وكاغترار بعضهم بالاعتماد على صوم يوم عاشوراء، أو يوم عرفة، حتّى يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفّر ذنوب العام كلّها، ويبقى صوم يوم عرفة زيادة في الأجر!
ولم يدر هذا المغتر أنّ صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجلّ من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينها إذا اجتُنِبَتْ الكبائر.
فرمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة لا يقوى على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها، فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصغائر؛ فكيف يكفِّر صومُ يوم تطوّع كلَّ كبيرة عملها العبد، وهو مصرّ عليها، غير تائب منها؟! هذا محال.
على أنه لا يمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء مكفرًا لجميع ذنوب العام على عمومه، ويكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع، ويكون إصراره على الكبائر مانعًا من التكفير.
فإذا لم يصرّ على الكبائر تساعَدَ الصومُ وعدمُ الإصرار وتعاوَنا على عموم التكفير، كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدَين متعاونَين على تكفير الصغائر، مع أنه سبحانه قد قال: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}.
فعلم أنّ جعل الشيء سببًا للتكفير لا يمنع أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير، ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما، وكلّما قويت أسباب التكفير كان أقوى وأتم وأشمل
المصدر:
ابن القيم، الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي