أما الآخر الذي أحب أن ألفت النظر إلى خطورته، فهو تطوير الإسلام لكي يوافق الواقع في حياتنا المعاصرة. وقد بدأ هذا الاتجاه كما رأينا في أول الأمر بإحساس الحاجة إلى مواجهة الأقضية الجديدة باستنباط أحكام شرعية توافقها، ورأينا صدى ذلك فيما كتبه الطهطاوي وخير الدين التونسي... كانت الدعوة إلى الاجتهاد في هذا الطور مقتصدة غاية الاقتصاد، تدعو إليه في أضيق الحدود، ولا تنكر التقليد، بل هي تسلم به... ثم إن الدعوة أصبحت من بعد على يد محمد عبده ومدرسته ولا سيما رشيد رضا، دعوة عامة تهاجم التقليد، وتطالب بإعادة النظر في التشريع الإسلامي كله دون قيد. فانفتح الباب على مصراعيه للقادرين وغير القادرين، ولأصحاب الورع وﻷصحاب الأهواء... وبذلك تحول الاجتهاد في آخر الأمر إلى تطوير للشريعة الإسلامية يهدف إلى مطابقة الحضارة الغربية، أو الاقتراب منها إلى أقصى ما تسمح به النصوص من تأويل على أقل تقدير
المصدر:
محمد محمد حسين، الإسلام والحضارة الغربية، ص50