسه من غياب هذه الدوافع والمؤنبات والمحفزات، ويدفعه ذلك إلى مزيد من الحزم والبحث عن غيرها من المثبتتات]

 

هذه كلها قد تكون مشاعر طبيعية، وآلام نفسية منطقية، لكن ينبغي ألا تغفل عن أمور، منها:

- رمضان فرصة عظيمة بلا شك، لكنه ليس حلبة صراع، رمضان أثر من آثار رحمة الله ولطفه، سوق واسعة مليئة بالرحمة والمغفرة واللطف والنور والطُهر، استمتع بها واشتق إليها واشكر الله عليها واسأله بلوغها وقربها، ويمكنك أن تصيب قدرًا كبيرًا من خيرها بأضعف الأسباب، وستخرج رابحًا على أي حالٍ إن شاء الله، وإن كان الازدياد من الخير خيرًا بلا شك!

 

- أحيانًا قد يكون رمضان شهر حصاد، لكن أحيانًا أخرى قد يكون شهر تطهير، شهر تغيير، شهر اغتسال من أدران الدنيا وقترة الغفلة، وإن تكرر ذلك عامًا بعد عام، وهذا من أعظم المطالب وأجل الغايات وأنفس المنح!

 

- فشل خطط (ما بعد رمضان) ونكث العهود ونحو ذلك أمر محبط حقًا، لكن هذا لا يعني أن يحرم الإنسان نفسه من دفعة على الطريق، من فرصة لتجديد العزم، [استعن بالله ولا تعجز .. ولا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا]، اطو صفحة الماضي إلا من الدروس المستفادة، واتق الله فيما بقي = يغفر لك ما قد سلف.

 

- النفس كالإبل المعقّلة، تحتاج أحيانًا إلى الحزم كما تحتاج أحيانًا أخرى إلى اللين والتفهّم، والإنسان في مرحلة ما ينبغي أن يجر نفسه جرًا إلى النجاة وإن تألّم لذلك ..
كالمريض يطلب الدواء المر المؤلم ويشكر الله عليه لأنه يعلم أنه سبب لنجاته ..

 

كذلك ههنا .. جر نفسك إلى خير رمضان جرًا .. انتفع بهذا الضغط النفسي الذي تسببه الأجواء الرمضانية لكي تشفى من إدمان الغفلة والكسل والخمول .. أعراض الانسحاب - كأي إدمان نفسي أو فسيولوجي - قد تكون مؤلمة ومزعجة، لكن هذا لن يجعلك أبدًا تكره الدواء أو تفر منه، لأنك علمت مسبقًا أن بعد هذا الألم والانزعاج ستذوق حلاوة الصحة وتستمتع بها!

 

أخيرًا .. انفض عنك هذا الشعور الآن واستفق .. استغل ما تبقى من شعبان - ولو دقيقة واحدة - للتهيئة النفسية وعقد المصالحة مع شهر رمضان .. ابدأ رويدًا رويدًا والله جل وعلا سيبارك في القليل إن رأى منك الصدق والشوق والمجاهدة والمصابرة

 


 

لينك المنشور على فيسبوك: اضغط هنا

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#رمضان #شهر-شعبان
اقرأ أيضا
الكتاب المعجز الجزء الأول | مرابط
تعزيز اليقين

الكتاب المعجز الجزء الأول


ولو عدنا ثانية إلى الفرض بأن القرآن من تأليف النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنشائه لتبين لنا استحالة هذا الفرض بمجرد النظر في نظم القرآن وأسلوبه ومقارنته مع أسلوب النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثه المدون في كتب السنة والحديث ليقيننا أنه لا يمكن لأديب أن يغير أسلوبه أو طريقته في الكتابة بمثل تلك المغايرة التي نجدها بين القرآن والسنة ولو شئنا أن نضرب لذلك مثلا فنقارن بين بيان القرآن وأسلوبه وبين كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلاهما كلام بليغ لكن شتان بين كلام الباري وكلام عبده

بقلم: د منقذ السقار
808
المجتمع المختلط | مرابط
مقالات المرأة

المجتمع المختلط


كثر كلام الناس في هذه الأيام في الصحف وفي دور العلم وأقسام الفلسفة ومعاهد تخريج المدرسين والإخصائيين الاجتماعيين منها خاصة - عن الكبت الجنسي ومضاره وشاع بين كثير ممن ينتحلون الدراسات النفسية والفرويدية منها خاصة أن السبيل إلى تلافي الأضرار المتولدة عن هذا الكبت هي اختلاط الذكور بالإناث وتخفف النساء من الحجاب ومن الثياب وهو تخفف لا يعرف الداعون إليه مدى ينتهي عنده ولعله ينتهي إلى ما انتهى إليه الأمر في مدن العراة التي نكست فيها المدنية فارتدت إلى الهمجية الأولى!

بقلم: محمد محمد حسين
224
كيف نتغلب على حالة هدر الوقت | مرابط
تفريغات ثقافة

كيف نتغلب على حالة هدر الوقت


يجب أن نقول في البداية: إن الواحد منا مهما أبدى من الكفاءة والألمعية في تنظيم وقته والاستفادة منه فإنه لن يستطيع استثماره على نحو تام فالعنصر الروحي الذي يتمتع به الإنسان يفقده المرونة الكافية للعمل المتواصل ولذا فإن طبيعة عمله تظل مغايرة لطبيعة عمل الآلة كما أن الظروف والأحوال المحيطة هي الأخرى تحول دون ذلك ولذا لا بد إذا أن نقنع باستثمار نسبي واستفادة منقوصة

بقلم: د عبد الكريم بكار
437
استقبال رمضان | مرابط
مقالات

استقبال رمضان


منا من يرى تقصيره وغفلته وقسوة قلبه ويتساءل ماذا سيحصد في رمضان إن كان قد ضيع البذر والسقاية كما يقولون منا من يخاف من أن تحاصره أصوات المآذن وزحامات المساجد وهمهمات المرتلين ومناجاة الساجدين فتدفعه دفعا للعبادة أو تأنيب الهروب منها مع شعوره بالكسل والملل والفتور وعدم الرغبة

بقلم: كريم حلمي
423
الطرق الصوفية: جسور للاستعمار | مرابط
اقتباسات وقطوف

الطرق الصوفية: جسور للاستعمار


يبدو أن الاستعمار الفرنسي استفاد كثيرا من الطرق الصوفية التي كانت منتشرة في الجزائر بل وأرسى عليها قواعده واستعان بها في بسط سلطانه على بلدان المسلمين وبين يديكم مقتطف من آثار الشيخ محمد البشير الإبراهيمي والذي عاش التجربة بنفسه ورأى ذلك ووصفه باستفاضة في مواضع مختلفة

بقلم: محمد البشير الإبراهيمي
465
محاضن الفطرة.. غرائز الآباء | مرابط
اقتباسات وقطوف

محاضن الفطرة.. غرائز الآباء


أهم ما يقوي الفطرة السوية عند الأبناء غرائز وميول الآباء.. انتقاء الألفاظ والحياء والرحمة والصفاء النفسي وغيره مما ركب في نفس الأم السوية.. الشجاعة والكرم والمروءة والعدل ونحوه مما ركب في نفس الأب السوي.. محاضن الفطرة غرائز الآباء!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
326